الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصدد الهوية الشيوعية

محمد علي الماوي

2016 / 9 / 30
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


بصدد الهوية الشيوعية
(من تراث الشيوعيين الماويين- نص صدر في "البروليتاري " -نشرية داخلية- زمن طرح مستلزمات تأسيس الحزب الشيوعي للمرة الثالثة -نهاية الثمانينات وبداية التسعينات)
تقديم:
تعتبر قضية الهوية محسومة بالنسبة للشيوعي ولاتتطلب اي نقاش غير ان واقع الحركة الشيوعية في تونس والوطن طرح العديد من النقاشات حول كيفية اعلان الهوية الشيوعية خاصة بعد اغتصاب السلطة في الاتحاد السوفياتي بعد وفاة ستالين وفي الصين بعد رحيل ماو.
ان الحزب الشيوعي يمضي بياناته كحزب شيوعي وله جهاز دعائي خاص به يتمثل في الدعاة وفي لسان حاله الجريدة اليومية او الاسبوعية حسب حجم الحزب وله كذلك مجلة نظرية كما يصدر البيانات والمناشير في علاقة بتحركات شعبية معينة .ويتم كل ذلك وفق برنامج الحزب والخطة التي رسمها واحتراما للقانون الاساسي والنظام الداخلي.
اما واقع الشيوعيين الماويين في تونس يختلف تماما عن واقع الاحزاب العريقة كما ان الواقع الموضوعي يختلف هو الاخر كليا عن واقع الستينات او السبعينات بحيث كانت الصين الشعبية والدولة الاشتراكية تلعب دورا هاما على المستوى النظري والعملي وعلى مستوى دعم الحركات الماركسية اللينينية الناشئة آنذاك.
وبفعل الهيمنة الامبريالية واستعمالها لورقة الاخوان خاصة منذ بداية الثمانينات والسماح لهم بالعمل القانوني وصعودهم للسلطة فقد اصبحت كلمة شيوعية تخيف لاالرجعية فقط بل كذلك بعض الفئات الجماهيرية المتأثرة بالدعاية الرجعية وبالدعاية الاخوانية المعادية للتحرر عامة.
ورغم الصراعات الداخلية والانحرافات الانعزالية من جهة والشرعوية الحيادية من جهة اخرى فقد حافظت الحركة الشيوعية الماوية في تونس على الهوية الشيوعية التي تجسدت في مستوات محتلفة:الامضاء "الحزبي"( الشيوعي) مع الاطراف الشيوعية خاصة على المستوى العالمي-الجريدة التي عرفت عدة تطورات من الشعلة الى الكادح الى العلم الاحمر والراية الحمراء... الى جريدة المقاومة ثم الديمقراطية الجديدة هذا الى جانب امضاء المعارضات النقابية والشبابية والنسوة والعديد من المناشير باسم الجريدة وكذلك باسم الدعاة او حتى باسماء مستعارة.
ويمكن القول ان تيار معارضة التحرك كنكرة او اصدار الوراقات الطائرة والمناشير دون امضاء الخ تمكن من الحد من ظاهرة النكرة التي اصبح البعض يتندر بها.
انه من المفروض ان تكون مسألة الهوية الشيوعية محسومة لكن واقع الحلقات وطبيعة العمل الحرفي حولا المسألة الى محور نقاش دائم وحصلت اللخبطة خاصة لدى بعض الاوطاد(الوطنيون الديمقراطيون)الذين يتبنون الشيوعية على المستوى اللفظي فنجد الوطني الديمقراطي الماركسي اللينيني والوطني الاشتراكي والوطني الديمقراطي بالجامعة والوطد الثوري الخ...وتعكس هذه التسميات التذبذب الحاصل لدى هذه المجموعات والتردد بين الامضاء الواسع والامضاء الحزبي ان صحّ التعبير ويكشف هذا التصرف عدم وضوح الرؤية لدى البعض كما يجسد القطيعة بين المقول والممارس بحيث نجد الشعارات الثورجية على المستوى الكلمة والمواقف اليمينية على مستوى الممارسة.
نعتقد ان المسالة تستحق بعض النقاش صلب الماويين اولا وصلب المجموعات الثورية ثانيا وانه من الضروري تناولها في علاقة بواقع القوى الذاتية ودرجة تطور الحركة الشعبية ثم في علاقة بالموقف السياسي والمسألة الامنية ولايجب في كل الحالات التحرك كنكرة دون هوية رغم ان البعض يقول ان محتوى المنشور يحمل الهوية –ذلك صحيح اما امضاء المنشور واجب وعلى الشيوعي اختيار الامضاء والمحافظ عليه حتى يصبح معروفا لدى الجماهير ويتحول الى امضاء تدافع عنه الجماهير الواسعة .
يبدو ان قضية الهوية لازالت محل نقاش لذلك ندعو الاطراف الماوية الى التعبير عن ارائها وتقديم مقترحاتها في كيفية تجسيد الهوية الشيوعية في الوضع الراهن.
اما فيما يخص النص من التراث فهو يعكس وجهة نظر طرحت خلال نهاية الثمانينات في علاقة بضرورة التحرك بهوية واضحة استعدادا لتوفير مستلزمات التأسيس كما يعكس هذا النص جانبا واحدا من الصراع ولايطرح المسألة من كل ابعادها
(محمد علي الماوي)

بصدد الهوية الشيوعية

واجه الخط الماركسي اللينيني-فكرماو-(الماوي حاليا) خلال مسيرته النضالية انحرافين اثنين فيما يخص كيفية تجسيد الهوية الشيوعية: أ-الانحراف الانعزالي الذي يطرح الهوية بصفة دغمائية فوق حركة الطبقات بحيث يكتفي بترديد المبادئ العامة وان ظن انها ملموسة وقد الحق هذا التصرف الذاتي والارادي ضررا فادحا بحركة الجماهير التي لم تتفاعل مع من يطرح نفسه كطليعتها ومن يريد او يظن انه يتكلم لغتها في حين انه غائب عن تحركاتها ولاتلمس الجماهير وجوده الى جانبها وقد اضر مثل هذا التصرف بالعناصر المندفعة نفسها اذ وجدت نفسها في قطيعة مع الواقع واصاب البعض الانهيار وسقط البعض الاخر في المغامرية ...ب- الانحراف الاقتصادوي -الشرعوي والنقابوي الذي طمس بكل بساطة الهوية الشيوعية وقدس عفوية الجماهير وسقط في التجريبية فتذيل عمليا لهذا الطرف الرجعي او ذاك.
ويمثل الانحرافان وجهين من نفس العملة اذ يطوران خطا اصلاحيا سواءا اخذ شكلا يسراويا مزايدا او شكلا يمينيا مهادنا وساهم هذان الانحرافان في عرقلة تقدم الخط الشيوعي بل بلغ حد تشويه الطرح الوطني الديمقراطي في العديد من المناسبات وزرع الغموض والشك لدى الحزام الواسع.
وجسد التيار التصفوي(حاليا=حركة النضال الوطني)هذا الانحراف اليميني الذي اخذ في البداية شكل المزايدة بالشعارات و"بالمسالة القومية " من منظوره فراح يوزع التهم ويطلق الاحكام ضد الخط الماركسي اللينيني-فكر ماو(الماوي حاليا) مدعيا ان الامضاء يساوي شرعوية وتمهيدا للخروج الى العلنية وادعى ان العناصر الماركسية اللينينية اصطفت وراء النظام اللاوطني ...لكن سرعان مابينت الاحداث ان التيار التصفوي انهار وتذيل للاخوان في حين صمد الخط الماركسي اللينيني-فكر ماو-(آنذاك) وتصلب عوده.
لكن بالرغم من هزم التيار التصفوي من جهة والتركيز على محاربة العمل الحرفي من جهة اخرى فان مرض الذاتية والحياد مازالا يهددان الهوية الشيوعية وهي وان تجسدت في الامضاء او في هذا الشكل التنظيمي او ذاك فانها في الاساس مرتبطة بقضية بلورة الموقف الشيوعي والجرأة على الاصداع به في الصراع الجماهيري حتى يرتفع صوته عاليا.
-1 مدلول الهوية
تحدد الهوية الشيوعية مدى الالتزام بايديولوجية الطبقة العاملة فكرا وممارسة ويتجسد هذا الالتزام في الموقف السياسي المعبر فعلا عن مصالح الطبقة العاملة والشعب والمندرج ضمن عملية التحرر وبما ان هذا الموقف منطلق من وعي الجماهير وتجربتها بعد ان يقع بلورته "في مبادئ ووسائل افضل واكثر تنسيقا" فانه يسهّل عملية الانصهار وتقدر الجماهير على تطبيقه والاستعانة به لحل مشاكلها.كما يتجسد في الشكل التنظيمي الذي يجب ان يتجه دوما نحو انجاز المهمة المباشرة عبر اساليب كفاحية اساسا وذلك يفترض تدريب الجماهير على اخذ مصيرها بيدها والتحلي بمستوى راق من تنظيم العمل حتى يتسنى لنا تأطير الجماهير .
تعتبر الهوية اذن سلوكا متكاملا مطبوعا ايديولوجيا بالتواضع والاخلاص لقضية شعب وتقديم مصالح الكادحين على حساب "بحبوحة البرجوازي الصغير".
ان الالتزام بمثل هذه القيم سيجعل قضية الامضاء كاحدى تعبيرات الهوية ثانوية ومفروغ منها .اما اذا طرح الامضاء خلافات مهما بدت جزئية فان ذلك يعني ان الخلاف لايكمن في الامضاء في حد ذاته بل في المستوى الايديولوجي والسياسي وفي كيفية تجسيد هذين في ظل الواقع الحالي.اذ ان الهوية محسومة نظريا ومتجسدة في البرنامج والخطة والقانون الاساسي والنظام الداخلي وهنا يكمن الاشكال اذ ان رغم هذا الحسم يظل العملي في تناقض تام وهذا امر في غاية من الخطورة.
2- الهوية واشكال النضال
حدد البرنامج الشكل الاساسي للتحرير الا وهو حرب الشعب اذ نص حرفيا على ان حزب الطبقة العاملة يتوخى العنف الثوري كاسلوب اساسي دون اهمال الاساليب الاخرى من اجل اقامة السلطة "الديمقراطية الشعبية" كما اكد البرنامج في ص 28 على "ان الحزب يتوخى العمل السري اسلوبا رئيسيا نظرا لطبيعة النظام القائم ويوظف النشاط الشرعي لصالح العمل السري ويحكم المزج بينهما في اتجاه المزيد من الارتباط بالجماهير وتوسيع جبهة الانصار.
كما خصصت الخطة فصلا كاملا لاشكال النضال والتنظيم ووضحت من خلالها علاقة الكفاحي كأسلوب اساسي –الجانب السري والشرعي وذلك وفق توظيف الشرعي للاشرعي من جهة وتطبيق مقولة "كالسمكة في الماء" من جهة اخرى.
هذا وقد اكدنا مرارا وتكرارا ان التنظيم الشيوعي مهما كان حجمه يتحرك دوما بهوية واضحة وبامضاء بل ان تاريخ الطرح الوطني الديمقراطي اكد ذلك وانطلق منذ البداية بتسمية واضحة-الشعلة- اعتمدها في ترويج تراثه ومناشيره لكن الانحراف النقابوي والشرعوي حرف هذا المسار وفرض ظرفيا التحرك كنكرة تهربا من الانتماء ومن النشاط السياسي وذلك لاعتبارات عدة بما فيها عدم طرح المسالة الامنية في علاقة بالصراع الجماهيري وخاصة بالاحكام التنظيمي ضمانا لاستمرارية العمل وحفاظا على العناصر غير "المحروقة" والان وبالرغم من وجود برنامج وخطة فان الاشكال يظل مطروحا لدى البعض وهو امر يتنافى والمفهوم الشيوعي للتنظيم ويتعارض مع ماجاء في البرنامج والخطة وكذلك مع القرارات التي وقع الاتفاق عليها في اغلب الاطر وبما ان هذا الاشكال يظل مطروحا لدى البعض فذلك يعني بالضرورة ان جوهر التحول لم يتم استيعابه بعد ولم تهضم علاقة الدعاية بالتنظيم اي علاقة نشر الخط بالجني وبتعزيز الصفوف فاما ان نفتك الشرعية الجماهيرية او ان نسجن انفسنا في الحلقات ولايمكن افتكاك هذه من خلال التحرك كنكرة.
3- الطرح المغلوط للهوية
طرحت قضية الامضاء للنقاش ودافع البعض عن ضرورة التحرك بهوية مهما كانت التسمية التي لايجب ان تتعارض مع المبادئ العامة والطرح في حين طالب البعض بمواصلة النقاش والتريث وهو نقاش مرتبط طبعا بما اصطلح عليه "بالتأجيل او التسرع في عملية التأسيس" التي ظلت محل خلاف في مستوى الاعداد والتوقيت....وحاد النقاش عن قضية الهوية وفهم البعض ان استغلال الامكانيات الشرعية تعني التمهيد للعلنية وتحويل النشاط الى نشاط قانوني لاغير وسقطوا في منطق ميكانيكي يقرن الهوية بالشرعية وبالعلنية وقد تكون مثل هذه الحجج تهربا من اعلان الهوية وتأجيل مهمة التأسيس.
ان طرح القضية بهذا الشكل وبهذا المضمون يعكس بالفعل ثقل التركة الحرفية واللخبطة الحاصلة حول التصرف كشيوعي وضرورة بلورة البديل الثوري من جهة وسوء فهم علاقة الموقف السياسي باشكال النضال والتنظيم وتحديدا بالامكانيات الشرعية من جهة والتطبيق الخلاق للسرية يتجاوز كابوس الجانب الامني المطروح بصفة مغلوطة والذي ادى ببعض القوى الى التقوقع والانعزال بفعل عدم هضم المسألة في علاقة بالتوجه الى الجماهير.فلماذا كلما تطرح الهوية نواجه بتهمة الشرعوية وتتعالى الاصوات محذرة من انحراف يميني خطير لابد من التجند للقضاء عليه ويصبح المشكل هو التصدي لانحراف وهمي واسقاط الهوية من جدول اعمال الشيوعيين. فقد آن الاوان ان تحسم هذه القضية على اساس واضح.
4- الهوية والشرعية الجماهيرية
مازالت التركة الحرفية تنزل بكل ثقلها على بعض الرفاق وهي تركة تولّد باستمرار تصورات خاطئة حول العمل السياسي,فالعمل السياسي هو مواقف "متجذرة ونقية"في شكل مبادئ عامة لاعلاقة لها بمشاغل الجماهير والعمل السياسي وهو لقاءات غاية في السرية وفي كلمة يمثل العمل السياسي شيئا هلاميا خطيرا لايقدر على القيام به سوى الكوادر المحنكة في ميدان "التآمر" والاتقان التنظيمي.انه التصور الحلقي باتم معنى الكلمة وهو تصور يفتقد للبعد الجماهيري ولمقولة "الجماهير صانعة التاريخ" ولابسط التحليل المادي الجدلي كما يتناقض هذا التصور ومفهوم البلشفة ومساعدة الجماهير على اقتحام حلبة الصراع الطبقي من اجل اخذ مصيرها بيدها.
فكيف يمكن التصرف كطليعة دون الارتباط الوثيق بالجماهير وهل يمكن ان نتحول الى طليعة والجماهير تجهل وجودنا ولاتتبنى طرحنا وشعاراتنا؟وهل يمكن للجماهير ان تسير وراء اشباح دون هوية بل ان التصور الحرفي يحول نفسه عن وعي الى شبح بفعل مفاهيمه الخاطئة حول السرية ثم يتساءل كيف لاتعرفه الجماهير او لماذا تسير هذه الجماهير وراء هذا البديل الرجعي او الاصلاحي.
اننا نؤكد انه لاوجود لعمل سياسي خارج الصراع الطبقي ولاوجود لموقف يصاغ بين اربعة جدران في قطيعة تامة مع درجة وعي الجماهير واستعداداتها لتقبل هذا الموقف والسير وراءه.
كما ان الموقف الشيوعي لايتقيد بهذا الشكل او ذاك ولايجب ان تحول الاساليب السرية على العدو دون الوصول الى الجماهير لان السرية هي في الحقيقة سرية بعض الاطر والتي تشمل اقلية من الرفاق المدعويين الى التحرك كالسمكة في الماء.لذلك يجب هضم مقولة "احكام المزج بين الشرعي واللاشرعي" وتوظيف الشرعي للنهوض بالتنظيم والحركة الشعبية عموما.ولايجب ان تتحول السرية الى معرقل وان ينحصر الموقف الشيوعي في الحلقات او الحزام الضيق فيحكم على نفسه بالموت ومن الطبيعي ان يرى مثل هذا الموقف قضية الهوية بصفة معزولة عن الشرعية الجماهيرية ويسقط في التناقض بين "مشاعية الموقف" وسرية بعض الاطر وذلك لايعني بالضرورة سرية العناصر او تحولها الى اشباح بل سرية المهام والبنية الاساسية المكلفة بضمان استمرارية النشاط.
ان الصراع الطبقي ليس بدمية يحرك خيوطها هذا الزعيم الحلقي او ذاك انطلاقا من برجه العاجي لان الجماهير في حاجة الى زعماء فعليين من لحم ودم متواجدين صلبها ويتكلمون لغتها ويتواجدون في الخطوط الامامية لتصدّر نضالاتها.ان تواجد الشيوعيين في الخطوط الامامية وبروز بعض الرموز في المؤسسة وفي الحي او في الارياف وفي المنظمات الجماهيرية لايعني انكشاف التنظيم ولايجب ان يؤدي ذلك الى حرق كل العناصر بل انه في اطار تقسيم المهام لامفر من وجود رفاق على عين المكان يخوضون الصراع الجماهيري ويبلغون وجهة نظر الشيوعيين ولايمكن القيام بذلك اذا اصر البعض على تاطير الجماهير بصفة غير مباشرة اعتمادا على وساطات وذلك باسم تطبيق السرية.
ان الشرعية الجماهيرية تفتك من خلال النضال اليومي لانه يجب على الطليعة ان تثبت بالملموس انها طليعة وان تقر الجماهير بذلك (...)
-5 الهوية والامضاء
لقد ذكرنا آنفا ان كل تنظيم شيوعي مهما كان حجمه يتوجه الى الجماهير بامضاء محدد ودون هذا التوجه لايمكن تصور صهر الفكر في الجماهير ولاتصلب عود التنظيم نفسه كما اشرنا ان الخط عرف مثل هذه المرحلة التي كانت بمثابة الامتحان الصعب للعديد من العناصر وادت الى فرز طبقي نوعي سقطت على اثره بعض العناصر التي لايتجاوز وعيها مستوى الكلمة وترديد الشعار واكدنا كذلك ان التوجه الاصلاحي وما افرزه من اقتصادوية وانحراف نقابوي قد شوه الهوية ولازال مثل هذا الانحراف سائدا لدى المجموعات الوطدية (وطني ديمقراطي)خاصة في الحقل الطلابي.لكن الخط الماركسي اللينيني لم يكف عن محاربة هذا الانحراف بل كان يكيل له الضربات الواحدة تلو الاخرى الى ان عرى اسسه الايديولوجية والسياسية الداعية الى الحياد والوفاق الطبقي.
وعندما طرحت مجددا قضية التوجه الى الجماهير بامضاء محدد برزت مجددا الحجج المضادة وتسترت هذه المرة وراء تيار تصفوي اخذ شكلا ومضمونا مختلفين عن الطرح الاصلاحي "للحرية السياسية"
ان انطفاء مشعل الاشتراكية في الصين وانتعاش تيار الاستسلام عربيا وبروز معزوفة الانفتاح قطريا-ان كل هذه العوامل لعبت دورا محددا في اضعاف المجموعات الشيوعية وانعاش الاطروحات الاصلاحية وتحديدا الحيادية منها وفي هذا الخضم تمحورت الحجج المعادية للهوية الشيوعية او الحجج المبررة للتحرك كنكرة حول ما يلي:
-ضعف الطاقات واختلال موازين القوى,ضرورة المحافظة على استمرارية العمل وعدم كشف الهوية التي تستفز البوليس,واقع الحركة الجماهيرية واحترازها من التسميات الشيوعية الخ...وعلى اساس هذه الحجج وغيرها دافع التيار الحيادي على ان المحدد هو المحتوى وبالامكان تمرير المحتوى تحت غطاء نقابي ام ثقافي او بامضاء شخص معين يكون محسوبا على الطرح ويضيف هذا الراي ان الجماهير تسير وفق محتوى معين والمحتوى يعني ضمنيا الامضاء ولاداعية للامضاء بما انه معروف ضمنيا.
لقد بينت الايام ان العمل الحرفي يقف وراء مثل هذه التبريرات فهو عمل يكتفي بمستوى الشعار ويعجز على المرور الى الممارسة صلب الجماهير وان مارس فهو في اطار الحلقات الضيقة ولاداعية للامضاء في مثل هذه الحالة.
انه عمل الهواة الموسمي الذي لم يرتق بالممارسة الى مستوى الشعار وبما انه مندفع جدا على مستوى الخطاب ومتردد جدا على مستوى الفعل ومتخوف جدا من العمل السياسي فانه يظل يراوح ويعجز على انجاز الخطوة الحاسمة والتي بحلها تنفتح آفاق رحبة امامه وهذه الخطوة هي التوجه الى العمال والفلاحين الفقراء والشباب المهمش في الارياف بهوية واضحة تحول الخط والموقف الشيوعي من دردشات في الحلقات الى خط ينغرس في قاعدته الاجتماعية.
لقد عجز العمل الحرفي على حل المسألة الامنية من الناحية السياسية اولا ومن الناحية التنظيمية ثانيا وبعجزه هذا التجأ الى تبرير التهرب من الهوية الشيوعية التي تتجاوز واقع التزامه الايديولوجي وتفوق مستوى استعداداته فظل يحرس على استمرارية العمل في الحلقات والاجتماعات الضيقة ولم يطرح اولوية الموقف السياسي على الشكل التنظيمي ولم ير في الجماهير الدرع الحصين هذا فضلا عن تخلفه على المستوى التنظيمي وعدم توصله الى احكام توزيع المهام وتقاسم الادوار بين المهام السرية والهياكل الاساسية الضامنة لاستمرارية العمل وبين ضرورة النشاط الجماهيري وامكانية حرق الدعاة والمحرضين.فكل العناصر تقوم بكل شيئ وبلا شيئ في نفس الوقت فتختلط الامور على هواة السياسة وبمجرد انكشاف امرهم يصبح الجميع مهددا بالاعتقال ويركن مجددا الى الانزواء.
لقد تجاوز التنظيم موضوعيا هذا الوضع وذلك بانجاز الخطوة الاولية في اتجاه ترسيخ الهوية الشيوعية المعبر عنها في البرنامج والخطة والقانون الاساسي والنظام الداخلي وفي حين نفهم تردد الحلقات الوسطية فيما يخص الامضاء,فان تردد بعض الرفاق ليس له اي مبرر وهو تردد يضع النقاش لاعلى مستوى الامضاء بل على مستوى مدى تطببق الوثائق المتفق عليها جماعيا والسلوك العام.(...)
فهل شعر الرفاق ان مثل هذا التريث يتناقض والقانون الاساسي وهل وعوا بان الامضاء خطوة حاسمة في التغلب على التركة الحرفية التي يمثل عدم الامضاء احدى مظاهرها؟وهل ادركوا ان الامضاء في مثل هذه الاوضاع ليست مسألة تقنية وثانوية بل مسألة مرتبطة بالتوجه الى الجماهير بغية التحول من الهامشية الى وضع القيادة المعرفة لنضالات الجماهير؟
لقد سبق لبعض الرفاق ان ربطوا الامضاء بالتاسيس مع تقديم تصورات خاطئة حول مابعد "التاسيس المدوي" وكاننا سنتحول بعصا سحرية من لاشيئ الى واقع المواجهة السافرة.
نعتقد ان الامضاء شيئ والتاسيس شيئ آخر فالامضاء مبدأ قار لاي تنظيم ثوري مهما كان حجمه وقد عرف الخط عدة امضاءات ولم يطرح ولو مرة واحدة حجة عدم الامضاء في انتظار التاسيس(...)
( ملاحظة هامة: تحوّل صاحب هذا النص الى عنصر اصلاحي كما التحقت بعض العناصر القيادية بالاطراف الاصلاحية بعد انتفاضة ديسمبر2010 وهو دليل آخر على وجود صراع الخطين الذي من واجب الماويين خوضه دون مجاملة والتحلي باليقظة التامة ازاء مثل هذه العناصر التي قد تتستر بالخطب الرنانة لتمرر لاحقا خطها اليميني)
تقديم ونسخ=محمد علي الماوي
30 سبتمبر 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا