الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسلمون في اوربا : ازمة هوية وعدم اندماج

وليد يوسف عطو

2016 / 10 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



يكتب الباحث حامد عبد الصمد في كتابه :

(سقوط العالم الاسلامي : نظرة في مستقبل امة تحتضر) –ط1 – 2016 –الناشر: دار سطور للنشر والتوزيع – بغداد – شارع المتنبي – مدخل جديد حسن باشا..

عن كتاب لوزير العدل الهولندي يتنبا فيه ان تطبيق الشريعة الاسلامية في هولندا قد يكون مسالة وقت لاغير .وقد فجر روان وليامز اسقف كانتر بري مفاجاة كبرى حين اعلن عن ترحيبه بتطبيق الشريعة الاسلامية تطبيقا جزئيا في بريطانيا لمساعدة المسلمين على الاندماج في المجتمع .

يقول حامد عبد الصمد :

(وهذا الترحيب ليس في حقيقته الا نوعا من اللامبالاة , بل والعنصرية المقنعة .فبعد ان عجزت النظم الغربية عن ايجاد طرق لاندماج المسلمين في بلدانهم, يريدون ان يتركوهم في عزلتهم ليتولوا هم شؤون انفسهم , وامثال وليامز من رجال الدين لاينصحون بتطبيق الشريعة من منطلق محبتهم للمسلمين , وانما ليمهدوا لحصول الكنيسة ايضا على صلاحيات اكبر في صناعة القرار ).

وبالفعل نجد اليوم (85) محكمة من محاكم الشريعة تعمل في بريطانيا في نظام عدل مواز خاص بالمسلمين فقط . وعلى الجانب الاخر يزداد نفوذ اليمين المتطرف والمسيحيين الاصوليين في المجتمع البريطاني وفي كل اوربا ) .

وهذه الاجراءات في نظري تخالف مبادي العلمانية في اوربا وتبين فشل الدول الغربية في ادماج المسلمين في مجتمعاتها , مع حاجتها الى الايدي العاملة الرخيصة للوافدين اليها , ولتجديد شباب مجتمعاتها عن طريق الوافدين اليها .
يقول حامد عبد الصمد ان هناك علاقة وثيقة بين الشريعة وبين التغريب . فالشريعة لم تولد في مكة بل في المدينة, حيث كانت هناك جاليات يهودية تعيش وفق القانون اليهودي ( هالاخا )والذي يعني ( شريعة ) او ( طريق ).

الشريعتين اليهودية والاسلامية تمثلان حالة من الحراك والانتقال من مكان الى اخر , اي الى نوع من الهجرة . جاءت بداية التشريعات الاسلامية مع فرض الصلاة باتجاه القدس وصوم يوم عاشوراء , وهي تتوافق مع بعض الاعياد اليهودية , ثم تحريم اكل لحم الخنزير .

ولكن بعد ان حدث الشقاق بين الرسول محمد واليهود جاءت تشريعات جديدة ابتعدت في مقاصدها عن اليهود , فقد تم تحريم الخمر والزنا والربا , وذلك لحماية المهاجرين من سطوة المال والجنس والمسكرات .
الشريعة في بدايتها لم تكن سوى محاولة للحد من تاثير :
(الاخر )على هوية المهاجرين الهشة الوليدة .

لقد كان التشريع اليهودي يلعب دور الوطن في حياة اليهود المشتتين , والهدف هو خلق هوية خاصة باليهود, هوية تميزهم عن غيرهم من الاقوام .لم تبدا حركة الاصلاح اليهودية الاوربية ( هاسكالا )بفكر علماني معادي للدين , بل من وسط الفكر الديني اليهودي , حيث قاد الحركة عالم لاهوت وفيلسوف يهودي اسمه ( موسى مندلسون ). عاش في برلين في القرن الثامن عشر وبدا ببناء المدارس لليهود .

وقال ان من يتعلم التوراة عليه ايضا ان يتعلم الفلسفة والعلوم البشرية . حث مندلسون وغيره من علماء وزعماء اليهود على تغيير مهنهم التقليدية كحرفيين وصيارفة , وتدريب انفسهم للعمل كمدرسين واطباء ومحامين .كما الح عليهم بتغيير مظهرهم العام وصورتهم في المجتمع كي لايحس الاوربيون ان اليهود يتعالون عليهم .

وقد حل مندلسون ازمة الهوية لدى اليهود الالمان عندما قال لهم :
(كونوا يهودا في بيوتكم والمانا في الشوارع ).وقد ادى ذلك الى ثورة تعليمية وثقافية بين اليهود ادت الى نبوغ اسماء كثيرة منهم : البرت اينشتاين وسيجموند فرويد وروزا لوكسمبرج .وهذا يشرح لماذا حصل ( 163) عالما يهوديا على جائزة نوبل في كل المجالات بينما عدد اليهود لايتجاوز 13 مليون نسمة , في حين حصل تسعة من المسلمين فقط على جائزة نوبل , رغم ان اعدادهم تقترب من مليار ونصف المليار نسمة .يعيش في اوربا بحسب حامد عبد الصمد 15 مليون مهاجر مسلم ,معظمهم من الاتراك والباكستان والبلدان العربية, وهم افقر السكان واقلهم تعليما .

وكما ان معدلات البطالة والجريمة بين المسلمين تزداد بشكل ملحوظ مما يزيد من كراهية السكان الاصليين لهم يوما بعد يوم .لايبني المسلمون المدارس الخاصة لابنائهم كما فعل اليهود , بل تراهم يبنون المساجد الفاخرة , وهي ظاهرة جديدة في اوربا .ولكن بعد ان تطور الاقتصاد الاوربي وصار لايعتمد على الصناعات الثقيلة , بل على العلوم وتكنولوجيا الالكترونيات فقد الكثير من المسلمين عملهم لانهم غير متعلمين ,وزادت نسبة البطالة بينهم .

ومنذ ذلك الحين وهم يحاولون تعويض فشلهم ببناء المساجد .مازال الكثير من المسلمين يعيشون على المعونات الاجتماعية التي تقدمها لهم الدول الاوربية من اموال دافعي الضرائب لكنهم ,اي المسلمين ,لازال الكثير منهم ينظرون الى الاوربيين ككفار يجب اسلمتهم , فلا هم يحترمون قوانين وعادات البلاد الاوربية ولا هم عادوا الى بلدانهم .

هنالك الكثير من المهاجرين من اصول اسيوية يعيشون في عزلة ايضا , لكنهم لايكدرون الامن العام ولا يصرون على اظهار رموزهم الدينية وبناء دور العبادة وسط المدن كما يفعل المسلمون .كما ان نسبة المتعلمين بين هؤلاء المهاجرين اكبر بكثير من المسلمين , ومعدل الجريمة بينهم اقل بكثير والصحف الاوربية تمتليء بمثل هذه الاخبار يوميا :اب مسلم يقتل ابنته من اجل الشرف .سائق حافلة (اوتوبيس )مسلم في بريطانيا توقف عن قيادة الحافلة وبدا في الصلاة امام انظار المسافرين , ودون ان يشرح لهم او يعتذر من تصرفه .

عمال مصنع مسلمون في فرنسا طالبوا بالحصول على وجبات خاصة بها لحم مذبوح على الطريقة الاسلامية. وبعد ان استجاب المصنع لمطلبهم , طالبوا بركن خاص في مطعم المصنع بعيدا عن العمال الفرنسيين الذين ياكلون لحم الخنزير.

مدرسة حضانة مسلمة في الدانمارك رفعت شكوى ضد ادارة الحضانة التي فصلتها عن العمل بعد ارتدائها للنقاب , واصرت على تلقين الاطفال الدروس دون ان يروا وجهها .وكان تبريرها ان هؤلاء الاطفال سوف يصيرون رجالا يوما ما ويجب الا يتذكروا وجهها لانه عورة .

هنالك فهم خاطيء بين صفوف المهاجرين المسلمين لمعنى الهوية .فمعظم المهاجرين المسلمين في اوربا قدموا من مناطق ريفية وجبلية في تركيا والمغرب وباكستان .كانوا يصرون على اساليب حياة لايتبعها احد في اسطنبول .والرباط , ويحاولون تضييق الخناق على اولادهم وبناتهم حتى لايختلطوا بالمجتمع الاوربي..

في هذه الاوساط انتشرت جرائم القتل للبنات غسلا للعار . في المانيا وحدها سجلت اجهزة الامن وقوع 96حالة قتل من اجل الشرف بين المسلمين في السنوات الاخيرة , بينما هنالك اعداد اكبرمن جرائم الشرف لايتم الافصاح عنهاعند وقوعها .
هنالك شكل اخر من اشكال التطرف بين صفوف الشباب وخصوصا الشباب التركي والعربي حيث يشكلون عصابات اجرامية لتجارة المخدرات والاتجار بالاجساد , اي بالدعارة.

هنالك غسيل دماغ اجري على المهاجرين المسلمين في اوربا , حيث تم كسبهم الى التنظيمات الارهابية وقاموا بتنفيذ جرائم وعمليات قتل وتفجير .وهم من عائلات غنية او متوسطة الدخل او فوق المتوسط .وكانوا يتمتعون بتعليم جيد ولكن الموضوع له علاقة بالهوية وبالفهم الضيق للدين.

يقول حامد عبد الصمد ان لااحد من الجاليات الاخرى غير الاسلامية يحاول ان يفجر نفسه . لذا يتساءل الناس في اوربا (لماذا المسلمون بالذات ؟). يجيب حامد عبد الصمد على هذا السؤال :
(ان المتطرفين المسلمين لاينظرون الى غيرهم من الناس كبشر بل كانعام لايستحقون الرحمة ).
هؤلاء الذين قاموا بالاعمال الاجرامية كانوا يعيشون حياة فوضى وعيشة عبثية قبل ان يصيروا متدينيين . معظمهم كان يشرب الخمور ويتعاطى المخدرات وله علاقات نسائية قبل ان يتعرض لغسيل الدماغ الاسلامي.وعندما يعود هؤلاء للدين تجدهم مثل من يعتنق دينا جديدا ,اي اشد تزمتا وصرامة من اصحاب الدين نفسه ,فيحاولون ان يعوضوا ايام العصيان باعمال تحسب لهم في ميزان حسناتهم .

في الختام ارى ان هؤلاء يعانون من صراعات نفسية واجتماعية واضطرابات واحباطات وانعزال وانكفاء وفصام في النفس والشخصية, لم يستطيعوا التوصل الى حلول لها فقاموا باستعراض هويتهم الجديدة والمو بؤة بالامراض النفسية وممارسة القتل والتفجيرات والارهاب لاثبات الذات ولتفريغ طاقتهم المكبوتة .
الارهاب لادين له !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53


.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن




.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص