الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل حققت الثورات التي كانت تعد في السراديب المظلمة شعاراتها المعلنة تعقيبا على المقالات التي قدمها الأستاذ وليد يوسف عطو الموسومة (عراق نوري السعيد)

يعقوب يوسف
كاتب مستقل

(Yaqoob Yuosuf)

2016 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


هل حققت الثورات التي كانت تعد في السراديب المظلمة شعاراتها المعلنة
تعقيبا على المقالات التي قدمها الأستاذ وليد يوسف عطو الموسومة (عراق نوري السعيد)
بداية ان التسمية التي اطلقها كانت في مكانها خاصة وانه استند الى مصدرين مهمين ووجهتي نظر جوهريتين وهما البروفسور سيار الجميل المؤرخ العراقي والسيد فالديمار غالمان السفير الأمريكي في العراق انذاك، لقد كان بالفعل عراق نوي السعيد منذ تأسيسه عندما جمعت المس بل الولايات العثمانية الثلاث (الموصل وبغداد والبصرة) لترسم خارطة بلد جديد وبحدود جديدة هي ليست حدوده التاريخية (بلد اسمه العراق الجديد) وطبعا استنادا الى مقررات مؤتمر سايكس بيكو.
ساهم نوري السعيد مع عديله جعفر العسكري في بناء الجيش العراقي وكان على معرفة كاملة بالجيش وقادته رغم ما حصل من مؤامرات واهتزازات والتي تمكن من السيطرة عليها وهو الذي كان دائما يقول بثقة (دار السيد مأمونة).
لقد كان نوري السعيد رجل دولة بامتياز، شخصية علمانية في بلد متخلف يسعى للتعلم والتطور نقيض الواقع الحالي تقريبا، رجل من الرجال اللذين استلموا دولة لم يساهموا في تحريرها وانما أعطيت لهم على طبق من ذهب، دولة بالاسم فقط وبدون بنية تحتية، لكنهم ساهموا في بناءها من الصفر، وحتما هناك أخطاء وهنا اشير الى اخطائه (ومن لا يعمل لا يخطيء) ولا اقصد أخطاء النظام الفادحة والتي تسببت في خروجه من البلاد كما دخل.
ومم يؤكد كونه رجل دولة بإخلاص ان جاء الى السلطة وخرج منها وهو لايملك شيئا لا ارصدة في بنوك ولا أملاك خارجية كما نراه على المكشوف اليوم في عصابات الحكم وبلا حياء، وقيل ان دارا كانت مملوكة لوالدته تبرع بها الى المستأجر الذي كان يشغلها بعد وفاتها.
اما اهم ما يعاب على النظام هو عدم قيامه في إحلال البديل بعد شيخوخته وعدم وإعطاء الفرصة للدماء الشابة الجديدة في إدارة البلاد لديمومه استمراره وبالتحديد بعد تولي الملك فيصل الثاني السلطة من جهة والاحداث التي طرأت على الساحة الدولية من جهة اخرى والتي كان يتوجب ان يتغير النظام كله من الداخل.
وهنا اختصر الحديث في اقتباس جزء من مذكرات الدكتورة سائحة امين زكي كما قدمتها لنا الروائية العراقية الكبيرة انعام كججي:
(حوارًا جرى في جلسة عائلية بينها وبين رئيس الوزراء نوري السعيد. كان يتحدث عن المشاريع المقررة للري والتعليم والصحة. فاعترضت على كلامه، وقالت إن البلد لا ينمو بالسرعة المطلوبة. واشتد في كلامه ورد عليها: «انظري إلى نفسك، هل كنت تجلسين وتناقشين الرجال الكبار قبل عشرين عامًا؟ أي امرأة كانت تفهم في السياسة وغيرها في ذلك الوقت؟ بغداد كانت قرية كبيرة ليس فيها مدارس ومستشفيات ولا بنات يجادلن الكبار».)
ان اهم مقومات الثورة الشعبية ان تكون معلنة وواضحة نظرا لانها عبارة عن انفجار جماهير الشعب من الطغيان والاستبداد نتيجة معاناة حقيقية تسببت في مآسي كثيرة اهمها الفقر والجوع والظلم وانعدام للحريات وكما حصل في الثورة الفرنسية والثورة الجزائرية وفي مصر كانت انتفاضة سنة 19 وفي العراق كانت ثورة العشرين رغم خصوصية كل واحدة من هذه الثورات.
وعلى هذا الأساس فان ما حصل في البلاد العربية من حركات لاسقاط الأنظمة السابقة كحركة 52 في مصر و58 في والعراق وما بعدهما في نفس البلدين والبلدان الأخرى ايضا لم تكن في الحقيقة ثورة بل انقلابات.
فجميع هذه الحركات نمت وترعرعت داخل الاسوار المنعزلة بعيدا عن الجماهير قام بها مجموعات مختلفة من جماهير الشعب متنوعي واحياننا متناقضي الاهداف و الأفكار والنوايا والطموحات غايتهم الأساسية اسقاط النظام القائم باي شكل من الاشكال مستغلين طبعا الحقيقة الدامغة المتمثلة في ضعف الأنظمة وعدم قدرتها على تلبية احتياجات ورغبات الشعوب في الحرية والرفاهية والتطور. غير ان الطريقة التي مارسوها في اسقاط النظام والتي كانت تمارس داخل البيوت والمواقع المغلقة بعيدا عن عيون الأنظمة كانت اقرب الى مفهوم السوق السوداء التي كانت تحصل في لندن والتي كانت تمارس فيها عمليات البيع والشراء الغير قانونية في السراديب المظلمة.
فجميع هذه الانقلابات كان يقودها قادة غير متجانسين والدليل الواضح على ذلك هو سرعة التفكك والانقلاب على بعضهم البعض فالناصريون انقلبوا بسرعة على اللواء محمد نجيب الذي سهل امر وصولهم للسلطة ثم عادوا لينقلبوا على بعضهم من جديد عندما أراد الاخوان المسلمين اغتيال عبد الناصر.
ونفس الشئء حدث في العراق منذ البداية اتفقت كل القوى المعادية للنظام على اسقاطه، مجموعة من الشخصيات متناقضة الأهداف والمصالح وساهمت معهم المعارضة المتمثلة في مجلس الامه والتي ارادت ان تكون لها حصتها في الكعكة السياسية (رغم انها شاخت مع النظام نفسه ولاكثر من ثلاثة عقود لم تتمكن من تحقيق أهدافها في الوصول الى السلطة لكنها كانت فاعلة في كثير من الأحيان بحيث كان لها القدرة على اسقاط الحكومة) أي بعبارة أخرى لم تتمكن في العلن من تحشيد جماهير الشعب ضد النظام فاضطرت الى العمل في الخفية لاسقاطه!
لهذا كان من الطبيعي ان ينهار هذا التحالف الهش الغير متجانس من اساسه بعد اسقاط النظام ليتصادم حلفاء الامس اللذين تآخوا ووضعوا ارواحهم في سبيل نجاح ثورتهم، لقد كان صداما دمويا ونصبت المشانق للمهزومين مع انه لو قدر لهذه الثورة ان تفشل (لربما) نجوا جميعهم بحياتهم بعفو قد يصدره الملك ليطوي صفحة جديدة.
واستمرت هذه اللعبة التي اثبتت نجاحها على الرغم من وضوحها دون تردد ( كما في انقلابات 63 و68 و79) حيث يتفق طرفان او اكثر على التحالف لاسقاط النظام ثم ينقلب احدهم على الاخر ليستأثر بالسلطة وكأن العقول والارادات كلها تتجمد عند التفكير في السلطة.
نوري السعيد وعبد الكريم قاسم وغلطة الشاطر بألف
بعد عدة محاولات فاشلة لاسقاط النظام حاولوا اختراقه من الداخل عن طريق شخصية وصفي طاهر الذي عمل سكرتير خاص لرئيس الوزراء من اجل مراقبة مايدور داخل النظام الى ان تم تحذير نوري السعيد منه لينقل الى احدى الوحدات العسكرية غير القتالية، هذا الرجل كان شخصية غامضة للغاية مهما كتب عنه فقد كان عضوا فاعلا في حركة الضباط الاحرار منذ البداية واخلص لهم بقوة وكان له الدور الكبير في اسقاط النظام ورغم نزاهته وامانته بقي في الظل الى ان سقط صريعا عام 1963
بعد ان خرج وصفي طاهر من مركز القرار السياسي توجه الانتباه الى عبد الكريم قاسم الزبيدي من مواليد الصويرة الذي يرتبط بعلاقات عائلية مع نوري سعيد صالح القرغولي (وهو من أصول تركية من مدينة قونية جنوب انقرة وفي بغداد سكن صالح افندي مع أبناء عمومته جواد أبو جريشة في منطقة قراغول الواقعة في جانب الرصافة) اما جدة عبد الكريم ام قاسم ابيه بنت جواد أبو جريشة القرغولي، وكان نوري السعيد يناديه كرومي وابن الخالة.
وعندما ورد اسم عبد الكريم قاسم ضمن المخططين للتآمر على النظام اثار استغراب المسؤولين اللذين يعتبرونه من المخلصين للعرش وان الكثير من الضباط يخشونه ويعتبرونه جاسوس السلطة وهو من كان يزودها بأسماء المتآمرين، وعلى هذا الأساس كان الطعم للسيطرة على البلد وربما الانقلاب عليه ولهذا السبب وضعوا ثقتهم به واعطوه قيادة الحركة وكان عبد السلام عارف اول من رفع شعار (لا زعيم الا كريم)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارة إسرائيلية تقتل 3 عناصر من -حزب الله- في جنوب لبنان


.. عملية -نور شمس-.. إسرائيل تعلن قتل 10 فلسطينيين




.. تباعد في المفاوضات.. مفاوضات «هدنة غزة» إلى «مصير مجهول»


.. رفح تترقب الاجتياح البري.. -أين المفر؟-




.. قصف الاحتلال منزلا في حي السلام شرق رفح