الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهمش يهمش المهمش

نوري جاسم المياحي

2016 / 9 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من حكم الامام علي ابن ابي طالب والتي للأسف لا يعمل بها اليوم الساسة والحكام وأصحاب الفكر والقرار ممن يدعون الولاء لهذا الامام الخالد او أولئك الكارهين لولايته وامامته والتي بقيت حية طيلة 1400سنة ومنها (الدهر يومان فأن كان لك فلا تبطر وان كان عليك فاصبر )..
وكم من شواهد التاريخ ذكرت لنا ان لا خير ونعمة تدوم لاحد كما لا يدوم ظلم وقمع لاحد ...ولكن الساسة ينسون هذه الحكمة حال وصولهم لكرسي الحكم والجلوس عليه ويعتقدون انه دائم لهم فليعملوا ما يشاؤوا فهم يتصورون انهم بمأمن من غوائل الدهر ...فكم من قوي اذله الدهر ,ولان وانبطح...
التهميش في السياسة وارد فكم من قلة همشت أكثرية وكم من أكثرية طحنت قلة عندما تنقلب الأمور لصالحها ولاسيما في صراع المذاهب والطوائف والقوميات...
فكم من قوم كانوا مهمشين بالأمس انقلب عليهم ظهر المجن فتحولوا هم الى مهمشين ...ونسوا حكمة الامام علي عندما قال (احب لأخيك ما تحب لنفسك) أو (اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا ولأخرتك كأنك تموت غدا) فهم امسكوا الدنيا ونسوا الاخرة ...او حكمة الخليفة عمر ابن عبد العزيز عندما أوصى ولاته (إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس ،، فتذكر قدرة الله عليك ) ..
ما دفعني للتفكير بظاهرة التهميش وهي ظاهرة جدا مؤلمة للناس عندما يهمشون بعضهم البعض لا لذنب ارتكبوه وانما لغاية في نفس يعقوب كما يقال .. ويعقوب في زماننا الاغبر هذا هم الساسة والحكام .. وحبا بكراسيهم ..
فهل التهميش في صالح الأمم والشعوب عندما تهمش فئة على حساب فئة أخرى ..؟؟ بالتأكيد الجواب ..لا ..ولكننا نجد ان البعض يهمش الاخرين تحت مختلف الذرائع منها الدين او الطائفة وحتى لون البشرة ..او بين الأغنياء والفقراء او بين المنتمين للحزب و المستقلين ...
ام الدافع الحقيقي كما يقول لي عقلي وراء التهميش فهو دافع اناني ومصلحي وانتهازي قذر وظالم ولا علاقة له بالدين او المذهب او اللون .. وانما تستخدم هذه كذريعة ووسيلة على مذهب ميكا فيلي المعروف ...الغاية تبرر الوسيلة ..وما يحدث اليوم في مجتمعنا العراقي ...قلة من ساسة فاسدين يسرقون قوت الشعب باسم الطائفة ...مستغلين سلاح التهميش ..
في السنين الأخيرة استخدم التهميش بكثرة من قبل القوى السياسية التي تستخدم الطائفية مطية للوصول الى السلطة ...وهذا المصطلح ليس جديدا في قواميس اللغة العربية او التاريخ او الدين او الاجتماع والسياسة وربما حتى في الاقتصاد لان التهميش مصطلح عام وشامل لان كلمة التهميش: مصدر لفعل هَمَّشَ ...وتعني أهمل الشيء او تركه جانبا او جعله ثانويا وقلل من أهميته ...وبعض الأحيان يقصد به التمييز والتفرقة العنصرية ..
وبما ان مصطلح التهميش الذي شاع استخدامه بين ساسة العراقيين مؤخرا في الصراع على السلطة حاليا ولم يقتصر على السنة والشيعة ..او بين العرب والكرد او بين المسلمين والمسيحين وبصراحة واضحة ضد الايزيديين .. و حتى بين الرجل والمرأة ...
وهذا الموضوع يثير القرف والاشمئزاز الى درجة الاحتقار في نفسي شخصيا ...ولكن لابد من الخوض فيه ومناقشته بموضوعية وتجرد لكي لا نصبح كالنعامة التي تخفي راسها في الرمل عندما ترى الصياد كما يقال في الأمثلة ..
انا لست طائفيا وحتى لم اكن يوما ما من المتدينين او المتعصبين دينيا والسبب ليس خيارا خاصا بي شخصيا وانما يشمل جيلنا كله والسبب الحقيقي يعود للحقبة الزمنية وللفترة التاريخية التي ولدت فيها وولد جيلنا فيها وهي فترة الثلاثينات والاربعينيات والخمسينيات والتي كانت تركز على الانتماء للوطن وعلى الهوية الوطنية العراقية والهوية القومية العربية .. حيث كان العراق حديث العهد بالحكم الوطني ..
ولا احد ينكر ما للحضارة الغربية ولاسيما للاحتلال البريطاني ظاهريا على الأقل من دور في بناء عراق يتجاوز النعرات والفتن الدينية ونبذ التعصب وشيوع ثقافة المحبة وبناء وطن حر وشعب سعيد ...ولاسيما وان البريطانيون اذكياء فاختاروا احد امراء العائلة الهاشمية ملكا على العراق وهذه العائلة تنتمي بأصولها لأهل بيت النبوة وبما ان غالبية الشعب العراقي هم اتباع ال البيت وبذلك كسبوا تأييدهم وولاءهم للنظام الجديد وبعد ان عانوا ما عانوا على ايادي ولاة دولة بني عثمان الذي تميز حكمهم بالقمع والاضطهاد لكل العرب عموما وللشيعة خصوصا ...ومن هنا بدأت الحكاية ..
وبعد ان وضع العراقيون ارجلهم على طريق التقدم الحضاري فلم يرق للخونة والعملاء واعداء العراق هذا المسار او التوجه ..وبأسلوب خفي خططوا لضرب هذه المسيرة مستغلين الحب الغريزي للسلطة ومغرياتها عند اليشر ...فسلطوا أناس وهمشوا اخرين ..
وبالتأكيد فان من اشد مخاطر التهميش ليس فقدان قوة العمل المتاحة اجتماعيا واقتصاديا، وانما ما يمكن ان يشكله التهميش من تحول المهمشين الى قطاعات تمتهن ردود فعل سلبية وخفية ويعرض امن المجتمع للمخاطر.
وخلاصة القول وتجنبا للإطالة ...وكما يقال خير الكلام ما قل ودل ..التهميش وعبر التاريخ ظاهرة موجودة ومطبقة في الواقع ...بني امية همشوا العلويين وذبحوهم هم وانصارهم ... العباسيون همشوا الامويين وذبحوهم هم وانصارهم ...العثمانيون همشوا العباسيين وقتلوهم هم وانصارهم شر قتلة ..وكذلك فضلوا اتباع مذهب على اخر ...
وعندما احتل الإنكليز العراق وبالخباثة المعهودة عندهم ..همشوا وهمشوا ساعدهم على ذلك الجهل والفقر وفتاوي التحريم التي كانت تصدرها المرجعية لاتباعها بان لا تعملوا ولا تتعاونوا مع أنظمة غير شرعية طائفيا فوضعت حاجز شرعي ونفسي بين المواطن والسلطة الحاكمة فتوجهوا للمهن الحرة كالتجارة والزراعة مثلا..
واستمر هذا بعد إزاحة الحكم الملكي ...فلم تختفي اللعبة وتندثر وانما حافظت على أسسها وجذورها باطنيا ..وحدث العكس فقد نما التهميش اكثر ...واوسع بحيث شمل الدين والقومية ( كرد وعرب وتركمان ) ... وبعد سقوط النظام في 2003 ...فرطت السبحة وضاع الحساب وانلاصت باسم الطائفية والمحاصصة والتوازن والفيدرالية والاقاليم وحكم مجالس البلديات والمحليات ...
شيعي يهمش شيعي وسني يهمش سني وحتى الكردي يهمش كردي ...والحصيلة الكل يهمش الكل والضحية في كل الأحوال هو المواطن المسكين ويبقى العوبة بيد السياسي الفاسد والحرامي والذي لا يهمه الا نفسه والكرسي ومتى جلس على الكرسي نسي كل شيء حتى ربه ..والدرج الذي اجلسه على الكرسي ...وحتى رجل الدين عندما يشعل نار الفتنة الطائفية ... وفي كل الأحوال فالدافع ليس حبا بطائفته وانما حبا بنفسه كي يبقي أنصاره ومريديه دائما حوله ويدينون له بالطاعة حتى ولو مات نصفهم ..
اللهم احفظ العراق وأهله لينما حلوا او ارتحلوا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س