الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
-الحروب الصغيرة- سلاح امريكي لتفكيك الدول ونشر الفوضى
محمد عبعوب
2016 / 9 / 30الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
منذ حربها في أفغانستان اخترعت المؤسسة الحاكمة في أمريكا نموذجا فعالا لشن ما يعرف بحروب صغيرة يمكن السيطرة عليها و توظيفها لتمرير سياسات امريكية معينة، وكذلك إعادة إنتاجها في مناطق جديدة من العالم الثالث اذا ما اقتضت المصلحة وتوسيعها بما يخدم مصالحها والتي عادة ما يكون الجشع الاقتصادي هو محركها الرئيس..
في كتابه "مدار الفوضى.. تغيير المناخ والجغرافيا الجديدة للعنف" الصادر ضمن سلسلة "عالم المعرفة" عدد ابريل 2014 ، يقدم الصحفي الأمريكي كرستيان بارينتي، في واحدة من فصول هذا الكتاب صورة مختزلة ومحكمة لمراحل مشروع واحدة من حروب أمريكا الصغيرة في افريقيا يتمثل في تفكيك الدولة الصومالية وتحويلها الى مركز لنشر فوضى السلاح وزعزعة الامن في القرن الافريقي و وسط افريقيا، وهو نفس المشروع الذي ينفذ اليوم بكل تفاصيله في ليبيا التي تحولت بعد فبراير 2011م الى بؤرة لنشر السلاح والفوضى والاضطراب في شمال افريقيا، سواء في مراحل تبلوره السياسي المبكر والمتمثل في احتواء نظام القذافي وتقليم أظافره، او في مرحلة تفجير قنبلة فبراير كإشارة لقص شريط بداية المشروع والذي هو اليوم في أهم مراحله والمتمثلة في تفكيك المفكك من الدولة الليبية تمهيدا لتقسيمها على أسس تصلح لإبقائها كبؤر دائمة للعنف والتوتر والعداء المتبادل، الى جانب جعلها المركز الرئيس لانطلاق مراحل تنفيذ المشروع الاكبر لجغرافية نشر العنف في منطقة شمال أفريقيا والذي يستهدف بالدرجة الأولى مصر والجزائر باعتبارهما أكبر كتلتين بشريتين يمكن ان تنتجان دولة قوية منافسة للغرب في حربه الجشعة حول الموارد.
يقول كرستيان بارينت في وصفه المركز لمشروع تفكيك الدولة الصومالية وتحولها الى بؤرة لتصدير الفوضى وانتشار السلاح الى دول الجوار؛: "اجبرت مجموعات المتمردين ذات التنسيق الضعيف في يناير 1991 الرئيس سياد بري على الفرار. انهار جيش الدكتاتور بحسب الانتماء القبلي، وأطلق مخزونه من السلاح الذي تخلى عنه موجة جديدة من البنادق في الصومال وشمال كينيا والقرن الأفريقي بأكمله. ويرتبط زوال الدولة ضمنيا بانهيار التجانس الاجتماعي على نطاق واسع مع عدم قدرة المجتمع المدني على خلق الدعم والحاجات التي تشكل أسس المجتمع وتجميعها والتعبير عنها . ومن دون الدولة ينهار المجتمع ، ومن دون بنية اجتماعية لا يمكن للدولة أن تبقى. تداعى هيكل متهالك منذ زمن ولم تمتلك الصومال حكومة فاعلة ، والأسوأ أن وباء الحرب وعدم الاستقرار المستمر أصاب المنطقة بكاملها. خلق تدافع السلاح والذخيرة والتهريب والرجال المسلحين عبر الحدود منطقة ينعدم فيها القانون شملت بصورة متزايدة كينيا.
لم تشعل القوى الكبرى الحرب في اوغادين واجتياح أوغندا لتنزانيا أيام الحرب الباردة ، لكن اندفاع هذه القوى لتسليح وكلاء لها سعر هذه الصراعات بشكل سيء. ببساطة جعلت الأسلحة المستوردة أفريقيا تركع على ركبتيها " . ص (104)
هذا المقطع المتعلق بدور مشروع تفكيك الدولة الصومالية وما سبقه من إعداد وأنتجه من بؤر توتر وفوضى لا زالت قائمة حتى اليوم يكاد ينطبق بشكل تام على الحالة الليبية الراهنة وما سبقها من مراحل إعداد وتمهيد، ابتداء من جرهما (ليبيا والصومال) ليكونا أدوات في الحرب الباردة بين الغرب والاتحاد السوفييتي خلال النصف الثاني من القرن الماضي وما اقتضاه تحول الدولتين الى اكبر مستودع للسلاح التقليدي والذخائر التى وظفت بعد انهيار النظامين في نشر الفوضى وزعزعة الأمن في الدولتين والدول المجاورة لهما كما نرى اليوم. وقبل انهيار النظامين تمكنت أمريكا في التغلغل في مفاصل النظامين من خلال استثمار بؤر خلاف داخلية بين مراكز القوة في الحالة الليبية ، وتخلي موسكو عن حليفها السابق بري في صراعه ضد اثيوبيا الذي دفعه للارتماء في أحضان واشنطن التي سارعت لتفكيك نظامه كخطوة على طريق تنفيذ مشروعها الحالي مشروع مدار الفوضى المتناسق مع تغيير المناخ العالمي وما أنتجه من أزمات غذاء وجوع في المنطقة والواقعة بين مداري الجدي والسرطان، وتوظيف هذه الأزمة لصالحها وصالح حلفائها في اوروبا على حساب الشعوب الفقيرة نتيجة تحالف المناخ مع هيمنة القوة الغاشمة الغربية..
يقدم هذا الصحفي الأمريكي في كتابه المشار اليه أعلاه صورة أوضح وأشمل لتفاصيل وارتباطات وخلفيات لصراعات جرت وأخرى لا زالت جارية تعطي مش الحقيقية العميقة لهذه الأزمات المفتعلة وتورط الغرب حد التوحش في استثمار أزمات شعوب العالم الثالث البيئة والسياسية لخدمة مشاريعه التي تصب في صالح الشركات الاحتكارية التي تسيطر على إدارة اللعبة السياسية في دول الغرب.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مسؤولون أميركيون لسكاي نيوز عربية: 80 طلعة جوية يوميا لحفظ أ
.. الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 3 أشخاص في عملية إطلاق نار على ح
.. 11 شهيدا بقصف إسرائيلي استهدف منازل بمدينة رفح جنوب قطاع غزة
.. إسرائيل تحتل المرتبة الـ15 ضمن أكبر مستوردي الأسلحة بالعالم
.. إسرائيل تواصل حصار مستشفيات غزة رغم التحذيرات من انهيار المن