الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطباء آخر زمن!

توفيق أبو شومر

2016 / 9 / 8
كتابات ساخرة


الطبيب الحقيقي، هو عالمٌ مجتهدٌ، يُكمل جُهد الآخرين بالمعارف، ويقوم بالتجارب والتحليلات، لا يحكم على الأمراض باعتبارها ألغازا، بل هي نتائج لأسبابٍ عديدة!
وأهم شخص عند الطبيب هو المريضُ نفسه، يجب أن يُشركه معه في كل شيء.
أما الطبيب في نظر العوام، فهو (ساحرُ) يلعب بالبيضة والحجر، والفرق بينه وبين الساحر والعراّف، وبين مُستطلِعِ الغيبِ يكمنُ فقط، في اللباس والمظهر الخارجي.
فكل طبيبٍ لا ( يُخمِّنُ) مرض المريض فهو جاهلٌ، لا يستحق شهادته، وكل طبيب لا يتمكن من كتابة وصفة دواء سمينة، هو طبيبٌ غِرٌّ ، تنقصه الخبرةُ!
لم يبذل الأطباءُ جهدا للتوعية والتثقيف، واستعاض بعضُهم عن التوعية، ومتابعة البحث والقراءة؛ بأن تحولوا إلى تُجَّارٍ، همهم الأولُ والأخير جمعُ النقود، وتكديس الثروات.
فهناك أطباءُ تعاقدوا مع شركات الأدوية، فأصبحوا يسوقون الدواء، بغض النظر عن قسم المهنة، قسم الشرف، والأخلاق، والامتناع عن التغرير بالمرضى، فيأخذون عن كل وصفة دواء مبلغا ونسبة، وبعضهم الآخر، أسَّس صيدليته الخاصة، أو صيدلية أخرى لابنِه، أو أخيه! وربط كثيرٌ من هؤلاءِ الأطباءُ في أذهان المرضى البسطاء، بين سعر الدواء، والشفاء من المرض، فكلما غلا سعرُ الدواء، زاد احتمال الشفاء، أما الدواءُ الرخيصُ، والنصيحةُ المخلصة، فتجلبُ المرضَ، وتؤخرُ الشفاء!
كما أن مجتمعنا لا يُقيم وزنا لمتابعة أخطاء الأطباء، ويرددون آية القرآن:
" فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"
تضع هذه المجتمعات أخطاء الأطباء ضمن القضاء والقدر، وهذا منح الأطباءَ غير المخلصين [حصانة] ضد المساءلة القانونية .
ما يزالُ كثيرون من أهلنا ينظرون إلى الطبيب الشريف، ذي الخلق القويم نظرة احتقارٍ، فإذا اكتفى الطبيبُ بالنصيحة، بلا دواء، فإنه يكون عرضةً للسخرية والاستهزاء، فعندما يقول الطبيب للمريض:
أنت لست في حاجة إلى دواءٍ، دواؤك في طعامِك وشرابك، امتنع عن أكل الوجبات الجاهزة الغنية بالمواد الضارة، وتجنَّبْ تخزينَ كُتلِ الدُّهون، بسببِ السُّكرِ المعقود، وعفونة التبغ، والبهارات، والمقليات، والمُقبِّلات، فإن المريض يخرج وهو ممتعض من الطبيب، ويقول مستهزئا:
تصوروا الحياة بلا فلفل، وبلا ملح، أو مقبِّلات، أو بلا كنافة، وسجائر، وحلويات، ومكسرات.
إنهم أطباءُ آخر الزمان !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صدقت
عبد القادر أنيس ( 2016 / 9 / 7 - 23:04 )
في النهاية، العيب في المريض وليس في الطبيب. الطبيب عارض سلعة، والمريض مستهلكها. هذا الحكم يمكن تعميمه على االجميع من السياسي إلى رجل الدين. المستهلك غير الراشد، أو بالأحرى الرديء لا بد أن يتهافت على السلعة الرديئة حتى عندما يتعلق الأمر بصحته وصحة ذويه. المستهلك عندنا رديء في كل المجالات: عند الطبيب، كما في السوق كما في استعمال الطريق. كثيرا ما نلاحظ كيف يقدم الناس على شراء أغذية من السوق معروضة بشكل غير صحي ولا يبالون. في السنين الأخيرة توجّه الناس نحو استهلاك سلع رديئة جدا من قبيل الرقية والطب البديل أو الطب النبوي والاعشاب ذات المفعول السحري، بل وفتحت قنوات للترويج لذلك أصحابها صاروا مليارديرات، أصبح الناس يقبلون على شراء (أدوية) عشبية قيل لهم بأنها تشفي أكثر الأمراض استعصاء مثل السرطان. المحزن أن ثمنها يزيد بكثير عن ثمن الأدوية العصرية.
لكن، في النهاية، ماذا ننتظر من شعوب مازالت تستهلك الخرافات والدجل وتسير وراء باعة الأوهام؟
تحياتي

اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/