الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اجنحة اليمام وغصن الزيتون

سعد محمد موسى

2016 / 9 / 18
الادب والفن


اجنحة اليمام وغصن الزيتون
كنت في طفولتي من هواة وعشاق تربية الطيور حين كنت امتلك ثلاثة افراخ من الحمام يعيشون داخل قفص فوق سطح دارنا خوفا من مهاجمة قطط بيوت الجيران الجائعة .. وكنت انتظر بفارغ الصبر ان ينبت ريش في اجنحة الحمام كي اساعدها في محاولات التحليق والطيران!!
كان المحترفون والعرابون من مربيّ الطيور في محلتنا من "المطيرچية" والذين يتناقسون ويستعرضون بامتلاكهم لعشرات الازواج من طيور الحمام بانواعه وفصائله المختلفة بالانساب والوان واحجام الريش وهم يطلقون العنان لاسراب طيورهم المدربة من فوق سطوح الدور الى سماوات المحلة وفوق المنائر والقباب وبساتين النخيل.
وبعد ابحار اسراب الحمائم في الفضاء الفيروزي ورحلة الدوران تهبط رويدا الى مراتعها بموج استعراضي وراقص.. كان يثير اعجاب ابناء المحلة .
مازلت اتذكر اسماء حمائم المدينة لاسيما في سوق صفاة الطيور التي كان يطلق عليها مربيها مثل : الفضي والهندي والزاجل والمچتف بالاحمر او الاصفر وطيور الكحلي والعسلي والاورفلي والعنبري او طيور الريحاني النادرة .
كنت أتأمل طيور اليمام التي احببتها كثيرا.. فهي كانت أرق والطف الطيور.
وقد ذكر الحمام في حضارة وادي الرافدين وفي جميع الحضارات الاخرى والاديان .. وفي كتب التوحيد ايضا منذ تاريخ الطوفان حين ارسلها النبي النوح من سطح سفينته لتستطلع انحسار المياة وعودة الارض مرة اخرى .. فقد ارسل النبي في البدء رسوله الغراب فلم يعد هذا الطائر الاول !!
وبعد رحلة الابحار ارسل نوح الحمامة مرة اخرى فجاءت ببشائر الفرح وبغضن الزيتون والطين.
لقد وظف جميع الشعراء والرسامين رمز الحمامة في اللوحة والقصيدة حتى باتت شعار عالمي لنبذ الحروب وادانة الاسلحة النووية والكيمياوية القذرة فيما بعد.
الحمام طائر نقي ومسالم وقنوع فهو لايمتلك منقار جارح او مخالب ولايمتلك الخداع او غريزة الجشع لتخزين الطعام انه يكتفي بالقليل من حبيبات الدخن والحنطة والشعير والكثير من الحب ولكن حين تقوى اجنحته يشارك رفاقه من اسراب الحمائم الاخرى ويحلق بعيدا في سماء المطلق.
كثيرا ماكنت اتوقف متسائلاً وانا العبد الضعيف في حضرة جلال هذا الوجود الجبار العظيم وامام ما ذكرته وتوارثته الكتب التوحيدية التي شرعت بان الانسان هو خليفة الله على الارض.. فاعجبت كيف يكون لهذا الكائن الجشع والمرعب والساعي الى الفتنة والدمار والذي لايشبع من القتل والحروب والدماء.. هذا الكائن الازدواجي والمخادع لرسالة الذات الالهيه الطاهرة .. فتمرد في تمثيل الخالق بوصاياه فوق الارض.. حتى اقتنعت بأن ابليس بتمرده العظيم امام الخالق كان اكثر صدقا واعتزازا بوجوده من الانسان المتناقض.
اما الحمامة فيقيناً انها نورالخالق فوق الارض وهي التي تحمل رسالته السامية .. اليس ماتعلمناه وقرأناه بان "الله جميلا ويحب الجمال" .. او اليس من الاجدر ان يكون للإلــه خليفة يليق بلطفه ورحمته اكثر من الانسان.. مثل ان تكون الحمامة بديلا بهياً للخلافة وتراتيل وهديل لعرش الرحمة والامان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع


.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر




.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته


.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع




.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202