الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقات الروسية التركية الى اين؟

فالح الحمراني

2016 / 8 / 19
مواضيع وابحاث سياسية



العلاقات الروسية التركية الى اين؟


طوت نتائج زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى روسيا والمباحثات التي أجراها في التاسع من آب/اغسطس في بطرسبورغ مع الرئيس فلاديمير بوتين واحدة من الصفحات الحالكة في تاريخ العلاقات الروسية التركية، ومهدت لاستئنافها بقوة جديدة، ستكون لها تأثيرات ليس على البلدين، وانما على الأجواء الإقليمية وتسويات الخلافات والنزاعات المتفاقمة هناك، لاسيما في سوريا. وتبذل روسيا الجهود لتبديد التوترات في علاقات دول المنطقة والتقريب بينها، بدأتها قمة بوتين الثلاثية مع في باكو في 8 آب/اغسطس مع الرئيسين الإيراني والاذربيجاني، لتصفية الأجواء وإقامة مجموعة للتعاون تضم أيضا تركيا وأرمينيا وكازاخستان ودول شرق أوسطية.

خطوة فخطوة

ورسمت نتائج مباحثات بوتين/ أردوغان خريطة طريق لإحياء العلاقات بين البلدين. ولكن العلاقات التركية الروسية لن تعود بسرعة إلى مستواها لما قبل 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 نظرا لاشغال شركات ومؤسسات محلية وأجنبية قطاعات الاقتصاد الروسي التي كانت تتعاطى مع المؤسسات والبزنس التركي. وقال الرئيس بوتين في هذا الصدد في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره التركي «ان روسيا تنوي الشروع برفع القيود المفروضة على التعاومل مع الشركات التركية» واستدرك «ولكن بصورة تدريجية». ويؤكد الجانب الروسي على ان لدى البلدين قدرات جيدة لتوسيع التعاون التجاري والاقتصادي مع تركيا وتناسي الخلافات وتنفيذ مشاريع كبيرة. وكان رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف قد كلف الجهات المعنية باستئناف عمل اللجنة الحكومية المشتركة الروسية/التركية. وبدوره قال وزير التمنية الروسي الكسي لوكايف انه على يقين بضرورة العمل بكل ما من شأنه ان يخفف عمل البزنس الروسي والتركي. موضحا ان «سبعة أشهر من جمود العلاقات كانت امتحانا عسيرا لدوائر الأعمال والهياكل الاقتصادية». وعكس خطاب الرئيس بوتين وأردوغان وجود نية فعلية لدى الطرفين لإنعاش العلاقات الثنائية وتطويرها والإرتفاع بها إلى مستويات أرقى لكونها حسب تقديرات الرئيس تصب في صالح البلدين والرئيسين اللذين يتعرضان لضغوط شديدة من الغرب. ولكن المراقبين الروس يطرحون الأسئلة فيما تتخطى علاقات موسكو وأنقرة المجالات الاقتصادية إلى المواقف السياسية والعثور على لغة مشتركة بينهما أم ان الهوة بين البلدين ستبقى عميقة بحكم التاريخ والجغرافية، وتقاطع المصالح في بعض الخطوط؟
ويتفق المراقبون في موسكو على ان اللقاء بين بوتين وأردوغان كان مثمرا وعمليا وانطوى على أهمية بالغة بالنسبة لآفاق العلاقات الثنائية. وقال الرئيس بوتين ان المباحثات مع أردوغان اتسمت بالصراحة، وأكدت توفر كافة الامكانيات لدى البلدين من أجل استئناف علاقات طبيعية وواسعة. وأضاف «ان روسيا مستعدة للعمل بهذا الاتجاه» مشددا على «ان روسيا ترغب في استئناف العلاقات مع تركيا بكامل حجمها».

برنامج عمل

ويعد البلدان لوضع برنامج متوسط الأجل للفترة من 2016 إلى 2019 يهدف إلى إنعاش العلاقات التجارية والعلمية التقنية والثقافية. ومن المرتقب ان يدخل البرنامج حيز التنفيذ في الفترة القريبة المقبلة. وستستأنف العلاقات في الأسابيع المقبلة في التوجهات التي لا تتطلب تنسيقا طويل الأجل بين الأطراف الحكومية المختصة. وأشار الرئيس أردوغان إلى ان تركيا تنوي رفع حجم التبادل التجاري مع روسيا إلى 100 مليار دولار. ويذكر ان أزمة العلاقة أدت إلى تراجع التبادل التجاري في غضون الأشهر الخمسة من هذا العام بنسبة 43٪ . ومن أجل تحسين الوضع اتفق الرئيسان على استئناف عمل آليات العلاقات التي تتمثل بالجان الحكومية المختصة. وسيجري في العام المقبل اجتماعا لفريق التخطيط الاستراتيجي المؤلف من مختلف الجهات الحكومية المختصة للبلدين.

طاقة وسياحة وبناء

وتشغل الطاقة في العلاقات التركية/الروسية مكانة رئيسية كما أكد بوتين. وأسفرت المباحثات بين الرئيسين عن احياء مشروع الغاز المسمى «سيل تركيا» وقال بوتين ان تنفيذه سيتم في القريب العاجل. وكانت روسيا قد قررت بناء انبوب عبر تركيا كبديل للسيل الجنوبي الذي يمر عبر بلغاريا. وجمد هذا المشروع بسبب موقف الاتحاد الأوروبي. وذكر رئيس العملاقة «غاز بروم» الكسي ميلير ان المباحثات تدور الآن. وأشار وزير الطاقة الكسندر نوفاك إلى ان أول خط لأنبوب الغاز يمكن ان يبدأ العمل في النصف الثاني من عام 2019. وستكون للمشروع أهمية استراتيجية بالنسبة للبلدين، لا سيما وقد لاحت مؤشرات دخول دول أوروبية فيه. وقال نوفاك ان بناء الفرع الثاني من الأنبوب يتطلب توفير أوروبا ضمانات على عدم التراجع عن المشروع.
كما ستستأنف الأعمال في استكمال روسيا بناء المحطة الكهروذرية «اكويو». وتنظر تركيا حسب ما قال أردوغان باضفاء الطابع الاستراتيجي على الإستثمار في المحطة ومنحها التسهيلات نفسها بما في ذلك الضرائبية التي تحظى بها المنشآت الاستراتيجية التركية. وتبلغ قيمة المشروع 20 مليار دولار ودعت روسيا منها 3 مليارات دولار.
وسترفع روسيا القيود المفروضة على دعوة المواطنين الأتراك والشركات لتفيذ المشاريع في مجال الإنشاء. كما تعهد بوتين بعودة حجم تدفق المصطافين الروس في المنتجعات التركية إلى المستوى الذي كان عليه قبل الأزمة. وحصلت موسكو من الجانب التركي ضمانات أمنية لمواطنيها المصطافين.

إختراق على الجبهة السورية؟

وتحدثت مصادر مطلعة إعتمادا على مؤشرات على ان البلدين سيحققان تفاهمات ملموسة في مواقفهما ازاء التسوية السورية. وكان الرئيسان بوتين وأردوغان قد تجنبا الخوض عما توصلا إليه خلال المباحثات عن الموقف في سوريا. واعترف بوتين بان مواقف البلدين لا تتطابق دائما بشأن سوريا، ولكن يجمعهما هدف التسوية السلمية هناك. وفي رأي بوتين ان التحولات الديمقراطية في سوريا يجب ان تتم بطرق ديمقراطية. وتحدث مراقبون عن استحالة تطابق مواقف موسكو وأنقرة من القضية السورية.
لكن التطورات أظهرت وجود اتفاق رئيسي البلدين على إجراء المزيد من المباحثات لتقريب المواقف. وتم الاتفاق على وضع آلية ثلاثية وصل في إطارها الأربعاء وفد تركي رفيع المستوى يضم ممثلي وزارتي الداخلية والدفاع والاستخبارات لإجراء مباحثات مع الجهات المعنية الروسية. ووفقا لمصادر مطلعة فان وزيري خارجية البلدين سيضعان الجمعة «النقاط على الحروف» وفقا لنتائج الاجتماعات الأخيرة، التي لم يكشف عن مضمونها. ولكن هناك معلومات عن ان الحديث يدور حول اتفاق البلدين على وضع آليات تمنع وقوع أحداث مثل اسقاط الطائرات والدخول في مواجهات مسلحة. وليس من المعروف ان كانت موسكو قد اقنعت أنقرة في إعادة النظرة بموقفها من ضرورة ترحيل الأسد لتسوية النزاع السوري، أو تخفيف موقفها من مشاركة المكون الكردي السوري في مباحثات جنيف. وما هي التنازلات التي يمكن ان تقدمها روسيا لأنقرة لتحقيق هذه الأهداف؟

شكاكون

يذهب بعض المراقبين إلى استحالة إقامة علاقات استراتجية بين أردوغان وبوتين، وان الاتفاقات الراهنة ستنهار في المستقبل القريب، وحسب رأيهم ان ما يجمع الطرفين اليوم هو تعرضهما كل لسببه لضغوط الغرب لاسيما الولايات المتحدة وأوروبا والسعي لخروجهما من العزلة، فضلا عن ان تركيا لا يمكن ان تضحي باعتماد أمنها على الناتو ولا بأواصر العلاقات الاقتصادية بالغرب، وان التفاهم الحالي بين أنقرة وموسكو لا يعدو غير موجة ستخفت حين تتحسن الأجواء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في