الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احبتنا الاكراد: لاتنخدعوا بالشعارات القومية!

رزاق عبود

2016 / 9 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أحبتنا الاكراد: لا تنخدعوا بالشعارات القومية!
لقد اغرقنا "الزعماء" العرب سابقا بشعارات القومية العربية، والوحدة العربية، وهرشوا رؤوسنا بهراء "وطن من المحيط الى الخليج"، وهم لم يستطيعوا توحيد حتى عشائرهم ناهيك عن جماهير بلدانهم. ف"بطل" القومية العربية جمال عبدالناصر، الذي اراد توحيد الامة العربية، ورمي اسرائيل في "قعر البحر" ادت دعواته، ومغامراته الى انكسار الامة كلها، وخسارة حرب الايام الستة، واحتلال بقية فلسطين، والجولان السورية، وسيناء المصرية! قتل اغلب معارضيه في مصر، وسوريا، وعادى العراق، وتآمر على قائد، وزعيم، ثورة14 تموز عبدالكريم قاسم، وادخل العراق، والمنطقة في انقلابات عسكرية متتالية، وحروبا لا زال بعضها مستمرا. حارب ضد شعب اليمن، وتآمر ضد بورقيبه في تونس، والقائمة تطول، ثم سلم مصر لرئيس اخرق قدم مصر كلها، و"قضية" الامة العربية، على طبق من فضة الى عدو الامة العربية الكيان الصهيوني الاستيطاني.
اما "القائد الضرورة"، الذي اراد ان يحمي البوابة الشرقية للامة العربية، فلم يستطع حماية حتى غرفة نومه من تفتيش الفرق الدولية الباحثة عن السلاح الكيمياوي. قتل رفاقه، وحلفائه، وحارب الشيوعيين، والاكراد، والاسلاميين، وحتى اهل بيته، بعد ان "استلم الراية" من عبدالناصر "لتوحيد" الامة العربية. وبدلا من استعادة "القضاء السليب" ضيع، وفرط بحدود العراق البحرية، ونصف شط العرب لصالح ايران، والكويت. حارب سوريا، وعادى مصر، وعبث في امن لبنان، واغتال قادة النضال الفلسطيني، ولم تسلم حتى الدول الاوربية من جرائم قتل معارضيه. وانتهى في حفرة قذرة كأي جرذ حقير، بعد ان شيد بدماء الشعب قصورا تحولت واحات للجنود الامريكان، والفاسدين من الحكام بعده.
اما "البطل" الثالث، الذي نادى بالقومية، وتوحيد الامه العربية، واصدر الكتب الخضراء، وصبغ ساحة طرابلس باللون الاخضر، فلم يترك بلد لم يعاديه ثم تحول ليصبح ملك ملوك افريقيا الكارتوني، بعد ان انتهت به ثورياته، وعنترياته القومية الى عارض ازياء، بائسة، ومضحكة لكل العالم. بطل الامه العربية جند جيشا من الحريم لخدمة نزقه الجنسي، ثم تحول الى مغتصب لبنات مدارس، وجامعات، ليبيا. ومن كان يقوم بترقيع نتائج جرائم اغتصابه طبيب عراقي "قومي" هو الاخر، اعترف بذلك بنفسه على شاشة التلفاز بعد السقوط الدموي لطاغية ليبيا، وتعرض "القائد" نفسه لاغتصاب الغوغواء انتقاما لجرائمه واذلاله لبنات، وابناء ليبيا. وفتح قائد "الفاتح" على نفسه، ووطنه نيران جهنم الامريكية والقطرية، والوهابية، والداعشية، وعلى من كان اكثر الشعوب تسامحا دينيا، وقوميا في الشمال الافريقي، ومزق ليبيا بدل توحيد الوطن العربي، وافريقيا!
وقبل كل هؤلاء "الابطال" دمر هتلر العالم بقوميته العنصرية، وازهقت ارواح 60 مليون انسان بسبب نزقه القومي النازي. وانتهى منتحرا، مندحرا، وحرقت جثته كالكلاب الموبوؤة مع عشيقته. اما موسوليني، بطل ايطاليا "القومي" فانتهى مشنوقا من قدميه نكاية بما اذاق الشعب الايطالي من جرائم، وحروب، وفاشية.
الشعب الكردي كبقية الشعوب له حق الدولة الوطنية او القومية. لكن العالم يتطور، ومفهوم الدولة الوطنية، والقومية بات مختلفا، ونسبيا. مع العولمة فقدت حتى الحدود جوهرها، ودورها، ولم يبق للشعور القومي الانعزالي دورا، بل اصبح عارا على معتنقيه، ونحن نرى ان كل الاحزاب اليمينية المتطرفة الحديثة في اوربا ذات اتجاه قومي، شوفيني، عدواني، متطرف، مع جذور نازية، او فاشية، تدعوا للانغلاق، ومعاداة الاخر! في حين ان الاغلبية تشعر بالمواطنة الاوربية! وهذا ليس مطلقا تشبيها بالشعور القومي المشروع لاكراد العراق.
ثم ماذا جنى العرب، وحتى الافارقة، من دولهم "القومية"، غير انظمة ديكتاتوية، شمولية، متخلفة، ورجعية، وفاسدة. لن نتحدث عن ايران، او تركيا، او سوريا. فلكل بلد ظروفه الخاصة، لكننا في العراق، يقول الشخص انا عراقي، ولا يقول انا عربي، وكذا فعل الكردي، واتمنى ان يستمر يفعل ذلك ايضا، وكذا يفعل التركماني، والارمني، والاشوري، والكلداني، والسرياني، وغيرهم. فاسم "العراق" وريث بلاد الرافدين، ليس فيه انتقاص لاحد، بل يشكل فخرا لكل من ينتمي لهذه الارض. ولم يفرق لا العهد الملكي، ولا الجمهوري بين ابناء الشعب الواحد حسب القوميات. ولا توجد دولة في العالم ليس فيها قوميات، او اثنيات متعددة من الهند حتى امريكا، وكل دول اوربا بدون استثناء. والدول تتجه الى الاتحاد، لا الى الانفصال، والتشرذم. وجنوب السودان اخر مثال للحروب الداخلية المتوقعة، بعد ”الانفصال والدولة القومية"!
والان ماذا يختلف "بطل" الامة الكردية مسعود البرزاني عن "ابطال" الامة العربية؟ فهو يبدأ بتخوين القيادات، والجماهير الكردية، التي لاتتفق معه في نواياه الانفصالية، او توقيت الانفصال، وفي الاساس بنزعته الفردية الديكتاتورية، والتحكم برقاب، وثروات الملايين الكردية من قبل حزب واحد اختصر الى عشيرة، وتقلص الى عائلة، اي بالضبط مثلما فعل حافظ الاسد، وبعده صدام حسين، والقذافي. ونحن نشهد معكم ماذا يفعل القومي التركي اردوغان، الذي يغلف نزعاته الاستعلائية برداء اسلامي. كيف يتحالف من يريد الاستقلال والدولة الكردية المستقلة مع زعيم دولة تضطهد، وتحارب، وتحاصر، وتقتل يوميا اكبر وجود كردي في العالم: تركيا؟ كيف يهاجم، ويعادي، ويقاتل مع الجيش التركي اكبر حزب كردي في المنطقة: حزب العمال الكردي؟ هذا "الزعيم"، و"القائد الضرورة" سبق له ان قبل يد صدام، مثلما قبل ابيه يد الشاه، وكلاهما من مضطهدي الاكراد في بلديهما. بل تحالف مع الشاه، واسرائيل، وحزب البعث "القومي" ضد العراق، الذي اقر بتقاسم العرب، والاكراد تربة العراق، فاصطف هو وابيه ضد الثورة التي كتبت في الدستور ان العراق وطن مشترك للعرب والاكراد. ثم تحالف مع صدام ضد الطالباني، وبقية القوى الكردية الاخرى واعتبر صدام "ضمانة الاكراد"! وهاهو يسلم صك الضمان الى اردوغان. وساهم "البطل القومي"، ولازال يساهم في محاربة اكراد سوريا تحت العلم التركي. هل يعقل ان من يرفض تسليم السلطة بعد انتهاء ولايته في الاقليم، ان يكون زعيما ديمقراطيا لدولة كردية مستقبلية؟ انه مثل سيده السابق صدام، وسيده الجديد اردوغان، وسيده الاسبق شاه ايران يرى الاكراد رعيته الخاصة، وان كردستان "اقطاعية خاصة" لآل برزان! لا اظن ان هذا ما حلم به، وناضل من اجله، واستشهد الاف الاكراد في العراق، وايران، وتركيا، وسوريا! ولا اظنه ينسجم مع تعطيل برلمان الاقليم، او قتل، واختطاف الصحفيين الاكراد!
اوربا التي يسكنها مئات الالوف من الاكراد كلهم سويديون، او دانماركيون، او المان، او بريطانيون، او فرنسيون، او ايرلنديون، او نمساويون، او...او... او كنديون، واستراليون، وامريكيون مثل غيرهم، بغض النظر عن دياناتهم، واعراقهم، وبلدهم الام، او قوميتهم، او منحدرهم المناطقي. ماذا يضير الكردي ان يكون مواطنا عراقيا، او سوريا، او ايرانيا، او تركيا. مثلما هو مواطن في دول المهجر، واللجوء اذا كانت كرامته القومية محترمة، وانتمائه القومي مصونا، ولا تجاوز، او اعتداء عليه، او انتقاص منه. وهذا ماعليه حال اكراد العراق واكثر. وهذا ما توصل اليه كل القادة البراغماتيين الاكراد، وعلى رأسهم البطل القومي المناضل، والسجين الثوري: عبدالله اوجلان.
هذه مجرد اراء وافكار نابعة عن حب، وتفهم، وتعايش طويل مع اصدقاء، ورفاق، وزملاء اكراد لم اشعر يوما انهم اقل قيمة، او منزلة، او مقدرة، بل انتمينا الى احزاب، ومنظمات، وجمعيات كان يقودها اكراد، او عرب، او ارمن، او سريان، او تركمان دون اي شك في ان هذا امر طبيعي، فكلنا عراقيون. قد يحتلف معي الكثيرون، وهذا امر طبيعي، لكن الاختلاف لا يستدعي العداء، او التهجم، او الشتائم فلكل صاحب رأي قدرة، وحق في الدفاع عن افكاره، وارائه، والعاجزون فقط يلجئون الى السباب، والاتهامات.
اكتب هذه السطور، وانا استعيد الحديث، الذي اجراه معي احد الاخوة الاكراد بعد ان كتبت، وتحدثت كثيرا عن حق الاكراد في الانفصال، وتاسيس الدولة القومية قائلا: "ياصديقي اقدر روحك الاممية، وحماسك الثوري، لكن ما يجمعني مع ابن الفاو العربي في اقصى الجنوب، هو اكثر مما يجمعني مع كردي من ديار بكر". واخر اتصل بي في وقت متاخر من السليمانية "حلبچة الجریحة" يمازحني، ويعاتبني بصدق وحرقة: "هل تريد ان تمنعني من زيارة البصرة لشراء تمرها، والتمتع بضيافة اهلها، ام تريدني ان امنعك من التصيف في صلاح الدين، او التمتع بعسل الشمال"؟!
لقد غير هذان الصديقان الكرديان في الواقع، مع اخرين من الاكراد، موقفي، وقدموا لي معلومات، ومعطيات افادتني كثيرا، وجعلتني اكثر تمسكا بعراق موحد من الفاو حتى زاخو، ولا اظن ان هذين الشخصين عميلين للعرب، او شوفينيين ضد ابناء قوميتيهما، فكلنا نستمتع بمهارة هاوار الكروية، واشعار گوران، وابداعات شيركو بيكه سي، ونطرب على صوت احمد الخليل، وهو ينشد: هربچي، هربچي كرد وعرب رمز النضال!
رزاق عبود






















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية و امتنان
عبد الرضا حمد جاسم ( 2016 / 9 / 16 - 13:25 )
كانت سويعات جميلات بصحبتكم و ابو عمار و ابو هند في ستوكهولم خلال الايام الماضية نتمنى ان تتكرر
احسنت ما تناولت هنا اليوم واجدت في الطرح معنىً و لغةً و مشاعراً و دقة
نعم الموقف صعب و تسلسل الدكتاتور يبدأ من القوم للحزب للعائلة و من ثم سينحر افراد العائلة بعضهم بعضا...كما جرت و مرت
اكرر التحية عزيزي ابو نوارو الى لقاء قادم اتمناه قريب

اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان