الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمازيغ المغرب و الاستعراب و إشكالية الانتماء

جلال مجاهدي

2016 / 10 / 6
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


المغرب دولة أمازيغية , يشكل فيها العنصر الأمازيغي 80 % من مجموع السكان و هذا ما خلصت إليه نتائج الحمض النووي و علماء الجينات يتحدثون هنا عن نقاء العرق بالمغرب مقارنة بباقي البلدان , بينما نسبة العرب فيه لا تتعدى 13% , أمام هذا المعطى ترجع بنا الذاكرة إلى الخلف لنتذكر قولة ابن خلدون حينما قال اننا لسنا عرب بل مستعربون و مسألة الأصل بالنسبة للمغاربة خاصة هي مسألة هوية وتثير حساسية شديدة بالنظر للاستعراب اللغوي و الانتمائي الحاصل منذ زمن فإذا كان مما لاشك فيه أن العاملين الذين حسما في الاستعراب اللغوي يتمثلان في اعتناق الامازيغ للديانة الاسلامية و تعلمهم للعربية لغة القرآن و الحديث من جهة و ثأثرهم كغيرهم من الشعوب باللغة الرسمية للانظمة الحاكمة او المستعمرة التي تستعمل رسميا كلغة ادارية من جهة أخرى إلا أن مسألة اللغة شيء و مسألة الانتماء العرقي شيء آخر , السؤال المطروح ليس محوره الاستعراب اللغوي بل الانتمائي و الهوياتي, فانسلاخ معظم الامازيغ من اصولهم و من هويتهم و نسبهم لأنفسهم أنسابا مشرقية مباينة لنسبهم الامازيغي هو أمر يستحق التوقف عنده, ولنضع أنفسنا في الصورة , فبلاد فارس و الترك التي دخلها الاسلام منذ قرون خلت لا زال يحتفظ سكانها بانتمائهم العرقي و لم ينسلخوا منه , إذن فعوامل الزمن أو الدين أو تعلم اللغة العربية ليست في حد ذاتها عوامل حاسمة و يبقى العاملين الحاسمين هما عامل الصراع و عامل السلطة فبخلاف المناطق الجبلية النائية التي لم تكن محط أطماع و التي تخف فيها حدة السلطة و التي احتفظ سكانها بامازيغيتهم اللغوية و الاثنية كالريف و سوس و الاطلس , عرفت المناطق المنبسطة الخصبة أو الرعوية حروبا و صراعات على مجرى التاريخ ,فبالرجوع الى أحداث التاريخ فبعد دخول الادارسة المغرب و موت ادريس الثاني اقتتل اولاده على الحكم و شنت القبائل الامازيغية الحروب بعضها على بعض نصرة لاحد الابناء ثم كان دخول قبائل بنو هلال و بنو سليم الى المغرب ابان حكم الدولة الموحدية الذين لم ينفكوا يحدثون الغارات تلو الاخرى على القبائل الامازيغية التي كانت تستوطن السهول و التي نفسها كانت منقسمة إلى قبائل شتى أضعفها انقسامها مما ادى الى استفراد هؤلاء العرب بها و قاموا بالإغارة عليها و تهجيرها من مواطنها ثم الحروب التي شنها المرابطون على الموحدين و على البورغواطيين اتباع النبي صالح البربري الذين كانوا يستوطنون منطقة تامسنا ثم الحروب في عهد المرينيين و الوطاسيين و السعديين و ما إلى ذلك كل هذه الاحداث تظافرت على طول المرحلة الزمانية لتقضي بشكل نهائي على القبيلة بالمفهوم العرقي و على التعصب للعرق فاصبحت القبائل عبارة عن تجمعات و اتحادات هدفها الاول و الاخير حماية الارض و النفس , هذه القبائل بالنظر لاختلاف العشائر المكونة لها و بالنظر لاختلاف السنتها كانت مجبرة على التحدث باللغة الثانية التي كانت هي العربية ليتواصل أفرادها فيما بينهم و أمام الامتزاج الحاصل و بالنظر لكون أغلب القبائل كانت تضم عشائر عربية من عرب الفتح او من بنو هلال و بنو سليم أو من الادارسة فقدت هذه الاخيرة هويتها الامازيغية و استعربت بالكامل و كل القبائل الممتدة ببسيط البلاد او في المناطق الرعوية تضم أخلاطا من عشائر متفرقة منهم العرب و منهم الامازيغ و أن الاندماج الحاصل يؤكد صحة الطرح فلا تكاد تميز منهم بين عربي او امازيغي إلا بإجراء فحص الحمض النووي ,هذا الأخير خلص الى وجود 13% من العرب بالمغرب و اذا استثنينا مناطق الريف و سوس و الاطلس حيث ينعدم العنصر العربي فإن نسبة العرب في باقي المناطق كسهول دكالة و عبدة و الشاوية ستصل حتما إلى 20 % , هذه المقاربة نجد لها حاليا مثالا حيا في دولة السودان , فالقبائل السودانية التي اتحدت مؤخرا نظرا للصراعات الدائرة و بالنظر لاختلاف العشائر و اختلاف الالسنة اصبحت تتحدث العربية فقط و اعلنت عن انتمائها العربي كانتماء بديل هذا و بخصوص الشق الثاني المتعلق بالعامل الحاسم الآخر في الاستعراب الذي هو السلطة نشير بدأ أنه و منذ الفتح الاسلامي و استقرار عرب الفتح بالمغرب تحت لواء الدولة الاموية و العرب يقومون بفرض ثقافتهم على الامازيغ و محو هويتهم في اتجاه استعرابهم تحت مسمى التثقيف الديني و الحلف و الولاء, فقد اتخد العرب المتحكمين بالسلطة و منذ بداية دخولهم لبلاد الامازيغ احلافا من الامازيغ و امتزجوا بهم ولقنوهم ثقافتهم كثقافة بديلة و بما أن الامازيغ كانت تغلب عليهم البداوة و في غياب أية ثقافة ممانعة, لم تمض إلا بعض الاجيال حتى استعرب العديد منهم , إن فقد الامازيغ لمملكتهم التي كانت تؤطرهم و نزع السلطة منهم شكل احدى المفاصل الهامة في تاريخ رحلة الاستعراب , هذا الاستعراب استمر على طول الزمن رغم بروز دول يحكمها الامازيغ كالدولة الموحدية و المرابطية بالنظر لكونهما خرجتا من رحم التثقيف الديني العربي و من الطرق الصوفية التي اجتاحت بلاد المغرب حينها في ظرف وجيز ,إن الهوية و الانتماء و تقلباتهما و انقلاباتهما من المسائل القديمة جدا و لا يخلوا مجتمع او دولة منها و هي من ميكانيزمات الاندماج و الانصهار و وحدة المجتمعات وتوحدها على مر التاريخ و بالتالي فالاستعراب الذي حصل اصبح جزءا لا يتجزأ من الهوية المغربية و لا يكن باي حال من الاحوال ارجاع عقارب ساعة الزمن الى الماضي أو اللعب على أوتار النزعة العرقية و الهوياتية و استفزاز أي مواطن تحت اي مسمى طالما ان المواطنة كرابطة و كاطار حداثي هي من تجمعنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جعفر الميرغني : -الجيش حامي للوطن وللمواطن السوداني-


.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟




.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟


.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل




.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي