الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة البخار عندما ترغب في الإعتذار بدل سرد الأعذار

مزوار محمد سعيد

2016 / 10 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


من الجميل أن يحلب الفرد الحياة بكل معانيها، والأجمل أن يلقي بها على يد الأمواج لتركب كل يقين واضح الإنتساب إليه، في حين هي لا تعترف باليقين، وإنما تضع الأمور ضمن خصائص كثيرة يكون لكلّ منها قضيتها الخاصة جدا، وبهذا المجهود يصبح أمام الرسالة المعرفية قضايا كثيرة، وبالأحرى هي قضية واحدة في أوجه عديدة، فيجول الزمن بمقتضياته العلمية الغريبة، وتعود الحكاية إلى البداية من جديد، لترفع كلّ علامات الأقدار إلى قمّة عطايا المواهب وأعذار المكاسب.
يموت الزمن أحيانا، ويصبح سرابا يحدّق فيه الفرد الإنساني لوحده، بينما القضية الكبرى، هي تلك التي تجعل القرية الفكرية أقرب بكثير من تفكير الفرد انطلاقا من فهمه الخاص، ونمطيته الخاصة، وحتى مشاكله وهمومه الخاصة أيضا، وهذه اللغة بالذات، هي التي تصنع ذاك الفرق الواضح بين الحياة وحياتها، حيث يلغي القدر المسافات، وتستفيق المعلومات على وقع القضايا الخاصة بها، لتلقينها من جديد لغة لا تفقهها لوحدها.
أن يعتذر المرء عن خطأ اقترفه فتلك لحظة تضاهي وقوفه أمام اليقين، وبهذا التصرّف يثبت الشخص بأنّه قادر على الفصل بين الجدّ والهزل، فهي قضية نحسب لها حسابها، عندما نتعرّف على التقريب الخاص بها، حيث يبلغ الفعل العقلي مسافات لا محدودة، تتخذ من مسالك الفرص المعرفية الكثيرة مستهلكات لا مهلكات.
من هنا يستكين التقدير المعرفي، من هنا يتنبّه العقل إلى وجود كثافة معنوية تقضي بأن يسلك الفرد منابعه لتخطّي ما يعنيه الاعتذار من وجوب أمام حجم الخطأ، فلطالما كان الفعل المعرفي أقرب إلى الوجود الإنساني، لكنّه قد يعزوا فقدان الإنسان لإنسانيته قدرا كبيرا من حمولة الأخطاء، تلك التي لا يمكن للإنسان أن يتخذها هُزارا.
أقدم المعارف خرجت من اليقين، وكانت الأعذارتلفّه بشكل مهين، وما وجد معاكسا له عوقب أشدّ العقاب، النفس الإنسانية تخشى العقاب وتجزع منه، لكنّ القدرة المعرفية على الأداء التفكيري يصبح إلزاميا إن ما أراد الفرد الإنساني أن يكتسب عادة وفضيلة الإعتذار بدل احتراف صنعة إنتاج الأعذار.
ليس مستحيلا أن يصبح الفرد الإنساني لغة حيّة، ولن يكون أكثر من جدير بالثقة حين يحمل الإنسان مكانته المعرفية ويسير بها كمن يحمل القربان، لكنّ جور الزمن والفؤاد يجعله لأكثر من مرّة، يستقي عذابه من أخطائه، يستهين بكلّ معارفه، ويهوي بمطرقة معنوياته على أمانيه وطموحاته، لأنّها حتما ستكلّفه غاليا.
من يصنع بما لديه الوعاء المعرفي الخاص به، هو إنسان يقيم مسؤولياته على مبادئه، وهي بالتقريب قيَمٌ يستحيل أن تجعله في موضع يجادل "الإعتذار"، إنها صيغة توافقية بين الروح الإنسانية وما يلاقيه الفرد من ضغط، مفاوضات سريّة تسعى البشرية إلى إقامتها بطلقات الحديد، لتجعل من العالم الذي يلينا عالما يكاد ينفض غبار إنتمائه لنا!
يستحيل أن يكون الفرد الإنساني مغاليا إلى درجة التطرّف طول حياته، هناك فترات تجعل منه يعيد الذاكرة، ويسترجع الكثير من اللحظات، عندها فقط يقرر: الإعتذار أو صناعة عذر؟
الروح التي تحلّق في الفضاء ليست مثالية أبدا، لكن ما يوجد بها من عطب هو ما يشكّل منها قاعدة تستهين بها، وقد تكسر عزيمتها بين الحين والحين، ليس مهمّا أن يتطرّق البشري إلى "فقدان كرامته أو جزء منها"، لكنّ التقرير العام للذات البشرية يجعل من القرار الإنساني مصبا لمعنويات كثيرة، يستهويها الفرد، ويحمل عليها أنّها الأقرب للوصول إلى درجة تقترب من كماله، إنها ليست علامة قوّة ولا هي بالضعف، لكنها تولد في الداخل ليستهلكها الداخل بدايةً.

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة