الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجاعة 1932-1933 في أوكرانيا لا علاقة لها بالسياسة السوفياتية في الزراعة

مشعل يسار
كاتب وباحث ومترجم وشاعر

(M.yammine)

2016 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


من مقابلة مع البروفسور جروفر فِرّ Grover Furr
ترجمة مشعل يسار

في عام 2010 صدر كتاب للمؤرخ تيموثي سنايدر (Timothy David Snyder 1969) من جامعة ييل المتخصص في تاريخ أوروبا الشرقية تحت عنوان "أرض الدم: أوروبا بين هتلر وستالين". ومنذ ذلك الحين، حظي الكتاب بالكثير من الاعتراف والتقدير. وحصل على العديد من الجوائز، ولكن علينا أن ندرك أيضا من أين أتى كل هذه الجوائز . وقد ترجم الكتاب إلى أكثر من 20 لغة، ومن المثير أنه لم يترجم حتى الآن إلى اللغة الروسية، ولكنه مع ذلك ترجم إلى جميع لغات دول الاتحاد السوفيتي السابق الأخرى. هذا الكتاب هو محاولة لوضع الاتحاد السوفياتي على قدم المساواة مع ألمانيا النازية، أو لتصويره شراً أقل قليلا فقط من النازية. الواقع أن هذا الكتاب يحتوي على عدد من الصفحات المخصصة للخطاب المعادي للشيوعية والمعادي للسوفييت أكثر بكثير منه لنقد النازية. في نهاية المطاف، جرائم النازية معروفة أصلا، وكتب حولها الكثير من الكتب. إلا أن الجانب الابتكاري لهذا العمل هو محاولة خلق نموذج جديد يكون ممكناً استخدامه بنجاح في مقابلة ومقارنة الاتحاد السوفيتي بالنازية أو مساواته كليا بها….
يستند هذا الكتاب إلى عدد قليل من الأحكام الخاطئة مبدئياً. وهناك، بالإضافة إلى ذلك، العديد من الأمور الباطلة فيه. وهناك أيضا بعض البيانات الحقيقية والصادقة، وخاصة عن النازيين. الفرضية الاولى الباطلة أساسا في هذا الكتاب هي ادعاؤه أن "المجاعة" هي مجاعة مصطنعة. في هذه القصة عن "المجاعة" هناك عدد من الاداعاءات الكاذبة. أولا، هو يدعي أن مجاعة أعوام 1932-1933 في الاتحاد السوفياتي افتُعلت أي أثيرت بشكل مصطنع، وأن سببها كان حركة تجميع المزارع واعتماد العمل الجماعي في الزواعة. لكن الأمر لم يكن في حد ذاته كذلك. فالانتقال إلى العمل الجماعي لا دخل له في الموضوع. المجاعة كانت واحدة من العديد من سنوات الجوع العجاف، التي حدثت خلال الألف سنة الماضية مرات ومرات في أراضي الإمبراطورية الروسية السابقة التي أصبحت الاتحاد السوفياتي.
المزارع الجماعية كانت جزءا من محاولة وقف هذه الدوامة التي لا نهاية لها من المجاعات عن طريق تغيير طريقة الزراعة. وقد تسببت في المجاعة الكوارث الطبيعية، وليس المزارع الجماعية. هناك علماء يعتقدون أن المجاعة سببها العمل الجماعي في الزراعة، وإنما هي، كما يقولون، لم تُحدَث عمدا. أما سنايدر فيزعم أن الجوع لم يكن وحسب ناجما عن العمل الجماعي، بل تم إحداثه عن سابق قصد من أجل تهميد الحركة القومية الأوكرانية بين الفلاحين سياسياً. إلا ان هذا ما هو إلا كذب محض: فلمثل هذا الإعلان ليس ثمة ولو دليل واحد.
إن قصة "المجاعة المفتعلة" أو مجاعة عامي 1932-1933 المبينة في كتاب سنايدر ترتكز تماما على أعمال وتأريخات القوميين الأوكرانيين وبعض الأعمال التأريخية البولندية التي هي بدورها تلخيص وتعميم لأعمال القوميين الأوكرانيين. وسنايدر يتجاهل عمدا كبار العلماء في هذا المجال الذين ليسوا من القوميين الأوكرانيين.
لماذا فعل ذلك يا ترى؟ طبعا، إذا كنت تريد إحصاء عدد القتلى، إذا كنت تريد أن تقول أن 12 أو 14 مليون شخص ربما كانوا قد قتلوا على أيدي النازيين، وأن السوفييت قتلوا هم أيضاً الملايين من الناس، وجب عليك العثور في مكان ما على بضعة الملايين قتيل هذه، وزعم أنها قتلت على يد السوفيات. ليس هناك الكثير من مثل هذه الأماكن للبحث والتنقيب فيها، ومجاعة 1932-1933 - واحدة من تلك الأماكن.
لذلك، ليمكن اتهام الاتحاد السوفياتي بمجازر ارتكبت على نطاق واسع تكون قابلة للمقارنة بجرائم النازية، من الضروري أن يسجل كل ضحايا مجاعة 1932-1933 في حساب السياسة اللاإنسانية السوفيتية. ووفقا لذلك، يمكن وضع الاتحاد السوفياتي وألمانيا النازية على قدم المساواة، وهو ما يفعله سنايدر. وإنْ هذا إلا نهج خاطئ تماما وغير معتمد من قبل كبار العلماء. أنا لا أتحدث هنا عن العلماء اليساريين أو الموالين للاتحاد السوفياتي، ولكن معظم علماء الغرب وروسيا لا يشاطرون أوكرانيا أساطيرها التاريخية المحدثة التي تزعم أن الحركة القومية الأوكرانية كانت قوية جدا وخطيرة لدرجة أن ستالين والشيوعيين أضطروا لتجويع أوكرانيا كي تستسلم فتعود الأمور إلى نصابها. كل هذا هراء مطلق ما بعده هراء. وكتاب سنايدر بالمناسبة لم يكن ليضم أي أدلة وثائقية لدعم الزعم أن المجاعة كانت متعمدة، وليس لأحد أن يعثر لا في الماضي ولا مستقبلا على مثل هذه الأدلة، لأنها بكل بساطة لا وجود لها أصلاً. وهكذا، فإن "المجاعة المفتعلة" ما هي إلا واحدة من الركائز التي اختلقت ليقوم عليها عمل سنايدر.

- جروفر فِرّ Grover Furr (3 أبريل 1944، واشنطن) - بروفسور أمريكي، دكتور متخصص في الأدب الإنجليزي في القرون الوسطى. في عام 1965، تخرج جروفر فِرّ من جامعة ماكجيل بدرجة بكالوريوس في الفنون، وفي عام 1979 حصل من جامعة برينستون على شهادة الدكتوراه في الأدب المقارن. منذ عام 1970، أستاذ مساعد في جامعة مونتكلير، ولاية نيو جيرسي.
عُرف لسنوات عديدة بإدانته لسياسة السلطات الأمريكية المعادية للسوفييت. وكان مناهضا نشطا لحملة معاداة الشيوعية ومعاداة الستالينية التي أطلقتها الرجعية الإمبريالية. وقد اعتبر جروفر فِرّ من قبل الكاتب الاجتماعي الأميركي المحافظ المعروف ديفيد هورويتز بأنه واحد من بين الـ "100 عالم الأكثر خطورة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا