الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأثيل حكاية -أنا- مهزومة عن طبيعة الحزب

المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)

2016 / 10 / 24
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها




تأثيل للتفاعل بين بعض أعمال الحزب الشيوعي وبعض أحوال موظفيه.

مع إنعقاد المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوداني ورفضه بعض مفردات الإتجاه الليبرالي سمحت دولة الإسلام في السودان للصحف وقنوات التلفزيون بنشر مقالات وحوارات إتسمت بالسلبية والإشانة وإثارة الكراهية ضد الحزب الشيوعي وفي هذا الإنحطاط الإعلامي المدعوم من أمنيي دولة الإسلام في السودان زرأت نفسها مقالات الدكتورعبدالله إبراهيم يخضبها لالكلام عن الوفاء وهو نفسه المتحول في عز الحروب الإمبريالية الحارة والباردة ضد الشيوعية من موقعه في الحزب الشيوعي السوداني إلى موقع أميركي عال.


كان الدكتور عبدالله أحد موظفي سكرتارية الحزب ولهذا يكتب ما يراه مهماً في تاريخ الحزب والعاقل يميز ما يكتبه من تركيزات وإزاحات وتخفيضات وبعض الحكماء يأخذ من فمه الحكمةـ لكن في مقالاته نظرة غضب عمياء إزاء مؤتمرات الحزب، نظرة لا تاريخية ولا إجتماعية ولا موضوعية! ولكنها تغذي كلاماً ضد حركة وجود ونضال الحزب الشيوعي وبالإمكان لتقييمها تأثيل علاقة الحزب ببعض أحوال موظفيه في العقود الخمسة الماضية وهذا ما لا توجد فيه مادة متاحة محددة الأسماء والزمن والمكان والموضوع غير حكايات الدكتور عبدالله علي إبراهيم نفسه كطرف شاكي وخصم وشاهد ومتحري ومؤرخ وقاضي على أمور تعلقت بمهمات وبيئة وظيفته الصغيرة المهمة، لذا ضرروة في تأثيل علاقة الحزب الشيوعي ببعض موظفيه الهاربين منه والساخطين عليه أن تكون لمعاني مقالات عبدالله علي إبراهيم مكانة مركزية في هذا التأثيل.


في هتره ضد الحزب الشيوعي السوداني أظهر عبدالله للقراء نوعان من المؤتمرات يعتقد أن أهميتها أو تواضعها حالة تنبع من قيادة الحزب لا من الأوضاع والظروف التي يناضل فيها الحزب: النوع الأول: مذهل ناجح مملوء بالشخصيات والقضايا والعروض والإختلافات السياسية والفلسفية والنتائج الفعالة بل يسهر الناس ليلهم إنتظاراً لإصدار قراراته ليبدأوا فجراً التعامل معها! والنوع الثاني بائخ ردئي بلا شنشنة أو خطورة في موضوعاته وشخوصه وقراراته وجمهوره بل أن إبراهيم -باكياً الإنصاف- حصره بين الفساد والموات!


بغبينته المشهورة بسخطه وتبخيسه الحزب رزى عبدالله نضال الشيوعيين السودانيين في ذا الفساد والموات، وركن فيه موالد ومؤتمرات حزبهم الذي ضاق بعبدالله وضاق به عبدالله: فاوقف في العطب والموات المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني والمؤتمر السادس، ففيهما وفي نضال كل السنوات الملتهبة التي أنتهت إليهما، لم يجد عبدالله شيئاً مفيداً بل وبخشبة الإخلال بالواجب الحزبي التي في عين عبدالله شان في مقالاته الأول وشتم الثاني، ثم إستوى يتكلم عن الموضوعية!َ


بعيار هذا التقسيم الثنائي الساذج للمؤتمرات والأمور فإن مؤرخ الفولكلور وغازل الإنثربولوجيا ومتقدم الهجوم على تفكير وإنتظام الحزب يحاول أن يدخل مرة أخرى إلى تاريخ الحزب الشيوعي السوداني بعد أن قفز منه يوماُ ما في جنح الظلام مستقيلاً من جميع إلتزاماته فاشلاً في الوفاء بمبادئه.


إستقال إبراهيم هروباً من شرر إختلافات الرأي في الحزب الجدلي في عز هجير الحرب الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد الأحزاب الشيوعية، وبتلك الإستقالة إنتقل إبراهيم من هجير النضال الشيوعي في السودان إلى عز تراطيب الولايات المتحدة وقتكانت إمبراطورية اليانكي تدعم بالديبلوماسية والإعلام والمال والسلاح الحكم المحارب للشيوعية في السودان وكانت تقطر منها ومن حكم صديقها دماء الرفاق الذين يدعي عبدالله إنه تركهم وفاقاً لإختلافاتهم معه وذهب مغاضباً!


عجيب غضب إبراهيم لا لكونه على ظرف أو إتجاه أو إسلوب معين في الإختلافات التي كان فيها عجاناً وخبازاً بل لأنحصاره فقط على بعضها الذي ضايقه برفض أو تأجيل نشر رأي منه، فإزاء ذلك الرفض المحدد فقد الرجل حس الإنتماء والفداء والتضحية للحزب الذي رعى شباب ثقافته وينوع تسطيره معانيها في مجال صراعي ثر المعاني والقيم، آثر فيه عبدالله نفسه وهي تقول "أنا" "أنا" "أنا".


إلى مركزية ديكتاتورية البنوك والسوق في أمريكا وقمعها الإمبريالي العالمي الواضح آنذاك فر عبدالله من نضال الحزب الشيوعي وإستالينية ديكتاتورية البروليتاريا داخل تنظيمه المركزي الديمقراطي مرتدياً مسوح الليبرالية البدائية، قابضاً بدل عن المرتب المتقطع للتفرغ الحزب مرتباً كبيراً ممتازاً من "الإستعمار الجديد"! وبلؤم هذه الإنتهازية صار كلام عبدالله قريب "الليبراليين الجدد".


الليبراليون والليبراليون الجدد ليسوا سوى سوقة يبيعون جزءاً من مصالحهم بكلام سياسة إجتماعوية ترسخ وتزيد تشعب الإستثمارات، وهم كذلك أهل سياسة بإسم التخصص يبيعون للسوق أكاذيب تفعيل السوق/الرأسمالية للحقوق الإجتماعية ! وسمة "الليبراليون الجدد" ترن بنغمة "الأثرياء الجدد" الذين رغم غناهم مالاً تجدهم فقراء للإطمئنان وجوعى للذوق الحسن !


هاص كلام الدكتور عبدالله عن مؤتمرات الحزب الشيوعي السوداني ولاص بحساب شكلي لبعض ظروفها وحوداث رافقتها لعل أس تقديره لتلك المرتمرات بالتعظيم أو بالتبخيس هو حضوره فيها أو منعه من حضورها! إذ ترى عبدالله يحتفي بالمؤتمر الرابع ويبخس الخامس والسادس وبين أحتفاءه بالأول وسخطه على المؤتمرين الأخيرين يؤمي بالتمام والجمال إلى مؤتمر آخر جزئي وإستثنائي وهو "مؤتمر الجريف" الذي ركز على جدل تخلف وتقدم المجتمع والدولة والحزب ولكنه إختلف في أوليتهم.


الإيماء لخلافات الجريف يحضره عبدالله في مقالاته البلاهوية ضد المؤتمر السادس ونتائجه العاجلة ونتائجه الآجلة معتبراً بوظيفته في تلك السنوات الستينيات كآلة طباعة ونشر آيديولوجية لرأي السكرتير العام. هذه الحالة السكرتارية المزدوجة في سرده المخاتل عن المؤتمر الرابع وعن مؤتمر الجريف تؤمي إلى جدل زحام وتنظيم قد يتناوله التأثيل بين شخصيتين سكرتاريتين قريبتي المجال مختلفتي الأهمية وليستا بمتداخلتين إلا في جهات نظرية وعملية مهمة ولكنها قليلة في حجم أعمال الحزب وهيئاته وأعباء نضالاته المتنوعة على كل عضو فيه: الأولى هي شخصية سكرتير الحزب الشيوعي منظم الأفكار والأعمال في الحزب ومنظم نشاطاته، وأما الشخصية الثانية فهي لسكرتير بعض شؤون سكرتير الحزب وشتان ما بين الزعيم وموظف مكتبه!


الأعمال الداخلية لوظيفة سكرتير الحزب الشيوعي ومهمات قيادته نضال الحزب أعمال شتى فيها إطلاع يومي كثيف على المواقف والأراء الجديدة في الفكر والسياسة من منشورات دورها وصحفها وإذاعاتها، وتشمل تنظيماً ومتابعة يومية لبعض أعمال هيئات الحزب ولإجتماعات تضع نقاطاً وخطوطاً تنظيمية لأعمال شتى في كل وقت وموسم وجسم سياسي، كما تتابع بشكل نقاشي وإنتقادي ما عملته الفروع والهيئات وما لم تعمله، وترى أشياء في تحقيق أهدافها وتحسين أداءها. فهي متابعة متنوعة فيها إطلاع، وتلخيص، وتقرير، وتقييم، وتقويم، وتحديد مهمات قديمة تمددت وتوزيع مهمات جديدة على مجالات التنظيم حسب تركيبته السياسية الأفقية والرأسية في فئات الجماهير ونساءها، وفي أريافها ومدنها، وفي عوالمها الدولية.


بهذا العد الطويل نسبية لبعض أشكال ومهام "العمل القائد" أو لمهام "قيادة العمل" يحضر التكاثر والإزدحام في مطالب ومهام كل وظيفة مكتبية رئاسية وكذا الشبه لها في وظيفة السكرتير السياسي وقيادته في الأحزاب الشيوعية.


فإذ جرت أعراف العمل منذ عصور الزراعة وحضاراتها الأولى بأن يكون لكل محور ري ومحراث عمود وتكل، كذا كان في التاريخ لكل فرعون هامان، ولكل ملك حاجب، ولكل شيخ حوار، وكذا كان لكل زعيم إقطاع وعمد قائمين على أعماله، ووفق هذا الترتيب أصبح لكل رئيس مدير لمكتبه. وقد إستمر هذا العرف المهني والإداري القديم حتى تبنته وطورته الأحزاب الشيوعية في دول العالم فصار لكل سكرتير حزب شيوعي موظف يعونه.


بشكل عام فإن وظيفة كاتب الشؤون المعاون لسكرتير الحزب تتنوع لجهتين جهة سلب وجهة موجب:

(أ) في جهة الوصف بالسلب والإمتناع: فإن وظيفة معاون السكرتير العام في الأحزاب الشيوعية عصية لا تنحصر في أمور كتابة الإدارة: كإستلام وتصنيف وتوزيع التقارير وتبويبها وترتيبها في موضوعات أصغر أو أكبر، وكذا فإنها متمردة لا تقتصر على نظم بعض مهمات السكرتير العام في هيئات ولجان، كما لا تنحبس مهمتها في صياغة توجيهات وتوزيعها على هيئات الحزب أو بثها أو إعلانها للجمهور.


(ب) في جهة الموجب والزيادة: فوظيفة المعاون شجرة يكثر خيرها ويزيد خطرها، خاصة مع نشاط سكرتير الحزب في تغيير بعض بنى العمل أو الإعداد النظري والعملي وترتيباته، أو في تغيير بعض أمور الإعلام: ردود وسجالات، أو قيامه بفتح أو سد موضوعات معينة لتحقيق هدف عاجل، وبشكل قد لا يحضره أو يعرفه المعاون أو المعاونين في وقت التغيير مع إنشغاله بواجب آخر معين أو عرضي في موضوع ومكان مختلف.


من هذا الإزدحام في المهمات وصعوبة القيام بترتيبها في وقت واحد في أمكنة مختلفة صار لكل سكرتير عام سكرتير صغير يرتب له بعض الشؤون والأعمال. وقد درجت الحياة الإدارية على وصف معاون السكرتير العام بصفة "مستشار فلان"، أو "مدير مكتب فلان"، وقبلها "سكرتير فلان"، حتى لو كان محل عمل المعاون مبنى مختلف، وكانت طبيعة عمله مختلفة نوعاً ما عن طبيعة عمل السكرتير !


وفي هذه التسمية مهنية فريدة خاصة لهذه الوظيفة بحكم كونها تتبع الإرادة الشخصية للسكرتير العام في ذاتها أكثر من كونها تابعة لأطر العمل العام في حد ذاته! فتفردها مدهش كونها أقل إختصاصاً في حرفيتها ولكنها مع ضعفها فإنها بإسم صاحب المكتب (العام) توجه كل التخصصات، وفي هذا خلل!


عادة ما يكون الكاتب العوني كعبدالله علي إبراهيم من شباب البيان، لماح السجال، بارع الكتابة، في سطوره الحجة الشديدة المنطق والفطنة ذات الكياسة وبعض الذوق والأدب يزيد به السياسة. أما حضور كاتب الشؤون الحزبية فكحضور متكلم الشؤون الدينية فقد يكون حضوراً ملسناً أو لبقاً ذرباً دقيقاً، بعض كتاب الشؤون أما ذو سياسة، أموره تفاعلات دوائر إغراء أو تخويف، في شكول أو خطوط أو خطوات، وإما ذو قراءة عناصر وصلات، أو مع تفنن أنغام المواقف في أفق جديد قد تجده موظف إيقاعي وخطوطي مرتِب مُنظِم وحتى ذو قفشات، ولكن كثيراً ما يلدنه القوم للثقافة حقاً أو جزافاً أو عرضاً، قبل وظيفته الحزبية وبعدها، رغم أنه في آن وظيفته ذات الكتابة والتسطير والإرب ليس البتة مثقفاً صاحب نظرة ولوكان له إهتمام قديم واسع بشؤون الثقافة ومجادلات التفكير والوعي مع الحياة:


العلة في مفارقة كاتب الشؤون لسماء الثقافة -إلا بعض نظره الحزبي لقمر السياسة- أن كثرة مهمات الترتيب والتنظيم في وظيفته تحوره لكتبجي مهارته وصنعته وأكل عيشه تدبيج صفحات عند الطلب وأدلجة بعض الأراء اللغد: إذ يزكي كاتب الشؤون بعضها لهذه القاعدة أو يقرن بعضها بتلك المدرسة أو الصحافة، أو ينسب بداهة منها لذلك القائد العمل. ويؤدي كاتب الشؤون ذا الإزكاء أو القرن أو النسب بنفسه بلا وجل وبلا رجوع لهيئة أو سمنار! بل إليه توكل الصياغات الأولى أو الثانية والمراجعات قبل الأخيرة، وكلها أعمال جليلة تنفذ السياسة ولاتصنعها ولكنها قط ليست صنواً للثقافة أو لشؤون الثقافة أو لحياة المثقف بل لبعضها مدد أو من بعضها ليست سوى لمحة وقبس.


الفرق واضح بين الهلال وطلوع البدر المكتمل: فبينما "المثقف" بدر مضيء بتقليبه الأمور وطبيعة صياغاتها في التاريخ والحياة حول فكرة أو عمل، وأنه قد يختبر سرعة الضوء وفقاً لها، متبيناً إنعكاس الحقائق ومدى تواشجها أو إختلافها وفق زاويا الفكر والنظر وتباين طبيعة الثقافة وصراع نوعية الفهم، فإن "الموظف" في مكتب السياسة وعمله بعيد عن هذه المجنة والعكاظة والمجاز عند العرب بل في عمله أميل من أسواق الكلام هذه إلى القبول والتنظيم والوضع والرتابة.


رغم الشتان بين تحرك وتفاعل وتفتح الثقافة في عوالم القاعات والكتاب والصحافة، وتسلط الحجز والتثبيت والرتابة في مكتب تنظيم طباعة ووقف طباعة ورق السياسة، فإن رؤى الناظرين لشاغل وشغل وظيفة كاتب الشؤون الحزبية تتنوع وتختلف حسب موقعهم وطبيعة أشغالهم ومصالحهم:


فبحكم الوضع شبه النهائي لمعاون سكرتير الحزب في تقرير الحقائق الحزبية على الورق وإنفراده بوضع الأساس الأرضي والأفق السماوي لكل موضوع يحال إليه، فإن ثلاثة أراء تتفاعل في تحديد طبيعة كاتب بعض شؤون سكرتير الحزب وهي: رأي كاتب الشؤون في نفسه وشغله، ورأي كبار الحزب فيه وفي أداءه، ورأي عامة الحزبيين.

فجهة نفسه غالباً ما قد يعتقد موظف السكرتير العام أنه من الأفضل في شباب الحزب، وإلا لما إختاره السكرتير كاتباً أو مُرتِباً لبعض شؤونه! يتكلم حاله بذلك الإعتقاد رغم ضن السكرتير العام بسبب إختياره ! ورغم علم كاتب الشؤون بأن أغلب الأمة مع رأي جواز إمامة المفضول على الأفضل! ومع إحتمال قيام السكرتير بإختيار كاتب الشؤون لوجود سمات معينة فيه كخلفية ثقافة المنطقة أو لتثقيفه لأمر قادم أو تدريب عليه أوحتى لتجنب خطر منه أو لتخديمه في تحقيق أمور معينة.إلخ.


أما في جهة قادة الحزب وكبار مسؤوليه فقد يعتقد كاتب الشؤون أن ما يقوله أو يكتبه في شؤون الحزب هو الحق والصحة أو أدنى لهما! ولكن قادة الحزب لا يربطون الحق بتريثه وتؤدته ولا في عنفوانه إلا بعد تحققهم من قيامه كموظف للشؤون بكتابة ونشر رأيهم وإرادتهم وفق الأصول المقرة فيهم والقواعد المرعية بينهم! مع تفاوتهم في معرفتها، وفي فحص وتقويم تسجيله ونشره رأيهم، وطبيعة إنفاذه إرادتهم، راكزاً عليهم وعليها وهم راكزين لخبرتهم وتفاعلهم مع من إنتخبهم.


بعض أعضاء الحزب من الكادحين أو غيرهم قد يرى في كاتب الشؤون ولياً لعهد السكرتير العام، وبعضهم قد يمقته حاجباً مانعاً برأيه أو بفعله لدخول أو خروج بعض الأمور المفيدة، ولغرض ما قد يذمه أخرين منهم بالنفاق أنه يبدل رأيه بمصلحته ! أو يتهمه جزافاً بالجبن والنفاق أنه لايعترض على أخطاء السكرتير العام ! أو كما قال صلاح أحمد أبراهيم في "أنانسي" والاقوال الشبيهة له عن تفرعن المسؤول الأول! وهي أقوال ضعيفة بحكم صدقها في الشاعرية والأخوة ونبذها طبيعة الفرز والتمييز والتقسيم في أمور وموضوعات الإدارة وحساباتها الدولية الجسام والتي إزاء صديقين كوفئين قد تبقى واحداً منهما عندها لمهمة شديدة حاضرة وتبعث أخيه لمهمة دراسية بعيدة آجلة.


الموضوعي في تفرقة رفيقين كمحمد إبراهيم نقد وشيبون أن إختيار أحدهما لمهمة محددة داخلية أوخارجية أختيار له أسباب كثيرة بعضها من قدرات ورغبة الشخص وطبيعة الحاجة إليه في مجال العمل أو في جهة الإنتداب! وبعضها لعلاقات الجهة الخارجية بدوائر معينة تفضل واحداً منهما.


وكذا يمكن تخيل إفتئات بعض الحزبيين على كاتب سكرتير الحزب أشانوا فيه سكوتاً يظنوه على أخطاء يظنوا حدوثها في عمل رئيسه السكرتير العام ظناً منهم إنه قد عرفها ولم ينتقده فيها! فهذا الظن الثلاثي إفتئات ضعفه أضعاف ما في مغالاة الشاعر الملتهب صلاح في "أنانسي"!


الواقع أن لكل وظيفة في العالم مصفوفة معلومة تحدد مهماتها وواجباتها Job De-script-ions ولها نظام وأعراف صيغ مرتبة لكلام ولصمت صاحبها، وفي جدول مهمات وظيفة مديري المكاتب لا يوجد نص يوجب قيام السكرتير الصغير بتوجيه الإنتقادات للسكرتير العام الكبير! بل الفرض والواجب في وظيفته أن يعمل المعاون وفق الشكل والأسلوب الذي يحدده صاحب المكتب (السكرتير العام) أو يوافق عليه.


على هذا النول فإن إبداء وإخلاص الرأي وإصداق النصح من السكرتير الصغير للسكرتير الكبير ليس من واجبات وظيفة الصغير بل أصلها المعاونة عند الطلب، وحتى السكرتير العام لا يحق له أن يسأل سكرتيره النصح فاللسكرتير الكبير ولمكتبه هيئات كاملة للرأي وللموت معتمدة. كذلك يعاب لسكرتير الحزب تكنه معاونه عن أفراد أو أقوال أو أعمال فله هيئات معلومات يسألها بنظام ووضوح.


نوع كل رأي من الأراء الثلاثة عن كاتب الشؤون الحزبية الرأي المحسن، والرأي المسيء، والرأي الآفة، تدل إلى أن الجهد والإتقاد في تسيير شؤون السكرتير العام له ثمن يفوق الخسارات المادية والمعنوية التي يضحي بها متفرغ تلك الوظيفة كرامة لحزبه وتحقيقاً للأهداف التي آمن بها: فهذا الإتقاد الثوري النبيل يبث في وظيفة كاتب السكرتير نوعاً من "التشييء" القاسي الأليم: لعل أوله من إستخفاف ثقاة الحزب وقدماءه بإتقاده.


ثقاة الحزب المؤسسين أو المنتخبين يقلقون من الناشط المصعد بلا إنتخاب لإدارة التراسل بينهم وبين السكرتير العام! بعضهم يرونه كقلم جاف يابس الإبداع وسط حديد التنظيم، وذهن معطل بقرار صاحبه، وشعور مضغوط بإختياره التسطير لا التنظير! أنه رجل أختار أن يقال له أكتب كذا فيكتبها! وإن عرف في بعضها خطأ، ولكنه رغم معرفته خطئها قد يكتبها ويحسنها للناس، وحتى بعد تركه الحرفة لايفعل ما هو منسوب لعبدالله بن ابي السرح من خيانة لأدب القلم وشرف حفظه بالكتابة ما سمع من الإملاء !


مع تنوع وإزدحام واجبات وظيفة معاون سكرتير الحزب فإن الإعتبار الموضوعي لهذا القلم البشر المتفاني فيها كحرفة كريمة نبيلة، وشاقة خطرة إنه ليس مثقفاً أو مفكراً يهتم بحركة مدارس التفكير ونشاطها وإلا لما قبل لذهنه دور كاتب الرسائل والترجمان الآيديولوجي الذي إما أن يكون كاتباً لآراء الزعيم وإما أن يكون ماحية له يمحي بشكل فلسفي كلام سبق للزعيم أولمن قبله إصداره.


بشكل عام من المهم لنقاد العمل الحزبي التفريق بين طبيعتي وجود تتعلقان بشؤون الإنصراف للحزب والتفرغ له من كل زينة الحياة الدنيا: الأولى طبيعة وجود المتفرغ الحزبي في الفروع والمكاتب التي تلعب دوراً ذاتياً وموضوعياً مهماً في إختياره وتصعيده لممارسة مهام معينة في تنظيمها، والثانية طبيعة وجود المتفرغ ككاتب شؤون وأعمال يكلفه به سكرتير الحزب، تفريق يميز المّهلة للطبيعة الأولى، ويحصر الضِيق للطبيعة الثانية!


فموظف الفروع والمكاتب ينشغل مع أقرانه وزملاءه وخصومه في بيئة يعرفها وتعرفه، بل زكته لإدارة شؤونها وتنظيمها وتسوية بعض خلافاتها، أما الكاتب الشاب لشؤون سكرتارية الحزب فينخضم بشغل مكتب سياسي ولجنة مركزية وأفرادهما رؤوساء في مجتمعاتهم ودهاقنة في السياسة والتنظيم، ينحصر الكاتب بينهم وبين زعميهم في مهمة حرفية شبه ضد لحرفة "الغَزال" Spin Doctor في إدارة العلاقات العامةPublic Relations لشركات وهيئات وحكومات المجتمع البرجوازي الحديث .


الفرق الرهيب بين الهدوء في وظيفة العلاقات العامة البرجوازية والتوتر والعنف الفكري والعاطفي في وظيفة كتابة شؤون سكرتيرالحزب البروليتاري أن شاغل الأخيرة بشبابه البروليتاري لايتابع فيها الأمور بمقتضى دستور وظيفة العلاقات العامة /الدعاية/ التوجيه المعنوي/ القيادةالإدارية/ أو التنظيم، ..إلخ، درسه وحفظه، لا، وهو لايوجه الأمور مثل البرجوازي أي بمقتضى تعليمات من صاحب الشركة معلومة لكل شاغلي تلك الوظيفة لتحقيق أرباح معينة بعقود أعمال محددة مع جهات محددة، رغم ان أكثرها معقود بين التخويف أو الإغراء، لا.


بعيداً عن سلاسة العمل الكتابي في أكثر وظائف الشركات والحكومات فإن أكثر عمل موظف سكرتير حزب البروليتاريا منحصر بين المفاجئة والضغط، والرتابة والصراع، والتوتر والقلق، وحتى الإنزعاج والرهبة، إذ يتحرك شاب الشؤون الحزبية في الأوراق والأعمال بلا خبرة سنين تسند إختياراته داخل صراعات الحزب، وبلا حكمة سوى التي إستقاها في صباه وأيام دراسته، أو قرأها من الكتب!


بحيوية الشباب فإن طبيعة حركة كتابة الشؤون في أوراق وأعمال الحزب الجماهيرية ذات الشباب والنساء والمزدحمة بالإختلافات والخلافات الفئوية والنقابية والسياسية والثورية حركة ذات حدين: فكل كلمة فيها تمثل لغماً قد ينفجر عند قراءة الكلمة إن لم يحسن الشاب وضعها العالمي والوطني والمحلي بالنسبة لأمور الكادحين والمهمشين والنساء، وبالنسبة لأعداء الحزب ولأصدقاءه المسالمين والمتنمرين.


كاتب شؤون سكرتير الحزب مقيد في كل إختياراته بمواقف متحركة كل يوم في صراعات العالم والمجتمع والطبقة والحزب بل مقيد أكثر بتوجيهات الزعيم عند حضوره أو بما يوافق سياسته ! عدا لحظات توتره ! فإنظر إلى هذا الشاب القوي الأمين لمهمته تحت هذه الضغوط التي تذيب الماس!


وكثيراً ما يصاب كاتب الشؤون الحزبية في هذا البلد أو ذاك بعلة شديدة الضر تصيب منه/به تاريخ الأمم ولكن الناس يستصغرون شأنها ولا ينتبهون لضررها وبالإمكان تسميتها بـ"مرض الزعيم" وهو مرض نفسي يصيب سكرتاريي الشخصيات المؤثرة أن السكرتير منهم يرى نفسه "نائب الملك" بينما هو حاجب له، ومجرد موظف مساعد لنواب حقيقيين للملك أو الشعب أو الطبقة !


أما العلة الأدهى والأخطر على كاتب الشؤون الحزبية فهي السأم والملل فمع كثرة تكرار الأمور والأعمال تبدأ الرتابة وتكثر الانتقادات وتتفافم مع إنخفاض الدخل بتزايد الأسعار وإرتفاع الحرج الإجتماعي والحذر السياسي والخطر الأمني وكذا تطاير فعايل الغيرة والحسد فيجد المتفرغ الحزبي وكاتب الشؤون الحزبية نفسه في وضع رهيب أسوأ من القلق وأشد من الموت!


في رواية باولو كويلو الخيميائي قال الشاب للخيميائي: ((قلبي يخشى العذاب)) فرد عليه الخيميائي بقوة: (( الخوف من العذاب أسوأ من العذاب، أما التأمل والإنطلاق فيريح الأذهان لأنه يكسر الحدود))


أما في حكاوي المستقيلين من خدمة الحزب لا من صراعاته فالقول الأسد أن كاتب الشؤون الحزبية في حقيقته الكبرى هو موظف خدمة آيديولوجية وهي خدمة أم لخدمات عددا فمن موضوعاتها: الخدمة الحكومية، والخدمة الديبلوماسية، والخدمة العسكرية، والخدمة الطبية، وخدمة التعليم إلخ ولكن مع تعدد أمور هذه الإختصاصات في مكاتب الحزب الشيوعي ونظره بها إلى عموم خدمة الدولة ومدى إتساقها مع مصالح هذه الطبقة أو تلك فإن ما يتردد عن ثقافة ياور سكرتير الحزب فيه شيء كثير من الجزافية والصحوبية. وكاتب شؤون سكرتير الحزب ليس مثقفاً ولا مُنظراً أصيلاً، ولا يفترض فيه هذا الشأو بل المعرفة والنظام والدراية أما الفلسفة وتاريخها وطبيعة قيام ماركس بنقضها ونقض التاريخ المكتوب بها وبناءه الجديد بـ"الوعي" لكيان ذهني جديد ما بعد الفلسفة والتاريخ والعلم النمطي فليست شرط أساس لتولي شخص وظيفة في بعض شؤون الحزب السوداني للشيوعيين.


القول بأن موظف مكتب السكرتير العام ليس مثقفاً مصدره أن المهتم بأمر الثقافة والأفكار لايجد لكاتب الشؤون الحزبية أثناء عمله موقفاً فلسفياً إنتقادياً لا ضد ثقافة حزبه ولا ضد فلسفة الأحزاب الشيوعية لذا ينشأ الظن: إما أنه يأخذهم على علاتهم! أو إنه بلا ذهن إنتقادي! وبتالي مغيب أهم عناصر الحياة الثقافية! وكذلك لا يعرف لمعاون السكرتير العام أنه كان لجهة الثقافة والفكر والحزب أو لأي جهة أخرى أسئلة فنانة أو إبداعية! وفي طول سدانتهم لم يذكر عن سادن لمكتب سكرتير حزب أنه أفاد شغله برؤية تاريخية ثرية للماضي أو للحاضر أو للمستقبل كانت أكثر من المعروف دقة أو أنمق تلويناً! بل رؤيته للتاريخ واقعية مسلمة أو رد فعلية.

وإذ لم تعرف عن كاتب شؤون سكرتير الحزب فكرةً جديدة! فكذلك من المعروف أنه لم ولا يطرح في طول فترة عمله تجديداً للعمل بأسلوب أو بنظام شغل أكثر فاعلية، بل كتابته لشؤون السكرتارية تزجية لقرارات يظن الزعيم أهميتها! فهي كتابة لا تهتم بتغيير مباشر للبؤس الحاضر في طبيعة عمل المكتب أو في صاحبه أو في حزبه، بل أكثر كتابته تلخيص لقرارات هيئاته !


في رهق الحزب لخلق عالم جديد غالباً ما تكون تعاملات كاتب سكرتير الحزب تعاملات الهامان للحاكم أي فيها التقلب بين الرتابة في حالة الخفوت ومفاجئات حالة الغطرسة والعنجهية أي أنها بلا روح جمالية، بل أوضح ما فيها الكهف والظلام والسريةوفي ذلك تأثير سلب على الكاتب قاتل لحيوية الثقافة.


وكما في كل هيئة عمل فإن بعض كتاب شؤون الحزب تتأخر شمس واحدهم وتنكسف وتخسف قمره بل تجعله وتعاملاته أقرب للظلام من القدسية، بل مؤدي بالطلب لأغاني الآخرين، بل مقلد تحت الطلب للمقلدين المنتخبين! لا أسال عن ثقافة كاتب الشؤون في هذا الوسط الذي يذكر المؤرخين بأناشيد الأسيرات الخزريات على ضفاف النهر في بابل القديمة حين يأمرهم الجلاد العراقي بالغناء. كيف تكون نفس كاتب السكرتير في هذا الأتون؟ ولا أقول كيف تكون نفسه في هذا الجحيم !


أظهر "مؤتمر الجريف" الذي عقد عام 1966 قلبين في جوف الحزب الشيوعي السوداني. اذ أن المؤتمرقد عقد استثناءاً لنقاش طبيعة وجود الحزب وأعماله في ظروف الديكتاتورية المدنية والقهر الليبرالي الرافض والحاظر والمعطل وجود ونشاط الحزب الشيوعي ومنظمات الجماهير! كان هدف ذلك المؤتمر الاستثناء معرفة المخرج من هذا الوضع القاتل لحرية وتقدم المجتمع ومعانى سيادة الدولة وإستقلالها بينما تلتهم خيراتها تحالفات برجوازية غردون والمدارس الأيتونية مع زعماء الطوائف ومصالح الشركات والبنوك الأجنبية !


وقد ناقش ذلك المؤتمر الشاب الصغير الجسور مسائل شتى في أشكال العمل الحزبي وفي تفرد واستقلال أشكال العمل الجماهيري! ودارت فيه تساؤلات مختلفة عن طبيعة دور كل قطاع وفئة مدنية وعسكرية، وعن الدور المستقل للجيش في العمل الجماهيري؟ هل يكتفي بالنظر إلى قيام زعماء مشروع دولة الإسلام بتسليم مفاتيح البلاد الاقتصادية والسياسية للإستعمار الحديث؟! أم ينشر بعض القصائد ويوزع بعض المنشورات؟! أم له أن يضرب وفق تقديره بيد الحديد موئل الخيانة ويوقف العبث بمصير المجتمع والبلاد؟ أو يوقف معهم النظام الليبرالي المكرس للعبث وشخصياته؟!


بحكم اختلاف الأفكار والرؤى والترتيبات التنظيمية فان ذلك المؤتمر الشاب الجسور لم بتفق على رأي سوى رفض الحال! ولم ينجح في اصدار قرار موحد حول أي مسالة مختلف فيها ! فخرجت صفراً نتيجة إنعقاده الذي يتباهى به بعض الحزبيين. وكذا على نول أصول وقدم هذه الاختلافات التاريخية فشل مؤتمر "القوى الاشتراكية" سنة 1970 وبعده إنتهي للإطناب في تفريد الخلاف ومحاولة ترضية طرفيه مؤتمر"الفكر (الإشتراكي) العربي" ! ومن إختلافات تلك المؤتمرات تم (الاتفاق) على تكوين لجنة لوضع ميثاق قومى ولدته سنة 1972 بعدما وقع الفاس في الرأس وخربت البصرة ووصل الناس من حلب الشام إلى مدينة فاس وقد أفضت تلك المؤتمرات لزيادة الإختلافات الجسام لولادة عسر لتكوين "إتحاد إشتراكي" بعناصر تيار اشتراكي فضفاض كانت قد هزمته صراعات ما قبل ثورة يوليو 1952 وما بعدها في مصر ثم صراعات الحزب الشيوعي السوداني في العقد بين عامي 1953 و 1964.


أهم المؤتمرات لم يكن منتظماً رتيباً بل طارئاً واستثناءاً عقد في وغى "الحرب الباردة" وكان أقرب لنقاش مفتوح وسمنار .. اذ كانت أعلى كلماته من لدن شخصياته وتكثف خبراتهم بلا رأي منظوم من قاعدة تنظيمية محددةإلا سمات مسؤولية ومنصب كما هي عادة إجتماعات ومؤتمرات الهيئات في العالم الثالث، ولم تكن تلك الكلمات قد بلورتها إعدادات وسمنارات محكمة، بل بما تيسر في السودان من استخلاصات وخبرات وإستخبارات شخصية !.


في ذلك المؤتمر الفريد الذي عقد في مزرعة في منطقة الجريف عام 1966 وقفت تنظيرات المؤتمرين على إيضاح ملامح القضايا والأزمات وبعض أساليب حلها، ولكن نتائج تلك التناظير ومؤتمراتها لم تحسم ولو نذر يسير من الخلاف الأصولي بين رواد شقي التطور: لا شق قيام المجتمع البائس بتثوير الدولة ! ولا شق قيام الدولة بتثوير حالة المجتمع ونقله بالتعليم والصحة والمياه والتمدن خارج دائرة الجهل والفقروالمرض !. وهي خلافات قديمة متراكمة ومتشعبة في تاريخ ثورات العالم وفي تاريخ تطور الإشتراكية من خيال إلى نشاط عملي علمي، وفي تاريخ تكوين ونشاط الحزب الشيوعي السوداني والمنظمات الجماهيرية وعموم حركة التقدم واليسار!


تناثر بعض ذلك الخلاف حول اصطلاح وتحديد معاني وتفسير كلمة "جماهير" وطبيعة موقعها في العمليتين المقترحتين: عملية قيام مجتمع الفقر والجهل والمرض بإصلاح وتغيير وضع دولة التخلف والاستعمار الحديث وتحويلها لحكم ديموقراطي شعبي، وعملية قيام الدولة المثورة بتغيير حالة التخلف في المجتمع وتحويله لإتحادات وانتظامات شعبية متقدمة.


  في أواخر تلك الستينيات في المدينة العاصمة وبعض حواضر اقاليمها ومع أجيج إذاعة صوت العرب بكلمات التقدم والثورة والاشتراكية والكفاح وإمتزاج صحافة الحماسة العربية بعمليات انزاف العدو والمقاومة ضد الصهيونية والرجعية والاستعمار جاءت نتائج ذلك المؤتمر (((السري))) وقد إنتظرتها -مع حزبيين عسكريين- بعض جماهير البرجوازية الصغيرة الهوسة في نوادي مدنها ومنتديات طلابها ونقابييها بمباريات السياسة وسجالات شخصياتها وكتابها في الصحف.


ولكن فئات تلك الجماهير فئة القلق والأمل والابداع، وفئة الصابرين، وفئة أربي عيالي، لم تحصر من ذلك المؤتمر اقتضاءاً لحقوقها ولا جواباً شاملاً مانعاً ولاحلاً قاطعاً ولا رأياً حاسماً لكل خلاف، بل كانت آراء المؤتمر مثل آراءها، فيها حيوية وسخرية تغذي الوعي ولكنها جافة متنافرة شتى ومتفرقة كما يقول المثل تفرقت أيدي سبأ، إذ لم تك لـ(((قرارات))) ذلك المؤتمر إن صدرت، وحدة بيانية للوعي الثوري والإشتراكي ولا لطبيعة تحقيقه في معيشة الناس تلك الحال التقدمية بتعاونياتها وشراكاتها وهيئاتها العامة لإدارة مقاليد الإقتصاد في معيشة الناس ونظام حكمهم !


في ذلك المؤتمر الشاب الرهيب تناثرت الكلمات نارية وماءنارية: واحدة تدعو لتغيير أحوال المجتمع الجاهل المريض، وإصلاحه بواسطة عمل الدولة ! وأخرى تدعو نفس مجتمع الفقر والجهل والمرض لاصلاح الدولة وهيئاتها! وثالثة مصالحة تدعو لتوفيق الرأيين.


كانت لفريقي الحزب الشيوعي آوان ذلك المؤتمر 1966 وظروف السودان الإقليمية والعالمية التي شكلته كلمات قوية جميلة تسر المنظرين وخطب عصماء تشنف أذان السامعين وتزيد وعيهم ببلاغة منطقها وموضوعية تناوله وتناولها أمور السياسة الطبقية لصراعات الوطن وأمور السياسة الوطنية للصراع الطبقي، وتأثيرات كل شكل منها في بنية المجتمع والدولة وعلاقاتهم، وفي ثورة العالم الأفريقي والعربي ضد التخلف والاستغلال والتجزئة والإستعمار، وإسهامها في العملية العالمية لتحرر الأوطان والمجتمعات من صنوف الإستعمارالكبرى.


أضاءت تلك الآراء والكلمات والخطب الإختلاف التاريخي الثوري القديم  والمتراكم بين الذين يحرقهم الشوق الى العدل، ولكن وجودها في المؤتمر لم يجمع فريقيها على كلمة سواء، بل إستهلكها ذلك الإختلاف وإستهلكته.


كان أول تبلور كبير للإختلافات الشيوعية والإشتراكية في السودان قد ظهر سنة 1968 بمشروع مبهم لتأسيس حزب أو تجمع أو جبهة لكل القوى الإشتراكية تسد الطريق على تأمرات الإستعمار والقوى الإسلامية، لم تحظى نقاط ميثاق ذلك المشروع بتصديق تنظيم واحد عليها بل كلام الزعماء الإشتراكيين بها ، في وقت كانت فيه كلمة الزعيم هي الأصل والفيصل إلا قليلاً في داخل الحزب الشيوعي.

كان تبلور فكرة الحزب أو التجمع أو الإتحاد الإشتراكي أو الجبهة الإشتراكية سنة 1968 - بما في كل تسمية من إختلافات- ذات إختلاف سوداني نسبي عن ظروف تحويل الإتحاد القومي في مصر إلى إتحاد إشتراكي بتنظيم طليعي حيث لم تكن القوة الإمبريالية والرجعية المسيطرة على الدولة في السودان لتسلم للإشتراكيين إمكانات تنمية توزيع موارد البلاد على فئات المجتمع .


بعد ذلك الخلاف الشهيرعام 1968 حول طبيعة تجمع الإشتراكيين وأسلوب تغييرهم لطبيعة الحكم من حيث شكله وأهدافه توالت الاختلافات داخل الحزب الشيوعي وكذلك بين الإشتراكيين ذوي السمة العروبية (الناصريين والبعثيين وآخرين) وزادت تلك الإختلافات منذ آخر ليل 24 مايو سنة 1969 ومساء 25 مايو سنة 1969 وتناثرت فيها التهم المعطلة للتفكير والمثيرة للغضب أو المسيلة للدموع وبلغت مرحلة تبادل فيها الفريقين العزل والإقصاء والتقاتل والإعدام البدني والمعنوي:


الحكاية المحايدة لجدلية ذلك التفاعل والإقصاء مؤلمة التاريخر فالفريق الشيوعي المشجع منذ عام 1966 قيام مجتمع الفقر والجهل والمرض بتحسين وإصلاح الدولة بثورة ديموقراطية تبدأ من القاعدة وهو فريق يشكل نصف اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني وفيهم سكرتير الحزب وزعيمه، قام بتكرار ماساة طرد النواب الشيوعيين من برلمان شبه الإقطاع والرأسمالية عام 1965 فبقرار منه مصدر في بيان مؤرخ يوم 24 سبتمبر سنة 1970 قام بفصل كل أعضاء الرأي المعارضين له في اللجنة المركزية وعزلهم منها طرداً! ثم بعد أقل من شهر في 21 أكتوبر سنة 1970 تواصل هذا التفاصل يإجتماع الفريق القائل بضرورة أن تقود الدولة وهيئاتها عمليات تقدم المجتمع وإخراجه من الجهل والفقر والمرض وهو فريق يشكل نصف اللجنة المركزية بدون سكرتير الحزب وقراراته موضوع الخلاف بين الفريقين، وقام ذلك الجزء المفصول برد قرار الفصل لرفاقه في نفس اللجنة المركزية وطردهم من الحزب! وبعد ذلك التفاصل أو ضمنه أو وفقاً لجانب فيه أصدرت دولة الميثاق الإشتراكي! في 16 نوفمبر 1970 قرارات مضمونها إقصاء وترك: شمل الإقصاء عزل أعضاء الجناح المجتمعي من مناصبهم في هيئة قيادة الحكم التي يرفضون طبيعتها (= مجلس قيادة الثورة) وهم الضباط الفدائيين الأبطال العظام والشهداء فيما بعد هاشم العطا وبابكر النور وفاروق حمدلله، بينما شمل الترك كل الوزراء والمسؤولين الموافقين على فكرة تفعيل الدولة لمعيشة وإقتصاد المجتمع ذو الفقر والجهل والمرض. وقد إنتهى ذاك الخلاف الفكري والتنظيمي العالمي القديم الطويل التأجج في سودان سنوات 1968 – 1971 بختام صدامي ودموي في الأسبوعين الآخيرين من شهر يوليو سنة 1971، وكانت ختمة دموية مؤقتة تاريخية العنفوان إذ إختضم فيها رأي الفريقين بنوعين من المقاليد مقاليد القوة وجبروت الجيوش وبطش الدولة في جهة كسبت لأعضاءها الحكم السياسي بينما قتلت حزبها والمصدر المعنوي لحيويتها، وجهة اخرى رأت فداء المبادئي وروح الديمقراطية وإستقلال نضال الحزب بالروح والدم فخسرت الحيوات الثمينة لأفرادها وبعض تماسك حزبها ولكنها كسبت لمبادئها مجد الفداء العظيم مجددة بدمائها وروحها خلود تلك المبادئي وحضور حزبها وحزبهم المُشرق في التاريخ وآفاقه المتجددة!


في ذلك الخضم لايدري القارئي أين كان الموقف الأيديولوجي الحقيقي لعبدالله علي ابراهيم معاون سكرتير الحزب قبل وأثناء يوليو 1971 ولا حتى بعدها ! فبزحام التشدق والخصام ترك إبراهيم الروية والتوثيق ونسى التأريخ لنفسه !


التحليلات السلبية لموقفه من نوع أنه كان تائها! أو أنه كان يحرض الطرفين! أو انه كان يتعاون معهما! سواءاً بإزدواج جاسوسي أو شبه ذلك لا تصلح كثيراً لبناء تحليل متكامل لطبيعة تعامل بعض الحزب مع بعض موظفيه.

كذلك لا يصح لرائد في تحليل الإنقسامات كعبدالله علي أبراهيم أن ينسب لأراءه حيرة المثقف/النبي الابراهيمي قبل إعتناقه التوحيد بالتقلب بين رأي وآخر أن له رأيان واحد للشمس وآخر للقمر وثالث للنجوم ! في بحثه عن نظام متكامل أبدي بينما هو بالتفكير الخطي التتابعي النقاط ذو التجربة والفعل العفوي يأخذ بعض واحد من عناصر أو مراكز ذلك النظام ويترك غيره ويترك أيضاً صلات ذلك العنصر ببقية الأشياء، فيفوز في دورة فيها ملايين العناصر والأبعاد بنهايات نصفية حدها غروب المس أو كسوفها للشمس وزوال أو خسوف القمر.


فبهذه التجزئة أو الجزئية في النظر والتفكير والمعرفة وطبيعة لمح أرباع الحقائق في دورة الأشياء في بنى الحيوات وتفاعل السياسة ونظم الحكم وتداخلها مع تواشج الصراع الطبقي بصراعات المركز-الهامش في بنى العالم والوطن ونضال كياناته ضد الإستعمار والإستغلال والتهميش، فإن المتأمل القلِق المتقلب لم ولن يتعلم من تجدد أو توالي الحضور والغياب شيئاً مفيداً متكاملاً أسمه سنن الكون أو دورة الحياة، وغالب التقدير العمومي لحالة كاتب شؤون من هذا النوع العبدالله علي إبراهيم أنه سيظلم نفسه عن طييعة الإرتقاء الحلزوني للمجتمعات في دورة كياناتها!


في تفاعلات هذه التجزئة لايوجد خلاف كثير في أدب اليسار ومتكلميه على حقيقة سيادة أسلوب الحياة البرجوازية الصغيرة على معيشة الناس في مدن وأرياف السودان. وبطبيعة ذلك الإتفاق المبدئي فإن لهذه السيادة تأثيرها في تقديرات العمل السياسي وفي نشاط المنتج الصغير في العمل وفي التنظير والعمل السياسي بحكم عناية تفكيره بالجزء الماثل الحاضر أمامه في القضايا العامة.


بتلك التجزئة وأسلوب التفكير ذو الخط الواحد، والمثالي في إنتظار تحول التراكمات إلى تغير أو إلى تغيير، تجددت في أواخر الستينيات الاختلافات التاريخية القديمة في دول العالم بين الثوريين، وزاد في السودان إنحسار التفاعل بين بعض الثوريين القدامى الذين كان يتزعمهم في أوائل الخمسينيات المناضل عوض عبدالرازق ورفيقه على التوم في جهة وبعض الثوريين الجدد الذين كان يتزعمهم المناضل الشهيد عبدالخالق محجوب عثمان في جهة ضد!


ومع ضغط الإمبريالية على إستقلال السودان بمشاريع الإستعمار الحديث وضغط الرجعية على معيشة الناس وإزدهار النشاط النقابي والسياسي الثوري في المجتمع وعلى نشاط الحزب بدأ تزايد بحث الإشتراكيين عن مخرج ومع تنوع القراءات والتحليلات توالت الإختلافات في صفوف الثوريين وتراكمت وتقدم الفئات الثورية في الجيش على خلافات المدنيين وأقتلعت السلطة راكبة ظهر الأسد.


في خضم تراكم الضغوط الإمبريالية والرجعية وتراكم الخلافات بين السياسيين المدنيين يمينهم ويسارهم أدى نجاح تنظيم "الضباط الاحرار" في تغيير مضمون وشكل الحكم في الدولة لتزايد التحيز والتميز والإنقسام والتفكك في كيانات القوى الإشتراكية بين من يرون ضرورة قيادة الدولة لعملية إخراج المجتمع من الفقر البنيوي والجهل والمرض، وبين من يرون قيام هيئات مجتمع الفقر والجهل والمرض بإصلاح الدولة.


بحكم طبيعة وأدوات الإنقلاب/الدولة تصادمت القوتان بالكلام أولاً ثم بدأت عمليات الإقصاء والقمع ضد الرافضين غلو الدولة الآملين في تطور المجتمع، ومن عنفوانهم ضد عنف وإنفراد القائد العسكري بتقرير إمور الدولة والمجتمع ولدت المقاومة العسكرية الباسلةلكل هذه المفارقات والمظالم في شكل حركة تصحيح موقف عسكري بدأت يوم 19 يوليو سنة 1971 وبعد التفشيل الععالمي والإفليمي لها جاءت الإعدامات وحملات الإرهاب والقمع وبدلاً لاضمحلال هيئات الدولة ونمو تنظيمات الشعب كما يتصور الناس الحال الإشتراكية لعلاقة المجتمع بالدولة انشقت تنظيمات الشعب وتحاربت وإرتفعت على آمال المجتمع راية الدولة... ملطخة بالدم!


بعد فترة إعادة تجهيز تشبه فترة ما بعد إعدام ثورة سنة 1924 العسكرية-المدنية وحفظ معانيها وبعض عناصرها بنشاطات إجتماعية–سياسية نهضت إجزاء من حركة التنظيمات الطليعية في المجتمع بتظاهرات وإضرابات مزقت العلامات الشعبية لسلطة الحكم ولكنها كانت أضعف من تغيير الحكم والجيش والدولة.


توقد هذا الأمل في التغيير بالمفعول العكسي لزيادة تمركز الدولة وحصر كل مقاليدها في فرد واحد ، فبحكم عسكرية رئاسة الحكم زادت مركزة  أحواله، وكذلك زادت المؤسسات المالية للامبريالية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ونادي باريس) تلك المركزية ضرراً بشروطها وقف التنمية وتركيز الدخل والصرف سيدته وزارات العاصمة وبعض متطلبات المدن الكبرى مفاقمة الصراع الطبقي بزيادة التفاوت بين المركز-الهامش في إستثمار الموارد والتمتع بخيراتها.


ولكن رغم التفليس الخارجي لخزينة الدولة برفع أسعار النفط وتخفيض سعر الخامات التي يصدرها السودان وبقية دول العالم الثالث ورغم التمزيق الداخلي لجهود إصلاح المجتمع ولجهود إصلاح الدولة ومركزة الموارد فبشكل وئيد نجحت التظاهرات والاضرابات في إحراج وصرف جماعات بطانة الحكم بعضهم أولئك التقدميين المنتمين لتجربة الخمسينيات بكل آمالها وألامها وبعضهم من الاصلاحيين المعتقدين في إمكان تفلب قوة الأفكار على أخطاء البشر وتقلبات الإنسان، وبعضهم من زعماء الطائفية وفضتهم في فترات متفاوتة عن ديكتاتورية القائد العسكري الذي بزيادة تمركزه وخواءه من إمكانات التعامل والتقدم سرعان مادخل في حالة طغيان ديني ورجعية ظاهرة ذات هلوسة,


مع إرتفاع نضال طليعيي تنظيمات المجتمع تجمعت شخصيات وقوى وأحزاب لأجل تغيير الحكم وأسسه في تجمعين: واحد لبعض النقابات سمى "التجمع النقابي"، وتجمع آخر للأحزاب الكبرى هو "التجمع الوطني"، وسار ما هو أكثر منهما في حركة تظاهرات ملأت فراغ المدن!


تبلورت هذه التجمعات وتظاهراتها كإنتفاضة ناجحة في مارس شكلت أساً لإنقلاب 6 أبريل 1985 الانتقالي وإنهاءه سلطة إنقلاب 25 مايو 1969 ولكن سرعان ما خسرت تلك الانتفاضة.


لعل خسارة الإنتفاضة بدأت بسيادة الأسلوب الجزئي على أفكار ومناهج تقييم الأزمات وإصلاحها وإعتقاله هذا الأسلوب في المعرفةوالنشاط لتفكير قادتها السياسيين مما أدى لإستغفالهم المشين للنقابيين والتجمع النقابي على مائدة تغيير الحكم ثم إنفراد بعض الإسلاميين في التجمعين والمجلس العسكري بسلطة البلاد في الفترة الإنتقالية.


فأبقوا الأسس الإقتصادية لديكتاتورية السوق وكذلك نمط العلاقات الخارجية للدولة وبفعل الطبيعة الرجعية لإنتخاباتها وبفعل ااتركيبة الرجعية لوزاراتها الأولى وبرلمانها أبقت قوانين تعطيل الحداثة وزادت حالة الحرب، وأقصت النقابات، وفتحت البلاد لفساد التجارة الخارجية والداخلية والبنوك منسجمة مع ديكتاتورية السوق، كما أهملت بشكل جسيم حسم قضايا الصراع الطبقي وتوق الاقاليم أوبرجوازيتها الصغيرة للتحكم في موارد أقاليمهم، وكذا أهملت أحزابها ذات البنوك والشركات بعض القضايا العربية والأفريقية المتداخلة مع الشأن السوداني!


مع تدهور اتساق دولة الانتفاضة وتضعضع أسسها الاعلامية بالصراعات الموضوعية، تولي أمر الدولة انقلاب جديد: رأسمالي إسلامي المضمون مع شكله العسكري فإن ع. ع. إبراهيم الكاتب السياسي وأستاذ التأريخ والإناسة ذو المقالات المعادية للشيوعية بشكل زنيم والمقالات المتقربة لكينونة الإسلام بالتثريب على قضاة الشريعة وتصويرهم كأنبياء للإشتراكية لسبب ما لم يستطع أن يكتب مقالاً قصيراً واحداً كاملاً متكاملاً ضد إنقلاب الإسلاميين على حكم ديكتاتورية السوق ليؤسسوا ديكتاتورية البنوك!

 
من هذه النقاط عن الطبيعة العالمية والإقليمية والسودانية والمحلية لتولد خلافات الحزب ودور بعض موظفي الحزب فيها ووضعهم في هذه الطبيعة وموقفهم إزاء الصراع والإختلاف القديم المعروف في تاريخ التغييرات والثورات العظمى بين الإصلاحيين والثوريين، تبقت أيام وفترات أخرى جديدة لم نعشها بعد يمكن فيها للناس تأمل أعمال موجبة في إنتقاد الحزب الشيوعي أفضل كثيراً من نواح وهستيريا مقالات عبدالله أي لا تنفصل فيها الإستراتيجية عن التكتيك، ولا التأسيس الماركسي النظري للإشتراكية بتحليلاته الكاسرة الناقضة عن التحقيق العلمي اللينيني لتأسيسها البناء الإشتراكي في طبيعة المعيشة والحياة العملية، ولا تنفصل فيها الديموقراطية عن الإشتراكية، ولا يتميز فيها الوعي عن طبقية المعرفة وحزبيتها كما لا تنفصل قراءاته وتجديدها عن "التأثيل".


ولكم التقدير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية على مستوطنين متطرفين في الضفة الغربية


.. إسرائيلي يستفز أنصار فلسطين لتسهيل اعتقالهم في أمريكا




.. الشرطة الأمريكية تواصل التحقيق بعد إضرام رجل النار بنفسه أما


.. الرد الإيراني يتصدر اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية




.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن