الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أثنان أو ثلاثة أشياء اعرفهم عنها1967(غودار):تجريد هزلي ضخم

بلال سمير الصدّر

2016 / 10 / 8
الادب والفن


أثنان أو ثلاثة أشياء اعرفهم عنها1967(غودار):تجريد هزلي ضخم
العنوان في النكرة يشير الى باريس(عنها)،وغودار الذي كان يحقق في الصباح هزلية شكلية لاتعني في مشواره الفني الكثير تدعى ب(صنع في الولايات المتحدة)،وفي المساء كان يحقق هذا الفيلم الذي هو بالأساس هاجس غودار الشكلي منذ بداياته،فالسينما بالنسبة لغودار عبارة عن مرئي،والمرئي ليس شرطا ان يكون (سينما) بالمعنى التقليدي للكلمة،فالمرئي ربما من الممكن ان يكون وثائقية سياسية أو اجتماعية،أو ربما يكون مجرد خبر تناقلته وكالات الانباء،والموضوع هنا يحتمل ان غودار يعامل السينما كتجريد وليس كفن قائم بذاته له معطيات فنية معينة،وبناءا على ذلك فالفيلم هو باختصار تحليل وجودي للشكل والهدف الانساني في باريس بشكل خاص وبشكل عام للوجود الانساني ككل.
بطلة الفيلم-ان صح القول ان لهذا الفيلم بطلة او حبكة من اساسه-مارينا فالادي(Marina Vlady)،حكايتها تكمن بعدم احساسها بالوجود أو بالفعل الوجودي،فعلتها انها لاتشعر بالوجود ولكن لاتعرف لماذا،والفيلم قريب جدا في معطياته من الفسفة الوجودية،ومن الممكن اعتبار مارينا حالة أو نموذج من نماذج غثيثان سارتر،وسنلاحظ لاحقا معيارية ارتباطها بالوجود من خلال الفكر الوجودي المذكور آنفا(الفلسفة الوجودية).
ولكن غودار وبنفس اسلوبه الذي عهدناه سابقا من استخدام للراوي واللوحة المكتوبة والتكرار اللغوي،يفضح المجتمع الباريسي المعاصر فضحا أخلاقيا،فالفيلم فيه احالة واضحة على الخاص-المجتمع الباريسي-والعام-المجتمع الانساني،ومن الممكن ان يكون فيه احالة الخاص على العام.
فمن الممكن ان يدخل محصل كهرباء على امرأة تستحم،وكأن هذا بالنسبة للمحصل لايعني شيئا،ومن الممكن ايضا في هذا المجتمع ان تستخدم بيوت الدعارة لحماية الاطفال...ومن ثم يروي غودار قصة عاهرة.
قصة عاهرة:
تدربت كمصممة ملابس،ثم وظفت من قبل شركة صغيرة...قابلت شابا ...اصبحت حامل..ومن ثم هجرها ذلك الشاب،وفي العام التالي شخص آخر ويحدث نفس الشيء...في منزل الأمومة هي تلقي العظات،ولكن ايضا هناك اكرامية مفيدة عن كيف تعيل طفلين،لذلك هي كانت تقوم بعملها التقليدي في النهار وتتحول الى عاهرة في الليل.
في يوم من ا|لأيام شخص لطيف سيقع في غرامها ويتزوجها،ومن ثم يعدون منزلا غالي جدا بالطبع ومن ثم يحضر الطفل الثالث والزوج يطلب منها الذهاب الى الشارع.
غودار يروي هذه الحكاية مسلطا الكاميرا على فتاة تقف في مكان منزوي من شوارع باريس،وطريقة الرواية كأنها عبارة عن قصة باريسيىة متكررة تقليدية في مجتمع يقول عنه غودار بأنه لابد فيه من امتهان الدعارة للتمكن من العيش.
مجتمع تبدو فيه الاعلانات التجارية-التي على الغالب هي لمنتجات أمريكية-أكثر حياة من المتلقي نفسه...
وكعادة الوجوديين،وعادة غودار ايضا الذي يعمد الى التحليل اللغوي حيث سيتحول الفيلم تقريبا الى (علم اجتماعي) أو وثائقية تحليلية من ناحية انسانية-ومن الممكن القول علمية أيضا-للمجتمع الفرنسي بل ولأي مجتمع ككل...يعمد غودار الى التحليل اللغوي....كلمة معاTogether
هي كلمة تعني آلاف الأشخاص وربما المدينة كاملة،وهي كلمة تعني (الاجتماع) أو تكوين الاجتماع،واذا كان التحليل اللغوي الذي تحول إلى تحليل النمط الاجتماعي الاساسي للتكوين جاء على لسان بطلة غودار،فنحن نلاحظ ان غودار يقدم نظرة اجتماعية للمجتمع من داخل المجتمع نفسه على لسان اشخاص طبيعيين من الطبقة المتوسطة،ولكن من باب المبالغة القول ان مارينا ترتجل،فالتعبير الاجتماعي-الذي قلنا عنه بانه قادم من داخل المجتمع نفسه-عن الحياة من عدة جوانب منها السياسي والأخلاقي كان متعمدا مدروسا منمق على نمط فلسفي واضح لابد أن يكون مقصودا،خاصة عندما يخوض غودار في التحليل اكثر ويضع عنوانا باسم(علم نفس الاشكال) والشكل هنا بمعنى القالب...لنلاحظ العنوان باللغة الانجليزية:
Psychology of Form
الموضوع لازال يخص المجتمع،ومن الممكن القول ان غودار لايقدم فيلما بالقدر الذي يقدم فيه (تحليل سيسيولوجي للوجود)،كما ان الشخصيات تتحدث الى الشاشة وكأنها تتابع التحليل...أي ان المواقف ليست عرضية أبدا...تقول مارينا:الرغبة على سبيل المثال
في بعض الاحيان ان تعرف هدف أو ظيفة رغباتك وفي بعض الأحيان لا
على سبيل المثال:أنا اعتقد بأني فقدت شيئا ما ولكني لا اعرف ما هو
على سبيل المثال:انا اشعر اني افتقد شيئا ولكني لا اعرف ما هو أو شيء آخر...أنا اشعر بالخوف من وجود شيء يخيفيني...ومن ثم تتساءل البطلة:هل هناك أي تعبير لا يعود الى(Refer) الى وظيفة معينة؟
بمعنى آخر-ولازالت هذه الاقتباسات على لسان البطلة-:
بمعنى آخر:أنت تستطيع أن تصف ما الذي يحدث عندما تفعل شيئا،من دون ان تكون بالضرورة تدل على شيء معين....
تأكيدا هذا اشارة الى لاوعي فرويد،وتأكيدا ان كان العنوان يبرز علم النفس كمدخل للتحليل فهذا ليس هو المقصود،المقصود كما نراه نحن،هو علاقة الانسان بالوجود نفسه،وكيف تفهم تصرفاته من خلال هذه العلاقة،كما أنه محكوم ايضا بوجوده الاجتماعي،ومن الممكن ان تفهم تصرفاته فقط على انها موقف اجتماعي من دون ان يفهم هو (كأنا) لماذا قام بذلك،وبالتالي فالانسان حبيس في الوجود ومحكوم ايضا لمجتمع يملي عليه تصرفاته،وان وصلنا الى موضوع ثالث وهو ان هذه التصرفات مبهمة لا علاقة لها بالحدس ولا حتى بالمنطق،فلابد من القول ان النمط الثالث نفسي يقبع في اللاوعي ...يقول الراوي:
العلاقة بين الفردية وسباق التطور،من خلال ذلك فقط أستطيع حل مشكلة الامراض الاجتماعية؟!
الفردية تمتلك رغبات التطور،وبالتالي الفردية هي المحرك الاجتماعي الكامل،وبالتالي العلاقة تبادلية على نحو معين،فالفرد اساس تكوين اجتماعي خاضع له،كما أنه حبيس للوجود قبل ان يكون مكونا لمنظومة اجتماعية خاضع لها هو بكل تأكيد...
الموضوع كما قلنا له علاقة بالفلسفة الوجودية,ومن اراد الفهم والاستزادة فاليقرأ،لأن مارينا تبدو لي نموذج وجودي مثالي (مبسط)للفكر الوجودي...
وعلى ان الموضوع فلسفي...فالمقصود ايضا فلسفي بالدرجة الأولى
ما هي الوظيفة اذا من تقليب صفحات مجلة بشكل جماعي وفي نفس الوقت...يتابع الراوي بعد أن يسأل هذا السؤال:
ربما يكون رابطا (Link) يمكننا من المرور الى موضوع آخر هذا من اجل الحياة7 البعض...ويصل بنا-اي الراوي الذي نعتقد بأنه غودار نفسه-:
هناك محفزات اجتماعية تصل بنا الى الحياة مع بعضنا البعض من دون ان نفهم سبب هذه المحفزات،منذ ان كانت الروابط الاجتماعية (غامضة)منذ انقسام الافكار-تعارض الافكار-بالعدد نفسه لاتفاقها وتوحدها...
الافكار هي التي تجمع وتكون-كعامل ليس وحيد-والافكار هي التي تفرق،وبالتالي الفيلم هو مبحث سلوكي سيسولوجي لسلوك فردي في مواقف تحكم هذا السلوك في المجتمع،بحيث يبدو الانسان هنا مضطر للأجتماع،فهو يبحث في السلوك الفردي المحتوم المقيد من قبل المجتمع-حبيس الووجود الووجود من قبل-وهنا تبرز ضعف فكرة الحرية.
لنتأمل في هذه الهواجس التي تدور في ذهن شخص يدخن ويحتسي القهوة بهدوء شديد،ويركز غودار المشهد على القهوة التي يحتسيها داخل الفنجان...لنتأمل في هذه الجمل:
اليوم،في عالم اصبحت فيه الثورة مستحيلة،والحرب تهددني...عندما تكون الرأسمالية غير متأكدة من صحتها وتراجع الطبقة العاملة..عندما يصبح التقدم العلمي يحمل لي مستقبل مرعبا وبشكل اقرب...عندما يصبح هذا المستقبل اقرب من الحاضر وعندما تصبح المجرات البعيدة على بابي تبرز بعد هذه الجملة كلمتين-مع تكرار لغوي-عشيرتي...توأمي
مخاوف بشرية،وتصرفات اساسها الاحتكام الى المجتمع
ولكن ماذا عن تحرر مارينا من الوجود،وكيف من الممكن ان يحدث ذلك...قلنا أن مارينا عبارة عن نموذج وجودي وكأن غودار يطبق نظريات الوجوديين ويستخدم نماذجهم...تقول مارينا:
أنا كنت العالم...العالم كان أنا(مطلق مشهدي عن الشعور بالجمال...الانتقال الى حيز شعوري آخر)وبالتأكيد لن تستطيع البطلة ان تلتقط هذا الشعور،أي ان تخزنه لغايات التكرار-ولا |أن تكرره لأنه خاص باللحظة.
مارينا ايضا تعمل في الدعارة،فهي جزأ من المجتمع الباريسي،وتبرز قضية الغواية كسلوك لأرضاء الرجل...الفكرة من الغواية (الاثارة الحسية) هي لأغواء الرجل،ولكنها مرفوضة من قبل مارينا،إذا حتى السلوك الجنسي محكوم من قبل الآخر كجزء اجتماعي ايضا،ومن ثم تبرز ايضا فكرة قصور اللغة فحتى الآن اللغة قاصرة عن تعريف الصورة،وينتهي الفيلم على موضوع التكرار الروتيني الذي سينتهي بالموت...ذلك الغثيان الوجودي يجعل من البطلة في حالة من التعلق بذلك المشهد
بالمطلق المشهدي عند الشعور بالجمال..حيز ادراكي آخر ومختلف
هذا التحليل بالنسبة لغودار، والتساؤل عن السبب والغاية من الوجود هو الغاية الكبرى للأدب والفن والفلسفة،ولكن هذا الفيلم الخالي من اي حبكة بالمعنى الحرفي والتقليدي للكلمة،والتكثيف الشديد بحيث بدا وكأنه وثائقية انسانية عن السلوك الفردي والاجتماعي جعل من هذا السؤال يطرح نفسه:
هل من الممكن اعتبار هذه الصورة عبارة عن فيلم...؟
يقول الراوي أو غودار:من الممكن القول ان الحياة في المجتمع هذه الايام تقريبا مثل الحياة في:
تجريد هزلي ضخم Avast Comic Strip
الفيلم بالتأكيد هو كذلك...تجريد هزلي ضخم
بلال سمير الصدّر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة


.. الفنان صابر الرباعي في لقاء سابق أحلم بتقديم حفلة في كل بلد




.. الفنانة السودانية هند الطاهر في ضيافة برنامج كافيه شو


.. صباح العربية | على الهواء.. الفنان يزن رزق يرسم صورة باستخدا




.. صباح العربية | من العالم العربي إلى هوليوود.. كوميديا عربية