الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبرز خلاصات انتخابات 7 أكتوبر

رضا الهمادي

2016 / 10 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


اولا: تدني نسبة المشاركة مقارنة مع انتخابات 2011، و استقرارها في حدود 43% يؤكد أنه لا يزال هناك طريق طويل أمام الأحزاب لتأطير المواطنين و إقناعهم بالحد الأدنى من المشاركة السياسية و التعبير عن الموقف السياسي. و يبقى فشل الأحزاب في الوصول إلى نسبة مشاركة 50% الرمزية أمرا واقعا رغم حرارة التنافس الانتخابي بينها، و زيادة مجموعة من التوابل في مشهدنا السياسي الموجبة للمشاركة. و يكشف عدم استطاعة أحزابنا مجتمعة تخطي حاجز 6.5 مليون صوت و هو رقم قليل جدا بالمقارنة مع 26 مليون مغربي هم في سن التصويت عن قصور تعبوي كبير في عملها و عن عدم اقتناع شريحة كبيرة من السياسيين المغاربة بما يجري في المشهد السياسي المغربي.

ثانيا: شكلت النتائج المعلنة مفاجأة للعديد من المراقبين، فمع توقع جميع المراقبين تفوق حزبي الأصالة و المعاصرة و العدالة و التنمية و إن كان عدد المقاعد التي حصلا عليها يتجاوز بقليل سقف التوقعات، إلا أن هذه الانتخابات شهدت اندحارا كبيرا لمجموعة من الأحزاب الأخرى، فالتراجع الكبير لحزب الاستقلال يبدو مفهوما نظرا لتخبطه في المواقف و ضبابية الرؤية لقياداته، كما كانت النتائج التي حققها التجمع الوطني للأحرار منتظرة نظرا لنزوح عدد كبير من أعيانه نحو حزب الأصالة و المعاصرة و نظرا أيضا لتراجع الأداء السياسي لقيادته. ما كان ملفتا للنظر و صادما هو السقوط المدوي لحزب الاتحاد الاشتراكي على جميع المستويات، فعدم استطاعته وصول عتبة تكوين فريق برلماني يخفي تراجعا كبيرا في طبيعة و جودة المقاعد البرلمانية التي حققها (لم ينجح في أي من المدن الكبرى و غادرها نحو المدن الصغرى و البوادي) و هو ما سيجعل مجموعته النيابية تختلف بشكل كبير عن آخر فريق برلماني كونه هذا الحزب. حزب آخر كرس أزمة اليسار المغربي و هو حزب التقدم و الاشتراكية الذي حقق سقوطا غير متوقع رغم أداءه السياسي الجيد، و الذي يبدو أنه تضرر كثيرا من تحالفه مع حزب العدالة و التنمية. بالإضافة إلى فيدرالية اليسار الديمقراطي التي اكتفت بمقعدين فقط رغم المتابعة و المواكبة الإعلامية التي حظيت به قبل الانتخابات.

ثالثا: بقدر ما تكرس هذه النتائج القطبية السياسية و ترسخها في المشهد السياسي المغربي بقدر ما أنتجت لنا مشهدا سياسيا تراجعت فيه الأحزاب التاريخية إلى الصف الثاني و الثالث، و هو ما يساءل قادة هذه الأحزاب جميعا أمام مناضليهم خصوصا أن بعضهم يتحمل مسؤولية مباشرة في النتائج المحققة و هنا أخص بالذكر حميد شباط و ادريس لشكر و صلاح الدين مزوار.

رابعا: يظهر بشكل كبير كيف ساهمت عتبة 3% في تشتيت المشهد السياسي المغربي و بلقنته، فمع افتراض توزيع نفس الأصوات مع عتبة 6% كنا سنكون أمام مشهد سياسي أكثر عقلنة يكرس القطبين السياسيين و يمنحهما حجما أكبر، مع 4 أحزاب متوسطة، مما كان سيجعل تشكل المشهد السياسي أكثر سهولة (3 أحزاب في الحكومة و 3 في المعارضة). و الظاهر أن عتبة 3% كانت مقلبا شربه الجميع الهدف منه خنق المشهد السياسي و تعقيد لعبة التحالفات لتكبيل الحكومة المقبلة فحزب العدالة و التنمية الآن مطالب بتجميع خمس أحزاب من دياسبورا الأحزاب المتوسطة و الصغيرة لتشكيل الحكومة المقبلة.

خامسا: فوز حزب العدالة و التنمية بالمرتبة الأولى هو تأكيد للشعبية الكبيرة لهذا الحزب رغم السياسات المغرقة في الليبرالية التي انتهجها هذا الحزب خلال فترة ولايته الحكومية. و هو ما يكشف عن القوة الإقناعية الكبيرة التي يتوفر عليها و عن التفوق الكبير للظاهرة البنكيرانية التي يرجع لها فضل كبير في النتائج التي حققها ثم يكشف قوة التنظيم المحكم لهذا الحزب و نجاعة آليات التخاطب التي استعملها بالمقارنة مع تجارب أخرى أنهكتها المشاركة الحكومية و كانت وبالا عليها.

سادسا: يجب الانتباه إلى أننا على شفا مأزق دستوري، ففي حالة عدم تمكن الحزب الأول من تجميع الأغلبية الحكومية، تضاربت آراء الفقهاء الدستوريين في تأويل صمت النص الدستوري، فمنهم من قال بوجوب تكليف الحزب الثاني بتشكيل الحكومة و بين من يقولون بوجوب تنظيم انتخابات أخرى لن تكرس إلا نفس المشهد تقريبا مع متغيرات قليلة و لن تزيد إلا في تدني نسبة المشاركة و إنهاك المؤسسات الحزبية ببلادنا.

سابعا: يجب الانتباه أيضا للتقريع الكبير الذي وجهه وزير الداخلية لحزب رئيسه المباشر في ندوة تقديم النتائج، و هو ما يبقى أمرا غير مقبولا في هذه المواقف يكرس تخبط وزارة الداخلية و مسلسل قراراتها الخاطئة، كما يبقى تحدث حصاد التقنوقراطي وخروجه بخطاب قوي و صادم في موعد كهذا من تلقاء نفسه أمرا مستحيلا، من الواضح أنه حصل على ضوء أخضر لتمرير رسالة للكاميرات الدولية ثم لباقي الأحزاب (سنقرأ تفاصيلها في حينه)

ثامنا: ردود الفعل الأولية للأحزاب التي حققت نتاج مخيبة تكشف أنها لم تستوعب بعد الرسالة التي وجهها الشعب المغربي لها في هذا الاقتراع، و يكشف أنها ترفض مساءلة نفسها و الاعتراف بفشلها و تتجه نحو تصدير أزمتها و تحميل المسؤولية للآخر، فأن يقول مزوار أن خطاب الدموع و و التشكيك فاز في الانتخابات، و أن نسمع بعض اليساريين من يحملون الناخب المغربي مسؤولية النتائج و يتهمونه بالجهل نظرا لتصويته على حزب ذو مرجعية إسلامية عوضا عن الاعتراف بالأزمة العميقة و البنيوية التي يعيشها اليسار المغربي أمر غير مقبول و مؤشر على عدم استعدادها لتقديم نقد ذاتي عميق و الاعتراف بفشلها و الرجوع إلى مقراتها للتفكير في حلول جدية لإعادة إنتاج و بلورة خطاب جديد يقنع الناخب المغربي الذي أعتبره ذكيا و لا يمكن بأي حال من الأحوال فرض وصاية عليه و مخاطبته من برج عاجي.

أختم قولي بالتأكيد على ذكاء الناخب المغربي و فطنته و تصويته للأحزاب الأكثر إقناعا، كما نؤكد على ترسخ نمط التصويت السياسي في المدن و ظهور مؤشرات على بداية هجرته نحو البوادي و القرى على حساب التصويت الفردي و القبلي الذي سيضمحل و سيختفي خلال العشرية القادمة.

رضا الهمادي
رئيس المرصد المغربي للسياسات العمومية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي