الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات بالمغرب والمثقف

مازغ محمد مولود

2016 / 8 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



الكل يتحدث اليوم عن الانتخابات التشريعية بالمغرب .. والتي هي على الابواب في عد عكسي ..فاي انتظارات نامل من وراء هده الانتخابات ؟ اي مشروع سياسي تحمله لنا الاحزاب الثلاثة والثلاثين الساعية الى تدبير الشان العام ؟ كيف ستنفد برامجها و مشاريعها السياسية ؟ و رغم ان هده الاسئلة الجوهرية ضرورية ..الا انه بالمقابل لا يمكن ان ننكر الاحباط السياسي الدي يحسه الناخبون من خلال عدم وجود تغيير واضح في الخريطة السياسية ...فالناخب سيكون مشتت امام ثلاثة وثلاثين حزب تشتت اصواته ..وعدم تمكنه من التعرف على كل الفعاليات الحزبية ..اضافة لغياب برامج ومشاريع سياسية حقيقية تطرح القضايا السياسية والاجتماعية الراهنة .والانكى ان الصراع السياسي ياخد مناحي بعيدة كل البعد عن اهتمام المواطنين وقضاياهم بقدر ما تحول الى مشاحنات ونشر الفضائح الشخصية التي تزيد الوضع احباطا ..حتى النظام عبر عن استيائه لما يجري بين الفاعلين الحزبيين من تلاسن وصراعات شخصية. حتى لاتبدو الانتخابات عديمة الجدوى يجب الكفران بها باعتبارها عملية تضليل وتزييف .
من هنا يبدو ان شعار حركة 20 فبراير ==(( يامغربي يا مغربية ..الانتخابات عليك وعلي مسرحية )) لا زال هو القائم ..رغم ان للزمن وظيفته وبعده ..حين خرجت مظاهرات حركة 20 فبراير.. دفعت النظام المغربي في سباق محموم لاحتواء هده الحركة وايقافها والسعي لاقبارها بشتى الوسائل والسبل ..سارع الى تعديل الدستور كما سعى الى شراء الصمت الاجتماعي ولو لمدة من الزمن ..رغم ان الثمن كان مكلفا للغاية .وقد وصل الى الطريق المسدود امام المطالب الكثيرة والحاجيات الاكثر وصلت حد الانهاك ..فماكان منه الا قضى على صندوق المقاصة ورفع سن التقاعد وسن قوانين التعاقد الوظيفي واغراق البلاد في مديونية ثقيلة ..واستئناف الوسائل التضليلية والقمعية لاحتواء السلم الاجتماعي المعطوب..فكان الحديث عن الثروة وعن الفساد ..وعن الانتخابات والاحزاب ..وتحميل الشعب مسؤولية اختياراته عبر صناديق الاقتراع ..فعن اي اختيارات يجب ان نتحدث ؟ ماهي اهداف الشعب واماله؟
اي متتبع للحراك الانتخابي او اية قراءة للمشهد السياسي المغربي نجد الصراع على اشده بين حزب المصباح والجرار ..فالمصباح الدي قاد الجكومة الحالية وتبوء المركز الثاني في الانتخابات البلدية والجهوية وراء الجرار يبقى رقما في المعادلة الانتخابية يصعب كسر شوكته رغم الحملات التشهيرية التي يتعرض لها .فحتى النظام يصعب عليه ان يزيح هدا الحزب الدي يستمد مرجعيته من الفقه الاسلامي والدي راكم كتلة انتخابية هامة فهو اما ان يعيد الكرة ويقود الحكومة القادمة او يتحول الى المعارضة .والامران بالنسبة لنظام احلاهما مر .فاعادة الكرة لم يعد مستساغا وتحويله الى معارض سيقويه مستقبلا.بينما الجرار صاحب المرجعية اللبيرالية فهو مدعوما.. ومعتمدا على مزيد من الدعم ليكون المرشح لقيادة الحكومة المقبلة..اما باقي الاحزاب فرهانها مكفول الى طبيعة الاشخاص المراد ترشيحهم ..يمينها ويسارها ووسطها..والغالب سيعتمد على المال .ولن يكون هناك تنافس اديولوجي او تنافس سياسي.. او حملات بين البرامج. باكثر ما ستكون منافسة بين مرشحين . ولن تخرج الانتخابات عن سياق سابقاتها .

كثيرة هي المحطات التي يجب ان نقف عندها ونتحدث ..لكن ادا اعتبرنا نسبيا ان الاستجابة لحركة 20 فبراير ..والتي تركت بصمتها واضحة على المجال العام بتعديل الدستور ..2011 ..دستور تضمن فيما تضمن باحد ابوابه الاختيار الديمقراطي الدي لا رجعة فيه. وعلى سيادة الحق والقانون.. ولاول مرة يتحدث عن الحكامة الجيدة والشفافية والجوة والمسؤولية والمحاسبة ..فمادا تغيير مند 2011 ؟ سؤال لابد منه.. ونحن على ابواب انتخابات تشريعية ..الكل يتحدث عنها بعيدا عن تقييم علمي لخمس سنوات مضت .. يبدو ان الاشكالية داتية وموضوعية حين نتحدث عن الديمقراطية او الانتخابات بالمغرب ..وقد تمر غدا الانتخابات كسابقتها ..بما يحمله شعار حركة 20 فبراير من معنى عميق للمسرحية الملهاة ..ونعيد تكرار ما سبق بالوان جديدة وطعم امر..يبدو اننا نعيش تمثلات سلبية عن السياسة والسياسي..وعن الانتخابات والديمقراطية ..لازلنا بعيدين عن السياق الديمقراطي ..بحيث ان الكتلة الناخبة تكون مهتمة بالشان العام من خلال برامج ومشاريع الاحزاب.. وهو ما يجعل اختيار مدبري الشان العام الرهان الاساسي للانتخابات ..لا ان تكون الضبابية بين الخاص والعام .بل على الفرد ان يكون مواطنا قادرا بالاضلاع بدوره كدات حقوقية امام الدولة.
نحن في حاجة ماسة لوعي يقودنا الى التغيير ..بحاجة الى معرفة داتية كشرط اساسي لهدا التغيير ..وليست معرفة نظرية بل نقدية ..قادرة على اختراق الفكر السائد ..حيث ان الصراع في عمقه لدينا ليس صراع طبقات( بمفهوم كارل ماركس) غير انه صراع ثقافي ..مما يستوجب معه النفاد الى قلب القاعدة الحضارية التي ينطلق منها سلوكنا الاجتماعي وينبع منها فكرنا وقيمنا ..والوعي الصحيح هو الوعي النقدي القادر على كشف الواقع وتعريته ..لازلنا حبيسي القبيلة والعشيرة والعائلة..ولازال البرلمان دخيلا والانتخابات شيء ممنوح..امام ثقافة جامدة محنطة لا تنتج .. من هدا كله يبدو ان دور المثقف ضروري في الية التغيير ..لكن كيف؟ ان مجتمعنا عاجز عن ان يوفر للمثقف المركز والقيمة اللائقة به مثل عجز الدولة عن استغلال مواردها المادية والبشرية بشكل سليم ..والنظام الدي يغلق الابواب في وجه المثقف يدفعه الى التناقض معه ..فهو اما ان يقبل بالوضع القائم ويفرض على نفسه رقابة فكرية ويحد من حريته وقوله وعمله..او يرفض الوضع القائم فيعمل ضده ان لم ينكفيء على نفسه..او يهجره..ومن صفات المثقف التدبدب الفكري وهو عدم القدرة على الثبات ..فهو يرمي الى ان يعيش حياته بحسب مبادئه .. قد يقبل بالكبث الفكري.. ولكنه لا يستطيع ان يتحمل الحرمان المادي.. وبهدا يعيش وضعا قلقا .مما يدفعه الى السبيل الانتهازي.. فهو كي يحمي نفسه من الحرمان ومن السجن ومن المواجهة يضطر الى المساومة او الصمت.. وبما ان معظم المثقفين لا يقدرون على العنف وبما انهم يريدون التمتع بالحياة لا التضحية بها ..فانهم يختارون طريق المساومة والمسايرة ويرفضون المواجهة والمجابهة .لدا نرى كثيرين من مثقفينا ينخرطون في اللعبة الانتخابية وهم واعون بها لكن قدرتهم التبريرية تساعدهم على حجب واقعهم و تغطية دوافع سلوكهم وهي ما اسماها هشام شرابي ظاهرة التمويه .
بين الديمقراطية السياسية ومن ضمنها الانتخابات والديمقراطية الاجتماعية التي تعني المساواة و العدالة الاجتماعية علاقة دباليكتيكية وليست علاقة من سبق الدجاجة ام البيضة ..يقول الدكتور محمد عابد الجابري في مقدمة كتابه الديمقراطية وحقوق الانسان ((ان نضال الطبقات الكادحة يجب ان يكون على واجهتين .النضال من اجل الحريات العامة = الديمقراطية السياسية كوسيلة.والنضال من اجل الديمقراطية الاجتماعية كهدف.ومن الحكمة ان لا نجعل كبير فرق بين الهدف والوسيلة في هدا الموضوع .لانه متى تحقق الهدف بتلك الوسيلة اصبح الهدف وسيلة والوسيلة هدف)) ستمر الانتخابات بشفافية ولن تخرج عن سياق سابقاتها ...و عندما نفيق من دهولنا . ندرك ان الكوارث تؤدي احيانا الى الياس واحيانا الى ترسيخ ارادة الصراع .كان هدا اول درس نتعلمه من الجدلية التاريخية من هنا على المثقف ان يلعب دوره التاريخي ويرفض رشوة المستقبل المؤمن ومدلة الاستخدام والاستزلام.. بل الوقوف الى جانب جماهير شعبه حيث مصير المجتمع ومستقبله .
محمد مولود مازغ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء