الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمثيلية نتنياهو

جدعون ليفي

2016 / 8 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



(ترجمة: أمين خير الدين)
في مكتب رئيس الحكومة في أورشليم يجلس شخص مضطرب، مجنون، جبار،صلب، لاذع، مقتنع بعدالة سياسته، يؤمن فقط بالقوّة، مصاب بجنون العظمة والنرجسية، مُتَبجِّح، مغرور، وأيضا مُطارَد. هذا الشخص مليء بالتناقضات، يعطي انطباعا أنه متسامح، هذا الانطباع شديد نحو الخير أو الشر، إنسان، ذو عناصر شخصية حزينة مأخوذة من الكتاب المقدس أو من شخصيات شكسبيرية، ملك، قيصر، مع عناصر مثيرة: الزوجة (لم تُذْكر) ظِلّ الأب، وفقدان الأخ، يعمل بدافع أيديولوجي أكبر مما يمكن وصفه، أيديولوجيته صلبة ومُتَطرّفة. لا تسمح له بالمساومة في الأمور التي يعتقد أنها هامة.
في مكتب رئيس الحكومة يجلس شخص يلحق بإسرائيل كارثة: ليس بسبب استخفافه، كما يُنْعَت، إنما بسبب الأيديولوجية، بالنسبة لي أفضّل الأيديولوجيين المتصلبين على المستخفين الممتهنين.
يُسْمح أن أقول: أمس استقبل بنيامين نتنياهو اعضاء هيئة تحرير "هآرتس" للقاء مُغْلق استمر أربع ساعات، تكلّم دون توقّف. "تكلّم" وصف غير كاف،: خطب نتنياهو، وعظ، طلب، دوّخ، عرض أشرطة، قدّم عرضا، وخرائط، لوائح، ومحاضر. خربش شكله، وأنفه الطويل، وتصبب عَرَقَه، ضرب على الطاولة، أرعد بصوته، أخفضه، انحنى للأمام، وللوراء راح وجاء في غرفة المؤتمرات، كتب على اللوح، ثم محا ما كتب، اقترب مرة واحدة من زميلي عودة بشارات، فخفت عليه، مرة ثانية شوهدت الدمعة في عينيه.
كانت هذه تمثيلية نتنياهو، ممثل أصيل، تمثيلية لممثل واحد. يتماهى مع الدور الذي يمثله بكفاءة كبيرة، ويحمل قسما من المشاهدين على تصديقه لقليل من الوقت. وربما: كواعظ تبشير نشيط. بدأ بالأنفاق، وانتقل لإنجازاته الاقتصادية، ظلّ مملا حتى وصل إلى مبادئه السياسية. كما في كل مشهد جيّد، انتهى بالأوج: مونولوج النهاية عن الأخ المتوفى. جلس مُفْعما بالحيوية على كرسيّه، وحيدا، مُنْهكا، كيف لا.
في مكتب رئيس الحكومة في أورشليم، يجلس شخص يؤمن فقط بقوّة سياسته. الضعف بنظره خراب، الأخلاق، القيم، المُثُل، العدالة – كلها ليست في مجال تفكيره، يعرض دولته كقوّة عُظْمى، في السلاح، وفي المخابرات، وفي حرب اختراق المواقع الأكترونيّة، وفي الماء، وبتفاهته يصف الخطر الكامن على الوجود، من جيش الحُفاة في غزّة ("خطر في الفضاء وفي البحر وعلى الأرض وتحت الأرض") خطر من حزب الله، ومن إيران، وحتى من حرائق الغابات.
لا يمكن تصحيح هذا التناقض، هو لا يؤمن بأي سلام مع الفلسطينيين، سيخضعهم بالتحالفات المحبوكة مع أصدقائه الجُدُد، رؤساء الأنظمة الفاسدة والآيلة إلى الزوال في الدول العربية، حتى يوافقوا بدون تسوية يقترحها – وهذا لن يحدث أبدا. لا يهمّه مصير الفلسطينيين، لأنه هكذا. نتنياهو لا يتحمّس للبدء بالحرب، ربما يكون أكثر رئيس حكومة إسرائيلية ضد الحروب. والمستوطنات لا تهمه كثيرا، بأيّ حال. ما يهمّه فقط القوّة — العسكريّة، والاقتصادية والتكنولوجية. يقول إن السلام لا يُفيد إسرائيل بشيء، ككل خرّيج وحدة عسكريّة، لم ينضج بعد، يعيش في خيال غائص في "وحدة عسكرية" مع لمسات مقولبة.
خريطة العالم بالألوان: كلّه بأيدينا تقريبا. بعد لقاءات مع 144 سياسيا، بقيت مشكلة واحدة مع غرب أوروبا. الباقون معنا، لذلك (أظن انه مُحقّ) بعدها خرجنا من القاعة، مرّ أمامنا وهو في طريقه لسيارته، يُظْهِر نصف سيجاره بتحدٍّ مُضْحِك.
نتنياهو هنا ليبقى، مقارنة مع بدائله، ربما نَحِنّ إليه في المستقبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل