الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصبة من الدخلاء1964(جان لوك غودار):التماس اسلوبي

بلال سمير الصدّر

2016 / 8 / 20
الادب والفن


عصبة من الدخلاء1964(جان لوك غودار):التماس اسلوبي
الفيلم هو عن ثلاثة متسكعين يحاولون سرقة شيء ما في نسق تقليدي مع نفس غوداري واضح وقوي لايمكن انكاره،والقصة بالضبط تبدا عند ملاقاتاتهما عمدا بأديلا(آنا كارينا)فتاة غودار المفضلة...
احدهم انبق(فرانز) ولايتصرف بعفوية في كثير من الاحيان،وسجائره مرفوضة دوما من قبل الفتاة العشرينية الساذجة(أديلا)،بينما الآخر يبدو اكثر قبولا لها من فرانز فسجائره-على العكس من الآخر- مقبولة دوما من قبلها.
هل من الممكن القول مبدأيا عن الفيلم بانه عن شخصيات ضائعة أو تائهة،أو أي شيء من هذا القبيل؟
غودار مخرج متميز وكبير ولكن دوما على طريقته الخاصة...أنه الاكثر اشكالية والأكثر وضوحا بين كل المخرجين الذين تحدثنا عنهم سابقا...الفيلم يحتوي كل هواجس غودار...ابداع ووهواجس وتوتر جنسي والشبيبة وباريس،ولكن ليس هناك شيء من لغته السينمائية ولا أي استطراد فلسفي...ببساطة فيلم مرح وجيد.
هناك فجوة في الأحداث،وتركيز على معطيات فيها شيء من تكثيف اسلوبي،فالفيلم برمته يبدو كاستعراض اسلوبي ليس الا...
في ضواحي باريس(مدينة غودار المفضلة) هناك فرانز وآرثر لصين غير محترفين،أو ربما شخصين يحاولان أن يكونا لصين...
كلاهما مغرم بالمؤلفات البوليسية المصورة التافهة،ومن المميزات الأساسية لعلاقتهما محاكاة هذه القصص وهو الأمر الذي أعطى بعدا مرحا على شخصيتهما،أي ساهم أكثر في تسطيح الشخصية...هما يتربصان بأديلا لمحاولة سرقة منزل عمتها وهو المنزل الذي تعمل به،ويعتمد غودار على راوي الذي يعمل على وصف المشاعر الداخلية للأبطال الثلاثة،والراوي كما نعلم هو ميزة اخراجية مهمة يستخدمها غودار دائما في افلامه...وهذا يجعلنا نتوصل الى نتيجة مبكرة...؟
طبيعة الحبكة،بالاضافة الى طريقة غودار في معالجتها ابعدت المتفرج عن اي بعد عمق أو داخلي من الممكن النظر اليه...الفيلم بالتأكيد عن عمق أسلوبي،أو عن ملاحظة اسلوبي،وكأن غودار يشرح اسلوبه أو يقدم اسلوبه على شكل نقاط....
فذكر اليوت ولاحقا جاك لندن أو ادجار الن بو وآخرين،لايعطي الفيلم رونقا أدبيا بل هو مجرد التماس اسلوبي،فكما قلنا لايوجد أي شيء من هموم غودار السياسية،ولا أي ابعاد فلسفية،والراوي بحد ذاته من الممكن اعتباره مداخلة ادبية غير مقصودة التكثيف ربما في محيط فيلم أكبر واهم(جولي وجيم).
يقول الراوي:
نحن نستطيع أن نستطرد الآن لشرح الماشاعر الداخلية لكل من آرثر اوديلا وفرانز،والأمر الواضح بالنسبة الينا من خلال الجملة السابقة،أن غودار يشرح طريقته السينمائية-أو فعله في التمثيل الروائي-ففي لقطة قوية ومحسوبة لغودار يقول فرانز:اذا لم يكن هانك شيء لقوله دعونا نسكت لدقيقة..
دقية من الصمت من الممكن أن تكون وقتا طويلا...دقيقة حقيقية من الصمت تستغرق للأبد
الصمت يسود المكان وغودار يصمت،ويُصمت الكادر في اللقطة وتبقى الصورة فقط...
الصورة فقط هي الناطقة:تنظير سينمائي تقريبي ربما يكون مثالا على طريقة عمل الفيلم وعن لغة الصورة.
لغة الصورة:عنوان معجب به غودار كثيرا،بل وفي كل افلامه كان هناك شيء من تنظير سينمائي عن امكانية ومعطيات هذه اللغة،ومن ثم تحدث لقطة الرقص...
الثلاثة يرقصون رقصة متناغمة حتى يقاطع الراوي لشرح المشاعر الداخلية...الصوت هنا هو من يعمق اللقطة،فالمداخلة الصوتية للراوي اعطت ابعادا اخرى أكثر عمقا واكثر داخلية عن لقطة لاتعبر سوى عن الرقص من دون أي اشياء اخرى.
اللقطات السابقة تبدو وكأنها درس سينمائي عن الصورة وعن الصوت،وهو المضمون الوحيد لفيلم فيه الشكل هدفه خدمة المضمون،فالصورة من الممكن ان تدل على شيء آخر تماما،او من الممكن ان تكون الصورة مجرد لقطة عابرة في الفيلم ليست ذات اهمية هذا من دون تدخل الصوت...غودار يقول:
أن كل المعطيات الفيلمية من الممكن ان تتغير على نفس الشاكلة تعود اللقطة للحياة ومن ثم يحل الصمت من جديد...يقول الراوي في خضم هذا الصمت:
فرانز يفكر في كل شيء ولا شيء...هو يتساءل إذا تحول العالم الى حلم أو إذا كان الحلم اصبح حقيقة
Franz Think of every Thing and Nothing
في الحقيقة فالأمر يطرح أسئلة كثيرة ليس من مجال لمناقشتها الآن-قد يكون عن الصورة،او عن الصوت،أو حتى عن طبيعة الرواية وهل بالامكان تحويلها الى فيلم...؟
ونلاحظ ان غودار يقول كل ذلك ببساطة شديدة تعبر عن طرح الموضوع فقط من دون اي مداخلات تعقيدية...تماما والحبكة التي يستخدمها تصلح لمثل هذا الطرح.
إذا ووفقا الى وجهات النظر السابقة،فأديلا وآرثر وفرانز هي نماذج(تعليمية) للطرح الغوداري المبكر،في حكم لاينقصه التطرف أبدا.
الفيلم لايعتمد على تحليل لأي شخصية،كما أنه لايعتمد ايضا على حبكة قوية ولاعلى سيناريو قوي،بل السيناريو والحوار الذي يدور بين الشخصيات يبدو ضعيفا جدا،سوى كلام الراوي،والطرح كما يبدو مبسطا جدا بحيث يعتمد الفيلم برمته على حدث واحد-تركيز على معطيات لحظية فيها شيء من تكثيف اسلوبي-وعلى الرغم من وجود الرواية الأدبية والتلميح اليها في كثير من الأحيان،فلا يوجد اي اقتباس ادبي،سوى ربما في لقطة القطار والتعبيرات البشرية،فاديلا وعلى الرغم من سذاجتها فهي تستطيع وفقا الى نظرتها البريئة ان تحلل الحزن وفقا لمنظورها الخاص هي،فحتى الحزن يبدو سطحيا وبريئا جدا،وكل ذلك يحيلنا للقول الى ان الراوي هو اهم شخصية في الفيلم لأنه يقول الأشياء التي من المستحيل ان نفهمها نحن كمتفرجين.
ولكن،لقطة الركض للشخصيات الثلاثة في متحف اللوفر تحيلنا احالة مستقبلية هذه المرة الى الحالمون-الى معترك جنسي لأشخاص مغرمون بالسينما ومغرمون بالاقتباس السينمائي،وبرتولوتشي لم يخطأ أبدا عند استخدامه لهذا الاقتباس،أو تكرار هذه اللقطة ليسأل:أين كنا عام 1968
محاولة السرقة ستبوء بفشل ذريع مع انقلاب حاسم في المسار اعتدنا عليه من قبل غودار،والفيلم برمته يبدو متوسطا لايحمل اهمية كبيرة في مسار غودار السينمائي الغزير على الرغم من شهرته.
ولكن هناك شيء ملفت للنظر؟!
أول شيء يسرقه آرثر هو كتاب...هل هذا شيء ملفت للنظر؟!
هناك فرق شاسع بين لكنة غودار السينمائية وزميله فرانسوا تروفو-باعتبارهما العلامة الأبرز في الموجة الجديدة-ان لم تختلف الأهداف ولكن –ان لم نكن متفقين بعد على مكانة كل منهما-ولكن يبقى غودار هو الأكثر اشكالية بين كل رواد الموجة الجديدة.
بلال سمير الصدّر
2/11/2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج المغربي جواد غالب يحارب التطرف في فيلمه- أمل - • فران


.. الفنان أحمد عبدالعزيز يجبر بخاطر شاب ذوى الهمم صاحب واقعة ال




.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة


.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية




.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر