الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية الصحافة في الدول الديمقراطية

فلاح أمين الرهيمي

2016 / 9 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


تعتبر الصحافة في الدول التي تمارس الديمقراطية الصحيحة هي المرآة المعرفية التي تعكس الواقع الموضوعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلد التي من خلالها معرفة أوضاع ذلك البلد وحياة شعبه سلبية أكانت أم إيجابية من خلال الرصد والبحث والتحليل من أجل الوصول إلى الحقيقة التي يقوم بمسؤوليتها ذلك المناضل والمجاهد (الصحفي) الذي يؤدي عمله الصادق المتفاني إلى بناء توازن في مجالات الحياة كافة بين الشعب والدولة، ولذلك فإن رؤساء الدول والحكومات في العالم يجدون الصحف الصادرة في بلدانهم وحتى الأجنبية بجانب وساداتهم عندما يستيقظون من نومهم فجر ذلك اليوم وأول ما يثير انتباههم (الكاريكاتير) ثم يستعرضونها جميعاً من أجل معرفة الأوضاع والظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويعتبر كل ما ينشر في الصحف مصدر معرفة لذلك المسؤول عند ذهابه إلى دائرته التي من خلالها يعالج السلبيات ويعزز الإيجابيات وترسيخ الثقة والعلاقة الحميمة بين الشعب والسلطة في توطيد الاطمئنان والاستقرار والسعادة والرفاه وإشاعتها لجميع المواطنين متجرداً من القومية والطائفية والفئوية لأنه يعتبر نفسه سواء أكان رئيساً أو وزيراً أو موظفاً بسيطاً فرداً في الدولة التي تعتبر أكبر من القومية وأوسع من الطائفة أو الفئة، ولذلك أطلق على الصحافة (السلطة الرابعة) وذلك يعود إلى الصحفي الذي يتغلغل وينصهر بين جميع أبناء الشعب في المقاهي والأسواق والمحلات العامة ويخوض بحاراً وأمواجاً ويتسلق جبالاً وهضاباً وتسيل دماؤه أنهاراً من أجل أن يستخلص أفكاره من أفكار الناس وآرائهم ومستوى معيشتهم وراحتهم وكافة الخدمات التي تقدمها الدولة لهم، فيعكسها بصدق وأمانة في الصحيفة التي يعمل بها، وإذا نظرنا إلى هذا الجهد الكبير والتفاني العظيم الذي يقوم به الصحفي بين مختلف طبقات المجتمع، نلاحظ أن ذلك الجهد والعمل لا يستطيع أن يقوم به رئيس الدولة والوزراء والموظفين الكبار وحتى نواب الشعب (السلطة الثالثة) لانشغالهم وحجم مسؤوليتهم الكبيرة الواسعة. وأودّ أن أشير إلى أهمية الصحافة في الدول الديمقراطية، وهذه الأهمية يعرفها كل متتبع للأوضاع السياسية في العالم بأن خبراً صغيراً تنشره إحدى الصحف يكفي بأن يكون سبباً لإسقاط حكومة أو إقالة رئيس الجمهورية أو خلق أزمة سياسية في تلك الدولة، ولأهمية الصحافة ومصداقيتها أصبح لها تأثير كبير على المواطن في تلك الدول وتأثيرها الكبير في تقرير مصير الانتخابات.
وهنا أستغل حرية التعبير والحوار الفكري واحترام الرأي الآخر الذي منحني إياه الدستور العراقي فأعرج بقلمي إلى عراقنا المذبوح وشعبه المستباح والصحافة والصحفيين إلى أيام زمان في العهود الماضية حيث كان الاهتمام والاحترام للصحافة والصحفيين، فكان في كل وزارة أو مديرية تابعة لها مكتب إعلامي لمتابعة ما ينشر في الصحف له علاقة بالوزارة والدوائر التابعة لها فتقوم بالجواب والتوضيح على ما نشر في الصحف، أما الآن ما ينشر بالصحف يهمل ويهمش وكأن المسؤولين قد وضعوا أيديهم على عيونهم وأصابعهم في آذانهم حتى لا يشاهدوا ويسمعوا وكأن الأمر لا يعنيهم، كما أننا نسمع ونشاهد من خلال وسائل الإعلام اعتقالات واعتداءات على بعض الصحافيين خلال عملهم في حرية التعبير ومتابعة الخبر بما لا ينسجم والقانون الصحفي الذي ضمنته الدولة لهم، ونحن الآن في عراق دولة القانون والديمقراطية.
إن الصحفي يقوم برصد السلبيات في الأداء الحكومي وفي المجتمع، فيكتب تلك السلبيات ومخاطرها لأنه في حالة إهمالها وتراكمها فتصبح مرضاً عضالاً يصعب علاجه، وهذا يعني أن الصحفي أو أي كاتب أو باحث أو محلل حينما يكتب موضوعاً ما فإن القصد من ذلك هو إيصال رأيه إلى من يهمهم الأمر سواء كانوا في السلطة أو المجتمع وتنبيههم إلى الخلل حتى يتم معالجته، وإذا كان الموضوع في الصحف يشكل خطراً أو يمثل تشويه ومخالفة قانونية، فإن القانون يأخذ مجراه ويعاقبه وليس من حق أي كائن من كان الاعتداء بالشتم أو الضرب على الصحفي أو على المواطن. إن سلوك العنف يتنافى مع الديمقراطية الصحيحة لأن العنف يؤدي إلى رد فعل أعنف من الفعل وقد يؤدي إلى اللجوء للإرهاب بينما الديمقراطية الصحيحة هي الجلوس مع الآخرين الذين تختلف معهم بالفكر والرأي برحابة صدر وشفافية يجرى الحوار والنقاش الهادف والبناء في الوصول للحقيقة وليس بالخوف والتهديد وكم الأفواه.
إن الطبيعة تكونت قبل وجود الإنسان بمئات الملايين من السنين وحينما وجد الإنسان تكونت الدولة وأصبحت حلقة وصل وجسر بين الإنسان والطبيعة تقوم الدولة باستغلال الطبيعة وتقديم الخدمات للإنسان مقابل تنازل الإنسان عن بعض الحقوق للدولة، فأصبح هنالك عقد بين الإنسان والدولة، أي أصبح للدولة حقوق وواجبات مع الإنسان، وكذلك أصبح للإنسان حقوق وواجبات مع الدولة عن طريق الدستور الذي يوافق عليه كلا الطرفين، وفي حالة حدوث خلاف وصراع بين المواطن والدولة فهذا يعني وجود خلل في تطبيق الدستور وفي الدستور نفسه، وبما أن أية ظاهرة في الوجود تكمن وراء ظهورها أسباب وعوامل وهذا يعني أن الاحتجاج الصادر من المواطنين بسبب وجود تقصير وخلل وهذا يشير إلى ما يحدث في مدن العراق من تظاهرات عفوية وسلمية قابلتها الدولة بالعنف إن أسباب تلك التظاهرات وغيرها تنبيه إلى الدولة عن وجود خلل وتقصير وفساد في أجهزة الدولة، كما أن هنالك خللاً وتقصيراً في العقد بين الدولة والمواطن تتحمل مسؤوليته الدولة من ناحية خدمات الماء والكهرباء والبطاقة التموينية والفساد الإداري وغيرها ورداً على ذلك التقصير والخلل يقوم المواطن مستغلاً الحرية التي كفلها له الدستور (العقد بين الدولة والمواطن) والتعبير عنه بالكتابة بالصحف التي تعتبر السلطة الرابعة وحينما لا يستجاب لذلك يضطر إلى اللجوء والاحتجاج بالتظاهر السلمي تعبيراً عن مظلوميته وحقه الذي كفله له الدستور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام