الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسطورة القومية العربية

حسن خليل

2016 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لأسباب مختلفة تطورت هذه الأسطورة و كبرت بما في ذلك التدخل الاستعماري الذي أنشاء جامعة الدول العربية . فهل هذه الدول عربية حقا ؟
لنأخذهم دولة دولة . المغرب دولة معظم سكانها من الناحية الأثنية أمازيغ و ليسوا عربا قطعا . ناهيك عن أن المغرب كان لها مسار تطور خاص جدا بها و لم تكن جزء من المشرق "العربي" بل كانت بمعني ما في مواجهة هذا المشرق فالمغرب مغربية . أما الجزائر فقد كان المستعمر الفرنسي يقول لسكانها أنتم "عرب" بينما الجزائر جزء من فرنسا و قدم الشعب الجزائري مليون شهيد ليثبتوا أن الجزائر جزائرية و ما أن تحقق الاستقلال حتي قلنا للجزائريين أنتم عربا مثلما كانت تقول فرنسا . و أقل معرفة بالجزائر تكشف حقيقتها كتجمع من عدد من الإثنيات الأمازيغ و الطوارق و الجزائريين الخ . لنصل إلي مصر يقال أن مصر عربية رغم أن مصر كانت فيها حضارة مزدهرة لمدة 4000 سنة قبل ظهور القبائل العربية . و قد ظهر العرب كقبائل تربي الخيول في الجزيرة العربية 800 سنة قبل الميلاد . هذا التاريخ بالنسبة لمصر و سورية و العراق و إيران حديث جدا و كل هذه الدول ظهرت فيها حضارات عريقة قبل ذلك بكثير . فهل المصريين و السوريين و العراقيين عرب بأثر رجعي أم ماذا؟. و نفس ما جري مع الجزائر يجري مع الفلسطينيين . يقول لهم المستعمر الإسرائيلي أنكم عرب أذهبوا للدول العربية بينما هم يصرون علي أنهم فلسطينيين و أرضهم فلسطين . لكن الدول العربية تقول لهم ما تقوله إسرائيل أنتم عرب. نفس الشيء ينطبق علي لبنان وهذا واضح جدا.
و الدول و الشعوب المسماة عربية تختلف جدا بعضها عن بعض في عاداتهم و تقاليدهم . أليست لبنان مثلا أقرب لليونان من السعودية . أليس الشوام أقرب للمصريين من اليمن ؟ فإذا أخذنا اللغة جانبا – و هذا سنتناوله فيما بعد مع الدين – لا يبدو شيئا يجمع هذه الشعوب .و حتي فكرة القومية العربية لم تظهر في الجزيرة العربية بل في سورية و لبنان .و قد ظهرت هذه الفكرة حتي تدعم البرجوازيات بعضها البعض في مواجهة المستعمر فقد كانت أضعف من أن تنهض من تلقاء نفسها . و تلقفت البرجوازيات البيروقراطية العسكرية الفكرة كي تدعم حكمها . بينما أسطع تاريخ مصر و سورية و العراق كان قبل سيادة فكرة القومية العربية . الطريف في الأمر أن موطن العرب الأصلي أي الجزيرة العربية لم تظهر فيه دولة قومية حتي مطلع القرن العشرين و بمساعدة الإمبريالية الانجليزية !!
و احد الحجج التي تقدم لأسطورة القومية العربية هي أن القبائل العربية حينما غزت و احتلت تلك الدول قامت ب "تعريب" هذه الشعوب . و يبدو هذا ضربا من الخيال الجامح فكيف تتعرب الشعوب الكثيرة المتحضرة من قبل قبائل بدائية متخلفة بالنسبة لها . الأقرب للمنطق هو أن القبائل العربية تمصرت و تعرقت و تسورت الخ . و هذا ما حدث فعلا و الكتابات العربية القديمة تتكلم عن هذه الشعوب بحسب طبيعتها فتذكر المصريين و العراقيين و الشوام الخ و تذكر خصائصهم المميزة أيا كان مدي الصدق في هذا . و أبن خلدون تناول شعب السودان و لم يعتبره شعب "عربي" و لا مصر و لا غيرهم. خاصة و القبائل العربية شكلت الطبقات الحاكمة التي سرعان ما أطاحت بها طبقات أخري من قبائل أخري متحركة كردية و تركية و غيرها . أما أشتراك هذه الشعوب في اللغة العربية فهذا ليس دليلا علي القومية فلا تعتبر أمريكا و أنجلترا مثلا قومية واحدة . بل أن اللغة العربية تكشف حقيقة التنوع القومي بين تلك الشعوب المسماة عربية . فللمغرب لهجته و لمصر و لتونس الخ شكل كل شعب لغة الغزاة العرب و لغة الدين الإسلامي حسب تاريخه و تطوره و حاجاته . و ما ينطبق علي اللغة ينطبق علي الدين . فالدين الإسلامي ليس دينا واحدا بل متعدد المذاهب المختلفة و المدارس المختلفة كل شعب تبني أو بالأحرى صاغ الإسلام بطريقته ناهيك عن التعدد الديني في بعض البلدان مثل العراق و سورية و لبنان و مصر .
لكن ما حاجتنا للأنثروبولوجيا يكفينا التطور السياسي . حينما تحركت شعوب المنطقة ضد الهيمنة الاستعمارية تحركت خلف طبيعتها القومية . العراق وراء علم العراق و المغرب وراء علم المغرب و مصر وراء علم مصر و هكذا . فمنذ مطلع القرن العشرين و النضال ضد الاستعمار له طبيعة شعبية مع اشتراك البرجوازيات الناشئة فيه . علي عكس النضال ضد الهيمنة الاستعمارية في النصف الثاني من نفس القرن . ففيه كان النضال ضد الاستعمار له طبيعة رسمية استبعدت منه الشعوب و لذا جري تحت علم أخر هو علم القومية العربية. فلم يعد المصريين يخرجون بتلقائية قائلين نعيش لمصر و نموت لمصر و أنما أصبحت مصر الرسمية تقول أننا "عرب" ضد الاستعمار و الشعوب ليس لها دور سوي التصفيق للقيادة و إلا حلت في السجون الرسمية الكثيرة. فنظرية القومية العربية خدمت هدفين متناقضين عزل الشعوب عن النضال من ناحية و مقاومة المستعمر من ناحية أخري. و حينما اندلع النضال الشعبي ثانية في الثورات العربية كان وراء الأعلام القومية الحقيقية وراء علم تونس و مصر و الخ.
تعدد القوميات في منطقتنا لا يمنع أن تساند شعوب و حكومات تلك الدول بعضها البعض . بل أن الصورة الحالية للصراعات العنيفة بين مختلف البرجوازيات المسماة عربية يوضح أن نظرية القومية العربية نظرية متهافته و أن التضامن بين الشعوب مستحيل حتي تعود هذه الشعوب لمقدمة المشهد . و قد رأينا شيئا من هذا بين ثورتي تونس و مصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عرب أم أعراب
س . السندي ( 2016 / 8 / 4 - 20:12 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي حسن وتعقيبي ؟

1: ماموجود في بلداننا هم أعراب غزاة وليسو عرباً ، والفرق بين الاثنين كالفرق بين الثرى والثريا ، فالإعراب غزاة رحل متوحشين بينما العرب متمدنين (سكان مدن) وغالبيتهم مسيحيين ( مناذرة وغساسنة) وكانو تحت إمرة الامبراطورية الرومانية ، بدليل قول محمد العربي عن الاعراب ( أنهم أشد كفراً ونفاقاً) ؟

2: العلة والخلل ليس في الاعراب الغزاة بل فيمن إعتاد على إستحمارهم وإستعمارهم والمصيبة يدعون أنهم أصحاب قيم وحضارات ؟

3: وأخيراً ..؟
إن عاجلاً أو أجلاً ستزال التسمية العربية من قواميس دول العالم وحتى اليمن عدى السعودية ، سلام ؟


2 - أساطير
غالب نصر ( 2016 / 8 / 4 - 20:15 )
الدين اكبر اسطورة تعيشها امتنا بل غالبية البشرية منذ أمد كبير القومية كما ذكرت الحدود السياسية الموروثة عن المستعمر كذلك اسطورة الحرية والكثير الكثير


3 - فرق بين التعريب والقومية العربية
عبد الله اغونان ( 2016 / 8 / 4 - 22:22 )

التعريب مرتبط بالاسلام خاصة في مصر ودول المغرب العربي
هانحن لانتواصل كلنا الا بالعربيةرغم اختلاف العرقيات
التعريب حصارة بل ساهم غير العرب في تقعيد العربية قديما الفرس وحديثا في لبنان وسوريا
القومية العربية تابعى للقوميات الأروبية ايديولوجيا والغريب أن كل منظريها مسيحيون
حتى الأمازيغ ساهموا في تقعيد العربية ونشر الاسلام
أجروم وطارق بن زياد
القومية العربية لم تكن واقعا بل دعوات وتنظير
لم يتخذ العرب كوم أي موقف سياسي معاصر والجامعة العربية خير مثال فاشل منذنشأت الى قمة موريطانيا
كان القدماء يسمون هذه النزعات بالشعوبية اذ الكل يلتقي في السقف الاسلامي
مالذي يجمع سيبويه والبخاري والغزالي بناوابن سينا بنا انه الاسلام كأمة مظلة كل هذه الشعوب
أنا الان نموذج فأمازيغيتي انصهرت في العربية والاسلام


4 - القومية ليس لها دخل بالاعراق
حسن خليل ( 2016 / 8 / 4 - 23:01 )
عزيزي الاستاذ سندي . القومية تنشاء في السوق في تفاعلات المجتمع معا في الانتاج و التداول أما الاعراق فتختلف . فمثلا الموروث الشعبي يوضح لنا أن قبائل الهلالية العربية هاجرت من الجزيرة العربية لمصر ثم تونس و هذا ليس معناه أن مصر أصبحت عربية و لا تونس و أنما أن هذه القبائل دخلت ضمن البنيان القومي المصري و التونسي عبر الانتاج و التداول فالقومية المصرية و التونسية - و غيرهما - ليست شيئا ثابتا عبر التاريخ بل أن أهم خصائصها هو أنها دائمة التحول طالما هي تعتمد علي الانتاج و التداول الذين هما دائمي التحول . و البني القكرية و الثقافية الناتجه عن هذا التفاعل هي أيضا دائمة التحول بالتالي . فلا يمكننا أن نقول أن مصر هي عربية قوميا ما لم نكن قادرين علي البرهنة علي وجود سوق واحد يجمع مصر و مركز العرب في الجزيرة و هو طبعا أمر لم يحدث تاريخيا بل أن الدول المسماة عربية حتي الآن تبيع و تشتري من أوروبا أى تدخل في علاقات اجتماعية معها أكثر مما يجري بينها و بين بعض. فأناا لا أرفض فكرة القومية العربية كراهية فيها و لا تقليلا من شأن العرب و أنما ببساطة لأن هذا لم يحدث تاريخيا فالقومية تنشاء في السوق . تحياتي


5 - اسمها جمهورية مصر العربية
عبد الله اغونان ( 2016 / 8 / 6 - 10:12 )

وتنتمي الى مايسمى بجامعة الدول العربية
وكثير من الدول تصنف نفسها عربية في تعريفها الرسمي
ولغتها الشعبية والرسمية العربية
ودينها الشعبي والرسمي الاسلااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااام

اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف