الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حية و درج / قصة قصيرة

يوسف الصفار

2016 / 10 / 14
الادب والفن


حية ودرج
حفيدي يلاعبني ..ألعابه لا تتفق مع عمره الصغير ، كيف لا إنه حفيدي .. ..جلب لي لعبة جديدة. نعرفها ..كلنا لعبناها ونلعبها .. ليست كباقي اللعب معينها لا ينضب .سألته كالعادة عنها ..أجابني بأعتزاز ..حية و درج ..تلاقفنا( الزار) وأخذنا نلعب .(.الدرج )سلم يصعد بنا مراتب تمثلها المربعات ...(الحية) أفعى تهبط بنا من حيث أتينا .. قد ترجعنا الى المربع الأول ..حجر النرد الأبيض المكعب الشكل هو الحاكم والمتحكم بمصائرنا وأقدارنا ..قد يكون إنشوطة تحز رقابنا أو بسا ط ريح يطير بنا محلقاً في أجواء الأمل والرجاء .. أبتسم لي الحظ تجاوزت مربعاتي الصف التحتاني وبعد لحظات نكل بي فأبتلعتني الأفعى وأرجعتني إلى الصف الأول ..رميت الرمية التالية ..أبتسم الحظ .لصغيري بلعبته يسحبني بعيداً.. اعادتني ذكرى يوم أرسل بطلبي المدير العام و كلفني بأدارة مشروعً يتمناه الجميع لما فيه من إمتيازات وإيفادات في ذلك الظرف الصعب أيام الحصار..لم يجدوا غيري أختاروني لنزاهتي .. ما دامت ماكنة الفساد تعمل فلا أمل ..حينها أخذت أوراقي الى البيت وتركت اللعب مع أطفالي و الحديث مع زوجتي ..العمل مضني ولكن المغريات في عالم بذخ المكافئات وضغط النفقات ضرورة تمليها علينا الظروف والظرف كما تعرفون صعب وتجاوزه يحتاج شطارة ..حفيدي ينبهني ..إلعب يا جدوا..الرمية التالية كانت أيضاً موفقة ..زملائي في العمل يحسدوني رغم إحتمالات الفشل لكنهم يعرفوني جيداً حين أقدم على عمل أحشد كل طاقاتي من أجل نجاحه , .. فكرت أن أعلق حدوة حصان في مكتبي ..لم أتردد فعلتها وضحك عليّ الجميع ..ليس هذا بالشىء المهم مادام الزار ينقلني من مرحلة الى أخرى أفضل منها ..المشروع يتجاوز نسبة إنجازه المخطط له كثيراً ..حتى في أحد الإجتماعات طلب الوزير مقابلتي ..اجلسني الوزير وأبتسم لي وهذا يعني الكثير في عرف الدكتاتورية ..أوحى إلي وكأني ذو قدرة ومقدرة ..ألكل بدأ يحسب لي ألف حساب كيف لا وأنا من جماعة الوزير ..حفيدي يتراجع الى الصفوف الخلفية وأنا أتقدم ..حياتي تحولت الى فرقة إنشاد إذاعية أو تلفزيونية ..الكل يشير أليك ..المدير يتبناك وحسد الزملاء يزداد ويتكثف .. المشروع يتقدم وعنق الزجاجة في المشروع الهندسي أحاول معالجته ..حفيدي يصعد سلماً صغيراً ويتجاوزني قليلاً..في ظهيرة أحد ألأيام يرسل المدير العام بطلبي ..بسرعة غير إعتيادية لملمت أوراقي ..بياناتي ...الجداول الزمنية ...ورسومات الخطوط البيانية التي تشير الى نسبة الإنجاز .طرقت الباب الخشبي اللامع متجاوزاً السكرتير ..الغرفة تزدحم بوفد من الوزارة لمتابعة العمل ..شرحت لهم كل شيء حتى لم أبقي لهم ما يسألون عنة ..تفحصوني معجبين بقدراتي وتوجهوا الى مائدة الطعام الفاخر المعد خصيصاً لهم ..في اليوم التالي أخبرني زملائي متفكهين بأن وفد الوزارة والمدير العام ذهبوا بأيفاد الى بلد المنشأ لاستيراد مواد المشروع الاولية فكرت اما كان الاجدر يؤخذوني معهم لاني الافهم في بواطن المشروع؟؟ ..حفيدي يتجاوزني بعد أن أبتلعتني الأفعى ..ضحك حفيدي وأنشرح وجهه الجميل ..عدت أدراجي ..العمل يتطلب ألإنجاز بألسرعة اللازمة ..طمئنت نفسي قلت لا بأس المكافئة الكبيرة ستأتيني من ألاعلى , وستحل مشاكلي ومشاكل أم أولادي ..كيف لا ونحن المتميزون وسط التميز ..أنتهى المشروع ..وتقاطر المندوبون والزوار ومدراء الدوائر ألأخرى وذبحت الخرفان وعادت بنا الأزمان الى الأيام الخوالي التي كنا نأكل فيها اللحوم الى حد التخمة ..وتوزعن الغجريات وبدأ تطبيل الطبول وتزمير المزامير ..ولا شيء يضاهي النجاح حتى كدت أغني( وحياة قلبي وأفراحوا) .. وسط التهليل والزغاريد .. شيء واحد ماأنفك يزعجني .الحساد وعيونهم الثاقبة ..والألسن التي تنهش كبريائي وترمقني بنظرات الكراهية ..لكني وكعادتي دائماً احاول تفسير الإمور وإيجاد المبررات لها ..فأزاء أي ملحمة من ملاحم التاريخ .تجد الأساطير التي تحوي من المشاعر المتناقضة مالا يعيه العقل ..تلك الليلة نمت مطمئناً في فراشي ..مزهواً ..مترفاً ..أخبرت زوجتي بأقتراب الفرج ..وزرعنا الآمال الكبار في مشاريعنا المستقبلية ..تباحثنا ..وتناقشنا ثم عدنا أدراجنا وأختلفنا ..انا أقول شيء وهي تقول أشياء ..الاهداف والإرادات المتناقضة جعلتنا نتخاصم ..وبالتالي أفترقنا في الفراش ..لكني غفوت بالنهاية على شريط عريض من الأحلام (الصغير يضحك عليّ ..جدوا أنت تمسك الزار بالمقلوب )..
اليوم التالي دائرتي تزهوا ..وجوه تبتسم وأخرى تهنأ ..الافعى تكورت في مزالق الغابات وبدى السلم زجاجي شفاف ..ذكرني بالمغنية المصرية وهي تشدوا (العتبة كزاز..) ,جلست أمام منضدتي وفتحت بريدي المعتاد ..الأمر الإداري الخاص بالمكافئات كان أول ما قرأت ..أمر وزاري ..بالنظر الى الجهود المبذولة من قبل السيد(....) قررننا تقديم شكر وتقدير ..لم أكمل القراءة لأن المدير العام غنم المكافئة الموعودة..ولي كل الشكر وكل التقدير .حفيدي الصغير بوجهه الجميل يوقظني و بأصابعه الناعمة يهزني ( ..جدوا ..هل نمت )..نظرت أليه متأملاً .(.كم من الأفاعي ستواجهه وكم من السلالم ستصعد في دهاليز الحياة الغائرة ..ياحبيبي الصغير..؟)
بالمساء جائني ولدي مهموما مغموما يضرب كف باخرى وقال لي ( اريد ان اترك الدائرة ) فتحت عين واغلقت اخرى وتسائلت مع نفسي هل المعقول في عصر الديمقراطية وحكم المذهب يعاني ولدي كما عانيت .. قلت له ابني اصبر قليلا وضعنا ديمقراطي يتحمل كل الاحتمالات في عصر الدكتاتورية كان شقائي ( فقط شكر وتقدير ) قال لي ابني وعيناه ضاحكة باكية ( ابي اي شكر اي تقدير ) ثم استدرك نحن نعيش البلاوي يأتوك بمقاول آخر ردن يبتزك ويهددك لانه من العشيرة والمذهب واذا لم توافق يهددك بالقتل واذا وافقت على كل خرابيطه الهندسية يأتي اليك المفتش العام ويحاسبك حساب عسير ولا حساب يوم الكينونة .. تصصصصصصور كل شي انت مسئول عنه لايوجد من يدافع عنك .. تسائلت ..العقود ؟؟ ابني العقود هي المسئولة من الذي يوقع العقود عندكم .. ضحك ولدي وضحك معه حفيدي وقال العقود في عصر المذهب والديمقراطية توقعها اشباح لا وجود لها .. تركني وراح يلعب مع حفيدي حي ودرج ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا