الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمبريالية و الهجرة – مقالات من جريدة - الثورة -

شادي الشماوي

2016 / 10 / 22
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الإمبريالية و الهجرة – مقالات من جريدة " الثورة "
1- أوروبا : نحو حلّ عسكري ل " أزمة الهجرة "
جريدة " الثورة " عدد 427 ، 22 فيفري 2016
http://revcom.us/a/427/awtwns-europe-toward-military-solution-to-migrant-crisis-en.html
أخبار " عالم نربحه " ، 16 فيفري 2016
----------------------------------------------------------
" مثال قد ذكرته قبلا ... هو مسألة " الحقّ فى الأكل " . أو لماذا ، فى الواقع ، فى ظلّ هذا النظام ، لا وجود ل " الحقّ فى الأكل " . الآن ، يمكن أن ينادي الناس ب " الحقّ الأكل " ، لكن لا وجود لمثل هذا الحقّ مع سير هذا النظام . ليس بوسعهم عمليّا تطبيق ذلك كحقّ نظرا لديناميكيّة الرأسمالية و الطريقة التى بها تخلق البطالة ، مثلما رأينا ذلك محسّما بشكل جدّ دراماتيكي فى الآونة الأخيرة . إنّها تخلق تفقيرا كبيرا و نحافظ عليه . ( إلى درجة معيّنة ، حتى بينما هناك فقر مهمّ فى البلدان الإمبريالية ، وهو إلى درجة معيّنة ملتوى و مقنّع بمدى الطفيليّة هناك ؛ الإمبريالية " تغذّى " أقصى إستغلال للناس فى ما يسمّى بالعالم الثالث بوجه خاص ، و بعض " الغنائم " من هذا " التغلغل " بطرق مهمّة للفئة الوسطى خصوصا . لكن إن نظرتم إلى العالم ككلّ ، فإنّ الرأسماليّة تخلق تفقيرا هائلا و تحافظ عليه ).
العديد و العديد من الناس ليس بوسعهم أن يجدوا ما يكفيهم للأكل و ليس بوسعهم أن يأكلوا بطريقة تسمح لهم بأن يكونوا فى صحّة جيّدة – و عموما ليس بوسعهم أن يحافظوا على الظروف التى تجعلهم فى صحّة جيّدة .لذا حتى بالنظر إلى شيء أساسي مثل " حقّ الأكل " – ليس بوسع الناس أن يحصلوا على ذلك الحقّ فى ظلّ الرأسمالية . إن أعلنتم ذلك كحقّ ، و إن عمل الناس على هذا الأساس و ببساطة شرعوا فى الذهاب إلى حيث يُباع الغذاء كسلعة ويصرّحون " لدينا حقّ أكثر جوهريّة من حقّهم فى توزيع الأشياء كسلع و فى مراكمة رأس المال – لدينا حقّ الأكل " – و إن شرعوا فى أخذ الطعام ، عندئذ تعلمون ما الذى سيحصل ، و ما حصل كلّما فعل الناس هذا : اللصوص أطلقوا عليهم النار فى الشوارع ". ( بوب أفاكيان ، " الأساسي من خطابات بوب أفاكيان و كتاباته " ، 1:20)
--------------------
فى تطوّر مثير للقلق يجسّد كيف أنّ أوروبا قد تبنّت حلولا بوليسيّة و حتّى عسكريّة إزاء ما تعتره " أزمة الهجرة " – و يعكس الأزمات العالمية الكامنة – أرسل الناتو سفنا حربيّة إلى بحر إيجي ، بين اليونان و تركيا .

إنّ الموجة البشريّة الكبيرة من المهاجرين فى عالم اليوم والتى تقدّر ب60 مليون إنسان هي إلى درجة كبيرة نتيجة الإضطرار إلى ذلك ، وبهذا المعنى ، أكثر منها مسألة قرارات شخصيّة . سواء باع لهم أم لم يبع مقاول – أخلاقه فى أتعس الأحوال لا تختلف عن أخلاق أصجاب البنوك الغربيّة ، قاربا مطّاطيّا ، لن يغيّر من هذاالوضع شيئا . و لئن أراد الغرب حقّا مساعدة الناس ، كان سير سل سفنا تجلبهم بأمان عبر المياه ، بالضبط مثلما ترسل الولاياتالمتحدة و أوروبا بشكل روتيني عندما روق لهما ذلك مراكبا لإجلاء مواطنيهما الواقعين فى مناطق حرب – كما هوالحال بالتأكيد فى سوريا و أفغانستان و العراق و عديد الأماكن الأخرى .

لم يكن للرأي العام و لو لمحة حتّى عن هذا القرار إلى عشيّة إجتماع وزراء دفاع الناتو فى 11 فيفري ، و تمّ تطبيقه على الفور . وفى غضون 24 ساعة ، كانت على عين المكان سفينة من كلّ من البلدان التالية الذكر: ألمانيا و تركيا والكندا . ويتقوقّع أن تلحق بها سفينتان حربيّتان أو ثلاث ، ربّما من اليونان و أنجلترا و الدنمارك البلد الذى يفتخر بإرث الفايكينغ الذين كانت سفنهم تنهب هذا البحر و الآن تنهب الأمتعة الشخصيّة للباحثين عن اللجوء السياسي .

و حتّى أكثر إثارة للقلق من وجود هذه السفن الحربيّة فى بحر إيجي هو إبقاء مهمّتها عمدا غائمة .

لقد صرّح السكرتير العام للناتو جنس ستلتنبارغ لوسائل الإعلام قائلا " لا يتعلّق الأمر بإيقاف أو إرجاع سفن اللاجئين" . وقال القائد الأعلى للناتو فى أوروبا ، الجنرال فليب بريدلوف الذى يعكس موقعه الهيمنة الأمريكيّة على هذا التحالف ، إنّ نشر السفن كان قرارا سياسيّا و تحديد مهامها يظلّ جزءا من " العمل العسكريّ " الذى لم يُنجز بعدُ .

لا ترسل هذه السفن لإنقاذ الناس منالغرق بما أنّ أكثر من 800 ألف غرقوا فى بحر إيجي فى السنة الماضية و 409 فى الأسابيع الخمس الأولى وحدها من 2016 ، حسب المنظّمة العالمية للهجرة . فى بعض الحالات ،حاول المتطوّعون مساعدة السفن بلوغ اليونان بأمان ( مثلا ، رجال مطافئ من إيطاليا ) ، وقع إيقافهم .

و جرى إيقاف مار نستروم ، العمليّة الإيطاليّة فى البحر الأبيض المتوسّط فى 2013- 2014 ، و التى أنقذت 150 ألف مهاجر من خطر الغرق ، و ذلك لأنّه كان يبدو أنّها " تشجّع الناس على مغادرة شمال أفريقيا نحو أوروبا فى سفن هشّة . وجرى تعويضها بعمليّة تريتون التى تسهر عليها فرونتاكس ( شرطة حدود الإتحاد الأوروبي ) مستخدمة مراكب حراسة بلا أماكن لعابرين أو لوازم الرعاية الصحّية الإستعجاليّة . والذين يتمّ إخراجهم من المياه الباردة يظلّون على ظهر السفينة والعديد منهم لقي حتفه جرّاء ذلك قبل بلوغ اليابسة . و مات آلاف آخرون دون إنقاذ لأنّ العمليّة كانت تهدف إلى إبقائهم بعيدا عن المياه الإقليميّة الأوروبيّة و القيام بالقليل إذا وقع القبض على سفنهم فى عرض البحر .

ثمّ أعلنت ألمانيا التى تعرف شيخوخة و تقلّصا فى سكّانها رغم إستيعابها لنصف مليون مهاجر من يوغسلافيا السابقة ، نيّتها تولّى العناية بمليون سوري . لكن الآن تغلق الأبواب من جديد . و توبيخ الرأي العام المناهض للمهاجرين الذى وقعت إثارته بعناية و أحداث مثل تلك التى جدّت قبل ليلة السنة الجديدة و المتصلة بالنساء فى كولونيا كتعلّة أفضل ميّت من أن يكون هنا ، هو الموقف المتّخذ إزاء عديد البشر الفارين من الحروب و الأزمات الأخرى التى تعدّ البلدان الأوروبيّة وأمريكا الشماليّة مسؤولة عنها إلى حدّ بعيد ، بصفة غير مباشرة أو بصفة مباشرة ، خاصّة فى سوريا و أفغانستان و العراق من أين تأتى أكبر أعداد اللاجئين .

و السفن التى تعمل فى بحر إيجي يعلن أنّها "حراسة " ليست سفن حراسة هذه المرّة . فإلى حدّ الآن كان الأسطول الصغير متكوّن من سفينة مساندة معركة طولها 170 متر و سفينتين حربيّتين . و بينما حاول الناطقون الرسميّون بإسم الناتو أن يعطوا شعورا بأنّ الأسطول الصغير أرسل " ليوفّر معلومات للإتحاد الأوروبي " فإنّ هذا لا يفسّر إختيار السفن الموجّهة لحرب السواحل عوضا عن التعويل ببساطة على المراقبة الجوّية التى هي فى الواقع تتزايد كجزء من العمليّة . ( النيويورك تايمز ، 12 فيفري 2016 ،هي مصدر كلّ المواقف المضلّلة المقتبسة أعلاه .) وعن أيّة " معلومات " يتحدّثون ؟ يعلم الجميع أنّ الناس يزحفون إلى أوروبا عبر المياه و الحكومات تريد إيقافهم .

نهائيّا لا تستهدف المهمّة " المهرّبين للبشر " ك" عصابة إجراميّة تستغلّ هؤلاء الناس الفقراء " مثلما تدّعى التصريحات الصحفيّة لوزير الدفاع الأمريكي آشونكارتر و وزيرة الدفاع الألمانيّة أورسلا فودرلاين و وسائل الإعلام الصديقة للناتو ( " صوت ألمانيا " ، 11 فيفري 2016 ). إنّ غالبيّة الذين يدخلون أوروبا لا يتاجر بهم فى العبوديّة أو يتاجر بهم بأيّ معنى حقيقي أبدا . إنّهم يفرّون . و من غير المقبول أن يتمّ تجاهل هذا الفرق عن قصد من قبل أكبر مستغلّى العالم ، القوى التى جالت سفنها المتاجرة بالإنسان البحار و ملئت المحيطات بأجساد الأفارقة المخطوفين الذين لم يكن لديهم من مفرّ سوى الموت . و قد تمادى هذا لقرون وهي تراكم رأس المال الذى يسمح لها اليوم بالهيمنة على العالم .

تسلّط الأحداث السياسيّة التى أدّت إلى القرار الفجئي للناتو الضوء على المؤامرات السياسيّة . ففى 7 فيفري ، جمع حفل عشاء الوزيرة الأولى الألمانية ، أنجيلا ماركال و الرئيس الفرنسي ، فرانسوا هولاند و خرجا ب " خارطة طريق " للتقليص الجذري لعدد الذين يدخلون الآن أوروبا . ( جريدة " لومند " ، 11 فيفري 2016 ). وجزء من ذلك سيقدّم فى الإجتماع القادم للإتحاد الأوروبي لكن الكثير منه بعدُ يجرى تطبيقه . و مُنحت اليونان ثلاثة أشهر لإعادة تركيز حدودها البحريّة أو تواجه الطرد من مجموعة الشنغان للبلدان الأوروبيّة المفترض أنّها قامت لضمان السفر الحرّ عبر معظم القارّة. و طبعا ، ألمانيا و السويد و بلدان أخرى قد أعلنت الآن على نطاق واسع حدودها متباهية بإتّفاق الشنغان .

و الآن نظرا لغلق الحدود الأوروبية ، حوّلت الصعوبات الكبرى فى اليونان ، لا سيما الجزر القريبة من تركيا ، ذلك البلد إلى ما سمّاه موظّف رسمي فى الأمم المتحدة " أكبر مركز إيقاف فى الهواء الطلق فى العالم " . و قد دفع الإتحاد الأوروبي نحو إرساء ما يسمّى للتخفيف ب " النقاط الساخنة " فى اليونان و إيطاليا . و وقع إيقاف الناس بالقوّة فى ملاعب كرة قدم و غيرها من الأماكن فى مناسبات متكرّرة إلاّ أنّ السبب الأساسي لبقائهم فى المراكز إيّاها المقامة الآن هو أنّه ليس لديهم مكان آخر يقصدونه و يأكلون فيه و يحتمون به من المطر والبرد القارس – و لعدم التعرّض للضرب على يد المدنيّين المعادين للمهاجرين و عددهم كبير . و صارت اليونان و إيطاليا اللذين قدّما لبلدان أخرى عدة ملايين من سكّانهما لزمن طويل ، صارا حارسي أبواب القلعة الأوروبيّة . فى المدّة الأخيرة .

و الهدف المعلن لهذه المراكز هو تحديد و تسجيل كلّ الواردين . و تتمّ التفرقة بين الذين يمكن أن يعتبروا مرشّحين لنيل اللجو السياسي فى أوروبا ، أساسا السوريّين ، و الذين هم من بلدان يعلن أنّها " آمنة " كأفغانستان ، مثلما فعلت ألمانيا فى المدّة الأخيرة . و لهذا القرار صدى سيّئبوجه خاص فى صفوف الناس الذين إستفاقوا سياسيا فى ألمانيا و الذين أدانوا الدور المستمرّ و القيادي الآن لبلادهم فى إحتلال أفغانستان ، فى ظلّ الولايات المتحدّة . و ضمن أشياء أخرى ، إنّه تجاوز منافق ( أو بصيغة أفضل عرض ) لما يسمّى بالدستور الألماني " المسالم " لما بعد الحرب العالمية الثانية . بينما وفق جريدة لومند الفرنسيّة ، وافقت اليونان على شحن ضحايا هذا " الفرز " و إعادتهم إلى تركيا . وقد وافقت تركيا على القبول بهم – ربّما بالجميع ، حتّى بالأفغانيّين . ( صوت ألمانيا ، 11 فيفري 2016 ) . و بالمقابل ، ستحصل تركيا على تعويض أسرع بثلاثة بليون دولار سيدفعهم لها الإتحاد الأوروبي لتخزين اللاجئين – أكثر من ألف يورو للفرد إلى حدّ الآن . و كذلك بالمقابل ، طالبت تركيا الناتو بالتدخّل فى بحر إيجي وهي حركة تمضى إنعكاساتها أبعد من مسألة الهجرة . وكلّ هذا لفهم المحاولة الإستراتيجيّة للأسطول الصغير التابع للناتو و تسريعه فى إطلاقه مع تجمّع عناصر أخرى فى وضع فى منتهى القابليّة للإنفجار .

و هذه القابليّة للإنفجار يمكن أن تشرح ضبابيّة مهمّة الناتو فتكتيكاته تظلّ إلى درجة كبيرة غير محدّدة و الناطقون الرسميّون بإسمه لا يغذّون فقط بتضليل الأفواه المفتوحة لوسائل الإعلام . لا يمكن النظر للأمر فى منأى عن النزاع بين الولايات المتحدة و أوروبا و روسيا حول سوريا ، أو الموقف التركي العدواني و الخطير للغاية بما هو حليف لا غنى عنه للغرب ضد روسيا و القناة الأساسية لتمرير الأسلحة و المتطوّعين المساندين للقوى الإسلامية على أرض المعركة السوريّة .

و تتداخل حروب و تناقضات مختلفة و تتفاعل – بما فيها ما هو إستعارة و ليس الوقت فى الوقت الحاضر تماما ، حرب ضد " المهاجرين " ، و بكلمات أخرى ؛ الضحايا الفاريين أمر ليس بقليل الأهمّية و نشر السفن يرسى نغمة جديدة فى التعاطى مع " أزمة " الهجرة . و يمكن أن يرغب الناتو فى تركيز حضور ملموس فى بحر إيجي، و" إعداد لمواقع "، تحضيرا مثلما يسمّى مخازنه الجديدة للسلاح على حدود سوريا للتحرّك إن جدّت تغيّرات فجئيّة فى الوضع العسكري فى سوريا ، أو تركيا و المزيد من التدخّل العسكري ، أو جدّت أزمة فى تركيا عينها ، فيحوّل موجة الهجرة إلى موجة مدّ . يبقى أن نرى مدى بحثه النشيط عن تحويل بحر إيجي إلى جدار عزل أوروبي .


2- الحضارة الغربيّة : " الموت للمهاجرين ! "
جريدة " الثورة " عدد 435 ، 18 أفريل 2016
http://revcom.us/a/435/awtwns-western-civilization-death-to-migrants-en.html
أخبار " عالم نربحه " ، 11 أفريل 2016

فى العاشر من أفريل 2016 ، إثر تصويت الثمانية و العشرين بلدا من بلدان الإتّحاد الأوروبي على غلق حدودها و ترحيل المهاجرين إلى تركيا ، هاجمت شرطة ماسيدونيا حشدا من المهاجرين يعدّ حوالي 500 شخص تجمّعوا على الجانب اليوناني من الأسلاك الشائكة المضاعفة للحدود مطالبين بتمكينهم من العبور . و أطلقت الشرطة الموجة تلو الموجة من الغاز المسيل للدموع و العبوّات الصاعقة و الرصاص المطّاطي و دفعات من الماء ذى الضغط العالي .
و وفق منظمة أطبّاء بلا حدود ، عالج فريقها حوالي 260 إصابة . و تمّ علاج حوالي 200 شخص لصعوبات فى التنفّس. و قد أغمي على البعض حينما دخل الدخان الخيام حيث أكثر من 11 ألف إنسان كانوا يعيشون فى الطين و تحت المطر منذ إغلاق الحدود فى 20 مارس . و جُرح أكثر من 30 بالرصاص المطّاطي بمن فيهم أطفال تحت سنّ العاشرة و أصيب ثلاثون آخرون بجروح مفتوحة . و جاء فى تقارير أطبّاء بلا حدود أنّ أمّهات حاملات و أطفال كانوا ضمن الضحايا ، المصابين بالرصاص المطّاطي . و بالرغم من أنّ محاولة إختراق الحدود و إجبار أوروبا على منحهم اللجوء السياسي كانت يقودها شباب فإنّ الغالبيّة فى المخيّم كانت من النساء و الأطفال ، و وضع الأطفال الصحّي سوءا أكثر فأكثر .

يجب أن نساند هؤلاء المهاجرين الجسورين الذين يرفضون الإستسلام . قال أحدهم من سوريا كان فى مكان الهجوم فى المدينة الحدوديّة بين اليونان و ماسيدونيا ، إيدومنيني ، " هذا هو اليوم الأخير . هذا أملنا الأخير . إمّا أن نعبر أو نموت و إمّا سنموت فى اليونان " . و البديل عن الموت فى اليونان أو ماسيدونيا الآن هو القبول بالنقل بحرا إلى تركيا أين يوجد أمل ضئيل فى الحصول على ترخيص عمل أو أيّ شيء آخر عدا مخزّنين فى هيكل عملاق من التجارة بالبشر الذى فى ظلّه يدفع الإتحاد الأوروبي لتركيا المال عن كلّ إنسان يرسل إليها .

و رغم أنّ حماية السوريين هي السبب المفترض لقصف الولايات المتحدة سوريا بالقنابل و الإعداد لغزوها ، الآن ، يطلق حرس الحدود التركي النار على السوريين بمن فيهم الأطفال ، الذين يسعون إلى دخول تركيا . و حسب منظّمة العفو الدوليّة ، إنّه " سرّ مذاع فى المنطقة " أنّ تركيا هي أيضا تعيد بالقوّة المهاجرين إلى سوريا لأنّ القوى الأوروبيّة قد إتفقت على دفع المال لها لإيواء عدد معيّن فقط ليس أكثر . و صرّحت منظمة العفو الدوليّة ، " فى يأسهم من غلق حدودهم ، تجاهل قادة الإتحاد الأوروبي عن عمد أبسط الوقائع و منها أنّ تركيا ليست مكانا آمنا للمهاجرين السوريين وهي أقلّ أمانا مع مرورالأيّام " .

و الكثير الآخرين الذين يقع إرسالهم كالبضائع من اليونان إلى تركيا هو أفغانيّون و عراقيّون و باكستانيّون قيل لهم إنّ الإتّحاد الأولروبي يرفض إعتبارهم لاجئين . و لسوء حظّهم هم قادمون من بلدان تحت هيمنة الولايات المتحدة – إنّهملا يفرّون من أوضاع و حكومات أوجدتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيّون ، لا سيما أنجلترا و فرنسا و ألمانيا . و بالنسبة للإتحاد الأوروبي لا يبيّن هذا سوى أنّهم ناكرون للجميل و لا يمكن السماح لهم بالهروب من البركة التى أنزلهم فيها الغرب : مجتمعات سجينة التخلّف تحكمها حكومات إسلامية رجعيّة تقاتل خصوما إسلاميين رجعيين مناهضين للغرب .

إنّ التمييز بين المهاجرين بين " مهاجرين إقتصاديّا " و " لاجئين سياسيين " ممكنين ( بمعنى أناسا من بلدان لا يتحكّم فيها الغرب راهنا ) لا يهدف إلى مساعدة أيّة مجموعة من الناس و إنّما إلى تقسيم صفوف هذه الجماهير الفارة بحياتها و تضليل الرأي العام .

و ينبغى إعتبار ما ورد فى تقرير من صدام بين اللاجئين الأفغانيين و السوريين على الجزيرة اليونانيّة شيوس لحظة نجاح لسياسة جعل العبيد يتقاتلون فيما بينهم و التى تعود على الأقلّ إلى زمن روما . لكن عقب هذا الحادث ، حوالي 800 شخص أسقطوا الحواجز المحيطة بمركز الإيقاف وساروا فى مظاهرة نحو الميناء السياحي ليخيّموا على مرأى من العالم. و هناك لا زالوا فى خطر التعرّض إلى هجوم من قبل كلّ من الشرطة و الحزب اليوناني النازي الجديد ، الفجر الذهبي . و يوجد الآن وضع مشابه فى بيرايوس أين يرفض 4500 لاجئ مغادرة المنطقة قبالة محطّة قطار .

و غداة هجوم إدوميني ، بعد وقت طويل من إظهاره فى وسائل الإعلام العالمية و فضحه على نطاق واسع من قبل المنظّمات غير الحكوميّة و آخرون داخل اليونان و كذلك خارجها ، نعت الوزير الأوّل اليوناني آلكسيس سيترباس ذلك ب " عار كبير على المجتمع الأوروبي و بلد يريد أن يكون جزءا منه " ( تحديدا ماسيدونيا التى كان دخولها الإتحاد الأوروبي معطّلا من قبل اليونان بسبب نزاعات تاريخيّة ). كان هذا مراوغة للمسؤوليّة من طرفه .

لقد أتى هذا الهجوم بالضبط بعد تمرير البرلمان اليوناني قانونا يجعل قانونيّا ترحيل اللاجئين بالرغم من أنّ ذلك غير قانوني تماما وفق القانون اليوناني و اقانون الإتحادالأوروبي و القانون الدولي . و سواء أقرّوا بذلك أم لا ، فإنّ شرطة ماسيدونيا كانت تطلق النار بإسم الحكومة اليونانيّة و الإتحاد الأوروبي – الذى هو على أهبة الإستعداد لعقاب اليونان على عدم خلاصها البنوك و على أهبة الإستعداد أيضا لمجازاة اليونان لتوقف المهاجرين و تهينهم و تقمعهم و ترحّلهم .
و ليس هذا الهجوم غير واحد من سلسلة إستمرّت طوال شهر . ليس وصمة عار على وجه " الحضارة الغربيّة " – و إنّما هو جزء من سير النظام العالمي للإستغلال الذى جعل العالم منفسما إلى بلدان إمبرياليّة و بلدان تهيمن عليها الإمبرياليّة إقتصاديّا و سياسيّا و عسكريّا ، حتّى و الإمبرياليّون و الرجعيّون الآخرون يقاتلون بعضهم البعض . فى مواجهة تبعات هذا النظام نفسه ، ليس من الممكن أن ننتظر منه أن يردّ الفعل بطريقة أخرى عدا القوّة عندما يكون " إستقرار " ذلك النظام غير العادل مهدّدا .

قيمة الشخص و كرامته و حقوقه ، و حُرمة حياة الإنسان و كلّ الكلمات المعسولة الأخرى التى تزعم القوى الغربيّة الدفاع عنها يتمّ دوسها على نطاق واسع على مرأى و مسمع من كلّ الذين يسمحون لأنفسهم برؤية ذلك .

" الموت للمهاجرين ! " ليس شعارا فحسب ترفعه العصابات الفاشيّة التى تهاجم اللاجئين فى اليونان و عدّة مدن أوروبية أخرى ، بل هو شعار مقصود كذلك على أنّه ليس علنيّا ، للسياسة التى يسلكها الإتحاد الأوروبي و الناتو .


3- عالم من المهاجرين و الإمبريالية و الحدود : غير مقبول و غير ضروري
جريدة " الثورة " عدد 435 ، 18 أفريل 2016
http://revcom.us/a/435/a-world-of-refugees-en.html

اليوم ، موجة بشريّة – بمعدّل حوالي 42 ألف و 500 إنسان كلّ يوم – تضطرّ إلى أن تنجو بحياتها جراء الحرب
و الإرهاب و القمع . و قد بلغ هذا الطوفان البشري من مغاردة الديار 60 مليون إنسان . و هذا يعنى واحد من كلّ 122شخص على الكرة الأرضيّة – أكبر من أي رقم سجّل قبل أبدا ، حتّى خلال الحرب العالمية الثانية. و الآن يسعى الملايين بيأس إلى إيجاد ملجئ فى أوروبا أين حطّ الرحال مليون إنسان فى السنة الماضية وحدها .
ما المشترك بين الغالبيّة الغالبة لهؤلاء اللاجئين – 12 مليون سوري و حوالي 4 ملايين أفغاني ، و قرابة الخمسة ملايين عراقي و 15 مليون من أفريقيا جنوب الصحراء ؟ إنّهم يفرّون من مناطق طالما هيمن عليها الإستعمار الغربيّ و الإمبرياليّة – لا سيما أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا الوسطى . لماذا . لأنّ الإمبريالية قد حوّلت الحياة هناك إلى جحيم بحكم عقود متتالية من الإستغلال و النهب و من دعم الطغاة ، و اليوم تسبّبت أكثر من 15 سنة من القنابل و الحرب فى قتل الملايين و أشعلت نار إرهاب الجهاد الإسلامي الرجعي الذى خلق كوابيسه الخاصة للبشر .
و ما هو ردّ القوى الأوروبيّة ( و الولايات المتحدة بطريقتها الخاصّة ) التى غدت غنيّة بفضل سرقة و إستغلال هذه المناطق وهي مصدر هذا الكابوس ؟ إغلاق الأبواب بجدران و أسلاك شائكة و حرس مسلّح ، و الآن الترحيل إلى دول قمعيّة وحشيّة . إنّ القوى المفترسة التى تجول العالم قاصفة بالقنابل و ناشرة الموت تستغلّ شكوى أنّ هذه الموجة البشريّة " تعبر بصفة لاقانونيذة حدودها ". إنّها تبرّر و تعكس إنقسام الإنسانيّة إلى سادة و عبيد ، إلى طبقات مضطهِدة و طبقات مضطهَدة . فى أوروبا صعدت الرأسمالية ونُحتت عبر الحروب و المجازر الجماعيّة. و الحدود فى العالم الإستعماري قد رسمتها غالبا القوى الإستعماريّة لتقسّم النهب و تحافظ على تحكّمها فيه .
كلّ هذا غير مقبول و غير ضروري . إنّه يصرخ من أجل الثورة لإنشاء نظام أفضل بكثير تكون غايته الأسمى الشيوعية – عالم دون تقسيم للإنسانيّة إلى طبقات ، دون علاقات إجتماعية إضطهادية و دون حدود .

4- عدد كبير من الموتى فى البحر الأبيض المتوسّط : " لم يحدث شيء "

جريدة " الثورة " عدد 437 ، 2 ماي 2016

http://revcom.us/a/437/awtwns-mass-deaths-in-mediterranean-en.html
أخبار " عالم نربحه " ، 25 أفريل 2016

ما من أحد يعرف على وجه الضبط كم هو عدد المهاجرين الذين غرقوا بسبب تحطّم سفينة بين ليبيا و إيطاليا فى الأيّام الأخيرة من شهر أفريل . قال ال41 الناجين المعروفين الذين تاهوا فى قارب صغير لأيّام قبل أن تلتقطهم سفينة شحن بضائع إنّ ما بين 400 و 500 قد لقوا حتفهم.
مئات الموتى هؤلاء من الصوماليين و بلدان أفريقيّة أخرى بالكاد ذكرتهم وسائل الإعلام . و لا يعزى هذا إلى كونهم ولدوا فى بلدان أين لا حقوق للناس العاديين فى توقّع البقاء على قيد الحياة ، حسب بعض الملاحظين الغربيين ، بل حتّى أكثر لكون هؤلاء الأموات جزء من وضع العار الذى تآمرت كلّ القوى الغربيّة لإيجاده .
و خلّف تحطّم سفينة مشابه فى أكتوبر 2013 مئات الأجساد من الكهول و الأطفال طافحة فى المياه قبالة جزيرة لمبدوزة الإيطالية . زمنها ، الصيّادون فقط و أنساس محلّيون آخرون إنشغلوا بمحاولة إنقاذهم . بشرعيّتها و السير " العادي " للمجتمع على حافة الخطر ، أطلقت الحكومة الإيطالية مار نوستروم وهي عملية إنقاذ بحريّة للناس .
و رغم غرق الكثيرين ، جرى إنقاذ حوالي 150 ألف إنسانا من المياه فى السنة الموالية . و إعتبرت عدّة حكومات أوروبيّة ذلك مشكلا : يجب أن تتصاعد إمكانيّات الوفاة تصاعدا دراميّا ليبقى المهاجرون بعيدا . وعوّضت عملية مار نوستروم بعمليّة تريتون فأضحوا يستخدمون مراكب شرطة غير مجهّزة لإنقاذ الناس و نقلهم نقلا آمنا . و أطلق إسم مشاركة إيطاليا ب " أمن البحر " لأنّ الهدف هو " تأمين " السواحل الأوروبيّة من غير الأوروبيّين . و أنشأ القادة الأوروبيّون ووسائل إعلامهم يطلقون فقعات حول مسؤوليّة " المهرّبين " عن هذه الوفايات . و مع ذلك ، لو قال المهرّبون ليست لنا تسهيلات إنقاذ أي شخص حينما تنقلب المراكب أثناء حوادث و بأيّة معايير لا نعمل فى مجال إنقاذ الناس – ألايكونون بصدد قول ما يقوله بالضبط الناتو و الإتحاد الأوروبي ؟ و هؤلاء المهرّبين ، على خلاف القوى الأوروبيّة ، ليسوا مسؤولين عن الأوضاع التى تجعل مجموعات سكّانيّة برمّتها تخاطر بالموت فى البحر على أنّ ذلك أفضل الخيارات لديها .
و إضطرّت السلطات الأوروبيّة إلى التحرّك يمينا و شمالا ، مرّة تحاول التشديد على قيمها " الإنسامنيّة " حتّى لا يتعرّى موقف دولها و أنظمتها اللامبالية تجاه الحياة الإنسانيّة . و تقريبا قبل سنة من هذه المأساة الإجرامية الأخيرة ، إثر غرق 800 إنسان فى ظروف مشابهة ، أطلقت أيضا أوروبا عمليّة صوفيا التى أنقذت 12أ لف و 600 إنسان . و تقريبا ذلك الرقم مضاعفا أربع مرّات من الناس يعتقد أنّهم غرقو ا مذّاك . لقد قالت منظّمة العفو الدوليّة إنّ عمليّة صوفيا " تنحو نحو الفشل " لأنّ إنقاذ البشر ليس المهمّة الموكولة لها و المجزّة لتولّيها .
فى الوقت الحاضر ، لا توجد سفينة حكوميّة واحدة فى البحر الأبيض المتوسّط تتولّى تلك المهمّة . المركب الوحيد كان آكواريوس و تسيّره منظّمة أطبّاء العالم و آس أو أس أس البحر الأبيض المتوسّط . وهو مموّل أساسا بتبرّعات عبر الأنترنت و عمل سابقا لخراسة السواحل الألمانيّة تسوّغته المنظّمات غير الحكوميّة و قدرة حمولته لا تفوق أكثر من 500 إنسان وهو مجهّز بمصحّة و طاقم طبّي و إثر الغرق الأخير للمئات ، إستأنفت منظّمة أطبّاء بلا حدود التى توقفت سفنها عن العمل فى جانفي ، إستأنفت عمليّاتها للعثور على و إنقاذ مئات الناس على الفور .
لقد كان أكواريوس راسيا بالضبط خارج المياه الإقليميّة الليبيّة . و هذا الجزء من البحر و ربّما السواحل الليبيّة هو المكان الذى يُناقش الناتو و الإتحاد الأوروبي الآن إرسال سفنهم إليه – ليس لإنقاذ البشر و إنّما لإيقافهم .
أفغانستان : عقود ثلاثة من الهجرة الجماعية -5
جريدة " الثورة " عدد 441 ، 30 ماي 2016
أخبار " عالم نربحه " ، 23 ماي 2016
http://revcom.us/a/441/awtwns-afghanistan-three-decades-of-mass-exodus-en.htmllh

ما بات " أزمة هجرة " فى 2015 – حينما بدأت تؤثّر على اوروبا – لن يتبخّر . لا تزال كيفيّة معالجة مظاهرها المتنوّعة ، أساسا كيفيّة إبقاء المهاجرين خارجا ، نقطة جوهريّة فى الأجندا كلّما عقد ممثّلو القوى الإمبريالية إجتماعا. من هم هؤلاء المهاجرين و لماذا يسعون بيأس إلى بلوغ أوروبا ؟
من المليون او أكثر الذين دخلوا الإتحاد الأوروبي فى السنة الماضية ، بعد السوريين ، و الذين شكّلوا تقريبا نصف المهاجرين ، ثاني أكبر مجموعة قوميّة ، حوالي 180 ألف ، كانوا من أفغانستان .
أفغانستان مثال لكيف أنّ التدخّلات و الإحتلال الإمبرياليين قد حطّما حياة الملايين . فلهذا البلد أعلى نسبة مهاجرين فى العالم خلال ال32 سنة الأخيرة إلى السنة الفارطة حينما أسفرت حرب رجعيّة أخرى تقف وراءها الإمبريالية و القوى رجعية أخرى ، كلّ خدمة لمصالحها الخاصة ، عن عدد كبير حتّى من المهاجرين ، هذه المرّة من سوريا . و بالفعل ، يمثّل المهاجرون الأفغانيّون فى الوقت الحاضر ربع مجمل المهاجرين فى العالم بأسره . و وفق إحصائيّات الأمم المتحدة 95 بالمائة منهم يعيشون فى إيران و الباكستان.و غيرها من المهن .
تختلف الموجة الجديدة من المهاجرين الأفغانيين فى أنّهم أفضل حالا ، أو على الأقلّ لديهم منزل يرهنونه و مهارات فكريّة . و هناك تقارير تقول إنّ من ضمنهم يوجد عديد الناس إشتغلو ا فى وظائف حكوميّة أو هم فى سنتهم الأخيرة من الدراسة الجامعيّة للحقوق و الهندسة و هذا يبيّن أنّ لا أمل لهم فى المستقبل و هذا شائع تقريبا ضمن كافة الشرائح فى أفغانستان ، لا سيما منها الشرائح الشبابيّة .
لقد عبر الذين يحاولون بلوغ أوروبا من أفغانستان إيران ثمّ مرّوا بتركيا مواجهين صعوبات منها الإيقاف و السجن و فظاعات أخرى ترتكبها فى حقّهم سلطات تلك البلدان و حرس حدود . و أقلّ ما يفرض عليهم دفع قدر كبير من المال كرشاوي . و فى عدّة حالات ، يملى عليهم أن يدفعوا المال للمهرّبين ، ما يقدّر بثلاثة آلاف دولار أمريكي أو أكثر للشخص الواحد . و غالبيتهم لا يملكون هذا القدر من المال لذا يبيعون ممتلكاتهم التى جمّعوها طوال حياتهم . و هناك تقارير تفيد بأن عدد دكاكين الأمتعة المستعملة فى كابول و غيرها من المدن الكبرى فى أفغانستان قد تضاعف أضعافا . و إضطرّ الناس إلى بيع منازلهم إلى درجة أنّ الأسعار عرفت تراجعا ملحوظا .
ومعظم الذين يعبرون إلى أوروبا إنطلاقا من تركيا عبر جزر اليونان يسافرون فى زوارق بلاستيكيّة أو خشبيّة غير آمنة . و كان على الأقلّ 800 إنسان من أفغانستان ضمن حوالي الأربعة آلاف الذين لاقوا حتفهم فى بحر إيجي .
وغالبية الأفغانيين الذين بلغوا أوروبا يمضون إلى ألمانيا . و قد سجّل 154 ألف وصول للأفغانيين إلى ألمانيا فى 2015. و أرادت رئيسة الوزراء ، أنجيلا ماركال ، و قادة ألمانيا فى البداية الإستفادة من الوضع و إستعمال المهاجرين لإعادة إحياء بعض القرى و المدن التى تشهد حالة موت . إلاّ أنّ هذا الإستقبال الرسمي الإنتهازي سرعان ما تحوّل إلى عداء تجاه المهاجرين الذين إتّهموا زورا ب" إساءة إستعمال " نظام الرفاه الألماني و الإساءة إلى الشعب الألماني .
عقب غزو الولايات المتحدة و حلفائها الإمبرياليين الغربيين أفغانستان فى 2001 ، و إطاحتهم بنظام طالبان الأصولي و تركيزهم حكومة يترأّسها خادمهم المنتقى حاميد كرزاي ، وعدوا بإعادة بناء البلاد و توفير الإستقرار و الإزدهار له . لكن الناس لم يروا غير الحرب و القصف الجوّي و القصف ليلا ، و السجن و التعذيب و حكومة فاسدة من مروّجي المخدّرات و الجهاديين السابقين المدعومين من طرف البلدان الغربيّة . و إلى جانب الفقر و البطالة أتى دور عودة زراعة الخشخاش [ يصنع منه الأفيون ] و الإدمان المتزايد على المخدرات . و فى قمّة ذلك ، ظهرت من جديد طالبان الأصولية كقوّة مكينة و متسعة بإستمرار. و وفق الإحصائيّات الأخيرة التى نظّمتها بعثة أفغانستان التابعة للأمم المتحدة ، عدد المدنيّين الذين أصيبوا بجراح أو قتلوا فى السنة الماضية كان أكبر من 11 ألف شخص ، وهو الأعلى منذ بداية الإحتلال . و حتّى بعض المسؤولين الرسميّين الأمريكان ، بمن فيهم مدير الإستخبارات القوميّة جايمس كلابر ، يعتقدون فى أنّ " أفغانستان مهدّدة بخطر جدّي ، خطر الإنهيار السياسي خلال 2016 ".
و حسب لجنة حقوق الإنسان المستقلّة الأفغانية ، تسبّب العنف و إنعدام الإستقرار فى 21 من 34 محافظة فى هجرة أكثر من 1.2 مليون أفغاني فى 2015 " . و فقط نسبة منهم تمكّنت من أن تجد طريقها إلى أوروبا . و يفنّد هذا حجّة أنّ الأفغانيين يغادرون إلى أوروبا ببساطة بحثا عن مستوى عيش أرقى . و الغالبيّة تغادر لأنّها مضطرّة للمغادرة . و نزح هزاء مليون أفغاني داخليّا أو إتّجهوا إلى إيران و الباكستان . و البعض ليس بوسعهم الذهاب بعيدا و عليهم البقاء فى ظلّ الحرب و الفقر و الجوع و إنعدام الأمان و عنف طالبان و داعش و قوّات الحكومة و الضربات الجوّية الإمبريالية التى تستهدف حتّى المرضى و الأطبّاء و الممرّضين فى المستشفيات .
لكن الحكومة الألمانيّة و الحكومات الأوروبيّة الغربيّة الأخرى تعتبر أفغانستان بلدا آمنا أو على الأقلّ تحاول التمييز بين المهاجرين من مناطق ينعتونها بالآمنة و أخرى بأنّها غير آمنة فى أفغانستان . إنّهم يضغطون على المهاجرين الأفغانيين ليغادروا " طواعيّة " بعدم تمكينهم من اللجوء السياسي ، و يهدّدون باللجوء إلى القوّة لإرجاع الى بلاد هو مسرح لمعركة محتدمة بين الإمبرياليين ، و بين الإمبرياليين و رجعيين آخرين ، لعقود أربعة .
كان العدد الرسمي للمهاجرين الأفغانيين عبر العالم 2.6 مليون حتّى قبل الموجة الجديدة من الهجرة فى 2015 . و مع ذلك ، يقدّر العدد الحقيقي بستّة ملايين . و هناك 1.5 مليون مسجّل فى الباكستان و يقدّر أنّ ثمّة بين نصف المليون و المليون أفغاني يعيشون أيضا هناك " بصفة غير قانونية " .
قبل أواسط ثمانينات القرن العشرين ، لم يكن عدد المهاجرين الأفغانيينذا دلالة . على أنّه بعد الإحتلال السوفياتي الذى تلاه تدخّل الولايات المتحدة و القوى الغربيّة الأخرى و دعمها و تقويتها للجهاديين الأصوليين ، صارت أفغانستان واحدة من أشدّ مسارح المعارك فى المنافسة بين الكتلتين الإمبرياليتين اللتين تترأسهما الولايات المتحدة و الإمبرياليين- الإشتراكيين السوفيات ( إشتراكيين مزيّفين إنقلبوا على الطريق الإشتراكي فى الإتحاد السوفياتي و صاروا إمبرياليين ). و تمّت تعبأة الأصوليين من كافة أنحاء العالم للقتال فى أفغانستان ضد السوفيات الذين " لا إلاه لديهم " . و أضحت البلاد أيضا مسرح نزاع بين العربيّة السعوديّة و الإمارات العربيّة المتحدة من جهة ، اللذين يساندان الأصوليين السنّة ، و من الجهة الأخرى ، النظام الإسلامي الإيراني الذى يساند الأصوليين الشيعة .
و فى نفس الوقت ، غدت أفغانستان محور نزاع آخر فى المنطقة ، بين الهند والباكستان ذلك أنّ الباكستان إستغلّت الفرصة للتدخّل و لعب دور فى دعم الإمبرياليين الغربيين . و كانت أسلمة أفغانستان تخدم مصالح الباكستان فى نزاعها مع الهند . و كان الدعم المالي و العسكري و اللوجستي لمجموعات أصوليّة متنوّعة يمرّ بالأساس عبر الباكستان . و نجم عن هذا إنشاء مراكز قيادات جهاديّة عدّة فى الباكستان ، الباشتون أساسا فى بيشاور، و الحرزا و الأوزباك فى كيتا . و تبع صعود هذه المجموعات بالهجرة الجماعية لآلاف الأفغانيين .
و مع إحتداد الحرب و الدمار الذى خلّف الملايين دون مأوى ، إنطلقت هجرة جماعية أكبر . و قد قدّر عددالذين تنقّلوا من منطقة إلى أخرى داخل أفغانستان بمليون شخص ، فى حين غادر ثلاثة ملايين إنسان إلى الباكستان المجاورة و عدد مماثل إلى إيران . غير أنّ عدد قليل جدّا من الأفغانيين قصد البلدان الغربية بإستثناء الكندا أين حدّدت الهجرة بحوالي 4 آلاف إنسان.
و كانت غالبيّة الذين غادروا أفغانستان و منازلهم يفكّرون فى مغادرة مؤقّتة ، و يأملون العودة يأملون العودة إلى مساكنهم و العودة إلى الحياة العادية فى أقرب الأوقات. و مع ذلك ، كان هذا التفكير خارج نطاق مصالح و أهداف الإمبرياليين و القوى الرجعيّة الخرى الناشطة فى المنطقة . و تواصلت الحرب فى أفغانستان و لا تزال متواصلة اليوم . و حتّى عندما إنسحبت القوات المسلّحة السوفياتيّة من أفغانستان ووقعت الإطاحة بنظام نجيب الله الموالي للسوفيات ، لم تنته الحرب .
فى تلك الفترة ، كان التأثير البعيد المدى لما فعله الإمبرياليون و القوى الرجعيّة فى المنطقة لأفغانستان فى أوجه . نشبت حرب بين مجموعات أصولية جهادية مختلفة . ولم تكن الإختلافات قائمة على المصالح المباشرة لشتّى القيادات الجهادية الرجعية فحسب بل كذلك على تمايزات بين الشيعة و السنّة ، و الإختلافات الإثنيّة بين الأفغانيين و كافة أنواع الرجعيين الآخرين ، و بداهة ، الدعم الذى كانوا يتلقّونه من الباكستان و العربية السعودية و إيران و الهند و الإمبرياليين الغربيّين
الحرب الأهلية لسنوات 1992-1996 بين أمراء الحرب قد دمّرت فعلا كابول و كانت تبعاتها على الناس مدمّرة . و السلوك المعادي بلا رحمة للناس من الإثنيّات الأخرى الذى إنتهجته المجموعات المتعادية لا يمكن نسيانه . فقد قسّمت الحرب الأهلية الناس تبعا لإختلافات رجعيّة . و كان هذا نتاج البذور التى زرعها الإمبرياليّون و القوى الرجعيّة فى المنطقة .
و عند نقطة معيّنة ، تجمّع أمراء الحرب الباشتون حول قلب الدين حكمتيار ، أمير حرب بارز مدعوم من قبل الباكستان و السعوديّة ، توجّه إلى قتال الحكومة القائمة فى أفغانستان . و هناك تقارير تفيد بأنّه فى الأسابيع الأخيرة قد أخذ يتفاوض مع الحكومة ليصبح جزءا من هيكلة السلطة . و تجمّع الجهاديّون غير البشتون أساساضمن تحالف الشمال و على رأسه برهان الدين ربّاني ( إغتالته طالبان قبل سنتين ) و أحمد شاه مسعود ( إغتالته القاعدة فى 9 سبتمبر 2001 ). و لم يشجّع هذا الوضع أيّا من المهاجرين فى إيران أو الباكستان على العودة إلى ديارهم .
و صعدت طالبان الأصولية المتطرّفة إلى السلطة بمساندة عسكريّة وماليّة و سياسيّة من الباكستان و المساندة غير المباشرة من الإمارات و السعودية ، وصمت الولايات المتحدة . و فرضوا أحد أشدّ الأنظمة الإسلاميّة فى المنطقة ضد الشعب و قد صعّد بالخصوص من إضطهاد النساء و القوميّات غير البشتون . و ليس مفاجئا أنّ معظم المهاجرين ظلّوا فى الهجرة رغم ضغط السلط المضيفة لهم . و فقط بضعة آلاف ذهبوا إلى الغرب ، مرّة أخرى ، أساسا إلى الكندا .
و إثر إنهيار طالبان ، كان عدّة ملايين من السنّة الذين فرّوا إلى إيران و الباكستان يخطّطون إلى العودة إلى بلادهم . لكن سرعان ما أصبح واضحا أنّ الإحتلال يعنى الحرب ضد الجماهير و أنّ ذلك فى نهاية المطاف جعل تأثير طالبان أقوى من ذى قبل . و بالرغم من أنّ بعض المهاجرين فى الباكستان و إيران قد عادوافقد عوّضوا بمهاجرين جددا. ما أخذ يتغيّر هو وجهتهم ؛ فالآن لم تد الوجهة منحصرة فى إيران و الباكستان و إنّما كذلك الإمارات العربيّة المتّحدة ، و أستراليا و أوروبا . و بالنسبة لسنة 2014 ، وفق إحصائيّات الأمم المتّحدة ، وُجد أكثر من 300 ألف فى الإمارات العربية المتحدة ، و 150 ألف فى ألمانيا و 90 ألف فى الولايات المتحدة ، و 56 ألف فى أنجلترا و 20 ألف فى أستراليا و عديد الآخرين فى قائمة طويلة من البلدان الأخرى .
كان المهاجرون الأفغانيّون فى إيران و الباكستان يتعرّضون لضغط هائل فكانوا بإستمرار يواجهون الإيقافات و الترحيل و بوجه خاص أولئك المليونين أو الثلاثة ملايين غير المسجّلين . و تشير التقارير إلى أنّ المهاجرين الأفغانيين يقع إيقافهم عشوائيّا و يحملون إلى الحدود و يطردون ما لم يقبلوا القتال فى سوريا . و الكثير من الذين ليسوا مسجّلين يحرمون من الرعاية الصحّية و يحرم أطفالهم من التعليم . و حتّى المسجّلين ، تحاصر حركتهم.
و يقع المهاجرون فى الباكستان أيضا تحت الضغط المالي و السياسي . فقد واجهوا هرسلة جدّية و هجمات إرهابيّة خلال إقامتهم . مثلا ، تمّت مهاجمة إحتفال ديني فى كيتا نظّمه أناس من الأقلّية الإثنيّة حزارا وهم بالأساس شيعة ، من قبل عصابات سنّية فى 2003 بما تسبّب فى قتل و جرح عدّة مشاركين فى الإحتفال. و فى ديسمبر 2014 ، هاجمت طالبان الباكستان مدرسة فى بيشاور متسبّبة فى قتل أكثر من مائة طفل . و عقب هذه الهجمات ، واجه المهاجرون الأفغانيين فى الباكستان عدوانا حكوميّا أكبر حتّى و عادة ما يطالبون بالعودة إلى أفغانستان .
و من الشائع بالنسبة للسياسيّين و المعلّقين فى الغرب أن يصفوا أفغانستان بأنّها مكان لحرب لا نهاية لها ، بلد الأصوليين الإسلاميين و التخلّف و القبليّة و أمراء الحرب . كما لو أنّه يجب توبيخ الشعب الأفغاني للعذابات التى يعاني منها . لكن من هو المسؤول حقّا عن مثل هذا الوضع و من غذّى الحرب الدائرة و هجرة الملايين ؟ الإمبرياليّون مسؤولون عن ما يمرّ به شعب أفغانستان ، و كلّ من الحرب و تقتيل الأصولية الإسلامية للجماهير الشعبيّة.
و يستمرّ تدفّق المهاجرين من أفغانستان و أماكن أخرى دمّرتها الحروب التى موّلتها الإمبريالية ؛ و يستمرّ سير النظام الإمبريالي . و إجراءات التنكيل بالمهاجرين بترحيلهم أو مفاوضات مع نظام أردوغلن فى تركيا يمكن أن تؤثّر لكن الأزمة لن تتبخّر طالما أنّ العالم منظّم كما هو . إنّ " أزمة المهاجرين " أزمة النظام الإمبريالي العالمي و لا يمكن أن تنتهي على الوجه الذى يكون فى مصلحة شعوب العالم إلاّ بنهاية النظام الإمبريالي و حروبه العنيفة و الإحتلال و الأنظمة القمعيّة المرتهنة للإمبريالية و العولمة الإمبريالية لإقتصاد الكوكب الذى بدلا من تلبية حاجيات شعوب العالم يجعلهم هائمين بحثا عن البقاء على قيد الحياة .
================================================================
6- إلى متى يتواصل القبول بالمجازر فى البحر ؟
جريدة " الثورة " عدد 442 ، 6 جوان 2016
http://revcom.us/a/442/awtwns-how-much-longer-can-massacres-at-sea-be-allowed-to-continue-en.html
أخبار " عالم نربحه " ، 30 ماي 2016

" خلال هذا الأسبوع حدثت مجزرة " ؛ هذا ما جاء على لسان ناطقة بإسم منظّمة غير حكوميّة ، " أنقذوا الأطفال " ، إثر غرق 800 مهاجر فى البحر الأبيض المتوسّط فى ثلاثة أياّم .
كانت الأسباب و المسؤوليات متباينة . فقد كانت المراكب التى تقلّهم أفخاخا للموت . لكن حتّى الآن ، بعد مأساة لا يمكنالبحر الأبيض المتوسّط ، ترفض القوى الأوروبيّة أن تشرع فى عمليّة بحث و إنقاذ منهجيّين . فقد جرى إنقاذ آلاف المهاجرين بفضل مراكب منظّمات غير حكوميّة و سفن نقل البضائع و تحمّلها عقب أخرى فى مياه وسط السفن الحربيّة التابعة للبحريّة الإيطاليّة و لبعض دول الإتحاد الأوروبي الأخرى العابرة للمنطقة إلاّ أنّ الجهود الأساسيّة للغرب تظلّ مركّزة تركيزا إجراميّا على عمليّة صوفيا التى ترمى و تجهّز إلأى منع و إيقاف المهرّبين و تحطيم مراكبهم و الحدّ من المزيد من الهجرة ،و ليس إلى إنقاذ الناس من الغرق .
و لئن تمّ إنقاذ آلاف الناس الذين غادروا ليبيا ، وسط البحر الأبيض المتوسّط، فلأنّهم يمثّلون عددا كبيرا من محاولى العبور إلى درجة أنّ حتّى أكثر الجهد الإرتجالي المؤقّت يمكن أن يجرفهم . و تدخّلات الإنقاذ هذه بنصف قلب يبدو موجّها إلى إنقاذ الشرعيّة الأخلاقيّة للحكومات الأوروبيّة و الغرب عموما . نعم ، أنقذوا بعض الناس غير أنّه لا يمكن التشديد بما فيه الكفاية على أنّ الوضع القائم يتسبّب بطريق الحتم فى المجزرة تلو المجزرة فى البحر . و تأتى هذه الوفايات نتيجة خيارات سياسيّة . و أي عدد من الغرقى يُعدّ مقبولا لمنع الهجرة الجماعيّة من تهديد النظام فى أوروبا .
و تتكشّف أكثر اللامبالاة تجاه الإنسانيّة فى طريقة معاملتهم لهؤلاء المهاجرين الذين يبقون على قيد الحياة . و ستكون مبالغة بالكاد صغيرة أن نقول إنّ الإتّحادالأوروبي قد حوّل الحكومة اليونانيّة إلى متعاقد سجن . و تمثّل المقاومة العنيدة للمهاجرين المطالبين بالقبول بهم فى الإتّحاد الوروبي ، فى أندوميني ، على الحدود مع بلغاريا إحراجا سياسيّا للإتّحاد الأوروبي . و قد جرفت الشرطة اليونانيّة مدينة الخيم و دفعت سكّانها نحو الملاجئ الوقتيّة فى القواعد العسكريّة و غيرها من المؤسّسات . و السبب الرسمي هو أنّ المخيّمات لا تتناسب و السكن اللائق إنسانيّا . لكن التقارير الأوّليّة للمنظّمات غير الحكوميّة تشير إلى أنّ الشبكات التى تمكّنت من إقامتها فى إندوميني لتوفير أدنى الصرف الصحّي و الرعاية الطبّية و التعليم و غير ذلك قد وقع تدميرها و ليس تعويضها .
وتقول منظّمة " أنقذوا الأطفال " إنّ الحكومة الجديدة تسيّر مخيمات شمال اليونان تفتقد إلى المراحيض الصحّية المناسبة. و لا يحصل الكهول و الأطفال على كفايتهم من الماء و الغذاء للأكل أكثر من مرّة وجبة فى اليوم ، و لا يحصلون على الحاجيات الصحّية الأكثر أساسيّة . و تحذّر كذلك المنظّمات غير الحكوميّة من الخطر المحدق بالأطفال الذين ليس هناك من يصحبهم الآن و قد تمّ تمزيق شبكة العلاقات غير الرسميّة ( لا يبدو حتّى أنّ هناك سجلّ لمن و إلى أين أُرسل فلان أو علاّن )، و يفصل الآباء عن الأبناء جرّاء تسرّع الحكومة اليونانيّة فى إخلاء إندوميني . و ممّا لا يمكن إنكاره أنّ هذا التحرّك كان يقصد منه وضع الناس بعيدا عن الرؤية و تحت السيطرة ليتلقّوا أقلّ إهتماما ممّا تقوم به السفن الغربيّة فى البحر الأبيض المتوسّط .
و قد صارت الخيارات السياسيّة الدافعة لهذا أوضح مع تركيز الحكومة العميلة المسنودة من الغرب فى ليبيا والغاية منها ، ضمن أشياء أخرى ، هي تحويل البلاد إلى جدار للإبقاء على الناس خارج أوروبا ، كمشروع حتّى أكثر إجراما منه عديم الجدوى . و من المفترض أن تسمح هذه " الحكومة " الكرتونيّة لسفن الناتو بمهاجمة السواحل الليبيّة و موانيها و تحطيم سفن الصيد و وسائل نقل أخرى تعتبر مراكب تهريب ممكنة فى وجه ما تسمّيه أنجلترا خاصة بتهديد أمن أوروبا . و قد تنطوى هذه الإجراءات على عمليّات مسلّحة أوروبيّة على الأراضي الليبيّة – بعد سنوات من التدخّل العسكري للولايات المتحدة و أوروبا ، بتعلّة بعد أخرى ، فى محاولة لإعادة وضع بلد مزّقه التدخّل الغربي تحت الهيمنة الغربيّة .
صحيح أنّ هناك مهرّبون لا تهمّهم حياة الإنسان– ليس أكثر لنصدح بذلك من الرأسمال المالي المستثمر فى شركات التبغ، و مصانع الأسلحة فى موقع القلب من الإقتصاديات الغربيّة ، و علامات الثياب الغربيّة تتزوّد من المعامل الهشّة فى بنغلاداش وهي حتّى أفخاخ موت أكبر ، أو من مالكي أو سياسيّا ممثلى الرأسمال المالي الذى يحطّم الكوكب و سكّانه . فمهما كانت مسؤوليّة هؤلاء الإنتهازيين لوقت قصير ، هذا ليس المشكل الأساسي .
المشكل الأساسي هو النظام الإمبريالي المعولم للإستغلال الإقتصادي و الهيمنة السياسيّة الذى يجعل خطر الموت أفضل خيار بالنسبة لعديد الناس فى البلدان التى يهيمن عليها هذا النظام . ماذا يقول لكم عن طريقة تنظيم هذا العالم حينما يكون عديد الناس فى أرتريا و زمبيا و غانا و نيجيريا ، من حيث جاء معظم أ موات هذا الأسبوع ، هم فى وضع يأس يشبه يأس البلدان التى مزّقت أوصالها الحرب على غرار سوريا ؟
إنّ إجابة القوى الأوروبيّة على هذه " الأزمة " تتلخّص فى جعل أولويّتها هي إبقاء الناس خارجا – بإستخدام شرطتها و جيوشها لفرض النظام العالمي الراهن فى زمن تبيّن فيه أزمة " المهاجرين " مجرّد مدى كون إنقسام عالم اليوم غير مقبول و لا يحتمل .
7- منظّمة أطبّاء بلا حدود تتّخذ موقفا ضد السياسة الخبيثة للإتحاد الأوروبي تجاه مواجهة العدد التاريخي المتصاعد من المهاجرين إلى عالم لا يرحّب بهم
جريدة " الثورة " عدد 445 ، 27 جوان 2016
أخبار " عالم نربحه " ، 20 جوان 2016
http://revcom.us/a/445/awtwns-msf-takes-stand-against-vicious-eu-policy-en.html
أعلنت منظّمة أطبّاء بلا حدود أنّها سترفض التمويل مستقبلا من الإتحاد الأوروبي و دوله الأعضاء " فى معارضة لسياساتها الردعيّة و محاولاتها التشديد على دفع الناس و عذاباتهم بعيدا عن سواحل أوروبا " . و ذكرت المنظّمة الإنسانيّة – و إسمها ( أطبّاء بلا حدود ) يحيل على المدى العالمي لعملها الطبّي – بوجه خاص بإتّفاق الإتحاد الأوروبي و تركيا الذى بموجبه سيدفع الإتّحاد الأوروبي لتركيا ليتخلّص من المهاجرين . و تشير المنظّمة إلى أنّ رفض أوروبا أن تأخذ بالإعتبار مطالب اللجوء السياسي للذين بلغوا سواحلها يذهب ضد القانون الأوروبي و القانون العالمي و يدوس مبدأ حقّ اللجوء السياسي الذى أرسته الإتفاقيّة العالمية للجوء السياسي غداة الحرب العالمية الثانية . و يأتى هذا فى زمن يضطرّ فيه المزيد من الناس إلى مغادرة منازلهم جرّاء الحرب و الإضطهاد عبر العالم ، أكثر من أي وقت مضى ، أكثر حتّى من أثناء الحرب و بعدها ، أزيد من 65 مليون إنسان ، وفق تقرير الأمم المتحدة فى21 جوان . و مردّ هذا الوضع ليس بالأساس كوارث طبيعيّة أو حتى الفقر . و يريد معظم المهاجرين إلى أوروبا أن لا تشرّع بعيدا عن الأنظار كما تضع ذلك أطبّاء بلا حدود ، و هم آتون من سوريا و العراق و أفغانستان وهي بلدان تدين لهم بدين الدم الولايات المتحدة و القوى الأوروبية اللتى قامت بكلّ ما فى طاقتها لتغذية الحرب فى البلد الأوّل و غزت البلد الثاني و إحتلّت البلدين الثاني و الثالث.
و حذّرت منظّمة أطبّاء بلا حدود قائلة : " فى الأسبوع الماضي ، كشفت اللجنة الأوروبيّة [ الجهاز السياسي المركزي للإتحاد الأوروبي ] إقتراحا جديدا بنسخ منطق إتفاق الإتحاد الأوروبي – تركيا عبر أكثر من 16 بلدا فى أفريقيا و الشرق الأوسط . و ستملى هذه الإتفاقيّأت الإقتطاع فى المساعدات التجارية و التنمويّة على بلدان لا تشجّع الهجرة الهجرة إلى أوروبا أو تيسّر العودة القسريّة ، مقدّمةهدايا لمن يقوم بذلك . و ضمن هؤلاء الشركاء الممكنين توجد الصومال و أرتريا و السودان و أفغانستان – 4 من 10 من بلدان المهاجرين " .
ويجرى الشيء نفسه فى الولايات المتحدة حيث الرئيس باراك أوباما ، بالرغم من المفارقة بين خطابه " اللائق" و خطاب القادة السياسيين الفاشيين بشكل مفوح فى بلده و فى أوروبا ، قد رحّل عددا من الناس يفوق كلّ أعداد المطرودين من قبل الإدارات السابقة . و الولايات المتحدة تعمل على قدم و ساق لطرد عدد يساوى الذين طردوا من الولايات المتحدة خلال القرن العشرين بأكمله – 2.5 مليون منذ إستلم الإدارة فى 2009. ( و هذه أرقام قدّرها إستقرائيّا تيم روجيرس على fusion.net من الكتاب السنوي للولايات المتحدة حول إحصائيّات الهجرة سنة 2013 ). و الكثير من هؤلاء المهاجرين قادمون من بلدان أمريكا الوسطى التى دمّرتها الولايات المتحدة بالضبط كما دمّرت العراق و أفغانستان و تدمّر الآن سوريا .
و حتّى فى البلدان التى لم تتدخّل فيها القوى الغربيّة تدخّلا مباشرا فى المدّة الأخيرة ، يغادر عدد كبير من السكّان ديارهم جراء السير القسري للنظام الإمبريالي العالمي بما يخلّف عادة الدمار و نزاعات سياسية و حروب محلّية كجزء لا يتجزّأ منه ، و ذلك دفعا لهذه الآلة الضخمة الإقتصاديةو السياسية الملتهمة للبشر .
و نتيجة مباشرة لهذا الإتفاق الإجرامي بين الإتحاد الأوروبي و تركيا – حقيقة إّفاق بين عصابتين – أنّ حوالي 8000مهاجر تقطّعت بهم سبل العيش يوجدون فى اليونان و هم غير قادرين على الذهاب إلى أي مكان آخر فى أوروبا و الحصول على اللجوء السياسي فى اليونان . وقد نقلتهم شرطة اليونان إلى مخيّما ت أين الظرو ف سيّئة بحيث تمثّل شكلا من العقاب وهي تستهدف إجبار العائلات على القبول بالترحيل الطوعي . و أسوأ من ذلك حتّى ، يستغل الإتفاق التركي ذريعة فالقادة السياسيّون فى بلدان كفرنسا يصرّحون علانيّة أنّه لا واجب أخلاقي أو قانوني يفرض عليهم القبول بأي مهاجر مطلقا . هذا وضع لم يسبق له مثيل فى أوروبا المعاصرة وهو غيمة لقناع " لاإنساني " طالما إستخدمته فرنسا جديد المقيتين .
و بما أنّه فى ظلّ هذا الإتفاق ، حدّد الإتحاد الأوروبي عدد المهاجرين الذين يمكن لتركيا أن تتلقّى عليهممالا مقابل شكل من أشكال التجارة على نطاق لم يُعرف لم يُعرف من قبل منذ تجارة العبيد ، فتركيا لا تملك مجالا للمزيد من السوريين . وإلى الآن ، أبقت تركيا حدودها مفتوحة مع سوريا . و كان الهدف من وراء ذلكأن يستغلّ كقنوات أساسية للسلاح و الرجال تزوّد بهم أساسا المجموعات الإسلامية المتنوّعة من قبل دول الخليج والولايات المتحدة و تركيا نفسها . و كانت تركيا تأمل بأن تتمكّن من توظيف دورها فى الحرب الأهليّة السوريّة لتظهر كأقوى القوى الإسلامية فى المنطقة . و الآن تبنى تركيا جدارا عازلا لمنع السوريين من الفرار من الحرب .
و مرّة أخرى ، فى 19 جوان ، أطلق حرس الحدود التركي النار و قتل على الأقلّ 11 سوريّا كانوا يحاولون الفررا من مدينة تسيطر عليها داعش ، فى وقت صعّد فيه التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة ضرباته الجوّية . و مرّة قُتل سبعة أفراد من عائلة واحدة بمن فيهم ثلاثة أطفال ، إلى جانب رجلين آخرين و جُرح خمسة أشخاص . و قتل حرس الحدود شخصين آخرين فى إطلاق نار منفصل . لقد قتلت تركيا ما يربو عن 60 شخصا على حدودها إلى ألان هذه السنة ، و عنّفت عديد الآخرين وفق تقارير من التحالف الوطني السوري وهو مجموعة معارضة لا يمكن إتّهامها بالإنحياز و معاداة تركيا نظرا لأنّ مقرّها فى إسطنبول و قد ساندت تركيا و الولايات المتّحدة و أوروبا أيضا .
هذه نتيجة يمكن مشاهدتها لسياسات الإتحاد الأوروبي و قد إختارت البلدان الغربيّة تجاهلها. ومع ذلك فهي تبرز الواقع الفظيع الذى وصفته منظّمة أطبّاء بلا حدود كالتالى : " مرّة أخرى ، بؤرة تركيز أوروبا ليست مدى حسن حماية الناس بل مدى فعاليّة إبقائهم بعيدا " .
و رغم أنّ أطبّاء بلا حدود تحصل على الجانب الأكبر من ميزانيّتها من تبرّعات فرديّة ، فإنّ هذا الموقف الجريئ لن تهضمه الحكومات التى يدعمها الغرب و التى قد إستهدفت بصفة متكرّرة مستشفيات هذه المنظّمة و كوادرها فى مناطق الحرب فى الأشهر الأخيرة ، على غرار ما فعلته المجموعات الإسلامية المسّحة المناهضة للغرب . حتّى الأمين العام للأمم المتّحدة الجنرال بنكيمون الذى أمضى على عديد جرائم الحرب الغربيّة ، قد حذّر من إرتفاع فى " إيقافات " المهاجرين و " تجريمهم " ما يهدّد الخطاب الإنساني المنافق الذى يغلّف به عادة عنف النظام الإمبريالي العالمي اليوم .
و تنزع القوى الإمبريالية بصورة متزايدة نحو " الحلول " القصوى و حتّى العسكريّة منها لوضع إستعجالي أوجده نظامها ذاته ، بالأساس مفجّرا على الملأ إنعكاسات إنقسام العالم إلى مصدّرين إمبرياليين لرأس المال من جهة و بقيّة العالم الذى يعتاش عليهم رأسمالهم من الجهة الأخرى . " حصن أوروبي " أو فى الولايات المتحدة لن يعمّر طويلا ، و ما من مقترح حلّ واقعيّ آخر بعيد النظر سوى الثورة فى أكبر عدد ممكن من البلدان وفى أقرب وقت ممكن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.