الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيد هولاند.. عليك بالاعتذار الأجدى

محمد عبعوب

2016 / 9 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


اعتقد الرئيس الفرنسي هولاند بإعلانه المتبجح تقديم الاعتذار لعملاء فرنسا من الخونة الجزائريين (الحركيين) الذين ساعدوا فرنسا في جرائمها التي ارتكبتها ضد ثوار الجزائر الذين قادوا الثورة لتحرير بلادهم من رجس الاحتلال ، اعتقد أنه أقدم على خطوة نادرة وغير مسبوقة يمكن ان تطهر التاريخ الاستعماري الأسود لبلاده في الجزائر أمام العالم..

لا اعتقد أن هولاند السياسي الذي يتربع على رأس السلطة في فرنسا ويتبجح بشعارات الحرية والتنوير ويزايد بشعارات إنسانية ويروج لتسويقها عبر العالم، لا اعتقد أنه لم يقرأ أو يطلع أو حتى سمع عن ما ارتكبته جمهوريته من جرائم في حق الشعب الجزائري على مدة 130 سنة من الاحتلال المباشر الذي لا زال الشعب الجزائري حتى اليوم يدفع فاتورته من دماء أبنائه و موارد بلاده وهويته الوطنية التي مسختها فرنسا ولوثتها بزرع ثقافة العبودية والتبعية العمياء لها بين طيف واسع من أبناء الجزائر.

هولاند الذي يعتذر اليوم للمجرمين العملاء من شراذم الحركيين الذين باعوا وطنهم وأهلهم لأعدائهم مقابل وعود فارغة، لأن بلاده وحكوماتها المتعاقبة منذ اندحار فرنسا في الجزائر لم تعرهم أي اهتمام وتخلت عنهم بعد أن فقدوا قيمتهم كعملاء مأجورين، كان الأجدى له أن يقدم اعتذاره لأبناء الشهداء وللشعب الجزائري الذي بإصراره على نيل الحرية ومقومة الاحتلال، أنقذ فرنسا من الاستمرار في خطيئتها وارتكاب المزيد من الجرائم، هذا هو الاعتذار الذي لم يمتلك أي رئيس فرنسي حتى اليوم رغم مرور أزيد من ست عقود على نيل الشعب الجزائري حريته على تقديمه لهذا الشعب الأبي وتعويضه عن كل ما ألحقته به فرنسا الاستعمارية من خسائر بشرية ومادية..

كان جديرا بهولاند وكل قادة الدول الأوروبية الاستعمارية التي ارتكبت جرائم في حق شعوب العالم الثالث لا زالت آثارها قائمة حتى اليوم، أن يمتلكوا الجرأة والشجاعة و الاعتراف بأخطاء بلدانهم وجرائم حكوماتهم وتقديم الاعتذار عنها بدل الاعتذار للعملاء الذين ساهموا في إطالة عمر الاستعمار وارتكاب الجرائم في حق ضحاياهم .

لكن هكذا اعتراف و اعتذار وبكل ما يعنيه ويحمله من معان يمكن ان تسعف تلك الجروح العميقة التي تركتها ظاهرة الاستعمار الأوروبي البغيض في وعي ضحاياهم من أبناء وأحفاد المجاهدين والشهداء ، هكذا اعترافات لا يمكن ان يكون لها معنى ما لم تقترن بقرار آخر جرئ و شجاع يتمثل في قرار بوقف التدخل المباشر وغير المباشر في شؤون الشعوب التي تحررت من هيمنة الاستعمار، قرار فعلي بوقف ظاهرة الاستعمار غير المباشر التي تسيطر على علاقات الدول الاستعمارية السابقة بضحاياهم ، قرار يلجم الشركات العابرة للقارات بوقف نهبها لمقدرات شعوب العالم الثالث تحت شعار العولمة التي هي تجسيد جديد لاستعمار أبشع وأنكى من الاستعمار المباشر لأنها (العولمة) ما هي إلا استعمار يستهدف التحكم في لقمة عيش البسطاء وشعوب العالم النامي بدون أية تكاليف من أي نوع. هذه هي القرارات الشجاعة التي يجب ان تتخذها حكومات الدول الاستعمارية اليوم قبل أن تعتذر عن جريمة أسلافها من حكومات، حتى يكون لهذه الاعتذارات معنى وقيمة ونتائج على الارض.

أما ما يتبجح به هولاند اليوم من اعتذار للعملاء الذين باعوا وطنهم، فهو أرخص وأحط من جريمة خيانة هؤلاء الأنجاس الذين ما كان لرئيس فرنسي يحترم إرادة الإنسان وحقه في الحرية أن يتجرأ حتى مجرد التفكير فيه وليس إعلانه على الملأ ، فمن باع وطنه وأهله لا يستحق حتى مجرد تذكره إلا كعميل نجس، وليس الاعتذار له ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار