الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة الكذب

هبة الله الذهبي

2016 / 8 / 22
المجتمع المدني


ويصدف أنه لا مهرب من صناعة الكذب في حياتنا اليومية , ولنا أن نصوغ ما نشاء من الأكاذيب ليكون لنا سُلطة على الآخرين , فأحيانًا يكون الكذب سُلطةَ من لا سُلطةَ لهُ , يتمرمغُ فيه كما تتمرمغ الحيوانات في التراب , لينظف ما يشاء من حقائق مريعة في نفسه , يأتي الكذب ليغطي حقيقةً بشعة فينا ويُجمِّلها , عندما لا نستطيع الإعتراف بهذه الحقائق .
فهو صناعة نتعلمها قبل أي دراسة وأي مهنة ..
ثم نخال أننا نستطيع أن نمارس هذه السُلطة في حياتنا اليومية كما نمارس الأكل والنوم وكسب المال , ولكن أن نخطط لنكذب فهي من الصناعات الضخمة , ليست للرعاع , والخاصة من الناس يُموّلون هذه الصناعة , فينشِئون لها المعامل الضخمة ,لتكون صناعة رائجة مع سبق الإصرار , فكيف إذاً نُنشئ صناعة الكذب ؟
أولاً - علينا أن نتوهم أن كل من حولنا كاذبين , ولذا عندما نقابلهم بالكذب فلا ضرر .
ثانياً - المُماطلة من أهم ظروف اللعبة , تبدأ بكذبة وتلحقها بأخرى , كالمسبحة خيط واحد يربطها والعقدة في يديك , تقفلها متى تشاء .
ثالثاً - الضحك والفكاهة من أهم أيضاً ظروف هذه الصناعة , فهي لاتسبب الحقد , وتأتي كالماء بترطيب القلوب .
رابعاً - عليك أن تموّل هذه الصناعة بين الحين والآخر ببعض الحقائق لتكون النتيجة جيدة .
خامساً - الجديّة فطابع الجديّة يضفي على الكذب مظهر الصدق .
سادساً - لابدَّ من محاورعدّة وخط دفاع , يأتي كالجنود أمام الملك في لعبة الشطرنج , تشبه الحقائق التي ذكرناها ولكن سُلطتها بيد بعض الأصدقاء , أي اتحاد الشياطين الذي يوثق الحقائق , فعندما نكذب يساعدنا الآخرون على توثيق هذه الكذبة .
سابعاً - وأخيراً وليس آخِراً.. الضربة القاضية تختارها في أي وقت تشاء .
وعندما تتمكن من هذه البدايات , تكون المُصنِّع الأول لحياة وهميّة كاذبة , مُمثليها أمامك والمخرجين خلفك , وأنت المُنتج والكاتب, وبهذا تتمركز على عرش صناعة الكذب , لتمدَ يدكَ وتشرب كأسَ التلاعب والإبداع في رؤية الآخرين بعدسة مُكبَرة , كيف يتحركون ويعملون في هذا الجو الذي خلقتهُ , ومن المفيد أن تتفاجئ في بعض الأحيان أن كل ما تفعله لا يسري على البعض , فتتعجب كيف بهذه السُلطة العظمى في العالم أن لاتحرك أتفهَ الناس أمامها , كيف لا يسري هذا القانون على هؤلاء البعض ؟ ولمَ ؟
فهل الكذب جينات وراثية موجودة عند الأكثرية وعند الأقلية مفقودة ؟ أم أن الاهتمامات تختلف بين بعض الناس عن بعضهم الآخر ؟
فيشذون عن القاعدة ليسجلوا رقماً قياسياً بأن البرمجة الأكثرية المنطقية لا تدخل في مناطق هؤلاء , فنجد أنهم مُستهلكين سيئين لمنتجات هذه الصناعة , فقد تستهويهم صناعة أخرى , كصناعة الصدق , ولكن من يعلم كيف تحدث المفارقات .. فما تحبه من البسكويت والشوكولا اليوم قد تكرهه غداً ! وأولى بصناعة الكذب وتجارته أن تتحول مع المستقبل ووسط زحام الضحايا لتكون موادها الأولية أصفى وأنقى مما لدينا في هذا الجيل .

كاتبة وحقوقية سورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة يتظاهرون بأسلوبهم لدعم غزة


.. إعلام فرنسي: اعتقال مقتحم القنصلية الإيرانية في باريس




.. إعلام فرنسي: اعتقال الرجل المتحصن داخل القنصلية الإيرانية في


.. فيتو أميركي ضد مشروع قرار منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في




.. بن غفير: عقوبة الإعدام للمخربين هي الحل الأمثل لمشكلة اكتظاظ