الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلاموية بين اليقين والشك

ياسين المصري

2016 / 8 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول الشاعر:
«إنما الحكمة بنت الاختبار
تقتنيها النفس بعد الاعتبار.
ولكن من النادر بين البشر أن يقتنوا الحكمة بسهولة ويسر، ومن النادر أيضًا أن يعتبروا إلَّا بعد اختبار مرير وعنيف وبذل تضحيات دموية كبيرة، خاصة عندما تسيطرة الدوغمائية الدينية (أو السياسية)، (وهي مرحلة متقدمة من الجمود الفكري كنتيجة للزعم بامتلاك الحقيقة المطلقة) على أي مجتمع بشري بكامله، مما يعمل على تفشى الغوغائية (demagogy) المدموغة بالغرور والجهل واليقين أو القناعات العقائدية (أو الإيمانيات اليقينية) بين أفراده وجماعاته.

لم يحدث أبدًا في تاريخ الانسانية جمعاء أن سمعنا عن أن الكائنات الحية الأخرى غير البشرية، قد اضطرت في وقت ما لصناعة آلهة تؤمن بها وتعبدها وتصاب بالهوس في تقديسها والبكاء والعويل أمامها بالساعات الطوال، والتضحية في سبيلها بالنفس والنفيس طمعا في خلاصها من الشرور. فالبشر وحدهم هم الذين يفعلون الشرور وهم وحدهم الذين يلجأون إلى الآلهة المصطنعة لخلاصهم منها. الكائنات الأخرى تعرف بالفطرة كيف تقاوم الظلم والقهر وتتقن أساليب الخداع لتهرب من إعدائها أو لتنقض عليها وتفترسها خاصة وقتما تشعر بالجوع.

نحن وحدنا معشر البشر الذين اضطُرِرْنا مبكّرًا إلى صناعة الآلاف من الآلهة ووضعناها أمام أعيننا أو خلفها، ونسبْنا لها ديانات وشيَّدنا لها معابدًا وفبركنا لها كتبًا وأقوالًا، وأوجدنا لها طقوسًا، وقدمنا لها دماءَ الضحايا من أنفسنا ومن غير أنفسنا للتقرب منها والتماس رضاها عنَّا وإنقاذنا من التعاسة المأساوية التي خلقناها لأنفسنا بأنفسنا، حتى أصبحت تلك الآلهة هي مشكلتنا الحقيقية.

صحيح أن أديانًا كثيرة في العالم، سواء كانت أرضية أو سماوية، استُعْمِلت في وقت ما من تاريخها لاستغلال ضعف الإنسان وقلة حيلته أمام ما يتعرض له من ظلم وقهر من أخيه الأنسان، وجعلت من ذلك منطلقا للسفالة والإجرام. ولكن من حسن حظ البشر أن سعيهم الدائب إلى الإنسانية ينتصر دائما ولو جزئيًا وبِبُطْء، فكان أن توصل العقلاء منهم إلى فضيلة التسامح مع الآخرين المخالفين لهم والمختلفين معهم، والعيش معها في محبة ووئام، إلَّا من شذَّ وخرج على هذه الفضيلة.

من الثابت أن الديانة الإسلاموية دوغمائية بصفتها "دين الحق" أو "دين الله" وحدها من دون الديانات الأخرى، ولأنها تتبنى الثقافة البدوية والبدائية الصحراوية القائمة عليها والمعتمدة في الأساس على خرافة "خير أمة أخرجت للناس"، تستغل الجانب السافل والحقير في الطباع البشرية وتغذِّيهِ بالغرور وتنمِّيهِ بالغطرسة وتجنِّده لنثر بذور الكراهية والحقد في نفوس معتنقيها، فتحملهم على قتل المخالفين لهم والمختلفين معهم بدم بارد واطمئنان كامل ويقين لا يتطرق إليه الشك على أساس أنها أوامر إلهية وأفعال نبوية مقدسة. إنها إذن ديانة غوغائية إجرامية criminal mops تعمل بلا هوادة على تحويل المؤمنين بها إلى مجرد "بيادقٍ" في حروب ونزاعات لا تنتهي. هذا هو أحد الفروق الجوهرية بين ديانات العالم أجمع والديانة الإسلاموية، فكل الأديان فهمت أن أبسط البديهيات البشرية مثل بعض الرسوم الساخرة أو الكلمات الناقدة التي تصدر هنا أو هناك أو حتى العقيدة من عدمها، ليست أغلى من حياة الإنسان، بينما حياة الإنسان عند المتأسلمين أرخص حتى من بعض الوريقات الصفراء في كتاب شديد الرداءة والتخلف ومليء بالتناقضات والهلوسات والخطايا إسمه القرآن.

ولأنها في جوهرها ديانة دوغمائية، فإن معتنقيها لا يقتنعون في الأساس بتجاربهم في الحياة، ولا يأبهون بالعواقب الناجمة عن اختباراتهم وخبراتهم لأنهم على يقين بأنها فاشلة ضمنيًا، لارتباطها اليقيني بقدرة أو مشيئة إلهية: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30، التكوير: 29]، وتبعًا للأستاذ محمد علي عبد الجليل، "يقول القرآن للمسلم: إياكَ أنْ تختبرَ شيئاً فهناك من اختبر عنكَ مِنْ قَـــبْــلِكَ وها هو يقدِّم لكَ الثمرةَ مقطوفةً ممضوغةً جاهزةً وما عليكَ إلَّا أنْ تزدَرِدَها فيسريَ في عروقك تأثيرُها المخدِّر". لقد ساهمَ القرآنُ في تجميد القوةِ الخافية الجمعية لدى العرب المسلمين. ولم يكتفِ بمنع الاختبار فحسبٌ بل وضعَ حدوداً على السؤال أيضاً، إذْ قال لهم: {يا أيها الذين آمَنوا لا تَسألوا عن أشياء إنْ تُـــبْـــدَ لكم تسُؤْكم} (المائدة، 101)".
أنظر مقاله بعنوان: القرآن وثقافة الخوف. كيف يشل القرآن نفسية المسلمين؟.
http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=427392&r=0&cid=0&u=&i=6063&q=

لذلك تجري دائما على ألسنة المتأسلمين عبارات تشير إلى أسلوب المراوغة والخداع مثل: إن شاء الله" أو "يمهل ولا يهمل" مع أن إلههم في الحقيقة عاجزٌ تمامًا عن أيِّ شيءٍ ولا يهتم بأي شأن من شؤونهم أو شؤون غيرهم إلا بالقدر الذي يروّجون به بضاعته ويتاجرون فيها بإسمه، وبالقدر الكافي من التخدير لاحتياجات السذج والمخدوعين والمقهورين. قد يعتقد المرء بأن هناك عالم آخر غير عالمنا له منطق مختلف عن عالمنا، ويعيش فيه هذا الإله الإسلاموي الخاص بمنطق يختلف عن منطِقِنا ولا ينطبق علينا، ولكن وبسبب هذا الاختلاف يشعر المراقب الحيادي - أينما كان - باعـوجاح منطقِه مما يحتم على الإنسان العاقل أن يرفضه جملة وتفصيلا؟

بيد أنه لا سبيل لرفض المنطق الإلهي الإسلاموي الأعوج إلَّا بالاعتماد على مبدأ عدم التأكد أو مبدأ الشك والريبة وعدم اليقين (uncertainty principle) الذي وضعه عالم الفيزياء الألماني والحائز على جائزة نوبل عام 1932 فيرنر كارل هايزنبيرغ Werner Heisenberg (1976 - 1901). إذ يقول هذا المبدأ إن الإنسان ليس قادرًا على معرفة كل شيء بدقة 100%. ولا يمكنه قياس كل شيء بدقة 100%، ومهما زاد ذكاؤه واتسعت معارفه وقويت مداركه يبقى هناك دائما قدر لا يعرفه ولا يستطيع قياسه.

يعتبر هذا المبدأ من أهم المبادئ في نظرية الكم (quantum theory) بعد أن صاغه هايزنبيرج عام 1927، وينص على أنه لا يمكن تحديد خاصيتين مقاستين من خواص كمية إلا ضمن حدود معينة من الدقة، أي أن تحديد أحد الخاصيتين بدقة متناهية (أي بقدر ضئيل من الشك) يستتبعه عدم تأكد كبير في قياس الخاصية الأخرى .

وقد وصف خلاصة هذا المبدأ عندما نفي سَرَيان المقولة: "أنه يمكننا معرفة المستقبل إذا عرفنا الحاضر بدقة "، فقال: " إن عدم استطاعتنا معرفة المستقبل لا تنبع من عدم معرفتنا بالحاضر، وإنما بسبب عدم استطاعتنا معرفة الحاضر". إن مشكلة الإنسان الأساسية في كل زمان ومكان هي عدم استطاعته معرفة الحاضر، مما يزيده خوفَه من المستقبل ويدفعه إلى التعلق بالماضي أو الهروب نحو الانغماس في الخـرافات والرضوخ باستسلام للدجل والخداع والخضوع التام للقهر والظلم.

ولشرح مبدأ عدم اليقين لهايزنبرج طرح عالم فيزيائي آخر هو النمساوي إرڤين شرودنجهر Erwin Schrödinger (1887 - 1961م) والحائز بالمثل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1933م فرضية تقول: لو أننا مثلًا وضعنا قطة في صندوق، ووضعنا بداخل الصندوق زجاجة صغيرة بها سُم السيانيد، وثبتنا فوقها مطرقة متصلة بعداد جايجر، ووضعنا بجانب العداد كمية صغيرة جدًا من مادة مشعة، فبَعد مدة زمنية معينة (ليكن ساعة) تبدأ المادة المشعة بالتفاعل، ويتحرك عداد جايجر الذي يقيس هذه الإشعاعات، فتتحرك المطرقة المتصلة بالعداد بدورها، لتسقط على زجاجة السيانيد فتكسرها ومن ثم تموت القطة بفعل السم، أو أن المادة المشعة لا تتفاعل، وبالتالي لا يتحرك العداد ولا تتحرك المطرقة فتبقى زجاجة السيانيد كما هي فلا تموت القطة.

ماذا يقول مبدأ عدم اليقين في هذا الأمر؟
يقول المبدأ أن القطة موجودة في الداخل لكن في حالة خاصة، فهي من المحتمل ألَّا تكون ميتة وألَّا تكون حية، بنسبة 50% ميتة و50% حية، لكن عندما يتدخل في الأمر مراقب خارجي (إنسان يفتح الصندوق) فإنه يستبدل الشَّك باليقين، إذ يرى القطة 100% في حالة واحدة فقط، إما حية أو ميتة، ويتأكد من خطأ الاحتمالين، إذ أنها لا يمكن أن توجد في حالتين متناقضتين في نفس الوقت.
أنظر تفاصيل الفرضية في كتاب: مبدأ الريبة، أينشتين، هايزنبيرج، بور، والصراع من أجل روح العلم، ص 244 - 240، تأليف: ديفيد ليندلي، ترجمة: نجيب الحصادي، نشر دار للعين بالقاهرة 2009.

هنا لا يتم التعامل بمنطق الرياضيات، حيث اليقين المطلق، فتكون القاعدة هي قانون الانحفاظ Conservation للكميات الفيزيائية، الذي ينص على أن خاصة مقيسة معينة لنظام فيزيائي معزول تبقى ثابتة طالما لم يتأثر هذا النظام بغيره، بمعنى أن 1+1=2 لن تتغير في أي كون نذهب إليه وأي مكان. من المستحيل أن تجد مكاناً تتغير فيه قواعد الرياضيات، ويصبح مجموع شيئين هو ثلاثة. إن للرياضيات قوة مطلقة في وصف الطبيعة وكل شيء في هذا الكون؟ إنها حالة خاصة أوجدها التوازن الذي وصل إليه الكون عبر ملايين السنين، بعيدا عن منطق البشر وعالم الآلهة.

إن هذا التناغم في الكون، وهذا الاستيعاب الجبار الذي أعطتنا إياه قوانين الانحفاظ مع الرياضيات التلقائية بكل معنى الكلمة، لا يمكن أن ينطبق إطلاقا على عقائدنا أو دياناتنا، لأنه لا يحتاج إلى خالق أو مبدع. فإذا افترضنا وجود هذا الخالق المبدع، ألا يجب أن يكون هذا الخالق قد خلق شيئاً مميزاً فعلاً؟ لماذا يبدو كل شيء حولنا كأنه مجرد تخلخلات طبيعية ولا يبدو كأنه مخلوق بصورة دقيقة؟ لماذا كل شيء يخضع لقوانين الانحفاظ التي لم ولن تنكسر مهما فعلنا؟ لماذا مجموع طاقة الكون يساوي الصفر ولا يساوي رقماً غير الصفر لنرى وجود خالق أو نزعم بوجوده؟. إن العقل السليم لا يرى ضرورة ما للجري ليلًا ونهارًا مع رجال الدين لإثبات وجود مثل هذه الإله أو غيره من عدمه.

في مقال آخر للأستاذ عبد الجليل ربط ربطًا بارعًا بين "قطة هايزنبيرغ وقَسْوَرَةِ القرآن"، فأخذ كلمة "قسورة" الواردة في سورة المُدَّثِّر (الآيات 49 و50 و51): { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ، كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنفِرَةٌ، فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ } كمثال من أمثلة كثيرة جدًّا لما يسبِّبَهُ القرآن من ارتباك للمتأسلمين بوجه عام ورجال الدين بوجه خاص. وتوصل إلى نتيجة هامة هي : "إنَّ مبدأ اللايقين أو الارتياب الدلالي في أي نص مكتوب أكبر منه في الكلام المنطوق لأنَّ الكلام المنطوق يندرج ضمن سياق زماني ومكاني معروف للمتكلم والسامع، في حين أنَّ سياق النص المكتوب غائب وغير واضح وغير معروف للقارئ. وعلى الرغم من أنَّ علماء المسلمين وضعوا أسبابَ النزول لتحديد سياق النص القرآني، إلا أنه مازال يكتنفه الغموضُ".

وعن الإرتياك في معنى كلمة "قسورة" وحدها، يقول الأستاذ عبد الجليل: "لا ندري على وجه الدِّقَّة هل تشير الكلمةُ إلى حيوان (أسد أم حمار) أم إلى إنسان أم إلى صوت أم إلى وقت (أول الليل) أم إلى أداة (حَبْل). قال المفسِّرون في معنى "القَسْوَرة" أنها هي: الأسد (بلسان الحبشة) أو الرُّماة أو القنَّاص أو الرُّماة من الصيادين أو حِبال الصيادين أو رجال القَنْص أو جماعة الرجال أو أصوات الرجال أو الرِكْز [أيْ: الصوت الخفي] أوالصوت العالي المفزِع أو ظلمة الليل أو أوَّلُ سوادِ الليل. ويرى كريستوف لوكسنبرغ [لُكسَنْبرغ] (Christoph Luxenberg) أنَّ لفظة "قسورة" سريانية الأصل وتعني الحِمارَ الهَرِم الذي لا يقوى على حمل شيء. "القسورة" كلمة تحتمل أكثر من معنى في الوقت نفسه. وإنَّ تدَخُّـلَ القارئ هو الذي يُرَجِّح معنىً على معنىً آخر فيرى الوجهَ الذي يريد من وجوه المعنى المتعدِّدَة. وكأنه يفتحُ صندوقَ النص فيرى فيه "القسورةَ" إمَّا أسدًا وإما حمارًا وإما إنسانًا وإما صوتًا وإما ظلمةً وإما حَـبْـلاً. ولكنْ لا يراها جميعَ هذه المعاني في الوقت نفسه، بل يرجِّحُ أحدَها. إنَّ القارئ أو المفسِّر لَـيُـطوِّع المعنى بما يتناسبُ ومعتقداتِه ووعيَه. وقد يُـكْرِهُ النصَّ على حملِ معاني الثقافة والجماعة التي ينتمي إليها القارئُ، فيَـقْسِرُ النصَّ ليخدمَ غاياتِه ومآربَه. فيرىَ "الديكَ حمارًا"، على حد تشبيه أبي نواس، ويرى الحِمارَ الهَرِمَ الضعيفَ أسدًا فَتيًّا قويًا، ويرى في القتل حياةً! يبدو أنَّ سياقَ الآية يُـرَجِّحُ معنى الاشمئزاز والنفور على معنى الخوف، فيكون إذًا معنى "القسورة" أقربُ إلى الحمار الضعيف منه إلى الأسد القوي، أيْ أنَّ النصَّ يشيرُ إلى أنَّ "وثنيِّي مكَّة" يَنفِرون من "التذكرة - القرآن" اشمئزازًا كنُفُورِ الحمير من حمار ضعيف هزيل. وبالتالي يكون المعنى الذي قدَّمه لوكسنبرغ أقوى وأبلغ". أنظر المقال على العنوان التالي:
http://maaber.50megs.com/issue_june13/spotlights3.htm

من المعروف تراثيا أن علي بن أبي طالب وصف النص القرآني بأنه حمَّال أوجه. أي أنه يمكن تأويله على احتمالات متعددة، لذلك يحتاج باستمرار إلى مفسرين يستنطقونه تبعا للوقائع والأحداث التي يعرفها المستمع في الزمان والمكان، وأيضا تبعًا لأهوائهم ونواياهم كي يبدو منطقيا ويقينيًّا لدي المستمعين. فكلمات القرآن في النص المكتوب لا تبعث على اليقين الكافي أو تزيل الارتياب والشك كلية مالم يكن هناك مفسِّر يبعث اليقين من خلال الكلام المنطوق بأن يربطه بالسياق الزماني والمكاني المعروف لدي المتلقي.

مازالت الديانة الإسلاموية بكاملها موضوعة في حالة خاصة داخل صندوق مثل قطة هايزنبيرغ، تخضع منذ نشأتها وحتى الآن لنفس الاحتمالات اللايقينيك، فتدور حولها دائما الشكوك والريبة وعدم التأكُّد !! بل أن رجال الدين جعلوا من تلك الشكوك ساحة واسعةً يتبارون فيها من أجل التلفيق والخداع تحت بند درء الشبهات كما يزعمون، غير مدركين أن الشبهات تحمل دائما الصواب أكثر من الخطأ. فهل هي ديانة الحق أم ديانة الباطل؟ ديانة التسامح والمحبة أم ديانة الكراهية والإجرام؟ وهل إله الأسلمة موجود بنفس المواصفات أم لا وجود له؟ وهل كلامه منزل ومنزَّه أم أنه مفبرك ومغرِض؟ وهل محمد نبي مرسل أم دجال مجنون؟ ... وهل هو نبي الرحمة ومكارم الأخلاق أم رسول القتل والسبي والعهر؟؟، وأسئلة أخرى كثيرة وكثيرة جدًّا؟؟؟، تنحصر الإجابة عليها في سجال طويل بين احتمالين من المستحيل أن يتواجدا معا في وقت واحد تبعًا للمبدأ المذكور، وهنا يأتي دور المراقب الخارجي.

إن المراقب الخارجي ( أي الشخص الذي يفتح الصندوق) سواء كان من داخل المنطقة أو خارجها، مازال يشق بثبات طرقًا صعبةً في صخور هذه الديانة لكشف الغطاء الفولاذي عن حقيقتها. والنتائج - حتى الآن - واعدة وهائلة ومذهلة حقاً، مما يصيب سدنة الدين وأتباعهم من المؤمنين بالدوار والحيرة، بل بالعجز وقلة الحيلة، صحيح أننا لا نستطع التنبأ بدقة عن وضع هذه الديانة مستقبلا. ولكن كل ما يمكن التأكد منه بوجه عام هو أنه كلما تقدم العلم، تقل وظائف الآلهة، ويقل تدخلها غير المباشر في شؤوننا، وأخيراً لن نجد أي وظيفة لهذه الآلهة جميعها، وستنهدم وتتبدد الخرافة في النهاية.

من الواضح أن نبي الأسلمة كان على دراية تامة بما يقوله وما يفعله، وأنه لذلك كان واعيًا بأن قوله وفعله يؤسس لديانة من بعده، سوف تأول في يوم ما للانهيار والفناء:
- روى الحاكم في المستدرك من حديث أبي هريرة قال: تلا رسول الله (ص): إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً. فقال (ص): ليخرجن منه أفواجاً كما دخلوا فيه أفواجاً.
- وفي مسند الإمام أحمد: إن الناس دخلوا في دين الله أفواجاً، وسيخرجون منه أفواجاً.
- وفي صحيح ابن حبان: لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة.
- وفي سنن الترمذي: إِنَّ الدِّينَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْحِجَازِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا وَلَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ مِنَ الْحِجَازِ مَعْقِلَ الأُرْوِيَّةِ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ. إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَيَرْجِعُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ".
- كذلك اعترف النبي بأن دينه سينهار ويتبدد في يوم ما.. بل سيدخل الى الجحور كما الافاعي !!!!
أنظر : صحيح مسلم - باب الإيمان - بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا وأنه يأرز.

إنني لا أتفق تمامًا مع الحديث المذكور في سَنَن الترمزي والقائل بأن الإسلاموية سوف ترجع للحجاز كما خرجت منها، كالحيَّة التي تعود إلى جحرها، فالدلائل تشير إلى تصدعها بالفعل ومنذ زمن طويل في منبعها الأصلي، ولكن المشكلة الحقيقية هي أنه كلما بعدنا عن هذا المنبع وصولًا إلى أفغانستان وباكستان وإيران والسودان والمغرب مرورًا بمصر نجد مزيدًا من تعلق المتأسلمين بتعصُّب مخبول وهوس مجنون بهذه الديانة، بينما نرى أهل النبي وبني جلدته في مسقط رأس ومنبع فكرته، ومعهم بالطبع كافة العملاء في الخارج، لا يلتزمون منها إلَّا بما يشبع نهمهم إلى الانحطاط والسفالة، ويحقق لهم شؤونهم الدنيوية والأنانية وحدها. بل ويعيشون على هذا التعلق الأهوج لدي الآخرين ويقتاتون من ورائه، كما يعتبرونه مخزونا دفاعيا بالنيابة عنهم عند وقوع الانهيار الكبير، الذي نأمل أن يأتي قريبًا لتقليل التضحيات وإنقاذ البشرية جمعاء.

كلمة أخيرة:

إن حياتنا تمتلئ بالكثير من العقبات والمُنَغِّصات، وتَعُجُّ بالكثير من التعقيدات والهموم مما يُرهِق النفوس، ويجعلها تتنافر وتتباعد، ويُنذر بكوارث اجتماعية جمَّة، ولا نجاة من كل هذه الكوارث أو البعض منها إلا بإبعاد الدين عن الحياة العامة بين الناس، وبنشر روح التسامح والاعتدال والبساطة في شتى مظاهر حياتهم، والاعتدال في القول والفكر والسلوك والتربية، الأمر الذي يبعث في النفس روحًا جديدة تُغيِّر من الأفكار، وترتقي بالآمال والتصورات، ليسمو الإنسان ويرتفع فوق حاجاته الأنانية، وتَغلِب عليه روح التعايش مع الجماعة الإنسانية بوجه عام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. VODCAST الميادين | مع وئام وهاب - رئيس حزب التوحيد العربي |


.. 12345




.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع