الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا تعرف عن شارع المتنبي ؟

بان علي

2016 / 8 / 9
الادب والفن


لعبت المصادفة دورها حين أصبح موقعُ شارعِ المُتنبي في قلبِ العاصمةِ بغداد حيثُ مركز الأزدهار التجاري والثقافي ومن يدري ربما كان الأمر مخططًا له مُسبقًا، إذ بنيَّ شارع المتنبي في عهدِ الدولة العثمانية على ضفافِ نهرِ دجلة عام 1852م على أركانِ السراي في زمنِ الوالي مدحت باشا، وقد أُطلق عليهِ اسم المُتنبي في 1932م في عهد الملك فيصل الأول تيمنًا بشاعرِ الحكمةِ والشجاعة أبو الطيب المُتنبي، تحولَ شارع المتنبي في أوائلِ التسعينات، في ظلِ الحظرِ الدولي الذي فُرِض على العراق، إلى ملتقى للمثقفين كلّ يوم جمعة حيثُ يتم عرض آلاف الكتب وتنتشرُ فيهِ مكتبات الرصيف. ويعدُ من أجملِ وأبرز الأماكن التي تعجُ بالكتبِ والموسيقى والمُثقفين، وأنت تتجولُ في ميادينِ هذا الشارع العريق لا بد لك أن تصادف شاعرًا أو حتى مُحبًا للشعر يُلقي على مسامعِ المارة أبياتًا من الشعرِ وسط ضجيج المارة والذي لا تلبث أن تسمعهُ حتى تسأله المزيد والمزيد.
يبدأ الشارع الذي يمتدُ لأقل من كيلومتر، بتمثالٍ للمتنبي مُطلّ على نهرِ دجلةِ، وينتهي بقوسٍ بأرتفاعِ حوالى 10 أمتار، نُقش عليه بيت الشعر الأشهر للمتنبي "الخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي، وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ" وعلى صخرةٍ أسفل التمثال “أنَا الذي نَظَـرَ الأعْمَـى إلى أدَبـي، وَأسْمَعَتْ كَلِماتـي مَنْ بـهِ صَمَـمُ”. وتُعتبر المكتبة العصرية من أقدم المكتبات في المكان (قرابة العام 1908م)، صاحبها محمود حلمي كان أوّل من أستورد الكتب من بلادِ الشام ومصر، وأوّل من طبع ووزّع أعمال القاص محمود السيّد، ودواوين أشعار الرصافي والزهاوي وغيرهم. إلى جانب المكتبة العصرية في القدم، هنالك مكتبة المثنى، المكتبة العربية، مكتبة الفلفلي، ومكتبة المعارف. وقد صار لكل مكتبة فيما بعد تخصص بنوعٍ محدد من الكتب التراثية والعلمية والفنية والأدبية، بينما أختص سوق السراي، الذي كان يمثل نواة النشأة الأولى، بالقرطاسية والكتب المدرسية والأقلام.
يُعتبر شارع المتنبي خامس أهم شارع للثقافة في العالم، حسب تصنيف الأمم المتحدة، إذ أنهُ المكان الوحيد في العراق الذي يضم أبرز الكتب العلمية والأدبية والممنوعة إلى حدٍ ما، مُنذ مرور تسعة قرون على امتداده بمحاذاةِ دجلة لا يزال هذا الشارع الزاخر بالثقافة يانعًا بالشباب وأجزم أنهُ سيبقى ما بقيّ الدهر لأن الأمكنة التي تنمو فيها الثقافة، والطموح لا تشيخ أبدًا وأنما تظل محافظةٌ على حيويتها وديمومتها لأقصى مدة مُمنكة وشارع المتنبي تعدى عن كونه مكانًا مُخصصًا للقراءة وتبادل الكتب أو إلقاء الشعر هنالك الكثير من الفعاليات التي تُقام على مسرحهِ كأن يكن مثلًا معارض للوحات التشكيلية وعروض مسرحية تراجيدية ومتجولين موسيقيين يغدقون على مسامعك موسيقى كلاسيكية تأخذك إلى عوالم الزمن الجميل حيثُ لا مكان إلا للحبّ والوئام، ثمة شعور مدهش يعتريك وأن تتجولُ في أروقةِ هذا الشارع يشبه إلى حدٍ ما إلتقائك بنفسك أو بصديقٍ قريب أضعتهُ وسط زحمة الحياة ومشاغلها لا أدري ربما لأن الكتب تدعوك للتأمل مليًّا في ذكرياتٍ ما، أو أن وجوه المارة ورائحة الورق العتيق والشايّ المُهيل تغريك للبحثِ عن جزءٍ مفقودٍ فيك بين المقاهي ودندنات أم كلثوم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا