الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وصية، احرقوا تراثنا بعد موتنا!

توفيق أبو شومر

2016 / 10 / 22
الادب والفن


صدر حكمٌ قضائيٌ من محكمة العدل العليا الإسرائيلية، في شهر أغسطس 2016 بشأن ملكية الوثائق التي تعود للروائي اليهودي الهنغاري البارز، فرانتز كافكا، هذا الحكم يقضي بتسليم الوثائق إلى المكتبة الوطنية في إسرائيل، بعد هزيمة وارثي الوثائق، ممن كانوا يسعون لبيعها.
هذا الحكم القضائي أعاد لي ذاكرتي في مقارنة سيرة حياة فرانتز كافكا، وسيرة حياة، المبدع العربي، أبو حيان التوحيدي، وجه الشبه بين الاثنين، يختص بمنزلة المبدعَيْن في مجتمعهما، فهما عاشا غرباء، بسبب نبوغهما الفكري وتفوقهما، وهما أيضا عاشا حياة المعاناة بكامل تفاصيلها، كافكا، والتوحيدي عاشا حياة صعبة ماديا، وصحيا، لدرجة أن الاثنين اشتركا في وصية واحدة وهي:
احرقوا آثارنا عند موتنا، ولا تتركوا بعدنا ورقةً مما كتبنا!!
فكافكا المولود 1882- 1924 كتب رسالة لصديقه، وحافظ ملفاته، ماكس بورد يقول:
"آخر وصية لي يا عزيري ماكس، أن تحرق ملفاتي، ومذكراتي، وقصاصات أوراقي، وكل رسائلي، قبل أن تقرأها"
لكنَّ الوصيَّ لم ينفذ وصية المبدع، كافكا، بل احتفظ بها، وحملها معه إلى فلسطين 1939 وعمل على نشرها، وحينما توفي ترك ملفات أخرى لمديرة مكتبه، التي تركت الوثائق بدورها لابنتيها اللتين تعيشان في إسرائيل، وهما اللتان طالبتا بثمنٍ مادي، نظير احتفاظهما بالوثائق!
أما فيلسوفنا العربيُ الذي ناضل في مجال نسخ الكتب ليعيش حياة كريمة، ولكنه لم يفلح، فقال: "تمكَّن مني نكدُ الزمانِ إلى الحدِّ الذي لا أسترزقُ، مع صحةِ نقلي، وتزويق نسخي، وسلامته من التصحيف والتحريف، بمثل ما يسترزق البليدُ، الذي ينسخُ النسخَ، ويمسخُ الاصلَ والفرع"!!
أبو حيان الذي أحرق كتبه، وقال مبررا فعلته: "كيفَ أتركُ كتبي لأناسٍ، جاورتهم عشرين عاما، فما صحَّ لي من أحدهم ودادٌ، فاضْطُرِرتُ لأكل الخُضر في الصحراء، وإلى تعاطي الرياء... فلي في إحراق كتبي أسوةٌ أقتدي بهم، منهم، أبو عمرو بن العلاء، وكان من كبار العلماء، دفن كتبه في باطن الأرض، ولم يوجد له أثر.
وأبو سليمان الداراتي جمع كتبه في تنور، وسجَّرها بالنار وقال: والله ما أحرقتكِ، حتى كِدْتُ أحترقُ بك.
وهذا سفيان الثوري، مزق ألف جزء من كتبه وطيرها في الريح، وهو يقول: " ليت يدي قُطعتْ من ها هنا، ولم أكتب حرفا واحدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أخطر أمراض الإحباط واليأس
توفيق أبة شومر ( 2016 / 10 / 22 - 17:46 )
نعم يتحمل الكُتابُ والمبدعون مسؤولية إرشاد وتوعية القارئين، هناك بالتأكيد فرقٌ بين الأزمان، غير أن حالة المبدعين والمفكرين في الدول الضعيفة حالةٌ مُزرية، فهم يعيشون على هامش الحياة، ويجري التخلص منهم مِن قبل الأنظمة الديكتاتورية، لأنهم يشكلون خطرا على حكوماتهم، ولهذا السبب يصاب المبدعون باليأس والإحباط، كحالة أبي حيان التوحيدي، وغيره من كبار المبدعين، فيُقدمون على إحراقِ مؤلفاتهم حتى لا ينتفع بها غيرهم، وهذا مرضٌ خطير، من أخطر أمراض الإحباط.

اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة