الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة تاريخية على الموقف من المثلية الجنسية في العالم الإسلامي - شعيب دانيال

مازن كم الماز

2016 / 10 / 19
حقوق مثليي الجنس


العصر الذهبي

في ذروة العصر الذهبي الإسلامي - الفترة بين منتصف القرن الثامن و منتصف القرن الثالث عشر , عندما يعتقد أن الحضارة الإسلامية بلغت أوجها الفكري و الثقافي - كان يجري الحديث و الكتابة علنا عن المثلية الجنسية . أبو نواس ( 756 - 814 ) , أحد الشعراء الكلاسيكيين العرب الكبار في زمن الخلافة العباسية , كتب علنا بكل صراحة عن رغباته و علاقاته المثلية الجنسية . و بقي شعره الإيروتيكي ( الإباحي ) المثلي يتداول بحرية حتى القرن العشرين . كان أبو نواس شخصية تاريخية مهمة - حتى أنه ذكر مرتين في كتاب ألف ليلة و ليلة . فقط في وقت متأخر , في عام 2001 شعر العرب بالخجل بسبب مثلية أبي نواس . في 2001 قامت وزراة الثقافة المصرية , بضغط من الأصوليين الإسلاميين , بحرق 6000 نسخة من أشعاره . لذلك لا يعرف الإسلاميون المعاصرون إلا القليل جدا فقط عن الحقبة التاريخية للعصر الذهبي الإسلامي , رغم ذلك فإنهم يقولون باستمرار أنهم يريدون العودة إلى ذلك العصر . كتب الصحافي المصري البلجيكي خالد دياب على تويتر أن "الدولة الإسلامية في العراق و الشام , داعش , لا تعرف شيئا عما تعنيه إعادة الخلافة" . "في بغداد كانت الخلافة تعني شرب الخمر , و كتابة القصائد في الخمر , و العلم , ... و شاعر بلاط مثلي جنسيا" . كانت بغداد , حتى هاجمها المغول و دمروها , العاصمة الثقافية لقسم كبير من العالم - كما هي مدينة نيويورك اليوم . إذا اعتبرنا أبا نواس و شعره الإباحي المثلي جنسيا جزءا من الذروة التي بلغتها ثقافة بغداد , فمن الطبيعي أن تكون بقية المجتمعات الإسلامية منفتحة جدا على المثلية الجنسية . كما لاحظ المؤرخ سليم كيدواي في كتابه الرائع الحب بين أفراد نفس الجنس في الهند , أن "الأشخاص الذين يميلون إلى الإيروتيكية المثلية كانوا حاضرين بشكل واضح باستمرار في التاريخ الإسلامي القروسطي و عادة ما جرى الكلام عنهم دون أي تعليق .." .

الكتابة عن الحب بين أفراد نفس الجنس

في الحقيقة , أبعد عن النظرة الازدرائية , كانت المجتمعات الإسلامية تتحدث علنا عن الحب بين أفراد الجنس الواحد , حتى أنها كانت تحتفي به أحيانا . محمود الغزنوي , أحد أهم سلاطين عصره ( 971 - 1030 ) و الذي كان يعتبر مثالا يحتذى للكثيرين لأسباب عديدة منها حبه الكبير لرجل آخر , هو مالك عياض . كتب الامبراطور المغولي بابور عن تعلقه بفتى من سوق المعسكر في سيرته الذاتية في القرن السادس عشر - و التي تعتبر عملا أدبيا محتفى به في العالم الإسلامي القروسطي . في القرن الثامن عشر , كتب درقة قولي خان , رجل من النبلاء سافر من ديكان إلى دلهي , وصفا رائعا للمدينة التي تسمى موراقا - دلهي ( دلهي ألبوم ) وصف فيه كيف كانت المثلية الجنسية منتشرة في المجتمع الإسلامي الهندي . في الأسواق العامة كان بائعو الهوى الذكور يتعرون علنا ( أو يغوون زبائنهم ) و تحدث خان بإعجاب عن "الفتيان الوسيمين و هم يرقصون في كل مكان ناشرين الكثير من الإثارة" . حتى القرن التاسع عشر عامل المسلمون المثلية الجنسية كجزء من الحياة نفسها , كما كان الطلاب يقرأون القصص الرومانتيكية عن الحب المثلي جنسيا - و هو شيء صعب حتى اليوم في بعض أجزاء العالم الغربي . كتب كيدواي : "رائعة سعدي الكلاسيكية غوليستان , التي تضم قصصا عن العشق بين الذكور , كانت قراءتها إلزامية للطلاب الفرس . مجموعة غانيمات الشعرية ناو إي رانغ إي عشق من القرن السابع عشر , وصفت علاقة حب بين ابن مستضيف الشاعر و حبيبه شهيد , كانت تدرس في المدارس" .

القانون الإسلامي

من الأكيد أن الإسلام يعتبر المثلية الجنسية , لاهوتيا أو فقهيا , خطيئة , استنادا إلى لقصة القرآنية عن قوم لوط ( لوت في الإنجيل ) . رغم أنه من المثير أن الشريعة , الاسم الجامع للقواعد و المدارس القانونية المختلفة التي تحكم المجتمعات الإسلامية , لا تحتوي عقابا خاصا على المثلية الجنسية بالذات , العلاقات الجنسية بين الذكور منعت تحت الاسم الأعم للزنا . و حتى عندها كان من الضروري وجود أربعة شهود لإصدار الحكم . كان هذا شرطا صعبا بحيث أن الكثير من المعلقين مثل حمزة يوسف اعتبر أن تجريم الإسلام للمثلية الجنسية أقرب لأن يكون ضربا من "الخيال" . بالفعل , و على العكس من الوضع في أوروبا القروسطية كانت مشاهد معاقبة المثليين نادرة في المجتمعات الإسلامية القروسطية . أما ما الذي دعا المجتمعات المسلمة من أن تنتقل من قراءة الشعر الإباحي المثلي إلى تحريم الحب بين أفراد نفس الجنس ؟ من الصعب أن نحدد السبب الأكيد لكن هناك مصادفة غريبة هنا : توجد خمسة بلدان إسلامية لا تعتبر فيها المثلية الجنسية جريمة اليوم - و هي مالي , الأردن , إندونيسيا , تركيا , ألبانيا - و هي جميعا تشترك في شيء واحد , أن بريطانيا لم تستعمرها أبدا .

تأثير الاستعمار

في 1858 توقفت الامبراطورية العثمانية عن اعتبار المثلية الجنسية جريمة ( و هو موقف ورثته منها تركيا ) . حدث ذلك قبل سنتين من إصدار الراج البريطاني لقانون العقوبات الهندي , الذي جرمت المادة 377 منه المثلية الجنسية في كل من الهند و باكستان و بنغلاديش المعاصرة . كان تأثير قانون العقوبات الهندي لعام 1860 عميقا لدرجة أن الهندوس المحافظين استمروا باعتبار المثلية الجنسية عمل لا أخلاقي و أنه طوال قرابة 70 عاما من الاستقلال لم يتمكن البرلمان من تغيير هذا القانون . سوبرامانيان سوامي , عضو البرلمان عن حزب بهاراتيا جاناتا اليميني ذهب أبعد من ذلك عندما قال "أن موقف حزبنا هو أن المثلية الجنسية هي مجرد خلل وراثي" . الغريب هنا أن الهندوسية , خلافا للمسيحية و الإسلام , لا تحتوي على أي نص يدين أو يحرم الحب بين أفراد الجنس الواحد . إن المسلمين و الهندوس المحافظين يستنسخون في الواقع الأخلاق الفيكتورية لاستعمار القرن التاسع عشر , دون حتى أن يعرفوا ذلك . هذا في وقت تغيرت فيه هذه الثقافات الأوروبية الغربية نفسها و تحولت إلى ضمان حقوق الإنسان لأفرادها بغض النظر عن الجنس الذين ينجذبون إليه .

نقلا عن
http://libcom.org/history/historical-look-attitudes-homosexuality-islamic-world








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي يحذر من خطر حدوث مجاعة شاملة في غزة


.. احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا




.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين


.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج




.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب