الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة المغربية ذات بعد ميتافيزيقي

يوسف الطاسي

2016 / 9 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


السياسة المغربية ذات بعد ميتافيزيقي
فولتير بسخريته المعتادة يزدري الميتافيزيقا قائلا " إذا رأيت اثنين يتناقشان في موضوع ما ولا يفهم أحدهما الآخر، فاعلم أنهما يتناقشان في الميتافيزيقا "، هذا القول ينطبق على المجتمع المغربي، إذ يمكننا أن نقول:"إذا رأيت اثنين يتناقشان ولا يفهم احدهما الآخر فاعلم أنهم يتناقشان في السياسة المغربية (الميتافيزيقية) " أعني هنا بالضبط القرارات السياسية الراهنة، حيث فاجأت الحكومة المغربية مواطنيها بإصدار بعض القرارات الضبابية منها ،"زيرو ميكا"، والتي يقال عنها حملة وطنية مغربية تهدف إلى منع الأكياس البلاستيكية نهائيا من البلاد، بغية تحقيق العدالة المناخية، والحد من التأثيرات السلبية الخطيرة للأكياس، والحفاظ على ممتلكات أجيال المستقبل، ثم نجد هناك قرار أخر هو الرفع من سن التقاعد إلى 63 سنة عوض 60 سنة، والتي تعني بالنسبة لي "دعه يعمل حتى يموت " فلا تقاعد ولا راحة حتى القبر، زد على ذلك عدم الاستجابة لمطالب الشعب في تقليص من امتيازات وتقاعد الوزراء والبرلمانيين، وهناك عدة قرارات أخرى منها من مست جيوب المغاربة، ومنها من مست كرامتهم، ومنها من مست حريتهم... وعندما نريد مقاربة وتحليل وفهم هذه القرارات ومقارنتها بما تصادق عليه الحكومة والدولة في الاتفاقيات الدولية للبيئة وحقوق الإنسان مثلا وبين الواقع المعاش، نجد اختلافا وتباينا كبيرا بين هذا وذاك، ولعل خير شاهد على هذا "زيروا ميكا "مقابل استيراد الأزبال الايطالية، بمعنى أن الحكومة تسعى إلى المحافظة على البيئة وحمايتها، وفي الوقت نفسه تسعى جاهدة على تلويثها وتدميرها، وبهذا تدمر آمال الأجيال القادمة ، إنه فعلا أمر محير ومبهم وغامض وفوق المنطق ومفارقة نعجز عن الخوض في التفكير فيها، نحن لا نعلم أي سياسة ينتهجون؟ ومن يتحكم؟،فربما هناك حكومتين حكومة شكلية وهي التي في الواجهة مع الشعب، وحكومة جوانية هي التي تأخذ زمام الحكم، لدا فالقرارات السياسية المغربية مثلها مثل الميتافيزيقا؛ وهذه الأخيرة هي التي تهتم بالبحث عن ماهية الأشياء: أي البحث عن علة العلل أو القوة المحركة للعالم، وليس لها جدر في الإحساس. وما سيبرز لنا أن السياسة المغربية ميتافيزيقية بالفعل والقوة.
بالعودة إلى قرار رفع سن التقاعد الذي يبدو ظاهريا انه قرار صائب يهدف إلى إعادة التوازن للدولة ولصندوقها وبلغة أخرى إعادة التوازن أيضا لجيوب سراقها وناهبيها... في هذا الصدد تفرض مجموعة من الأسئلة نفسها على الورقة وتهاجمها وتفض بكارتها، أبرزها. هل المتقاعدين هم المسؤولون عن إفلاس ميزانية الصندوق؟ وهل يعد الرفع من سن تقاعدهم الحل السحري لهذه الأزمة ؟ من المسؤول إذن؟ هل هو صمتنا وجبننا أم هي سياسة دست في تعليمنا وتربيتنا وإعلامنا، أم هي إبرة لقحنا بها في صغرنا؟، فمن غير المعقول أن نكون رضعناه من ثدي أمهاتنا ؟ إنها أسئلة متشعبة لا تنتهي إلا بانتهاء هذا الاستغلال... وحتى لا نقف هنا فلنترك هذه الأسئلة معلقة، وكما قلنا سابقا فإن هذا القرار نجد له في المقابل أن الحكومة لم تجرؤ على المساس بجيوب وزرائها ليس هذا فقط، بل إنها تضمن لهم التقاعد مدى الحياة حتى لو كان قد عمل "نام" على كرسييه بضعة أشهر فقط في الحكومة أو البرلمان كما هو الحال في التعديل الحكومي الأول الذي عرفته حكومة التآلف بقيادة حزب العدالة والتنمية، فالحل المناسب والوصفة السحرية لكل المشاكل والأزمات الوطنية تكون على حساب جيوب الشعب ومبادئهم ودمهم إن اقتضى الحال، أو بلغة أخرى إذا تعارضت مشاريع التنمية مع مصالح النظام واستقراره تكون المصالح التنموية التي ينشدها الشعب هي كبش الفداء، ومن ثم يتضح لنا بشكل جلي أن القرارات السياسية المغربية كضرب من ضروب الميتافيزيقا، التي كما أسلفنا الذكر تهتم بالبحث عن ماهية الأشياء وعلة العلل، أي أن هناك قوة مطلقة هي التي أوجدت العالم وهي التي تسييره، والتفكير في هذه القوة هو الميتافيزيقا والعقل يعجز عن الخوض في قضايا الميتافيزيقا وتقديم أجوبة نهائية، وهذا الأمر ينطبق بشكل من الأشكال على السياسة التي تمارسها الدولة وعلى القرارات التي تتخذها والتي لا حيلة لنا معها، لأنها بطبيعتها لا تفهم ولا ينفع معها علم أو تحليل أو منطق، مادام مجتمعنا يعيش البؤس الثقافي المقترن بالجبن والكسل، لدا فالسياسة المغربية قفزت على كل المراحل، قفزت على الرقاب، على القيم، وعلى الدين... فهي تمنع عنا الخمر وتوفر لنا كل أسباب شربه، إنها تتلذذ بتعذيب أولادها لقد قلبتنا على ظهرنا كسلحفاة حتى لا نهرب وتوهمنا بمد اليد الموهومة كالسراب لمساعدتنا كما وهمت الأرامل واليتامى بالمساعدة من أجل التغلب على اكراهات الحياة المادية، وهنا تبدو السياسة المغربية كالميتافيزيقا التي لا تحقق تقدما ولم تتمكن للوصول إلى معارف موثوقة ويقينية ولم تحقيق نتائج محددة ونهائية يتفق الجميع على صحتها ومن ثم فالعقل البشري ليست له القدرة على إنتاج معارف يقينية وهذا ما ينطبق على السياسة الممارسة من المغرب على المغاربة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي