الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شروط قيام ائتلاف مدني ديمقراطي في لبنان

فؤاد سلامة

2016 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


                    


تتكاثر الدعوات في لبنان لقيام ائتلاف أو تحالف للقوى المدنية الديمقراطية لتحقيق إصلاحات ملموسة في النظام اللبناني أو لتغييره جذريا. وبالرغم من كثرة الداعين لهذا الائتلاف لم يكتب النجاح لهذه الدعوات، فما هو السبب؟

الأسباب عديدة ويبدو أن القطبة المخفية تتمثل في السعي المحموم للاستحواذ على قيادة الائتلاف ما أدى لفشل الحراكات المدنية والمطلبية (رغم قيام تعاون موضعي بين مختلف الأطراف) في الوصول إلى نتائج ملموسة أو في الإستمرار في التحالف. ما هي إذن الشروط الموضوعية لقيام ائتلاف مدني ديمقراطي يصمد في الواقع اللبناني المريض والميؤوس من شفائه كما يعتقد الكثيرون.

1 ـ الشرط الأول هو حل مسألة القيادة لمنع التنافس المدمر للائتلاف، مع استمرار التنافس الصحي لتقديم الأفضل ما يجعل التحالف يستمر ويصمد لتحقيق إنجازات جزئية ومتدرجة تعود بالمنفعة على المواطن، وتمنع التهور والبهورة واستغلال الحراكات لجني المنافع الفئوية أو لمجرد الظهور الإعلامي كما رأينا مع "طلعت ريحتكم" و"بدنا نحاسب". كيف تحل مسألة القيادة؟  باتفاق مبدئي على التمثيل المتساوي لكل القوى ذات الفعالية والإسهام النوعي، على أن تتخذ القرارات  بالأكثرية.

2 ـ الشرط الثاني هو الإتفاق على برنامج الحد الأدنى من الأهداف والمطالب والوسائل المحددة لتحقيق تلك الأهداف. في حال وجود خلافات كبيرة حول الأهداف والوسائل لا بد من الوصول لاتفاق جوهري ﻷمد طويل مع عدد محصور من القوى الديمقراطية التي تقبل بالأهداف المطلبية والإصلاحية والوسائل السلمية والديمقراطية  لتحقيق ما يتفق عليه. على أن يتم التعاون مع القوى الأخرى لأهداف  وحراكات مطلبية على المدى القريب والمتوسط.

  3ـ  الموقف من الأحزاب "العلمانية" التقليدية كالحزب الشيوعي والحزب القومي السوري: هذه القوى ذات التاريخ الطويل من النضالات والعثرات والإنحرافات (السلطوية والدموية) والإصطفاف خلف الأنظمة الدكتاتورية  والقوى المذهبية، لن يكون من السهل التعامل معها. سيكون مفيدا وضروريا التعاون معها في نشاطات مطلبية موضعية وذلك للاستفادة من قدراتها التعبوية المحدودة، ولكن سيكون من الخطأ الركون لقيادتها للتحركات بسبب نزوعها البيروقراطي السلطوي للهيمنة على الحراكات ومصادرتها وإفشالها لاحقا.

4 ـ  الموقف من دولة مدنية أو دولة علمانية: يشكل الموقف هذا نقطة مفصلية في البرنامج الوطني الديمقراطي  يحدد القوى التي يمكن الإتفاق أو الإختلاف معها في تشكيل الائتلاف "المدني الديمقراطي". مطلب دولة مدنية غالبا ما يخفي خلفه رفضا للمساواة بين المواطنين في مسألة الأحوال الشخصية ولذلك ينبغي الوضوح حول هذا الموضوع. مبدأ المساواة بين المواطنين طبقا لشرعة حقوق الإنسان المؤسسة لحقوق المواطن الفرد هو مبدأ أساسي لا ينبغي التهاون فيه منذ البداية. قد يكون الإتفاق حول القانون المدني الإختياري للأحوال الشخصية مخرجا لخلاف مرجح حول هذه النقطة.   

5 ـ الموقف من الوسائل السلمية او العنفية ومن التدرج في الإصلاح أو التغيير الجذري: تتمايز القوى الديمقراطية في الموقف من هذه النقطة. القوى الإصلاحية الوسطية ترفض العنف بكل أشكاله، بينما نجد قوى يسارية وقومية وإسلامية تسمي نفسها ديمقراطية ولا تتورع عن المطالبة بالتغيير الجذري فكيف نصل لتغيير جذري من دون عنف ودماء؟ برأيي المتواضع أنه لا مكان في ائتلاف مدني ديمقراطي حقيقي لقوى ثورية أو سلفية، وبالتالي لا مكان لشعارات "إسقاط النظام الطائفي" أو "ثورة حتى النصر".

6 ـ "كلن يعني كلن" أو تعامل واعتراف بالقوى المسيطرة والحوار معها للوصول لإصلاحات معينة، من دون التخلي عن الحراكات الشعبية لتحقيق المطالب والأهداف المرحلية والأساسية؟ ينبغي استخلاص الدروس من الحراك المدني صيف 2015 للإتفاق حول الأساليب المناسبة لتجنب الوصول إلى الحائط المسدود الذي وصلت إليه الحراكات المدنية السابقة. التعامل مع قوى السلطة ليس شرا مطلقا بل هو شر لا بد منه لإنجاز بعض الملفات المطلبية.

يشكل ما ذكرناه أعلاه الشروط الموضوعية لقيام ائتلاف مدني ديمقراطي يسعى لإصلاح النظام اللبناني بالوسائل القانونية والدستورية المتاحة في النظام اللبناني الطائفي، من دون دورات عنف لحرب أهلية لن يكون فيها منتصر، وذلك رغم موازين القوى المختلة لصالح القوى الطائفية حاليا. ليس هناك بديل موضوعي وعقلاني للتغيير والإصلاح في لبنان غير الوسائل السلمية والديمقراطية.  ترفع القوى الطائفية في لبنان شعارات التغيير والإصلاح في الوقت الذي تناور فيه لمنع التغيير والإصلاح. لا يمكن مواجهة القوى المهيمنة والمانعة للإصلاح بوسائل عنفية أو بالإصطدام المباشر معها، وهي قوى لها شعبيتها ولها جمهورها الذي تستطيع تجييشه وتحريكه لإجهاض أي حراك مدني معارض لسياساتها.  








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان