الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلاح الكاريكاتير يحاصرهم

رحمن خضير عباس

2016 / 9 / 13
الادب والفن


سلاح الكاريكاتير يحاصرهم
رحمن خضير عباس
في فان كوفر . أقصى الغرب الكندي . وفي أحد أكبر كاليريهات المدينة . خيمت الدهشة الممزوجة بالإعجاب على وجوه الزوار الكنديين ، وهم يشاهدون الوضع العراقي على حقيقته وذلك من خلال الكاريكاتير . عشرات اللوحات التي إنتشرت عبر أروقة قاعة العرض ، من إبداع الفنان العراقي المغترب علاء بديوي ، هذه اللوحات التي حملت في طياتها كل الوجع العراقي ، الذي جلبه مجموعة من السياسيين ، لاهم لهم سوى نشر الفوضى والخراب وإشاعة التخلف.
لقد حمل الفنان علاء أدواته الفنية ومهاراته ومشاعره الوطنية التي لايمتلك غيرها . وفي الحقيقة حمل كل ذلك وكأنه يحمل فراته ودجلته .كي يقدمها الى العالم المتحضر . ليشرح لهم لب المشكلة من خلال الملامح الكاريكاتيرية الساخرة . لم يقدمها لهم من أجل إضحاكهم . بل قدم لهم سخرية سوداء ، عميقة الحزن . وذلك من خلال إصراره على إقامة معرض للكاريكاتير في تلك المدينة الكندية العملاقة التي تضم أطيافا بشرية مختلفة ، وحيث تنصهر فيها الأعراق والثقافات . إنها مدينة فان كوفر . وقد أقام هذا المعرض تحت شعار:
( الحكومة العراقية تقتل شعبها )
وذلك في 26 آب 2016 . وبذلك فقد إستطاع هذا الفنان وبجهود فردية أن يدافع عن شعبه ضد قتلته من حكام الصدفة الذين أتوا ليقتسموا المغانم فيما بينهم ، محاولين تدمير البلاد والعباد ، مرتدين جلباب الدين ، ومتحصنين بشرعية دستور خاطوه وفصلوه على مقاسات أطماعهم .
الفنان علاء بديوي الذي تخرج من كلية الفنون الجميلة ، قسم التصميم في بغداد عام 1990. فر من جحيم الوطن ليستقر في مقاطعة برتش كولامبيا الكندية . وليكمل مشواره الحياتي والفني ، بعد أن أكمل دراسته في مجال الكومبيوتر كرافك ، وتخرج أيضا من جامعة كندية في مجال الخدع والمؤثرات السينمائية .كما أصبح رئيسا للتجمع العالمي الكندي للكاريكاتير السياسي .كما أنّ إنجازاته وأنشطته في هذه المجال تفوق مساحة هذه المقالة .
لقد شارك الفنان علاء بديوي في عدة معارض فنية ذات توجهات سياسية ، كمعرض الكاريكاتير ضد داعش ، الذي أُقيم في العام الماضي . لكن هذا العام إنفرد في معرضه الشخصي ذي التوجه السياسي . وقد عانى الأمرين في إختياراته ، لكنه بعد جهود مكثفة إستطاع أنْ يقيم هذا المعرض من أجل العراق . وكانت كلمته التي ألقاها في إفتتاح التجمع الكندي للكارياتير السياسي صدى كبيرا على الحضور، فقد إنهمرت دموعه على العراق وساد القاعة صمت حزين .
لقد جعل الفنان من سياسيي الصدفة ، والذين دمروا إقتصاد البلد بعمالتهم وبلادتهم هدفا لريشته الساخرة ، وقد كانت لوحته التي تمثل وزير النقل ( باقر صولاغ) والذي جعله يمسك منشارا حديديا ويقوم بذبح طائرات الخطوط الجوية العراقية . وقد تناقلت بعض المجلات الكندية هذه اللوحة ووضعتها في صفحاتها ، وفي لوحته هذا ترجم الكثير مما نقوله عن فشل هذا الوزير المزمن الذي جعل من نفسه جوكرا لكل الوزارات ، فما أنْ يفشل بإدارة وزارة حتى يكافأ بوزارة أخرى !
كما تناول وزيرة الصحة وجعلها كالعنكبوت الذي ينشر خيوط الموت على المرضى لتتحول الى جثث ، كناية على إنعدام المواصفات الصحية في المشافي العراقية ، وتحويلها الى مجازر للموت ، وإبتزاز المواطنين .
في لوحة أخرى يظهر لنا النجيفي رئيس البرلمان السابق ويخرج من فمه جحافل داعش ، وكأنّ اللوحة ترمز الى تواطيء النجيفي في عملية سقوط الموصل بيد عصابات داعش . وفي لوحة اخرى يظهر لنا أثيل النجيفي وهو يجلس عند باب بيت البغاء . وعلى راسه قرنان يرمزان الى السمسرة الجنسية . أمّا زبائنه فهما الرئيس التركي أوردغان ، وابو بكر البغدادي . وهو يشير بهذه اللوحة إن إغتصاب الموصل من قبل داعش وحليفتهم تركيا قد تمّ بموافقة أثيل النجيفي الذي كان محافظا للموصل عشية سقوطها .
لم يسلم من كاريكاتيره المحارب الوزراء مثل زيباري وعادل مهدي الذي مثله وكأنه نيرون الذي يتبختر وهو يرى حرائق مصافي النفط وأماكن إستخراجه . ذلك النفط الذي يشكل مصدر عيش العراقيين الوحيد .
علي الأديب وزير التعليم العالي وضعه الفنان داخل مرحاض وأمامه مكرفونات تلفزيونية ، لأنه أحال التعليم العالي الى مؤسسة آسنة يفوح منها الجهل والطائفية .
أما الجعفري وزير خارجية العراق فقد جعله متجانسا مع خطاباته التي تتميز بالسفسطة والفراغ ، وقد جعل منه مخلوقا هجينا هو أقرب الى الماعز الضاحكة بينما يتدلى من عنقها جرس ، يُرى ولايُسمع !
أما ظافر العاني فقد أظهره يبتهل الى صنمه ، يعني البغدادي ، بعد أن كان بعثيا ويعبد صدام . كذلك أظهر لنا صالح المطلك وهو يهرب برزم من الدولارات تلاحقه الأحذية التي ترمى عليه من ضحاياه.
أما الشهرستاني ، وزير الطاقة فقد جعله مكناسة تكنس في طريقها كل شيء! وبالمناسبة فالشهرستاني أكاديمي فاشل . جعلته المحاصصة والقرابة وزيرا مزمنا للكهرباء التي تحولت وزارته الى مكناسة يدوية بائسة حسب وجهة نظر الفنان علي بديوي.
لم يكتف الفنان بوضع الوزراء تحت وهج ريشته الساخرة . فقد وضع زعماء الكتل السياسية ومنهم عمار الذي جعله على هيئة أفعى الكوبرى .ولأفعى الكوبرى خاصية السم وإنها من الأفاعي الخطرة ، ولكنها ذات شكل جميل . وربما هذا الشيء الذي جعل الفنان يرمز لهذه الشخصية التي باعت عمامتها الدينية وإستبدلتها بعمامة سياسية .كما تناول السيد علي العلاق المعمم فوضعة بين سجادة الصلاة وقائمة الترب والمسبحات ، وقاعدة المصحف ، ولكنه مشغول بالدولارات عما يحيط به من رموز العبادة والخشوع .كما تناول نستلة جلال الدين الصغير!
أما المالكي فقد جعله مفتخرا بقلمه ( الباندان) الذي وقع قرار الإعدام عاى صدام متنساسيا أن هذا القرار كان أمريكيا وليس لدى المالكي سوى قلمه . كما تناول البرزاني وجعله من المتآمرين على تدمير العراق ، كما تناول سليم الجبوري والذي جعله كلب حراسة لداعش . وتناول التسلط الإيراني من خلال عملائهم والتسلط السعودي .
أما العبادي فقد جعله مترددا في إصلاحاته ، بطيئا وكأنه يزحف على ظهر سلحفات ، كما جعله مرهونا بكتل شيعية وكردية تسيطر على قراراته .
كما أن أعماله الساخرة قد جعلت من النظام الديكتاتوري السابق مفرخة للأرهابيين من داعش . كما اعطى عبرة للحكام الجدد بأنّ مصيرهم سوف لايختلف عن مصير صدام ،وذلك من خلال لوحة معبرة جعل صدام يلبس ملابس سجناء غواتنامو ومقيدا ووراءه المالكي وهو يرتدي ذات الملابس وبعده العبادي ، وكأنه يريد أنْ يقول : إنهم لايختلفون عن بعضهم من حيث الجوهر . وإن نهاياتهم متشابهة لأنهم خذلوا شعبهم .
لقد إستطاعت ريشة الفنان علاء بديوي أنْ تنقل صرخات المحتجين والمعذبين في ساحات المدن العراقية بأفصح وأدق تعبير، من خلال هذا الفن الساخر الذي إستطاع أنْ يصل الى الرأي العام الكندي ومنه الى العالمي . وكأنّ لوحاته قد إستمدت من الحناجر المعذبة في ساحة التحرير وغيرها من ساحات المدن العراقية ، حتى إستطاع المعرض أنْ يُسقطَ ورقة التوت عن عوراتهم .
أمّا من الناحية الفنية فتتميز رسومات علاء بديوي ببراعة فنية عالية ، تكمن في تشخيص الشبه ، بملامح كاريكاتيرية ، يضاف الى ذلك دقة الفكرة ورمزيتها . إنه فنان إستطاع أنْ يرفع إسم العراق عاليا من خلال موهبته الفنيةوجهوده المتفانية في التخلص من الحواجز والعقبات وإخلاصه لأفكاره الوطنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا