الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا ديقراطية بدون حسم الصراع على طبيعة الدولة

انور سلطان

2016 / 8 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من أهم أسباب فشل الديمقراطية في العالم العربي هو عدم حسم الصراع على طبيعة الدولة, هل هي دولة علمانية أم دولة دينية.

المقصود بالدولة الدينية هي تلك الدولة التي تقوم على أسس دينية أو مرجعية دينية. إن المرجعية الدينية تجعل العلاقة بين الحاكم والمحكوم علاقة دينية, تصبح فيها طاعة الحاكم, ذي الشروط الدينية, طاعة لله. وقصر الدولة الدينية على الدولة التي تقوم على إدعاء الحاكم أنه إله أو نصف إله أو لديه حق إلهي في السلطة غير صحيح, فهذه ليست إلا أشكال مختلفة للدولة الدينية, وكل تلك الدعاوى هدفها النهائي جعل العلاقة بين الحاكم والمحكوم علاقة دينية إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة, وكيفما تحققت تلك العلاقة فالدولة تصبح عندها دولة دينية. ونظرية الخلافة أو الإمامة لدى المسلمين هي نظرية للدولة الدينية, وهي تكييف للإسلام وتوفيق بينه وبين ثقافة العصر حينها الذي لم يعرف إلا الدولة الدينية من جهة, ومن جهة أخرى هي توفيق بين الإسلام وبين المصالح السياسية للإطراف المتصارعة على السلطة. ونظرية الخلافة أو الإمامة هي مرجعية كل الأحزاب الإسلامية مع تعديلات طفيفه لا تغير من جوهر النظرية.

أما العلمانية فهي مبدأ إنساني سياسي. وهي مبدأ إنساني لأنها تتضمن مبدأ الحرية والمساواة الإنسانية. وهي مبدأ سياسي من حيث أنها ترفض أي مرجعية في الحياة العامة غير المرجعية الإنسانية المستندة إلى مبدأ تحقيق المصلحة كما تقتضيها الأوضاع والظروف القائمة. وبهذا فالعلمانية تعبير عن مبدأ الحرية والمساواة. والمجتمع لن يكون حرا إلا إذا كان الفرد حرا, والدعوة للحرية هي دعوة للحرية الفردية أساسا. ولذلك فالعلمانية عندما تقر بحق المجتمع في التقرير في الشأن العام دون وصاية سابقة تقر بالضرورة بحرية الفرد في شأنه الخاص, لأن حرية المجتمع من حرية الفرد.

وطالما تم الإعتراف بحرية الفرد فالدين مسألة شخصية بالضرورة. والقول بأن الدين مسألة اجتماعية, أو مسألة غير شخصية, هدم للحرية من أساسها, وهدم لمبدأ المساواة أيضا. وبهذا فالعلمانية تُحرر الإنسان, كمجتمع وكفرد, من الوصاية وتجعله يختار عن قناعة. وإذا اختار الفرد الوصاية, كوصاية رجال الدين على حياته الشخصية, فهذا عائد له هو. وكفاه عقابا أن يتحكم بحايته الشخصية شخص آخر.

مالم تصبح المرجعية السياسية هي المصلحة, أي مالم تصبح السياسة موضوع العقل وفق قاعدة المصلحة لا موضوع الدين (وهذا في النهاية يعني موضوع رجال الدين), ومالم يصبح الدين مسألة شخصية, فلن تتحق الحرية والمساواة, ومالم تتحق الحرية والمساواة لن تتحق الديمقراطية. وبتعبير آخر مالم تكن طبيعة الدولة علمانية لن تتحقق الديمقراطية.

قبل الحديث عن الديمقراطية يجب حسم مسألة طبيعة الدولة, وهذا يعني حسم طبيعة الأحزاب السياسية, وإذا لم تحسم طبيعة الدولة, فإن المنافسة السياسية التي أساسها برامج انتخابية ستتحول إلى صراع على طبيعة الدولة وبالتالي صراع من أجل الاستيلاء على أجهزة تلك الدولة. فالاحزاب غير الديمقراطية, وعلى رأسها الأحزاب الدينية, لا تحتمل التفريق بين نفسها كأحزاب وبين الدولة, وستعمل المستحيل لتحول الدولة باعتبارها سلطة إلى أداة للحزب لتنفيذ تصورها عن الدولة. وهذا سوف يستدعي علميات تطهير في الوظيفة العامة وفي مفاصلها الرئيسية, وإحلال أعضاء الحزب الديني محل الموظف العام غير المسيس أو تسييسه واستقطابه للحزب.















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر دولة مسلمة في العالم تلجأ إلى -الإسلام الأخضر-


.. #shorts - 14-Al-Baqarah




.. #shorts -15- AL-Baqarah


.. #shorts -2- Al-Baqarah




.. #shorts -20-Al-Baqarah