الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر وصندوق النقد الدولي

كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)

2016 / 8 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تجري مصر الآن مباحثات مع صندوق النقد الدولي، تستهدف منها الحصول على قرض قيمته حوالي 12 مليار دولار، تحتاجها بشدة ليس فقط لتدبير العجز الهائل في الموازنة العامة وميزان المدفوعات، ولكن أيضاً لسداد أقساط خدمة الديون الهائلة. . المسؤولون المصريون في ورطة ما بعدها ورطة، أمام حالة الاقتصاد القريبة من الانهيار، وأمام الاحتمالات السياسية والاجتماعية التي لابد وأن تترتب على أي حركة جادة لتصويب المسار الاقتصادي المصري، والتي يشترطها الصندوق للموافقة على أي قرض.
مشكلة مصر مع صندوق النقد الدولي أن الصندوق يقرض الدول لمساعدتها على إعادة هيكلة اقتصادها، فتستطيع الاستمرار في الحياة، وتستطيع أيضاً تسديد ما اقترضته منه، فيما نريد نحن الاستمرار فيما نحن عليه بالتسول أو بقروض تسدد بقروض أخرى. . منذ زمن طويل صار الاستنطاع والتسول هو منهج حياة وأسلوب لإدارة الاقتصاد المصري.
كرامتنا الوطنية لا تسمح لنا بقبول قروض يشترط علينا صاحبها تعديل أحوالنا ليضمن سدادنا لقروضه. نقبل فقط القروض والتبرعات والهبات غير المشروطة، والتي لا يتعشم صاحبها سدادنا لها. . وهنيالك يا فاعل الخير والثواب!!
لا أتوقع إصلاحاً جدياً للاقتصاد المصري، لا في المستقبل القريب أو البعيد. فهناك عاملان من أخطر عوامل الفشل الاقتصادي، من شبه المستحيل أن يتمكن أحد من التغلب عليهما. أولهما مصالح الكبار الفاسدين، الذين يتعيشون كالضباع على نهش جثة الاقتصاد، ومن المستحيل أن يتخلى هؤلاء عما ينهشون. ثانيهما مصالح الملايين من المصريين الذي تربوا طوال أكثر من ستة عقود على العيش متنطعين على الدولة، التي قصدت عن شبه عمد تحويلهم من أيدي عاملة منتجة، إلى ما هو أقرب لحال المنطرحين على عتبة قصر السلطان، ينتظرون الهبات والنعم التي ينعم بها عليهم، دون أن يتكبدوا مقابل ذلك غير الدعاء بطول العمر ودوام الكرسي تحت مقعدة جلالة السلطان. هؤلاء تعودوا على مستوى حياة مهما كان متدنياً، فإنه أعلى بكثير مما يستحقون بمعيار إنتاجيتهم، وهؤلاء لن يستطيع أحد مواجهتهم، كما لن يستطيعوا هم البقاء أحياء على عائد إنتاجيتهم التي تكاد لا تتجاوز الصفر.
العامل الثالث في استحالة استطاعة أي حاكم جدير بموقعه إصلاح الاقتصاد المصري هو العرير الذي يصم الآذان الذي يطلقه صراصير اليسار، الذين يتاجرون بمن يسمونهم "الفقراء والغلابة" وما شابه من تسميات، لتكون الوطنية والعدالة الاجتماعية تعني كل ما نشهد من فساد إداري ومالي وفشل اقتصادي، مما لابد وأن يؤدي في النهاية إلى وصول اقتصاد هؤلاء "الفقراء والغلابة" إلى الإفلاس، وهو المصير الذي أتوقع أن نصل إليه أقرب مما نظن.
العامل الرابع المانع للإصلاح الاقتصادي، والذي تفاقم دوره وخطورته في المرحلة الراهنة هو الدور الاقتصادي للقوات المسلحة بالسوق المصري، والذي يعيدنا إلى ما هو أدني من نقطة الصفر، التي هي اقتصاد الدولة المركزية. مع توسع القطاع العام أو نشاط القوات المسلحة الاقتصادي من قبيل الأوهام تصور إمكانية جلب استثمارات، أو تحويل السوق المصري إلى سوق حر، وهو الشرط الذي بدونه لن نعرف إصلاحاً من أي نوع في حياتنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العامل اللى ما يتسماش
هانى شاكر ( 2016 / 8 / 9 - 18:22 )

العامل اللى ما يتسماش
_____________


شكرا استاذ كمال .. تحليل رائع


لكن هناك عامل مهم لا نتطرق اليه ابدا ... التكاثر الحشرى

مصر حمولتها 15 مليون .. و بها الآن 90 مليون ... يعنى 6 اضعاف الحموله

و اهو كل عيل بييجى و صندق النقد الدولى معاه

.....


2 - أستاذنا ‹كمال غبريال›
Arnab Awy ( 2016 / 8 / 9 - 19:16 )
2016·08·09· أستاذنا ‹كمال غبريال› علاج الاقتصاد المصري يبدأ بتفكيك ‹الأزهر› و تعويم العملة المحلية و تفعيل القانون المستغرق في نوم هادئ ~ للأسف كل ما سبق ترد عليه الإدارة بكلمة ‹مَعليهشي› ! يا إما تخصخص التليس يا إما تأمم الشكارة يا إما ترمي النِكلة … بيعة آخر زمن … مش ناقصين مناهدة و وجع قلب … تبرير التأميم و تجميل الخصخصة مهنة السماسرة الحلانجية … تجهيل متعمد لإتمام الصفقة … استطاع ‹منطق› البسطاء ‹مخزن المعرفة› بالكلمة قهر سيف ‹اللاهوت المحمدي› المترنح ‹…› هل ستقضي على البشرية ؟ مَنْ سيطعمك وقتها ؟ كيف يفكرون ؟! قبائل قبائل قبائل … الحكومة قبيلة … الرئاسة قبيلة … الكنيسة قبيلة … ‹الأزهر› قبيلة … كله يخبَّط في مصر … النفاق مرفوض ‹…› مصر وطن جميل … يا وكستاه ‹الجالية المحمدية› خارج السرب الإنساني دائما ! ‹الله و أكبر› مذهبهم ‹مَعليهشي› تبرر مصائب كثيرة ‹…›

اخر الافلام

.. حزب الله اللبناني يوسع عملياته داخل إسرائيل ويستهدف قواعد عس


.. حزب الله يعلن استهداف -مقر قيادة لواء غولاني- الإسرائيلي شما




.. تونس.. شبان ضحايا لوعود وهمية للعمل في السوق الأوروبية


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية.. وطلاب معهد




.. #الأوروبيون يستفزون #بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال ا