الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقبرة الأحياء

محمد فاضل

2016 / 8 / 11
أوراق كتبت في وعن السجن


لا شك إن السجن هو واحداً من أبواب الجحيم بحد ذاته على هذه الأرض, و كما يدعونهُ, مقبرة الأحياء, و إنهُ بالفعل مقبرة حقيقية يُدفن فيها المرء حى, دخوله يُرغمك على نسيان كل ما تتركهُ خلفك فى العالم الخارجى, إنك بلا شك تكُن أيامك الأولى صعبة, و فى وقت قصير ستدرك إنهُ لا مفر, يُمكنك أن تثور كـ ذئب مسعور و يجن جنونك, و لكن ستستسلم للأمر عاجلاً أم أجلاً,

و تبدأ بـ التعايش على إنك لن تذهب إلى أى مكان و لن ترى سوى أربعة جدران و وجوهاً لا تتغير, زنزانة مُريبة رائحتها كريهة و لن تستنشق هوائاً نقياً مع إرتفاع درجة الحرارة و بالكاد تجد حيزاً للمنام.. روتين قاتل مُمل.. يعتاد المرء حياة السجن بعض الشيئ إذا فقد الأمل تماماً و أدرك إن هذا أصبح موطنه, إذ لا يعُد يبالى بشيئ و ينسى العالم الخارجى, ينسى عائلته, أصدقائه, و كل ما يُحب من أشخاص/ أشياء/ أماكن/ رغماً عنهُ و يموت شعوره و لا يعُد يُفكر كثيراً.
ستعرف إنك لست شخصاً مهماً كما كنت تظن, فى فترة قصيرة سينساك 99% ممن كنت تعرفهم جميعاً..
كالميت تماماً حين يحزنون من أجله أيام ثم يصبح منسياً.
و لكن الوقت.. الوقت يتفنن فى قتلك و لا سيما إن اليوم يمُر كأنه عاماً كاملاً, و حياتك تسير على وتيرة واحدة
لن ترغب فى شيئ سوى الموت فى كل وقتٍ و حين, ستستمرُ فى الغرق أكثر فأكثر و تتغير تماماً و تبدأ بفُقدان عقلك,
و بعد قضاء بما يكفى فيه تُصبح كجثة تسير على قدمين بحاجة إلى قبر, ستكُن عدائياً بحاجة إلى أن تعوى كـالذئاب كل ليلة
و رُبما تصبح جباناً فاقداً لعقلهُ يتملكك الخوف طوال الوقت..

و لا شك إن الكثيرين يدخلون إلى هذا المكان ظلماً, و المُجرمين الكبار الحقيقيين أصحاب السُلطات و النفوذ يظلون احراراً دوماً لينهبوا و يسرقوا و يقتلوا و يظلموا الشعوب و هم سببآ رئيسياً لوجود من يدعونهم بـ إنهم مجرمين و إنهم فى الحقيقة لا شيئ مقارنةٍ بـ أولئك الفاسدين الكبار, و أولئك الكبار السفلة يهمهُم دوماً وجود أولئك المتمردين البسطاء, كى يلقوا عليهم اللوم حينما تسوء أمورهم إن كانت أوراقهم على وشك أن تُكشف,
من يرتكبوا الجرائم و المتمردين و المجانين ,ستجد أن أكثرهم أشخاصاً بسطاء, و يكُن لكُل منهم قصة دفعتهُ لفعل شيئ.. كما يقول أحد الكاتبين إن المُجرم شخص كغيره من الناس و لكنهُ تم القبض عليه متلبساً..
الحياة و مصاعبها القاسية تتكفل بالشخص أحياناً و تُشكل عالمهُ الخاص و تتلاعب به حتى يفقد عقله تماماً, لا أحد يختار الحياة التى يعيشها دوماً..
لذلك أرى أن لا أحد مذنب.. فى الواقع هذا العالم المشؤوم يستحق الإبادة, حقيقة هذا العالم مؤسفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د


.. في قضية ترحيل النازحين السوريين... لبنان ليس طرفًا في اتفاقي




.. اعتقال مناهضين لحرب إسرائيل على غزة بجامعة جنوب كاليفورنيا


.. بينهم نتنياهو.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة إسرائيل بسبب حر




.. اعتقال مصور قناة -فوكس 7- الأميركية أثناء تغطيته مظاهرات مؤي