الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حجز مبدئي

أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة

2016 / 10 / 20
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


تلقيت دعوة من أحد مراكز الأبحاث الأوروبية للمشاركة في ورشة عمل بروما في ديسمبر 2016 بعنوان "البحث عن الأمن للمواطن الاوروبي: في مبررات إعادة هيكلة الاتحاد الاوروبي" في المحور الخاص بالهجرة. أرسلت لي الجهة الداعية قبلها بشهرين خطاب دعوة لتيسير حصولي على تأشيرة الدخول لفضاء الاتحاد الأوروبي المعروفة بتأشيرة تشنجن.
بحثت في الانترنت عن نموذج التأشيرة لاستيفائه ووجدت أن السفارة الإيطالية قد أوكلت لشركة خاصة مهمة التعامل مع طالبي التأشيرات. حجزت موعدا للتقدم للتأشيرة وذهبت في الموعد المحدد وتقدمت بأوراق التي من بينها حساب بنكي لمدة ستة شهور وخطاب من جهة العمل وتأمين صحي يغطي مدة الاقامة وصور فوتوغرافية بالإضافة لخطاب الدعوة.
لابد هنا أن أشير بالنظام ونظافة المكان ولطف العاملين به .تقدمت بأوراق وفحصتها الموظفة بدقة ثم قالت لي أنها لا تستطيع قبول أوراقي بدون تذكرة سفر ذهاب وعودة وحجز فندق. اجتهاد بأن الجهة الداعية كتبت في خطاب الدعوة بأنها تتحمل تكاليف السفر والإقامة وان الوقت مبكر جدا لمطالبهم بحجز الطائرة والفنادق. اعتذرت بأدب جم وكررت نفس الكلام السابق وقالت لي يمكنك إحضار "حجز مبدئي" للطائرة والفنادق من أحد مكاتب السياحة الموجودة في نفس المبنى وأنه يمكنني العودة مرة أخري والتقدم بطلب الحصول على التأشيرة في نفس اليوم.
قلت لها، ولكن هذا يعد نوعا من التحايل لأنني أعلم وانت تعلمين أنني لن استخدم تلك الحجوزات لأنني سوف أتلقى حجوزات حقيقية من الجهة الداعية بعد ذلك. أجابني مرة أخري بأنها لن تستطيع قبول الطلب بدون تلك الحجوزات وان البديل هو انتظار تلقي الحجوزات من الجهة الداعية وتقديم الطلب في وقت لاحق وهو ما يعني ضياع الوقت نظرا لأن إصدار التأشيرة يستغرق عادة 20 يوما.
اضطررت، اختصارا للوقت والجهد، أن أكون طرفا أصيلا في تلك المسرحية الهزلية وتوجهت لمكتب السياحة، أو أن شئت الدقة مكتب التزوير المذكور، للحصول على تذكرة طائرة وهمية وحجز فندق وهمي في روما.
المكتب، رغم اناقته، ذكرني بالكتب الذين كانوا متواجدين أمام مكاتب السجل المدني ليساعد الأميين على استيفاء طلبات الحصول على الأوراق الرسمية من دواوين الحكومة. أربعة مكاتب بشركة السياحة أحد العملاء جلس يملي على أحد الموظفين بياناته لاستيفائه طلب التقدم للحصول على تأشيرة والآخر لحجز موعد للتقدم للحصول على تأشيرة وثالث يرغب الحصول على صور فورية وكأنه تفاجأ بضرورة تقديم صور شخصية مع طلب التأشيرة.
المكتب الرابع كان من نصيبي. السيدة خلف المكتب تتعامل بحرفية السماسرة. طلبت تذكرة وحجز فندق. طلبت مني الاسم كما هو مسجل في جواز السفر وقالت لي أن تكلفة إصدار تذكرة مؤكدة 50 جنيها وان حجز فندق في روما يكلف 150 جنيها. وافقت على مضض. يبدو أنها ادخلت اسمي في نموذج معد لذلك وطبعت ورقتين لا يكلفان أكثر من جنيه مصري واحد وحصلت على مائتي جنيه مصر. حملت جسم الجريمة وارفقته بأوراق طلب التقدم للحصول على التأشيرة وعدت للموظفة التي قبلت الطلب واعطتني إيصال باستلامه وحصلت على مبلغ 820 جنيه مصري شاملة رسوم التأشيرة ورسوم تصوير مستندات التأشيرة ورسوم إرسال رسالة نصية على الهاتف المحمول عند صدور التأشيرة. تفاصيل تذكرك لنجيب الريحاني والخروف في فيلم
توجهت بعد ذلك اللي مكتب مجاور تابع لشركة بريد خاصة لإرسال جواز سفري بعد الحصول على التأشيرة - أو رفضها - إلى محل إقامتي. طلب الموظف مبلغ 95 جنيه مصري لتوصيل طلبي من شارع مراد بالجيزة الي شارع الهرم بالجيزة.
أسئلة كثيرة تطرحها تلك التجربة البائسة هل تعلم الحكومة المصرية بابا شركة السمسرة المسماة مجازا بشركة سياحة وهل تحصل على الضرائب الواجبة من ال 200 جنيه التي دفعتها؟ هل تعلم السفارة الإيطالية بتلك الأوراق الوهمية التي يضطر مقدم الطلب لتقديمها ولماذا تشترط تقديم تلك الأوراق اذا كان خطاب الدعوة المرسل من الجهة الداعية يتضمن تغطية تلك النفقات؟ هل يساوي مقدم طلب التأشيرة للمرة الأولى مع شخص آخر حصل على مثل تلك التأشيرة عشرات المرات وأقام في أوروبا بالفعل كحالتي؟ هل تأثر عمل الشركات التي تفوضها السفارات الأوروبية بتلقي طلبات التأشيرة بالبيروقراطية المصرية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهجوم الإيراني على إسرائيل.. هل يغير الشرق الأوسط؟| المسائي


.. وزارة الصحة في قطاع غزة تحصي 33797 قتيلا فلسطينيا منذ بدء ال




.. سلطنة عمان.. غرق طلاب بسبب السيول يثير موجة من الغضب


.. مقتل شابين فلسطينيين برصاص مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغر




.. أستراليا: صور من الاعتداء -الإرهابي- بسكين خلال قداس في كنيس