الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجندي الصغير 1963(جان لوك غودار): الرفض للمحيط المتأزم الذي لا علاقة للأنسان به ولاباختياره

بلال سمير الصدّر

2016 / 8 / 17
الادب والفن


الجندي الصغير 1963(جان لوك غودار): الرفض للمحيط المتأزم الذي لا علاقة للأنسان به ولاباختياره
هو الفيلم الثاني في مسيرة غودار السينمائية،ولكن حضوره المتأخر كان بسبب منع السلطات الفرنسية لعرضه عام 1960 حتى اجازته عام 1963.
تبدو احيانا الفكرة مشوشة ولكن هذا لايبدو مهما لأن غودار بالرغم من الموضوع السياسي للفيلم إلا انه ينحاز نحو موضوع بشري تأملي محض،بحيث بدا الموضوع السياسي-غير الواضح بالأساس-مقدمة لخدمة الفكرة البشرية التي تتعلق برفض الحيز برمته....
الفيلم مكون من ثلاثة عناصر اساسية،عنصر المونولج،وعنصر الحوار،ومن ثم التداخل بين هذين العنصرين،بحيث يلعب بطل الفليم (برونو-Michel Subor) دور القيادة المركزية لكل احداث الفيلم قليل الأحداث اصلا،بحيث يبدو الفيلم كله مجرد رواية استرجاعية لأحداث حاسمة غير معقدة في حياة البطل الذي بوصفه الشخصية الرئيسية المؤثرة نراه في خضم الحوار يمارس الاسترجاع في نفس المشهد،وهذا يؤدي الى شيء مهم هو ان برونو يقدم احداثا واقعية متعمدة, وهذه النقطة ليست مهمة حتى لو كانت لها علاقة بالسياسة أو بمأساة الجزائر من بعيد أو من قريب،فالحدث ليس ذات اهمية بحد ذاته بل يكتسب اهميته من خلال توضيح أفكار البطل الذي يتعمد ان يحلل الأمور من وجهة فلسفية من الممكن ان تقدم من خلال:
هو لايشعر بالفراغ،ولكن الواقع المفروض عليه قسرا أكسبه صفة الرفض واكسبه في نفس الوقت،الشعور بتفاهة الحياة برمتها،فها هو الآن يخوض معركة -وهو لاجئ فرنسي يعيش في سويسرا-بين مخبرين سريين اساسها الصراعات القائمة في الجزائر،وفكرة الرفض وعد القبول للواقع الذي هو فيه وشدة ايمانه بتفاهة مايحدث جعله يصف نفسه بالوصف التالي:
حتى الآن حياتي سهلة....رجل بدون مبادئ وبدون غد
وبالتالي يتحول التحقيق برمته من عنف انساني جزئي الى تحقيق انساني شامل يتعلق بثلاثة اشياء طرحها البطل نفسه:من اين اتيت؟!....أين اتيت؟!....إلى اين انت ذاهب؟!
هذه الجمل من السيناريو ان كانت تدل على شيء،فهي تدل على صيغة وجودية مؤكدة ليست محالة ولاحتى محتملة...
وهنا،ان كان النقاد قد علقوا كثيرا على ضبابية الفكرة والأهداف،فالحرب السرية تبدو فكرة برمتها فكرة خلفية،أو مجرد ديكور أو غطاء للدخول في موضوع اكثر جوانية وفلسفية لها علاقة بالخواء كفكرة غير مركزية,أو فكرة يؤدي اليها الواقع على طريقة غودار الواضحة من دون اي اقتباس...
برونو يعيد قراءة الظروف والأشياء،يحلل الظروف والمحيط من زاوية بشرية محضة تتعلق به هو،وتتعلق بعدم رضاه عن وجوده والمحيط المفروض عليه،فهو عندما يصور فيرونيكا-قامت بالدور آنا كارينا-في شخصية عرضية وليست ذات اهمية كبيرة في الفيلم-يقول:عندما تصور الوجه فانت تصور الروح من خلفه...؟
وفي مشهد آخر ينظر برونو الى المرآة ثم يسأل فيرونيكا:
ما الذي تعتقدين بأنه الأهم:الداخل...ام الخارج
بالتأكيد أن المرآة لاتعكس صورته الحقيقية؟!
يقول غودار:انها قصة رجل يشعر بأن صورته المنعكسة في المرآة ليست صورته الحقيقية...
ومن ثم نأتي الى مشهد التعذيب المطول من قبل عملاء عرب لبرونو...هذا يدفعنا ان نؤل الأمور من وجهة نظر أخرى ومن زاوية اخرى،خاصة ان الفيلم-أو البطل-رافض للموقف الحياتي غير المسؤول عنه الانسان،وليس المشهد السياسي،فالفيلم بالكاد يكون سياسيا...
التعذيب بحد ذاته عبارة عن رفض للواقع،أي توقف للزمن بالنسبة للبطل،فاللحظة لاتعني اي شيء أبدا،فاللحظة الواقعية المرفوضة يجب ان تنتقل الى لحظة اخرى،والى عالم جواني آخر مقبول من قبل البطل حتى تتسم بالحركة والمونولوج يحتوي احيانا على تفسير الفعل،فرفض المشهد يعني بالضبط الغثيان في موقف متناقض هذه المرة عن غرابة (البير كامو)....
فالموقف يعني البطل،ولكن الغثيان يعني التجاهل مقياسه جزأي لحالة يمر بها البطل،أو محاولة للتجاهل تجعل من الزمن يتوقف بالنسبة للبطل...
ولكن الاعتراض على الموقف يعتبر بحد ذاته اكثر شمولا،فعندما يقول برونو:
نحن ندخل في حروب مثلما ندخل الى المدرسة...
فالجملة السابقة تدل على الاعتراض والموضوع الانساني اكثر شمولا،لأن الرفض يطرح موضوع الحرية،والحرية يعاد تشكيلها والنظر اليها من خلال التعذيب...
اذا كان بالنسبة لبرونو طرح الأسئلة اهم كثيرا من ايجاد الحلول لها،فالحالة التي يمر بها برونو من دون ان نجد حتى الآن حلا لها هي:
الرفض للمحيط المتأزم الذي لا علاقة للأنسان به ولا باختياره،ومن ثم سوف يكون فعليا معدوم الخيارات ضمن هذا الموقف...
أي ان الجملة من الممكن اعادة صياغتها وباختصار،كالتالي:
الرفض للمحيط المتأزم الذي لا علاقة للأنسان به ولاباختياره ولا باختياراته المحصورة ضمن هذا الموقف...اي الانسان معدوم الارادة ضمن-ويصلح قول في خضم-موقف قدري مرفوض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-


.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ




.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ