الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراما

أحمد صبحي النبعوني

2016 / 9 / 19
الصحافة والاعلام


أزمة الأخلاق ...الدراما السورية نموذجا

مشاهدة الأعمال الفنية من دراما ومسرح وسينما وغيره من الفنون أصبحت منتشرة وميسرة للمشاهد بفضل توسع أنتشار شبكة الأنترنت ولم تعد تقتصرمشاهدتها أو سماعها على التلفزيون فقط الذي كان له دور بارز سابقا في التثقيف والتوجيه، سواء أكان ذلك على مستوى الأطفال، أم على مستوى الكبار، قديماً كانت المسلسلات السورية ملاذ الأهل الآمن للاستجابة لطلبات أبنائهم في مشاهدة المسلسلات، حيث كانت هي الأبعد عن الانحلال، وتحوي قيمة أو فكرة أو في أسوأ الأحوال كوميدية فقط ودون ابتذال.
جيل التسعينيات الذي تربّى على “الفصول الأربعة”، و”يوميات مدير عام” يعي ما أقول، ففي زمنٍ كانت فيه الدراما السورية تبث ما يُقرِّب العائلة أو يحارب مظاهر الفساد، أو يروِّح عن النفس، كانت الدراما المصرية تبث قصص الحب والزواج العرفي، هذا عدا عن الدراما اللبنانية التي كانت محرّمة على هذا الجيل.
أما في وقتنا الحالي فالدراما السورية أصبحت المعرض الفني والتشكيلي وبدون رادع أخلاقي أو ديني لمشكلات المجتمع المعاصر وسلبياته وخاصة فيما يتعلق بمواضيع المخدرات والقتل والجنس والجريمة المنظمة وأكثر ما يتم التركيز عليه ويبدو أنه أصبح محور أهتمام الكتاب والمنتجين للدراما السورية هو موضوع الجنس والخيانة الزوجية ...علما أن الجنس من القضايا الاجتماعية التي تشغل عقل المشاهد الشرقي الذي اعتاد على الكبت، لكنه أمر لا يمكن تجاهله في الدراما تحديداً في ظل ازدياد العلاقات والمساكنة، أي أن ما يحدث على أرض الواقع يعد بمثابة صيد ثمين للكتاب معفى من الرقابة....وهناك من يتهم المنتجين والكتاب السوريين أيضا بأنهم يكرسون الأفكار الغربية من ناحية تعاملهم مع موضوع الجنس كباب لجذب المشاهد العربي... بينما هناك من يؤيد هذا التوجه لا بل يعتبر أن هناك تضارباً بين المواضيع المطروحة ....
أما الطامة الكبرى في المسلسلات السورية فكانت في خيانة المرأة لزوجها، هذه الظاهرة التي لم تجرأ الأعمال الدرامية سابقاً على تصويرها بهذا الشكل، فتشعر وخلال مشاهدتك لهذه الأعمال بأنك تتابع مسلسلاً غير عربيّ، لا يمتُّ لأي خلقٍ أو دين، حتى أصبح المشاهدون خاصة من صغار العمر يعتادون هذا النوع من الأعمال، ويعتادون الرذيلة بالدراما.
هذا النوع من الأعمال الدرامية قد يدمِّر ما تبقى من أخلاقيات وعادات جاهد أهلنا وأجدادنا كثيراً للحفاظ عليها، وجاءت هذه المسلسلات بين ليلة وضحاها لتدمِّر كل جميل تربينا عليه. تبقى الدراما كلمة مفصلية في الخطاب الثقافي العربي الحالي، وهي الأكثر تأثيراً طالما أنها تدخل كل بيت، خصوصاً عند الحديث عن المغفور له الكتاب في ظل التدهور الكبير في فعل القراءة، ولعل إدراك ذلك يجعل منها أداة مؤثرة بحق، قادرة على تسليط الضوء على مناطق مظلمة، مساندة الوعي وغير ذلك مما لم ولن يتناقض مع الترفيه الشرط الأول لنجاح ذلك، وبعيدا عن الترفيه ودغدغة مشاعر المشاهدين وكل ما يتوق إليه المهوسون بزيادة نسبة المشاهدة، وإن كان ما يشاهدونه دعوة الى النكوص والتخلف والجهل.
في نهاية حديثنا هذا نذكر إن مسؤولية تربية الجيل وصيانة مجتمعنا وتوجيهه نحو الصواب هي مسؤولية الجميع سواء كانت الأسرة أم المجتمع وصناع القرار ...
ولا نجد تصويرًا لأثَر الأسرة في تنشئة الطفل السليم أبلغَ في التعبير من قوله - تعالى -: ﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴾ [الأعراف: 58]، فما أشبهَ الأسرةَ بالأرض الخصبة الطيبة التي تنبت أطفالاً ذوي طباعٍ خيِّرة نقية، وسلوكٍ نبيل، وما أشبه الأسرةَ المنهارةَ في أخلاقها وسلوكِها بالأرض الخبيثة التي لا تنبت إلا نباتًا قليلاً حجمُه ونفعُه، فتخرج أطفالها بطباعٍ قاسية وسلوك سيِّئٍ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيل في شمال قطاع غزة هو الأعنف منذ إعلان خفض القوا


.. طفل فلسطيني برفح يعبر عن سعادته بعد تناوله -ساندويتش شاورما-




.. السيناتور ساندرز: نحن متواطئون فيما يحدث في غزة والحرب ليست


.. البنتاغون: لدينا بعض المخاوف بشأن مختلف مسارات الخطط الإسرائ




.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل