الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وللشجاعة فنون

رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)

2016 / 10 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وللشجاعة فنون
خسرت المانيا الحرب في الحرب العالمية الثانية وانهار جيشها وقوتها العسكرية واقتصادها وصناعاتها وضربت المدن الالمانية بشكل لا يتصوره العقل وكانت مدينة ميونخ قد نالها من اثار الحرب مثل ما حصل مع باقي المدن الالمانية مثل درزدن وهامبورك ومدن اخرى في شرق وغرب المانيا وقد دكوها دكا مفجعا وكانت الضربات قد طالت كل مبنى في ميونخ وحولتها الى انقاض ، ولما وضعت الحرب اوزارها نهض ممن بقي من الشعب الالماني و اهل مدينة ميونخ ومن بقى منهم فوجدو مدينتهم انقاض فوق انقاض.
وكان من المتوقع ان يتباكى اهل ميونخ والمانيا بشكل عام على ما فعلت بهم دول التحالف ونتوقع ذلك لأن هذا ما يفعله العرب عادة ومنذا الاف السنين ، فالعرب تعودو ان يجلسو بعد ان تضع الحرب اوزارها ويتباكون ويتبادلون روح البغضاء والكره بينهم ومع من تسبب في خسارتهم وتوزيع الاتهامات واللوم على من تسبب بهذا الخراب منهم ومن الخارجيين والاعداء .. اما الالمان فلم يبقو مذهولين كالعرب ولم يتبادلو الاتهامات بل عرف الشعب ان هناك اشخاص المان كانو السبب وراء هذا الفشل والخطأ الالماني وان عليهم ان يتعلمو من اخطائهم وان يواجهو تلك الاخطاء بشجاعة ، وعرفو ان الفاشية خطأ والدكتاتورية خطأ وواجهوا ذلك بشجاعة وجعلو من هذه الاخطاء منبرا للتصحيح وان يصححو بناء المجتمع من اصغر فرد فيه وان يعيدو تربية اجيالهم من جديد.
هذه النفسية والروحية لا يملكها العرب ولا نتجنى اذا قلنا ان العرب تعودو ان يقفو على انقاض خساراتهم و يتباكون ويقومون بتهيئة وتربية ابناءهم واجيالهم على الكره والبغضاء و اعدادهم للاخذ بالثار والانتقام من المسبب والمعتدي لأعادة الحق وذلك بتدمير المقابل مثلما فعل بهم ... والغريب ان هذه الطباع ليست بين الشعوب بل بين افراد الشعب الواحد فتجد روح الحقد والانتقام والرغبة بالقتل مزروعة في نفوس الشعب ويهتف بها الخطباء في المنابر واحيانا يلجأون الى الخديعة فيعملون في صمت بنفاق متقن فيعلنون التسامح ويشجعون في السر على القتل والذبح لأبناء جلدتهم.
نعود الان الى المانيا والى مدينة ميونخ التي نهض شعبها الالماني لينظر الى انقاض المدينة المهدمة من كل صوب ولا تجد فيها جدار واحد الا وتضرر فقام اهل المدينة باتخاذ قرار تاريخي اوله بنبذ الافكار الفاشية التي كانو ينادون بها ثم قررو جمع كل انقاض الحرب في مكان واحد الى جانب ميونخ وصنعو منه جبلا ضخما من تلك الانقاض وغطوه بالتراب وعملو بجانبه بحيرة صناعية جميلة وزرعو الجبل وجعلوه غابة غناء من مختلف انواع الخضر والاشجار ليقف هذا الجبل شامخا يذكرهم بخطأهم في الفاشية اعترافا منهم بالخطأ. وقد قامت المانيا بمدنها من جديد لتلحق بالحضارة والتقدم في كل المدن الالمانية .
وقد حصل في مدن العراق من خراب وتدمير بنفس ما حصل في مدينة ميونخ وباقي المدن الالمانية ، ناهيك عن الوضع السيء في كل مدن العراق وعلى رأسها بغداد ، فها هي صلاح الدين والانبار وديالى والفلوجة قد دمرت بنسب كبيرة جدا تصل الى 85% وستلحق بهم قريبا الموصل ومتوقع ان يكون دمارها اكبر وقد تصل نسبة الدمار الى 100% .... كل هذه المدن قد تحولت الى مدن مخربة محطمة انقاضها فوق انقاض وانقاض ، واكثر من 5 مليون من الشعب مشرد .. والغريب اننا لا نزال نرى شعبنا يعمل على التكفير والكره واثارة روح البغضاء ولا يطيق الشعب نفسه الا بالقتل والترهيب.
هل نتوقع ان يتصرف العراقيون مثل الالمان ، ام سيتباكى العراقيون فوق انقاض مدنهم يزرعون الكره والبغضاء والاحقاد ... نحن يسمونا شعب عريق ممتد بارضه الى الاف السنين غير قادر على التسامح ليعيش بامان ، او ان يواجه اخطاءه بشجاعة ، فمن هو الشعب المتحضر الذي يستحق الحياة . واي دين هذا الذي ينادي به الشعب ولا يعمل به .. شعب تعود ان يلقى اجمل الخطب والمواعظ باسمى واعظم كلمات التسامح والرحمة لكنه في الباطن وعلى الارض يقتل ويذبح ويبغض الى الحد الذي يخرج موتاه من القبر ليمثل بجثثهم ارواء للغل والكره . شعب تعود ان يلقى الناس بوجه رقيق ويخفي وجه اخر مليء بالكره والبغض ... ثم يلجأ الى الله ليؤدي عباداته بكل حرص وامانة شعب يخاف على لائحته العمرية من الاديان الاخرى ويتطور فيصيغها من جديد ليميز بها ابناء شعبه في المذاهب والطائفية والصلاة .. فهذا يسبل في الصلاة فهو من دين وهذا يكتف عند الصلاة فهو اذن من دين اخر ثم يقولون نحن دين واحد .. دين الرحمة ، والله يقول ...
" وجعلناكم شعوب وقبائل لتعارفو ان افضلكم عند الله اتقاكم "
وعلى ارض الواقع لا يعملون بها ، فهم يكرهون بعضهم وهم مسلمون ، فكيف سينظرون الى الاديان الاخرى مع وجود ايات اخرى يستند لها من يقول انه مسلم ...
"وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ"
والابة الاخرى التي تعطي الحق في المهاجمة والقتل
" قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ "
ولو رجعت الى خطب المنابر تجدهم يقولون نحن دين الرحمة والانسانية والمحبة ، وهم حتى داخل بيئتهم يتقاتلون ويذبحون بعضهم بعض .
فهل العرب يمتلكون فن من فنون الشجاعة في مواجهة الذات للاعتراف باخطائهم وبعودو للحضارة والانسانية ويتعاملو بصدق دون رياء او نفاق .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53


.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن




.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص