الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لاهث 1960(جان لوك غودار): حالة بنيوية نقطة بدايتها عند جان لوك غودار

بلال سمير الصدّر

2016 / 8 / 2
الادب والفن


لاهث 1960(جان لوك غودار): حالة بنيوية نقطة بدايتها عند جان لوك غودار
فيلم من الدرجة الثانية
جان بول بلمندو(ميشيل) مجرم مترحل احيانا يبدو بلا سبب ويقتل احيانا ايضا بلا سبب واضح،واذا اردنا عدم التطرف في الحكم نقول انه يقتل شرطيا في مرسيليا من دون سبب مقنع،وفي نفس الوقت يضفي عليه غودار رونقا عاليا من التعاطف بحيث جعل منه شخصية محبوبة مقبولة ضمن حيز التعاطف وليس حيز الحكم،وهذا الشيء الذي نتحدث عنه هو احد اسباب شهرة هذا الفيلم العديدة.
ليس محظورا ان تجعل الجمهور متعاطفا مع مجرم،وليس من المحظور ايضا تحقيق فيلم سيكون لاحقا علامة فارقة في تاريخ السينما وربما اساس الحركة الفيلمية القادمة من رحم النقد ألا وهي الموجة الجديدة،وبالتاكيد ان فاتحة الموجة الجديدة كانت ال400 ضربة،إلا ان هذا لاينفي ابدا اهمية فيلم غودار هذا وعلى الغالب عند ذكر
الموجة الجديدة يؤتى مباشرة على ذكر هذين الفيلمين كحالة طليعية ثورية شكلت النموذج الأولي لهذه الحركة،كما ان الاعتراف الدولي قد تحقق بالاعتراف بتميز هؤلاء المخرجين حين حصل غودار على جائزة افضل مخرج في مهرجان برلين السينمائي 1959 عن هذا الفيلم.
يتحرك ميشيل نحو باريس ليلتقي بحبيبته العشرينية الأمريكية باتريشا(جين سبيرج) التي تحلم بالالتحاق بالسوربون وان تعمل كصحفية على ان وظيفتها الحالية هي بائعة متجولة للصحف.
يظهر ملصق لفيلم على الشاشة:الحياة خطيرة حتى النهاية
ومن ثم قطع بين المشاهد(jump cut)،والانتقال بشكل سريع من مشهد الى مشهد وتحولات البطل المركزية هي من الانتقال من مكان الى مكان بحيث بدا الفيلم كله عبارة عن فيلم حركة سوى في لقطة طويلة واحدة والتنقلات متميزة بانها تنقلات سريعة ومفاجئة...
ما تحدثنا عنه سابقا من التعاطف مع المجرم ومن ثم موضوع التنقلات وحركة الكاميرا،علما ان البعض لاحظ رغبة توثيقية حقيقية داخل هذه الحبكة الروائية ستظل هاجس غودار ختى افلامه الاخيرة لتحقيق فيلم (خنثى) بين روائي وتوثيقي...
كل تلك الاسباب السابقة هي التي جعلت من غودار افضل مخرج في مهرجان برلين السينمائي...
اذا كان لاهث هو الفيلم الروائي الأول لجان لوك غودار،هل من الممكن القول ان لاهث هو فيلم شكلي محض؟!
من دون الاجابة التامة على هذا السؤال،نقول:هذا الكلام لايخلوا ابدا من الصحة
قد تكون هذه البدعة عبارة عن مجرد تنقلات مزدوجة،بين المكان الحقيقي الذي تدور فيه احداث الفيلم،وبين حركة الكاميرا التي يستخدمها غودار باسلوب تقني معين،والفيلم يطرح المعادلة الصعبة عن كيفية الجمع بين شكل فني ثوري ومضمون فيلمي فيه علم انساني أو حكمة انسانية،ولكن الاصعب من كل ذلك:هل الشكل ساهم أو عمل بالصورة الصحيحة على ايصال هذه الفكرة للمتلقي؟
ليس من المبكر القول أن غودار انحاز بشكل واضح في هذا الفيلم نحو الشكل غير قادر على السيطرة على الهاجس الذي في داخله بتحقيق سينما ثورية حالتها (بنيوية)ولكن نقطة بدايتها عند جان لوك غودار.
وبالتالي الحبكة هي بالتأكيد من الدرجة الثانية ولاتقول الشيء الكثيربل ان البعض اعتبر الفيلم برمته على الرغم من معرفتهم بكل الامور الشكلية السابقة فيلما من الدرجة الثانية...
اذا كان النقد السينمائي العربي حافل بالمبالغة وتأليه رموز عبقرية وكأنها لاتعرف الى الخطأ طريق،فأنا اقول بوضوح ومن غير تردد ان فيلم لاهث هو فيلم من الدرجة الثانية خاصة اذا نظرنا اليه كوحدة واحدة لأنه من الخطأ الفادح الشديد الحكم على هذا الفيلم من ناحية الشكل فقط ...لنلقي بظلا بسيطا مختصرا على الحبكة.
ميشيل يعامل الحياة بلقائية شديدة والجريمة بالنسبة اليه حالة يطرحها الموقف من دون اي حاجة للتفكير،اي ان الجريمة بالنسبة اليه حالة عرضية لاتشكل ادنى محظور،فهو شخص عبثي فاقد الشعور بالزمن والاشياء،واحيانا على الرغم من تحركاته وتنقلاته الكثيرة يبدو ايضا فاقد للشعور لما يدور من حوله،فهو كما يبدو يعاني من حالة جنون معين،وتلقائيته في التعامل مع شهواته ايضا لاتشكل بالنسبة اليه ولا بالنسبة للمحيط الاجتماعي اي محظور،فغودار يطرح هذا الموقف وكأنه مقبول من كل الاطراف أو بالاحرى من كلا الطرفين.
مسار الحبكة فيه شيء غريب لايمكن التعبير عنه يدفع احيانا الى عدم القبول وعدم التصديق،فالمسار يسير وفقا الى حبكة روائية تحكمها الشخصية...
يدور المشهد الطويل نسبيا بالنسبة لزمن الفيلم الذي قلنا عنه بانه خالي من التنقلات أو التحركات،بين ميشيل وباتريشا في غرفة مظلمة في حوار تدور فيه الأمور التالية:
البحث عن سبب للنوم معه...مقارنات فنية شكلية ومن ثم انا حامل
ميشيل يعيش في خفة مطلقة:أنت حامل...يجب ان تكوني اكثر حذرا
هذه اللقطة لازمة كملامح لثورية سينما غودار،فعندما تسأل باتريشا ميشيل:هل تفضل التسجيل ام الراديو؟
فهذا السؤال يدل بوضوح على هواجسة لاحقة ستلاحق المخرج وربما سيمكنه التعبير لاحقا ايضا
لاهث هو فيلم عن مجرم ولكن بلون وطعم آخر فيه نكهة خاصة من قبل المخرج جان لوك غودار،على ان مصير هذا البطل كان واضحا منذ البداية...
بلال سمير الصدّر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..


.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما




.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى