الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللامنتمى يحلم بالمستحيل: إحالة إلى عصام حجى

محمد السعدنى

2016 / 8 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


نشرت دورية "هافنجتون بوست" الأمريكية فى مارس الماضى مقالاً عن "أفلام مقتبسة عن قصص حقيقية، لكنها ليست كذلك"، حيث يقوم البعض باستخدام أسماء لشخصيات واقعية ثم ينسج حولها قصصاً خيالية، كما فى الفيلم الأمريكى "ذئب وول ستريت The Wolf of Wall Street". وهو فيلم كوميديا سوداء مستوحى من مذكرات ملياردير أمريكى صنعته المباحث الفيدرالية وأجهزة الاستخبارات وصعدت به فى عالم المال والأعمال، وسرعان ماكان سقوطه المدوي ومحاكمته.
كان هذا أول ماجال فى خاطرى عندما تناهى إلىّ أخبار ماصرح به عصام حجى فى مقابلته الجمعة الماضية مع "التليفزيون العربى" من لندن المدعوم من تركيا وقطر والتنظيم الدولى للإخوان، والمتخصص فى ترصد مصر والهجوم عليها، فقد تلبس حجى ثوب البطولة الزائفة وراح يؤدى دوره فى فيلم هابط هو أيضاً من الكوميديا السوداء حيث تناثرت تصريحاته المتضخمة على شاكلة: " نعد لإقصاء السيسى عن الرئاسة" و "أن عددًا من قوى ثورة يناير وحركات التغيير بمصر تتجمع حالياً لإعداد مشروع للترشح كفريق رئاسي لانتخابات عام 2018، مؤكدًا أن هذا الفريق سيكسب الانتخابات حتى لو ترشح الرئيس السيسي أمامه مرة أخرى - ويالها من ثقة عمياء لايدعمها إلا الوهم- وأن التعليم والمصالحة هما الحل –لاحظ المصالحة-، ثم لماذا يشترى الجيش المصرى السلاح؟ وماهى ضرورة وجود الجيوش أصلاً؟" وهلفطات كثيرة من هذه النوعية التى لايروج لها إلا من ارتضوا أن يكونوا أبواقاً للتنظيم الإرهابى للإخوان وداعميهم من القوى الدولية، أوالمتطلعين لأدوار أكبر من قدراتهم وأحلامهم، كما زينها لهم محركوا الدمى الكبار من أجهزة الاستخبارات العالمية الذين يتصيدون أصحاب النفوس الضعيفة فيحولونهم إلى ماريونيت يلاعبون بهم أوطانهم المنكوبة بأمثالهم، يتعهدونهم بالرعاية ويخضعونهم لبرامج زائفة عن "صناعة النجم" فيغدقون عليهم بمراكز وألقاب لايستأهلونها ظناً منهم أنهم قادرون على خداع الشعب وتقديمهم أبطال بدلاء. ومن أسف أن إعلامنا المغيب يبتلع الطعم كل مرة ويجرى وراء هؤلاء المزيفين، يروج لهم أفلامهم البائسة وكأنه جزء من صناعة النجم عابر القارات.
والمقابلة هنا تفرض نفسها مابين فيلم ملأ الدنيا وشغل الناس "ذئب وول ستريت" وفيلم هابط قام ببطولته الزائفة ذئب آخر هو من أسف من أبناء جلدتنا لكنه كان دائماً ولايزال على الضد منا، إنه المدعو عصام حجى المستشار العلمى للرئيس السابق عدلى منصور، الذى وسد أموراً خطيرة لمن لايستأهلون مواقعها فجاءوا كما أطفال الأنابيب أو الأطفال المبتسرين فى تكوينهم وذهنيتهم وشخوصهم وأفكارهم حيث نشأوا فى حاضنات صناعية بديلة أكتسبوا منها هوياتهم القلقة وشبوا على نموذج رضعوه ممن منحوهم هويات مزدوجة وأفكار مفارقة لواقعنا الوطنى، فمنهم من يحمل الجنسية الأمريكية ومنهم من يحملها ومعها الجنسية الفرنسية كبطل الفيلم المزيف فى ملهاته الأخيرة وحديثه مع قناة التليفزيون العربى الذى جاء كما فيلم بائس يدفع للأسى والبكاء على من امتهن العلم فامتهن قيمته وأهانها وصف نفسه مع مرتزقة كاذبين إجترءوا على الوطن والحقيقة وقيم الاحترام والاستقامة، وجلسوا فى مواقع ساقطى القيد السياسى ممن يترصدون وطنهم فى الخارج ويهدرون قيم المواطنة والأخلاق. المشكلة ليست فى إزدواج الجنسية بقدر ماهى فى إزدواج وتعدد الولاءات، إضافة إلى الخواء النفسى والفراغ الذهنى وضعف التجربة وتضخم الذات، وهى مأساة مكتملة الأركان لابد أن يحاسب عليها من مكنوا لمثل هذه الشخصيات المأزومة المهزوزة "اللامنتمية" ممن كتب عنهم الفيلسوف الفرنسى "بول نيزان" منذ عقود طويلة وحذر منهم واعتبرهم كلاب الحراسة الجدد، الذين لايحرسون إلا مصالحهم الضيقة حتى ولو جاءت على حساب الوطن، لأنهم عبيد للمناصب والتطلعات، فالوطن عندهم قطعة من تورتة يمكن إلتهامها فى الصباح مع الكابوتشينو و"دوناتس" العم سام.
لقد سكتنا كثيراً على هذا العصام حجى حرجاً من النيل من قيمة العلم ورجاله، لكنه آثر أن يسقط عنه آخر أوراق التوت. فى محاضرة له فى جامعة "روتجرز" فى نيوجيرسى 30 يناير الماضى تحدث بتعال أن مصر بلامستقبل وأن المصريين شعب من المتحرشين، وأن العقول النابغة أمثال البرادعي ومحمد مرسي ومصطفى حجازي تم اضطهادهم بمصر، - لاحظ العقول النابغة- ثم سخر من التعاون مع الخبراء الروس لبناء المفاعلات النووية وحرض العالم على عدم العبور فى قناة السويس، مما اضطر د. سلمى حبيب مستشارة الطب النفسي بنيويورك أن تسخر منه وتشبهه بممثل كوميدى فاشل يحتاج علاجاً نفسياً عاجلاً، ووجه له دكتور خليل العناني أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز الأميركية تدوينة مفادها: "حد يقول لعصام حجى يبطل خيابة". أليس هجومه غير الموضوعى على الجيش المصرى هو تنفيذ لأجندة صهيوأمريكية مغرضة؟ وهل هذا كلام يصلح نسبه لمتعلم ناهيك عمن يلقبونه بالعالم الدولى الكبير؟
ماذا كان يقصد هذا المهزوز المشوش من لقائه التليفزيونى ومحاضراته المسمومة؟ هل تصور أنه يمكن أن يأتى على طراد أمريكى لينصب على مصر من يحكمها كما أحمد الجلبى فى العراق؟ أم تصور أن هجومه الدائم غير المبرر على مصر قد يكون طريقه لنوبل كما حصل عليها آخرون لايستحقونها كما توكل كرمان وآخرين على شاكلتها فى العلوم والآداب والسلام؟.
المفارقة هنا أن فيلم "ذئب وول ستريت" كان فيلماً حقيقياً لمبدعين كبار أمثال مايكل سكورسيزى وليوناردوا دى كابريو حصد جوائز عالمية، أما حجى فقد قدم فيلماً مزيفاً لا ينال إلا لعنات المصريين واستهجانهم. وتعففاً لن أحدثكم عن كثير من ترهات وسقطات صاحبنا الذى ما إن ينطق كل مرة إلا وصاحبته الخيبة لضعف حجته وسوء تخريجه للأفكار، فعندما قدم مشروعه لتطوير التعليم عندما بلانا به وغيره الرئيس عدلى منصور كان مضحكاً مسطحاً فارغاً، فلم يرى وسيلة لتطوير التعليم إلا بإلغاء المجانية وأغانى محمد منير تقرر على الصبية والفتيات فى المدارس. حجى يحلم برئاسة مصر من خلال مجلس رئاسى يهندسه سيادته لأن الدستور يمنعه وكل مزدوجى الجنسية من الترشيح؟ ويالها من فاجعة حين يرحب به بعض المغيبين بحسن نية أو بسوءها. حجى بتكوينه لامنتمى إذ ولد فى ليبيا وعاش مع والده فى تونس ثم عاد للقاهرة فترة بسيطة سافر بعدها فى بعثة دراسية مصرية لفرنسا، ورفض أن يخدم جامعة القاهرة كما كل زملائه وسافر إلى أمريكا حيث تلقفته الأيدى العابثة المتخصصة فى صناعة النجم كما فعلوا مع بطل ذئب وول ستريت، وهو مثله لن ينال شيئاً من محركيه وصانعي أوهامه، فقد حرق نفسه برعونته وخفته وتسرعه.
عندما نشر الإنجليزى "كولن ويلسون" كتابه الشهير "اللامنتمى" عام 1956 طبقت شهرته الآفاق وقدم لنا تشريحاً لدواخل ونفسيات وعقد وأوهام كثيرين من النخبة من العلماء والكتاب والمشاهير، حيث أعاد قراءة أعمالهم، في ضوء ما سماه «ظاهرة ضعف الانتماء»، فبدوا لنا كشخصيات إنسانية شقية، بائسة في صراعهم الفكري والنفسي مع ذواتهم ووجودهم، تبدو قصصهم حقيقية كما فى الأفلام لكنها ليست كذلك فليس فيها نكهة الأصالة، ولعل حجى واحد منهم، ولعله اللامنتمى حين يحلم بالمستحيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل