الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا ينجح العراقيون ببناء دولتهم ؟

راغب الركابي

2016 / 9 / 5
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية







هذا سؤال يروادنا ويراود كل من له إهتمام في الشأن العراقي ، وقد طُرح هذا في منتدى العولمة 2016 ، ولأن السؤال يتضمن مفهوم المواطنة ودرجة الولاء للوطن وعنصر الإستقامة يحمل كذلك إرادة الحياة للمتطلعين نحو الغد ، وكالعادة كان الجواب تنظيري بحت لذلك صب جام غضبه على المنتهجين للفكر الراديكالي من الجهات الأربعة الدينية والثقافية والسياسية والقومية ، وكان هناك من بين الحاضرين من تصدى بإيجابية وبوضوح مشيراً من غير مواربة للعامل الرئيسي في مذبحة الوطن والدولة العراقية ، من خلال قوى الإحتلال التي تولت مهمة تدمير دولة العراق القديمة ، ومعلوم بالضرورة إن منطق الإحتلال قد نمى روح الفوضى بين أعوانه لكي يسهل عليه من خلال ذلك الهيمنة والسيطرة ، مستغلاً عوامل كثيرة كانت موجودة بالفعل قبل سقوط بغداد ، وكلها عوامل سلبية جعلت من المواطن العراقي يرضى بكل ما يحدث على أمل أن يجد النور بعد ذلك ، وبناءَ على ذلك حدث هذا الإنفلات الغير منضبط وهذه العصبوية الملعونة التي أثرت بشكل مباشر في تدمير وحدتي الشعب والدولة .

وأستسهل العاملون في الحقل السياسي أشكال التدمير هذه على ظن منهم أو رغبة في الحصول على مغانم ومكاسب يحصلون عليها ، ناهيك عن ذلك التطبيل الذي تروجه إجهزة معينة وإعلام مضاد معروف بنواياه وأهدافه ، أضف إلى هذا النقص الوطني أعني النقص في - الولاء الوطني - ، وثمة من يتعمد تبرير ذلك بما فعله صدام وحزبه تجاه مكونات عراقية معروفة ، وهو تبرير نفسي يمكن قبوله في مرحلة ما ولا يمكن قبوله في كل المراحل ، ولانُعلن سراً إذا ما قلنا : إن الكثير ممن يتحدثون بأسم العراق كانوا أدوات ملعونة ساهمت عن عمد أو بدونه في هذا التخريب لأسس الدولة وهذه الفوضى بين مكونات الشعب .

إن صعوبة إنتاج أو إعادة إنتاج الدولة يكمن في الروح وفي الإرادة وفي نوع المواطنة وكيفيتها ، ولأن هذا النسبي في الروح والإرادة والكيفية خلا من النزاهة والشرف وحفظ الأمانة ، لذلك نمى فكر التطرف والإنعزال وأصبح له مريدين وأنصار ، مع علمي إنه فكر مقبوح لا يستسيغه أبناء العراق المحبين للحياة وللتقدم .

إن بناء الدولة لازمه كما قلنا إرادة متميزة واضحة تعمل على كتابة ميثاق عقد إجتماعي وطني عراقي جديد ، والعقد الإجتماعي يتم بالتراضي وبمبدأ قبول الأخر ، ولا يكون العقد أو الميثاق الوطني رهين الفعل العسكري ، لأن ذلك الميثاق عبارة عن إرادة حرة مؤمنة ونحن نعني ما نقول ، فالإرادة الحرة تصنع التعايش وتصنع الإيمان بالآخر المختلف ، وهذه الصناعة تتعلق بالإنسان وفي تحويله إلى كائن مروض يعرف حقوقه ويعرف واجباته ، وتلك المعرفة هي الممكن الوحيد الذي يمكنها المساهمة الجادة في قيام وبناء الدولة .

والمجتمع العراقي ليس بدعاً من المجتمعات العربية التي تعيش التناقض الطبقي والأثني والمذهبي والديني والثقافي ، وهو تناقض في الصميم وقد يتسع تارةً ويضيق أخرى لكنه موجود ومؤثر وفاعل ، ويحدث حتى بين مكونات من فئة ذات توجه قومي أو مذهبي أو ديني واحد ، إن نزاع العراقيين اليوم في مجمله لا يتعدى البحث عن المغانم بعدما فشلت الدولة في تعطيل المنافذ التي يتسرب منها الفساد ، بل ولعل كثير من المفسدين أصبحوا كيانات يُشار إليهم بالبنان ، لهذا يكون النزاع طويل ودائم طالما بقيت مقوماته حاضرة .

ولقد أعاد ليَّ شخصاً أعرفه كلاماً حول القوة في زمن التدهور والإنحطاط ، ولأني أعرف هذا الشخص وأعرف نواياه و مراميه وقصده ، وأعرف إنه لايريد الترويج للدكتاتورية ولا حتى لمفهوم المستبد العادل ، لكنه يعني شيئاً ما ألاَّ وهو كبح جماح هؤلاء الفاسدين والمفسدين الذين لا يرتدعون بديمقراطية وهمية ، إنما تردعهم العصا والقانون والنظام ، ودائماً يكون من ينشطون في مجال التخريب يصعب عليهم تقبل روح البناء والإعمار والتنمية .

وسأذكركم بما قلته سابقاً : إن ميثاق بناء الدولة لا يعني الإشتراك الفضفاض ، إنما هو إشتراك مفاهيم وقيم تسالميه يكون الجميع فيها متساويين ، ونعني بذلك وضوح في خطوط البناء مما يسهل عملية الإشتراك الجمعي على أهداف محددة ذات صلة بالدولة الواحدة

وحتى يكون ذلك ممكناً يجب تفعيل دور المؤوسسات وتقليص دور الأفراد وعدم التركيز على ذلك ، وهنا نميل مع غيرنا لمحو هذا السواد الذي يلف العملية السياسية برمتها ، والمحو لازمه إثبات البديل الذي يكون بمساعدة الشعب على تغيير كل هذه الوجوه التي خربت أو ساهمت في تخريب الدولة ، وحين نقول الشعب فنحن نريد منه ان يتخلى عن محاكماته أو أنصاف حلوله أو أنصاف مشاعره وتذبذبها في مواطن كثيرة ، نريد للشعب ان يكون حريصاً في فهم وتتبع وتقديم من يجد فيه الصلاحية والإصلاح ، وقد يتطلب ذلك مواجهة وأظنها لن تكون بخطورة الوضع الحالي الذي يبدو فيه كل شيء مدمر .

الدولة تبنى حين تتوفر الإرادة الوطنية النزيهة الغير مزيفة والغير تابعة ، وشرط النزاهة شرط قهري وبدونه لا يكون ذلك الأمل والحلم ممكناً في كل حال ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإيطالية تعتدي على متظاهرين مؤيدين لفلسطين


.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب




.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا