الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثنائية عرفات ودرويش

مروان صباح

2016 / 8 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


ثنائية عرفات ودرويش

مروان صباح / من اللحظة الأولى ، كان يدرك ياسر عرفات ، أن ، شاعر بموهبة محمود درويش ، ليس فقط اضافة لثورة تقود حرب ، من أهم أدواتها ، الثقافة والإعلام ، بل ، بنباهة عرفات الفطرية ، استشعر ، أن هذه الثنائي ، العرفاتية الدرويشية ، سيكون خلاصتها ، ملحمة كبير في سجلات التاريخ ، بالفعل ، لم يُخطئ تقدير الراحل ، لكن ، قد أخطأ تقديره ، في جانب أخر ، عندما أعتقد ، أن الأيام كفيلة ، أن تحول محمود لرقم في مركب الياسر ، فعرفات بقدر ما هو قناص في اصطياد الرجال والمواهب ، وقدرته المشهودة في توظيفها في خدمة القضية ، تماماً ، هو أحياناً ، يخفق في المحافظة عليهما ، وهذا بتحديد ، حصل مع درويش ، كاد عرفات في ذروة أيام دولته في الفكهاني ، أن يفقد محمود بعد ما قرر الأخير ، الرحيل للعمل في أحد مؤسسات الثقافة العربية ، نتيجة خلاف بين الراحلين ، لم يجد ابوعمار في تلك الأيام سوى اللجوء إلى ماجد ابو شرار ، كونه يعلم مكانة ودرجة ماجد الاعتبارية لدى محمود ، هو بمثابة الأب الروحي ، لمحمود ، وأيضاً ، بذات الدرجة لدى معين بسيسو ، وأكثر شخصية يمكن لها أن تأثر فيهما ، في زيارة خاطفة قام به عرفات لمكتب ماجد ، تحدث ماجد بصراحة كبيرة ، حول أهمية محمود درويش كشاعر ، وقال لا بد ، أن نعي جميعنا ، أن رحيل درويش عنا ، ربما ، أول من يتأثر بهذا الرحيل محمود ذاته ، لكن ، الثورة والشعب الفلسطيني والعربي أيضاً ، سيخسرون من لديه القدرة على إحياء الذاكرة التاريخية الفلسطينية ، من خلال قصائد قادرة الوصول إلى جمهور عريض ، قد لا ينافسه أحد في هذا العصر ، بل أفكاره ، تفضح زيف سردية الحركة الصهيونية ولها تأثير واضح بين مواطنين دولة الاحتلال ، وبالتالي ، يؤسس بهدوء إلى انقسام في المجتمع الإسرائيلي ، وهنا تكمن خطورته .

من تلك اللحظة التى عاد درويش عن قرار رحيله ، وضع أسس كاملة في منطقة ، هي الأوسع والأكبر في مشروعه الشعري ، فتحول بالنسبة لعرفات والثورة ، مقدس ، يمنع ، مساسه ، وللحقيقة ، لم يكن محمود لديه مشكلة مع من يتذوق الشعر أو أن الرجل كان يتوسل الاعتراف ، بل ، كان يعي جيداً ، حجم أهميته في قلوب ووجدان الجمهور العربي عموماً والفلسطيني ، خاصة ، وحتى أنه ، كان يعي ويتفهم سعي الغربي إلى ترجمة قصائده ، نخب وجمهور ، وأيضاً كذلك ، لم يكن غائب عنه ، العين الإسرائيلية التى تختلس في ظلمة الليل ، قصائده ، من أجل قراءتها ، بعيداً عن محاكم التفتيش الصهيونية ، لكن ، الذي كان يُخيفه ، دائماً ، من هم حوله ، من هم يدعون صداقته أو رفاق المهنة أو حولها ، وقد خصهم في قصيدته المعنونة ب ، يحبونني ميتاً ، حيث ابتدأ منذ البيت الأول ، بالإشارة عنهم ، يحبونني ميتاً ليقولوا: لقد كان منّا ، وكان لنا ، فهؤلاء في اعتقادي ، كانوا السبب الرئيسي بعزلته المشهودة والدافع في تأسيس جدار عالي الذي بناه تدريجياً ، حتى أصبح من الصعب اغتياله معنوياً أو تصفيته جسدياً .

قد يكون الدرس الأبلغ الذي تركه درويش بين المثقفين العرب ، ليس فقط ، فكفكته للأسطورة الصهيونية وفضح زيفها بين المثقفين العالم ، بل في اعتقادي ، ترك ما هو أخطر ، فقد ، كون نموذج من الصعب تشويهه أو إقصائه ، فكان درويش ، العربي المجتهد والعربي الذي حافظ على احترام ذاته وصاحب مشروع شعري حقيقي ، لا يمثل ، فقط ، فلسطينيته أو عروبته ، بل ، استطاع باجتهاده وجديته ، أن يتربع على العرش الشعر العربي المعاصر ، طبعاً ، باعتراف دولي ، فأصبحت بعض أبيات من قصائده ، تعلق على جدران محطات النقل العام في أوروبا واليابان وأخرى تحرك مجلس الأمن الإسرائيلي المصغر ، وينقسم المجتمع الإسرائيلي بين ضرورة إدراج بعض قصائده في المناهج الإسرائيلية ، وآخرون ، يعلنون الحرب على قصائده ، ويكفرون كل من يطالب بذلك ، رغم أنهم من أبناء جلدتهم .

لم يكن شعر محمود درويش فتح الفتوح ، لكنه ، كان الحدث الأهم بين الشعراء المعاصرين ، وبالتالي ، استطاع بأفكاره الشعرية الوصول إلى قلوب الأغلبية ، في المقابل ، لم يدعى الراحل النبوة ، لكنه ، قال شعراً ، والناس والنخب والرؤساء والملوك ، صدقوه ، فمن أي طراز انت أيها الشاعر ، المتنبي أم الرومي أم أنت لا سواك .

كاتب عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة