الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس 2017 او شتاء الغضب

محمد علي الماوي

2016 / 10 / 9
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


تونس 2017 او شتاء الغضب

لماذا شتاء الغضب ؟لان الحكومة اعلنت الحرب ضد الشعب من العامل والفلاح الفقير الى الحرفي والموظف البسيط بتقديمها لمشروع ميزانية 2017.
ان هذا المشروع -الذي هو قيد الاستشارة الموسعة قبل إحالته رسميا على مجلس النواب لمناقشته والمصادقة عليه- لايخدم مصالح الشعب. وقد جاء في تقديم مشروع القانون "انه تم ضبط أهدافه أساسا حول التحكم في عجز ميزانية الدولة(30 مليار دينار) وفي نسبة التداين والبحث عن توازن بين جباية تساهم في استرجاع نسق النمو بمساندة المؤسسة والتشجيع على الاستثمار الخاص من ناحية، وتدعيم موارد الميزانية وتحسين استخلاص الأداء والتصدي للتهرب الجبائي مع مراعاة القدرة الشرائية للمواطن، من ناحية أخرى".
فكيف يدعي المشروع انه "سيراعي القدرة الشرائية للمواطن" في حين ان الميزانية ستركز على تخفيض حجم اجور موظفي الدولة بنسبة لاتقل عن 8 بالمائة بالنظر لتجميد الزيادات والانتدابات وعدم تعويض المتقاعدين والاعوان العرضيين والمتعاقدين فضلا عن التقليص في تكاليف التسيير الاداري (1000 مليون دينار) كما سيقع الترفيع في نسبة الاداء على القيمة المظافة والمعلوم على الاستهلاك ويمثلان 67 بالمائة من حصة الاداءات غير المباشرة التي يتحملها المستهلك مقابل تقليص الضرائب على الشركات غير المقيمة وتحوير هيكلة المعاليم الديوانية هذا وتعتزم الدولة الترفيع في سعر المحروقات –مواد بترولية والغاز المعلب والخدمات (عيادات الاطباء –المهنديبن والمحامين والادوية وكراء العقارات ورياض الاطفال...) علما وان فئة هامة من الأجراء يساهمون أكثر من المؤسسات ذات الدخل المرتفع في ميزانية الدولة بحيث بلغت قيمة الضرائب التي يسددها الموظفون للدولة 2300 مليار، في حين بلغت قيمة الضرائب التي تسددها الشركات الخاصة 1100 مليار والمهن الحرة 1000 مليار، حسب ما أكده الأمين العام المساعد للإتحاد العام التونسي للشغل.
اما قضية التهرب الجبائي ومحاربة الفساد فقد اثبتت الحكومات المتعاقبة على عجزها الكامل في هذا المجال وذلك لان لوبيات المهربين والمتهربين يسيطرون على حوالي 60 بالمائة من الاقتصاد بل ان بعض الوزراء تحوم حولهم الشبهات فكيف يمكن محاربة الفساد بالمفسدين؟ وكيف يمكن لدولة تعج بالمفسدين ان تحارب الفساد؟
سياسة لاوطنية ولاشعبية
ماذا فعلت الحكومات الثمانية بعد 7سنوات تقريبا من اندلاع انتفاضة 2010؟
انها نهبت المال العام وفلست البلاد وفقرت العباد بشهادة المحللين السياسيين التابعين لها والمعارضة نفسها المشاركة في السلطة والمتواجدة في مجلس النواب.فقد اقر جميعهم (الائتلاف الحاكم والمعارضة) بان وضع البلاد صعب وان الدولة في ازمة خانقة تحت وطأة الديون بفعل الاقتراض الدائم فقد كان الدين حين رحل بن علي مايقارب 24 مليار دينار واليوم يقدّر الدين الخارجي بـ42,068 مليار دينار في موفى 2015، هذا دون الحديث عن خدمة الدين التي ارتفعت بشكل كبير(علما وان الحكومات قبلت بخلاص دين بن علي)
وواصلت الدولة الاقتراض حتّى أغرقت البلاد. إذ تقدّر السحوبات المنجزة من 2011 إلى 2015 بحوالي 26 مليار دينار. كما ارتفعت مستويات خدمة الدين ، وبلغت خلال الخمس سنوات الأخيرة حوالي 17,4 مليار دينار،
وستقوم الدولة ابتداء من السنة الحالية إلى حدود سنة 2025 بتسديد نحو 40,5 مليار دينار، وذلك دون احتساب القروض الجديدة، أي بمعدّل 4 مليارات دينار سنويا. ومن المنتظر أن تشهد تونس ابتداء من سنة 2017 ضغطا على خدمة الدين تزامنا مع تسديد قرضين رقاعيين

وبفعل ارتهان دولة الاستعمار الجديد لدى الدوائر الامبريالية فانها مجبرة على التطبيق الحرفي لاملاءات صندوق النقد الدولي الذي اصدر منذ جويلية الماضي قرار الترفيع في اسعار الماء والكهرباء..."لتوفير سيولة توجه نحو تسديد خدمة الدين الخارجي"كما ينص في احد بنوده على ضرورة خوصصة المنشآت العمومية الكبرى في مجال الطاقة والنقل والتموين الخ وسيقع احداث لجنة من المراقبين "لمتابعة التعديلات الهيكلية يعاضدهم محلل مالي متخصص في التدقيق يعين من قبل احد المؤسسات المالية الدولية الكبرى الدائنة" والاخطر من ذلك ستجبرالدولة على التفريط في القطاع الفلاحي للاتحاد الاوروبي في اطار التبادل الحر الشامل مقابل الحصول على اضخم قرض من صندوق النقد الدولي في افريل.
لقد اعترف الائتلاف الحاكم برهنه للبلاد لمدة سنوات كما اعترف بانتشار الفساد في صفوفه واصبحت صراعاته الداخلية منشورة على اعمدة الصحف-وهو تناحر على المواقع بهدف السيطرة على مراكز النفوذ-

وهكذا تبخرت وعود التشغيل والتنمية والعدالة الاجتماعية والانتقال الديمقراطي - وافتضح امر "الحوار الوطني" وكذاك "ميثاق قرطاج" الذي وقع دوسه ,فكيف لايحق للشعب اذا ان يحتج وهو الذي سيدفع فاتورة السياسات اللاوطنية ؟ان الشعب سيحتج وسيكون الشتاء ساخنا.

هل يمكن اصلاح دولة الاستعمار الجديد؟ لا
ان اليسار الليبرالي والانتهازي يفكر عكس ذلك فهو يبث الاوهام حول امكانية
اصلاح من نهب الشعب وقمعه لمدة عقود رغم ان كل التجارب في افريقيا واسيا وامريكا الجنوبية تثبت عكس ذلك فقد تمكنت الرجعية من ادماج المعارضين حتى الماركسيين منهم في النظام القائم مثلما وقع ذلك في النيبال (براشندا ومن معه) في الفيليبين وفي كولوبيا اخيرا (الفارك) وفي البيرو والسينغال الخ..
وقد تم ذلك في تونس بحيث نجد وزير الوظيفة العمومية من انصار حزب الوطد الموحد الى جانب اقتراح وزارة على الرحوي من الوطد الموحد كما نجد كذلك ممثلين عن البيروقراطية النقابية وعن اليسار المتمركس (حزب المسار) ...ان اليسار الليبرالي مآله التفسخ والتحول الى خادم دولة الاستعمار
الجديد رغم التشدق ببعض الشعارات اليسارية لمغالطة الشعب وطعنه من الخلف.
انه لا خلاص للشعوب المضطهدة دون رحيل مثل هذه الانظمة العميلة,وقد عبرت الجماهير الشعبية خلال الانتفاضة عن ذلك برفعها شعار "الشعب يريد اسقاط النظام"-أي دولة الاستعمار- وشعار "ارحل,ارحل"( )غير ان عملاء الامبريالية لن يرحلوا عن طريق الاحتجاجات والاضرابات والانتفاضات العفوية رغم اهمية هذه التحركات وضرورتها لان مثل هذا الاحتقان يظل عرضة للاحتواء من قبل الرجعية واليسار الانتهازي –الطابور الخامس,ناشر الاوهام-
ان الثورة , والثورة وحدها قادرة على كنس الرجعية الحاكمة لكن رغم تفكك صفوف الرجعية واحتداد الصراع الطبقي فانه لايمكن الحديث عن ثورة طالما لم يفرز الصراع قيادة ثورية. لذلك يتحتم على القوى الثورية الخروج من واقع التشرذم ووضع قضية تاسيس الحزب الشيوعي في الصدارة :
انه من المستحيل تنظيم الجماهير والحال ان القوى الثورية المعنية بهذه المهمة ليست في مستوى التنظيم المطلوب,لذلك لابد من وحدة القوى الشيوعية في تنظيم واحد وهو ما يعني البحث الجدي في كيفية خوض الصراع من اجل الوحدة ومن اجل تاسيس هيأة اركان تساعد الجماهير على تنظيم تحركاتها وفق اهداف استراتيجية واضحة وطبقا لتكتيكات صائبة قادرة على جعل الجماهير الغفيرة تنخرط في الصراع عن وعي.
تلك هي المهمة المركزية العاجلة وتلك هي الخطوة الحاسمة حاليا: الوحدة على اساس جوهر برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية ذات الافق الاشتراكي. اما رفض معالجة هذه المسألة المصيرية او تجاهلها ووضعها على الرف ومواصلة الحديث عن وحدة الشيوعيين في المطلق دون مهام عملية دقيقة فذلك تهميش لقضية الحزب وترك الجماهير ضحية سياسات الاحزاب الرجعية والاصلاحية.
محمد علي الماوي
9 اكتوبر 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا