الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقعد أنيق

دينا سليم حنحن

2016 / 9 / 6
الادب والفن


يوميات أنثى عذراء
مقعد أنيق
دينا سليم
ولأنها اعتادت الجلوس على طرف المقعد، وعلى طرف السرير لكي يتسع لها ولأخواتها، وعلى طرف المائدة وعلى طرف العالم، تدثرت بإحساس غريب وهو أنها زيادة على الحياة، فعندما سقطت من رحم والدتها راح أخوها التوأم، ومن بعده لم تنجب والدتها سوى البنات، تزوجت البنات وبقيت هي وحيدة بعد وفاة والدتها.
سقطت من كرسي الحافلة التي قادها سائق متهور والتي أقلتها إلى بيت (سميث) في منطقة ما في أستراليا، وطنها الثاني الذي وصلت إليه قبل سبع سنوات مضت، سقطت كذلك من أذنها أغنية (الشوق خلاني أبعث لك مرسال الروح والعين، لا تجيني يا تسيبني أروح لك...) استذكرت خطيبها، لا هو أتى إليها ولا هي استطاعت أن تحتفظ به زوجا بعد أن استفضلها بامرأة أخرى.
أعادت ترتيب هندامها ومكنت قعدتها وراحت تفكر بخطيبها الذي انفصلت عنه بعد رحيلها، وقد أصبح أبا لطفلين بينما بقيت هي تنتظر زوجا تنجب منه طفلا وقد أنهت الأربعين من عمرها قبل سنتين.
أسقطها (سميث) في مقعد أنيق في الحديقة بعد أن استقبلها استقبال الأميرات، وقال لها:
- سنتابع غروب الشمس من حديقتي وسنطعم الطيور معا، أتمنى أن تشعري بالراحة هنا، أنتِ صديقتي فمعنى ذلك أنك أصبحت ضمن خصوصياتي، ولو لم أهتم بك فلن أدعوك إلى حياتي!
- هل سيرانا الجيران معا؟ سألته متخوفة وهي تلتفت يمنة ويسرة
- ما أهمية ذلك؟ وليس من شأنهم، هل تشربين القهوة أم الشاي؟
دخل إلى المطبخ ليحضر كوبين من القهوة المحلاة بالحليب، وأحضر أيضا طبقا فيه عدة قطع من حلوى عادية أضاف إليها الزبدة وزينها بقطعتين من الشوكولا، ساد صمت مريب بينهما، هي تنتقل بأفكارها لتقارن بين تصرفاته وتصرفات من كان خطيبها سابقا، بينما هو منهمك بفك شيفرتها، يتأملها ويحاول دخول مكنوناتها بهدوء، ثم طلب منها الدخول إلى غرفة الإستراحة، دخلت معه متخوفة تحسب خطواتها، أجلسها في مقعده الخاص أمام التلفاز المغلق، وقال:
- هل أنت مهتمة بالموسيقى؟
- طبعا أكيد وأعشق الموسيقى الكلاسيكية جدا! أجابته بفرح
أخذها من يدها وقادها نحو مكتبة الإسطوانات وبدأ يبحث عن إسطوانة يحبها بينما تناثرت جزئيات الغبار في المكان، وعندما وجد (إلتون جون) غنى لها قائلا مما احتوته الإسطوانة (ماذا يمكنني أن أفعله لكي أدعك تحبيني؟) ثم أحاطها من خاصرتيها وبدأ يراقصها، اهتزت دواخلها وأرادت أن تتمنع وأن تنفض جسدها من بين أحضانه، لكنها تراجعت وردعت نفسها قائلة (لأحيا السعادة الغائبة عني، لا أحد يراني) طاف بها أنحاء الغرفة وهو يمسد شعرها ويحاول تقبيل وجنتيها، لكنه أنتظرها لكي تفعل، لكنها لم تفعل، ثم طلب منها أن تنتظره برهة، عاد بعد برهة بكأسين من النبيذ وخيرها من أن تشاركه، لكنه ارتشف وحده من الكأس بينما استمر بمراقصتها.
وعندما حان موعد العشاء، أعدّ هو الطعام، لكنها رفضت تناوله، ربما احتاطت بسبب موضوع اللحم الحلال، وربما شعرت بالإكتفاء الذاتي فلم تعد تشعر بالجوع، بل وجلست إلى حافة الكرسي حول المائدة تراقبه كيف يطبخ وكيف يغسل الأطباق وينظف كل شيء بنفسه، فراحت في مهب الذكريات تقارن بينه وبين خطيبها الذي تعرى أمامها وكيف تلاحما معا سارقا منها عذريتها قائلا: (امنحيني وإلا تركتك وذهبت إلى أخرى، هيا إفعلي قبل أن تعود والدتك من السوق)، وتكررت المرات!
استمرت علاقتها بـ (سميث) شهرين دون أن يأخذها إلى السرير، لقد انتظرها أن تبدي هي الرغبة بذلك، وعندما أطعمته جسدها أحست بالفرق الشاسع بين رجل عاشق يؤمن بأن ما يحق له يحق للمرأة أولا، وبين خطيبها الذي استخدم جسدها وعاء يفرغ فيه نزواته فقط، غابت عن وعيها وهي تمارس النشوة المكتنزة داخلها لتلبي رغبات الحرمان، جسدها تحت جسد الرجل الثاني في حياتها والذي استطاع أن يلبي رغباتها الجنسية وأن يعوضها عما فاتها سنينا، ومن خلال الموسيقى التي غمرت المكان همس بأذنها (هل يعجبك ما أقوم به، أخبريني عن مكنوناتك وساعديني التعرف على خارطة جسدك لكي أسعدك أكثر، أريدك بكيانك وإحساسك، أنا أعشقك وسوف نمضي الليل بطوله معا)!
صباحا، خرجت من بيته تستعيد ما تفوه به (عودي متى تريدين ولا تسقطي الهراوة على رأسي فقد أسقطتك الدنيا لي لتكوني حبيبتي)!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع