الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحرير الموصل ... وما بعده

امين يونس

2016 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ما الذي ينتظرنا نحنُ في أقليم كردستان والعراق عموماً ، وسط ( فوضى ) عملية تحرير الموصل ؟ هل ستنتهي مشاكلنا ؟ هل نتوّقع إنفراجاً سريعاً لأزماتنا ؟ هل سيعُم السلام والوئام في هذه الربوع ؟ .
أرى بأن فَرحة هزيمة داعِش " عسكرياً " ، وفَرحة تحرير مُدن سهل نينوى والقيارة وحمام العليل وتلعفر ، بل وتحرير مدينة الموصل نفسها ... أرى أن هذه الفَرحة لن تكون ناجزة ، ولا تشبه تلك الفرحة الحقيقية المُرافِقة للخَلاص الكامِل من عدُوٍ مُحتَلٍ غاشِم . أما .. لماذا هذا التشاؤم ... فللأسباب أدناه :
* عادةً .. يتحمل " المُهاجِمون " الكثير من القتلى والجرحى ، إلا أن مُهاجمو داعش في 9/6/2014 ، لم يسقط منهم أحد خلال إستيلائهم على الموصل ، ولا في سنجار في 3/8/2014 ولا حتى في سهل نينوى ، بعد ذلك بأيام . لسببٍ بسيطٍ ومُذهِل : لأن أحداً لم يقاومهم ! . أما اليوم ، فأن " تحرير " قريةٍ واحدة ، رُبما فيها بضعة أنفارٍ فقط من القناصين أو الإنتحاريين ... إلا أنها بحاجة إلى غطاءٍ جّوي من التحالف الدولي والقوة الجوية العراقية ، وإلى قطعاتٍ كبيرة من المقاتلين سواء من الجيش او البيشمركة مع أسلحةٍ ثقيلة ومتوسطة ، يسبقها المختصين في هندسة إزالة الألغام والمتفجرات ، وقاذفات الميلانو الألمانية ... نعم فتحرير عشرة قُرى مثلاً ، يحتاج إلى كُل هذا الحشد .. الذي ينتج عنهُ عادةً ، سقوط شُهداء وجرحى ، وأموالاً طائلة لِسَد كُل الإحتياجات المطلوبة .. وأخيراً ، نستلم قُرى ومُدن ، مُدّمَرة بالكامِل . فكيف بمئات القُرى والبلدات والمُدن ؟
خَسَرنا هذهِ القُرى والمُدُن بسهولةٍ تامة .. لكن إسترجاعها مُكِلِف بشرياً وباهِض مادِياً .
* مَهما قُلنا عن التأثير الإيراني والتركي ، على الوضع في العراق وبضمنه أقليم كردستان .. ينبغي أن لا ننسى ، أن اللاعب الأساسي ، هو الولايات المتحدة الأمريكية . لكن المُشكلة ، ان لا أحد ، ولا حتى من الخُبراء والمُهتمين بالشأن العام ( يفهم ) السياسة الأمريكية ، أو يدرك مراميها الحقيقية . فنراها أي الولايات المتحدة " متحالفة أو مُسانِدة " إلى حَدٍ ما ، ل YPG وَحدات حماية الشعب ، أي مُقاتلي كردستان سوريا ، القريبين جداً من حزب العمال PKK ، بالضِد من سياسة تركيا . في حين أنها تغمض عينيها عن دخول القوات التركية لجرابلس وإحتضان تركيا لجبهة النصرة علناً .
ضغطتْ الولايات المتحدة ، على العبادي من جهة وعلى البرزاني من جهةٍ أخرى ، بحيث ذهب البارزاني إلى بغداد وجرى الإتفاق بينهما ، على فتح صفحةٍ جديدة من العلاقات بين الطرفين ( في الوقت الذي لم يكُن أحد يتوقع ، ان البارزاني " بعد كُل القطيعة السابقة والتصريحات الحادة المتبادلة " ، سوف يزور بغداد ، ولم يكن أحد يتوقع أن يستقبله العبادي بالترحاب ) . هذا دليلٌ على قُوة تأثير الأمريكان على أربيل وبغداد .
* تسعة أيام مّرَتْ على بدء عملية تحرير الموصل .. وجرى الهجوم على داعش وحصارها ، من ثلاثة محاوِر : من الشمال / من الجنوب / من الشرق . وبقيتْ الجهة الغربية هادئةِ لحد الآن ! . أليسَ ذلك غريباً ؟ الجهة الوحيدة التي يمكن أن ينسحب منها قادة داعش إلى الرقة في سوريا ، ما زالتْ مفتوحة ومُتاحَة . ألا يعني ذلك ببساطة : .. تفضلوا يا داعِش ، إسحبوا قادتكم ومسؤوليكم وأسلحتكم .. وبالفعل فأنهم فعلوا ذلك ، ولم يبقى في الموصل وأطرافها ، إلا القليل منهم ( أعلنتْ روسيا بأنها سوف تضرب أي رتلٍ لداعِش منسحب من الموصل بإتجاه الرقة .. لكن حتى روسيا ، لم تفعل ذلك لحِد الآن ، رُبما بسبب تفاهماتها مع الأمريكان ، بأن يمتنع الأمريكان عن ضرب الجيش السوري ، مُقابِل إمتناع روسيا عن ضرب المنسحبين من الموصل ! ) .
غموض الموقف الأمريكي ، متعدد الجوانِب ، فأمريكا لم تطلب من تركيا ، سحب قواتها البرية من سوريا ، ولم تطلب منها سحب قواتها من بعشيقة قرب الموصل أيضاً .. في حين أنها أعلنتْ مِراراً ، ان تُركيا ( ليست جزءاً من جُهد التحالف الدولي في العراق ! ) . في نفس الوقت الذي تضغط فيهِ أمريكا ، على العبادي ، بأن يعطي لتركيا دوراً ما ، في عملية تحرير الموصل .
* تواجُد القوات التركية في بعشيقة ، ورطة كبيرة للجميع . فبغداد ليست قوية اليوم ، للحَد الذي تستطيع فيه " طَرد " الأتراك . والأمريكان ، كما يبدو ، لايستطيعون أو لايريدون ، التخّلي عن مصالحهم الإستراتيجية مع تركيا ، بل كُل الذي يبغونهُ رُبما " ترويض " أردوغان وثَنيِه عن بعض سياساته ، ولكن لا أعتقد إلى الحَد الذي ، يجبرونهُ بالقوة على سَحب قواته من بعشيقة .
* ليستْ تُركيا أردوغان ، فقط ، هي التي لها علاقات مشبوهة ومفضوحة مع داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية ، فالولايات المتحدة نفسها ، متورطة أصلاً في خلق ورعاية هذه العصابات . ولهذا السبب ، فأن أمريكا لا تستطيع مُحاسبة تركيا جدياً ، على سياساتها تجاه داعش والنصرة وغيرها .
مُشكلتنا الكبيرة ، هي تمسُك تُركيا ، بحجة تواجُد مُقاتلي حزب العمال الكردستاني PKK في سنجار ومخمور وقنديل وكركوك . وإدعاء أردوغان بأن ال PKK إرهابيون ( ومُساندة الولايات المتحدة الأمريكية ، لهذا الرأي ودَرج ال PKK على لائحة الإرهاب ) .
على أبعد تقدير ، فأن داعِش سوف يُهزَم عسكرياً ، في الحويجة والموصل ، خلال أشهُر ... لكن ذريعة أردوغان الحقيقية ، هي التهديد المزعوم لمقاتلي ال PKK لتُركيا ، وإستخدامهم للأراضي العراقية في تنفيذ عملياتهم ضد الدولة التركية . هذهِ هي الحقيقة دون رتوش . فتركيا لم تأتٍ لبعشيقة ، لمُحاربة داعِش أبداً .
* مُشكلتنا الكبيرة الأخرى .. هي العلاقات الوثيقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني ، وبين الحكومة التركية أو بالأحرى مع حزب العدالة والتنمية ولا سيما رئيسه أردوغان . عديدٌ من الأسباب ، دفعتْ الحزب الديمقراطي وزعيمه البارزاني ، خلال العقدَين الماضيَين ، للإقتراب تدريجياً من سياسات أردوغان ، منها : الحِصار الذي فرضَتْه بغداد على الكُرد في 1991 / الصراع الداخلي المرير مع الإتحاد الوطني الكردستاني ، على الموارد والنفوذ ، والإقتراب المتزايِد للإتحاد الوطني من إيران وسياساتها / الحرب الداخلية الشنيعة التي خاضَتْها الأحزاب فيما بينها .. الديمقراطي ، الإتحاد الوطني ، حزب العمال الكردستاني ، لسنواتٍ طويلة في التسعينيات / الفَشل في خلق علاقات صحية ومتينة مع الحكومية الإتحادية في بغداد / سوء الإدارة المزمن والفساد الهائل والفشل الذريع في تطوير الزراعة والسياحة والصناعة ، والإعتماد شُبه الكُلي على الإستيراد ولا سيما من تركيا / الإنخراط في إتفاقيات نفطية وغازية طويلة الأمد وغير شفافة مع تركيا .
هذهِ الأسباب الرئيسية وغيرها ، أدَتْ عملياً إلى شُبه إرتِماء للحزب الديمقراطي الكردستاني ، في حُضن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ، والتورُط في مُجاراة سياسات ذاك الحزب أقليمياً .
* على إفتراض أن عملية تحرير الموصل تمتْ كُلها ، بدون تدخُلٍ فعلي للقوات التركية المتواجدة في بعشيقة .. وعلى إفتراض بأنه لن تحدث أية إحتكاكات أو مواجهات ، بين تلك القوات ، وبين القوات العراقية النظامية أو الحشد الشعبي ، الذي رُبما يدخل مدينة الموصل بمحاذاة بعشيقة مثلاً . ولكن بعد التحرير .. حيث من المتوقع ، ان يُطالب " التُركمان " في تلعفر والموصل بسقوف عالية من الحقوق ، أو ان أثيل النُجيفي وقواته التي دّربها ومولّها الأتراك أصلاً ، أحدثوا بلبلةً وشغباً مُطالبين بخروج الجيش الإتحادي من الموصل بحجة أنه طائفي ... فهل من المعقول أن لايتدخل الأتراك ، لنجدة التُركمان أو النُجيفي ؟
* لأنهُ لا توجد " للأسف " ، سياسة كردستانية مُوّحَدة ، تِجاه ما يجري على الساحة اليوم .. فمن المتوقع ان تبرز مشاكل خطيرة بعد تحرير الحويجة والموصل . ف ( سنجار ) لوحدها مُشكلة ومُشكلة كبيرة في الواقِع . فرغم ان المتحمسين في الحزب الديمقراطي الكردستاني ، يرّوجون ويتمنون ، ان تعود الأمور كما كانتْ قبل 3/8/2014 أي إحكام سيطرتهم على إدارة سنجار إدارياً وحزبياً .. إلا أن هنالك دلائل تُشير إلى صعوبة ذلك على أرض الواقع .. وليسَ في سنجار فقط ، بل وحتى في سهل نينوى أيضاً .
فإذا أضفنا إلى ذلك ، النشاط المحموم للإتحاد الوطني الكردستاني وحزب العمال ، في سنجار، وكسبهما لقطاعات من الساخطين والناقمين على ما جرى ، ناهيك عن الأحزاب والمنظمات " الدينية والقومية " الإنفصالية إذا جاز التعبير والتي لاتعتبر نفسها جزءاً من الكُرد ولا من أقليم كردستان ...
كُل ذلك ... يُنبئ بأن مرحلةً جديدة من الصراعات ستشهدها المنطقة .. والوقت لا زالَ مُبكراً للوصول للإستقرار والسلام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - في الحرب الوديـــة مع داعش الاســلامية
كنعان شـــماس ( 2016 / 10 / 25 - 14:27 )
تحية يا استاذ امين ... في الحرب الوديـــــــــــــــــــــة مع داعش الاســــــــلامية ... كل شـــيء جائز . هذه الحرب الوديــــــــــة مع داعش الاســــــــلامية منجــم ذهب لجميع المشـــاركين في هذه اللرقصة الجهنميــــة

اخر الافلام

.. رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكران


.. متظاهرون يحتشدون أمام جامعة نيويورك دعما لاعتصام طلابي يتضام




.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان