الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الثورة

جلال مجاهدي

2016 / 8 / 31
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الثورة لا تصنع بل تندلع مثلها مثل النار و تكفي اندلاع شرارتها الأولى لتتظافر ظروف تأججها و الثورة الحقيقية لا تخمد بل تستمر في الزمان لتحقق مآربها و الثورة بدون رؤية و بدون ايديولوجية او بدائل للحكم و بدون برامج سياسية و اقتصادية و اجتماعية تؤسس لمشروع مجتمعي لا تسمى ثورة كاملة بل مجرد ثورة تسقط الأشخاص و لا تسقط الأنظمة و الثورة بدون ضمير جماعي موحد حول ايديولوجيا معينة أو على الأقل أهداف معينة لما بعد الثورة يتم الاجماع عليها تعتبر ثورة ناقصة و تنفيسا عن غضب شعبي , الثورات التي عرفتها الدول الغربية و الثورات التي أقامت الاشتراكيات كانت ثورات واضحة المعالم و الايديولوجيا و التوجهات و اقتلعت الأنظمة الفيودالية و الاقطاعية من جدورها و أقامت محلها بدائل للحكم معدة سلفا , اما الثورة من أجل اقتلاع شخص ما من على كرسيه كالتي حدثت في العالم العربي فهي كانت ثورات شعبية عفوية و تلقائية تطبعها الشخصانية و لا تؤسسها الأفكار و لا توحدها الايديولوجيات و بالتالي حتى على فرض نجاحها في اقتلاع الاشخاص فالثوار لم يمسكوا بالحكم بعد نجاحهم في اسقاط الديكتاتور فالثورة ينبغي أن تستمر إلى أن يمسك الثوار بالحكم بواسطة قياديين يتوافقون على اختيارهم سلفا والا فلا مجال للقول بوجود ثورة حقيقية وبالتالي كانت هذه الثورات العربية في إطار ما يعرف بالربيع العربي ثورات ناقصات فالثورة تعني القطع النهائي مع المرحلة السابقة و تأسيس مرحلة جديدة بميكانيزمات حكم جديدة كالثورة البيضاء البريطانية التي أطاحت بملك إنجلترا جيمس الثاني،و التي أرست دعائم حق البرلمان في تنظيم وراثة العرش وتحديد سلطة الملك. وحظر على الملك تعليق القوانين وإبقاء الجيش زمن السلم، أو جباية الضرائب دون موافقة البرلمان وثورة تشوشو وحلفاؤه اليابانية الذين ألفوا حكومة وطنية وضعت الاساس الأولي للنهضة اليابانية و قطعت مع الحكم المطلق البدائي الذي كان سائدا و الثورة الفرنسية المجيدة الغنية عن التعريف وغيرها من الثورات , نعم البلدان تقدمت بعد أن قطعت مع الأنظمة الإستبدادية هذه الأنظمة كيفما كانت هي عقبات امام الديموقراطية و احقاق الحقوق و التوزيع العادل للثروات, هذه الأنظمة لا محيد عن اقتلاعها بالثورة الميدانية و بالمواجهة لأن استمرارها رهين باعادة انتاج نفس النمط الاستبدادي و هي تتمسك بالحكم و بنفس الطريقة الاستبدادية الى ان تقتلع اقتلاعا و لا مجال للقول بتغييرها أو تغيرها و واهم من يعتقد ذلك , الثورة لا يمكن التنبئ بوقتها حتى من الثوار أنفسهم فلها أسباب و ظروف وملابسات و تطورات تشعلها و الثوار لا ينتجون على المقاس لإحداث ثورة ما بل هم أناس يجتمعون شيئا فشيئا و تحركهم دوافع و قناعات وضمير جماعي يروم التغيير و الثورة لها سقف مطلبي واحد هو اقتلاع النظام اما الانتفاضات او الاحنجاجات الاخرى الرامية الى تحسين ظروف المعيشة أو الاحتجاج على موقف ما فلا تعد ثورات لكن خطورتها تتجلى في إمكانية تحولها إلى سلسلة من الأحداث الجسام فينتقل المحتجون من سقف الاحتجاج إلى سقف إسقاط النظام كما حدث بتونس و مصر سنة2011 لكن حتى على فرض عدم إتيان الثورات العربية أكلها و مصادرتها و احتوائها من طرف الدول المستبدة فإن العالم العربي قد أنشأ جيلا جديدا هو جيل الثورة و أثبت الثوار أنهم قادرون على قلب الطاولة على الديكتاتور و تكونت لديهم ثقافة جديدة و هي ثقافة الثورة و خبرة جديدة و هي خبرة تجربة الثورة و بالتالي فإن المادة الخام للثورة موجودة و يكفي أن تصير للثورة ايديولوجيتها أو على الأقل أهدافها و مشروعها الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي ولا سيما آليات الامساك بزمام الحكم حتى لا تصادر أو تسرق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟