الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقائق تأبى الغفلة ( 1-2 )

شريف مانجستو

2016 / 10 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


دائماً ما أتذكر مقولة رائعة للإمام على بن أبى طالب " كرم الله وجهه" : إن الدُنيا ساعة فاجعلها طاعة ، وإن النفس طمّاعة فعوّدها القناعة . فى مخيلتى شعور جامح يسعى لتفسير وتفنيد هذه المقولة الجادة الحاسمة لأى إشكالية . وعلى الرغم من خلفيتى الفكرية اليسارية ، إلا أننى مازلت على قناعة أن الدين له قراءات وتفسيرات يُجيدها القوم بشتى مشاربهم و مبادئهم .
كم هى عظيمة تلك المقولة . أرى الكون أحوج لتوصيفها وتحليلها ، وذلك فى ظل الحقد المستشرى كالطفح الجلدى على أجساد وضمائر الإنسانية . وفى ظل الأطماع التى سيطرت على النفوس بلا استثناءات . وسأقوم بحول الله وقوته بطرح ما اهتدت إليه نفسى _الآمرة لكُل سوء وكُل قُبح _ من أفكار و أطروحات تُعبر عن وجدانى اللحظى .
(1) إن الدُنيا ساعة
من روعة هذه الحياة أنها قصيرة جداً . لا أمل فى التأبيد حتماً . فالجميع سيموت وسيبلى ، ولن يترك له أثر. وقد جائت الأديان بهذه الحقيقة وجائت أيضاً كُل الفلسفات المادية منها والمثالية بهكذا حقيقة . ومن هُنا نشأت فكرة التطوّر والتغيير فى كُل شىء ، حتى فى طموحات البشر المتنوعة . فالآجال معروفة ومحفوظة عند المولى تعالى ، وعلينا ان نعرف أن الحياة مهما طالت فهى قصيرة ، ومهما علَت فهى بالتأكيد وضيعة وحقيرة. سنتركها يوماً ما ونُدفن بأجسادٍ عارية تنهشها الهوام والديدان . إنها حقيقة لا مفر منها . قال بعضهم : كم من عزيزٍ أذلّ الموت مصرعه .. كانت على رأسة الرايات تخفقُ . أين أصحاب الرايات العدائية لكُل فقير و مريض ؟ . أين أصحاب الرايات البائسة ضد أى إنجاز أو نجاح ؟. أين أصحاب هامان و فرعون وثمود ؟. أين كاليجولا وستالين و هتلر و عيدى أمين ؟.أين أصحاب رايات القومية البائسة ؟. لقد ماتوا و انتهوا .
و لا أنسى مقولة الفيلسوف الرومانى إبكتيتوس ، حيث قال : إنه لا يوجد شر فى هذا الكون . حتى الموت يتحول إلى خادم للطبيعة .
فهؤلاء أصبحوا خدماً لحتمية مادية ولابد . أى تحوّلوا إلى ذرات كالرماد . وهذا منطلق مادى .
إنهم تركوا الضياع والأموال والنفوذ . كما يترك الفقير بؤسه و شقائه ولابد .
(2) فاجعلها طاعة
الطاعة لها أوجه مختلفة . منها الطاعة لله فى القلب وفى العقل وفى الضمير وفى البدن . أن تستشعر قدرة الله عليك . ألا تخشى أحد إلا الواحد الأحد . أن تعلم أنك فى تلك الساعة التى ستعيش فيها ، عليك واجبات أخلاقية واجتماعية تجاه نفسك وأهلك ومجتمعك و للبشرية.وعلى الجميع أن يُقدّر قيمة ما يقوم به من إنجاز ، لاسيما الإنجاز الذى له علاقة بخدمة البُسطاء والمحتاجين . فالطاعة الشاملة فى تقديرى تكمُن فى إرضاء القلوب البائسة وتطمينها من مخاطر مُحدقة . من الطاعة أيضاً احترام رغبة الآخر فى تبنى ما يشاء من أفكار و عقائد . فالكون كله خُلق للجميع ، وليس لفئة مُعينة تحكُم بقانون القوة والبطش . من الطاعة أيضاً الوقوف بكلمة الحق أمام سلطان جائر . فقول الحق يحتاج إلى قلوب قادرة على التصدى والمُثابرة واليقين التام بنصر الله عز وجل . ومن الطاعة أيضاً تأتى فضيلة الزُهد فى الدنيا ، والمقصود هُنا هو التخلّى عن كُل أطماع دُنيوية حقيرة ، قد تقود صاحبها إلى الهلاك . فالزُهدُ يصنع عقول مُضيئة ويُعطى للقانعين بريق . والزُهدُ هُنا لا يتعارض مع أى طموح إنسانى ، بل يكون وقاية من أى سقوط مُزرى . و أُنهى مقالى هذا بمقولة الخليل ابن أحمد الفراهيدى _رحمه الله _ حين أراد الأمير أن يصله بشىء من عرض الدنيا . فقال له الخليل " إنا مُستغنٍ عنك بالذى أغناك عنى ". فلنتدبر ونتعظ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف


.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية




.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك