الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتل عابرة للطوائف..مسعى جديد لشرعة الفساد وتناسل الفاسدين

صادق الازرقي

2016 / 10 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


دعوات تكررت و تكثف اطلاقها هذه الايام ولاسيما من قبل "مسؤولين" حاول معظمهم طيلة السنوات الثلاث عشرة الماضية منذ اسقاط النظام المباد في 2003 تكريس الطائفية والعرقية وتجذيرها والانتفاع منها للتكسب السياسي وحيازة المغانم، أقول دعوات برزت في المدة الماضية اقتراناً باقتراب موعد الانتخابات المقبلة لتشكيل ما اسموها كتل عابرة للطوائف.
مبعث استغرابنا من هذه الدعوات انها تأتي من الوجوه ذاتها التي اثبتت فشلها في بناء العراق وتحقيق مصالح الناس، برغم المدة الطويلة لتي مرت منذ تغيير النظام السابق وبرغم الاموال الهائلة التي وردت الى خزينة البلد فأضاعوها بفسادهم.
صيغة الطرح الجديدة لن تخدم بأي حال مسعى بناء مجتمع سليم، اذ اننا ليست بنا حاجة لعبور الطوائف فالكينونة الدينية والمذهبية والعرقية متواجدة في العراق وهي قطعا متوافرة في كل بلد الا ان المجتمعات المتحضرة في اوروبا واميركا مثلاً، وحدت مسار تلك الكينونات ببناء انظمة لا دينية نأت بالدين وما يتبعه من طوائف قد تكون متضاربة عن التدخل في شؤون الدولة، واعطت لكل ذي حق حقه وأعملت الجهود لتأمين مستوى لائق من العدالة الاجتماعية فتحقق للإنسان آدميته وتوحد بالهوية الوطنية التي يشعر بالفخر ازاءها لأنها تحقق له الرخاء والسلام؛ كما ان الاحزاب والائتلافات لم تتشكل في تلك البلدان على اساس ديني او طائفي، بعكس ما يجري لدينا بوساطة الاسلام السياسي.
وهكذا زالت او تكاد الصراعات العرقية والاثنية في تلك المجتمعات، حتى ان صراعا كان يسود الساحة في سبعينات القرن الماضي ونعني به الصراع المذهبي في ايرلندا يكاد ان يصبح طي النسيان، اما السر في ذلك فيتمثل بتسابق القوى السياسية في ايرلندا وكذلك في بريطانيا على تحقيق طموحات السكان في العيش الرخي الكريم؛ فانتفت الحاجة الى الهويات الدينية والعرقية والمذهبية، وحتى اذا تجددت المطالب بشأن دعوات من هذا القبيل فانها تجري على وفق السياسة الصحيحة وروح العصر، وليست باستدعاء النوازع الاثنية عند الحاجة والدعوة الى عبورها في اوقات اخرى لمآرب خاصة مثلما يجري عندنا.
بنا حاجة الى برامج انتخابية عصرية تحتفي بالإنسان وترسم له طريقا مليئا بالأمل والفرح وتحقيق طموحاته الفردية والجمعية في العدالة الاجتماعية؛ فلا معنى للحديث عن عبور الطوائف في الوقت الذي تنتشر فيه البطالة وينخر الفساد الاداري والمالي مؤسسات الحكومة، وفي وقت لا توفر الحكومة السكن للناس ويضطر آلاف الشباب الى ركوب الخطر والهجرة الى دول اخرى تحقق لهم انسانيتهم التي افقدهم اياها سياسو اللحظة، عابرو الطوائف المقبلين الذين خربوا اقتصاد البلد وحولوا حياة الناس الى جحيم لا يطاق.
منذ انتخابات الجمعية الوطنية الاولى عام 2005 التي كرست الاصطفاف الطائفي والقومي فان القوى التي عملت بنظام المحاصصة اثبتت فشلها الفاضح، فحاولت من ثم جاهدة ان تتلون بحسب الظروف اللاحقة مع الابقاء على "ثوابتها" التي لا تفكر في التنازل عنها، وتلك الثوابت اثبتت الاحداث وحتى الآن انها لا تتعلق ببرامج وطنية اقتصادية و اجتماعية و حتى سياسية، بل انها تتركز في منافعها المالية المتحققة من دخولها المضمار السياسي. ومنذ ما سمى بنظام المحاصصة ومن ثم الشراكة و التوافق وغيرها من المسميات، وبعد ان اطمأن الفاسدون الى مكاسبهم التي حققها لهم ذلك النظام، وبعد ان انكشفت اساليبهم من قبل الشعب فانهم طفقوا يبحثون عن مسميات اخرى فمرة مستقلون واخرى كفاءات وغيرها وجميعها لم تنف عنهم صفة الفشل وخداع الناس، الذين لم تزل غالبيتهم تصوت لهم في الانتخابات على اساس طائفي واثني تأثراً بالخطاب الذي ينبثق على حين غرة قبيل الممارسة الانتخابية، تكسباً لأصوات المقترعين عشية الانتخابات مصفحين اياهم عن دعوات العبور الطائفي الجديدة التي يركنون اليها وقت الحاجة.
ان هموم الناس واحدة ولاسيما الفقراء وذوي الدخل المحدود وهم اغلبية السكان وان الذي يسعى اليه ابن بغداد، هو مسعى ابن الرمادي و ابن الجنوب و حتى ابن كردستان فهمومهم مشتركة وان تلبيتها لهم وتحقيق رفاههم وحل مشكلاتهم المعيشية والخدمية وتأمين حياتهم اللائقة كفيل بالقضاء على مرض الطائفية ولجم مكامن الاختلال في الشخصية الانسانية نفسيا وجسدياً؛ وذلك ما ادركته المجتمعات المتحضرة وسعت الى تحقيقه لأنه الضمانة الوحيدة لأنشاء مجتمع متضامن قويم.
بنا حاجة الى احزاب معاصرة تضع لها برامج انتخابية واضحة بمنأى عن الاعتبارات الدينية والعقائدية فتلك امور تخصها هي.. الناس ينتظرون خططاً للخروج من الازمات التي افترستهم وتنقذهم من المخاطر المحدقة، اما الحديث عن "اللحمة الوطنية" تارة و "عبور الطوائف" تارة اخرى فتلك امور لا تسمن ولا تغني من جوع كما يقال؛ لأن الرابطة الوطنية والقضاء على الطائفية وليس عبورها، تعني اولاً انشاء احزاب و تجمعات غير طائفية وهو ما لم يتحقق حتى الآن، كما تعني سن قانوني احزاب وانتخابات عصريين والغاء النظام الانتخابي الحالي الذي يكرس سيطرة القوى المتنفذة ويوصل اشخاصا غير اكفاء وبالتزوير الى المفاصل الحيوية في مؤسسات السلطة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، فمن دون تحقيق ذلك وغيره نبقى في الدوامة ذاتها من الضياع والفرقة والفشل المريع في كل شيء وحتما سنقع في الحفرة الطائفية ذاتها التي نزعم اننا نروم عبورها وسيجري انتخاب الفاسدين انفسهم الذين اوقعونا في الكارثة او ان يُنتخب افراد من عائلاتهم او اقاربهم ومناصريهم الذين سيكونون اشد هولاً وفساداً من سابقيهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل