الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانفلات القانوني ودور الشريعة في التناقضات والصراعات الطائفية والأيديولوجية الإسلامية ... وسياسة المصارف الإسلامية 2 - 3

يعقوب يوسف
كاتب مستقل

(Yaqoob Yuosuf)

2016 / 10 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الانفلات القانوني ودور الشريعة في التناقضات والصراعات الطائفية والأيديولوجية الإسلامية ... وسياسة المصارف الإسلامية 2 - 3
ومن الأمثلة المهمة الأخرى رفع الخميني شعار المصارف الإسلامية رقص على هذه اللعبة الخليجيين كثيرا، لما لا وانهم أصحاب الثروة الهائلة في المصارف العالمية وقد ظهرت فكرة المصارف الإسلامية لأول مرة في مصر في أوائل الستينات إلا انها اخذت طابعا رسميا في دولة الامارات العربية المتحدة في منتصف السبعينات بتوصية سابقة من منظمة الدول الإسلامية غير ان إنتشارها وأشتهارها كان بعد الثورة الايرانية.
منذ ان سمحت الدولة العثمانية بتأسيس البنوك الحديثة في محاولة من الزعماء الإصلاحيين لإعادة بناء الإمبراطورية العثمانية المتهالكة والانفتاح على العالم الغربي وبهدف إيجاد خزائن امينة لحفظ الاموال وتسهيل النشاط الاستثماري، اصطدمت هذه البنوك بمشكلة الفائدة المصرفية وقد هاجمها رجال الدين ورفضوا الفائدة التي اعتبروها ربا كونها تمثل المبلغ الإضافي الذي يحصل عليه العملاء لقاء ايداعهم أموالهم في حسابات التوفير والودائع المصرفية وقد اعتمدت في حينها بعض الإجراءات التي سهلت عملية تأسيس المصارف منها السماح برفض الفائدة بطلب من العميل، مع ثبات الإصلاحيين في السير بالإصلاح، وتعاملت جميع الدول الإسلامية التي أنشأت لاحقا بهذه الاجراءات، غير انها كانت دائما تثار من جديد من طرف رجال الدين وخاصة عندما تضعف سلطة الدولة‘ كان ذلك في القرن التاسع عشر وبعد اكثر من قرن من الزمن تعود البلدان الإسلامية لتعيد تفكيرها في مفهوم الربا من نقطة الصفر.
.
والربا في اللغة الفضل والزيادة والرابية المكان المرتفع وربا الربية صعد فوقها، وتهربا من هذه العقدة التي أرّقت المسلمين بلا مبرر خلقت فكرة المصارف الاسلامية او لنقل استغلت للأغراض السياسية ودغدغة المشاعر الإسلامية.
يعتمد النظام المصرفي العالمي أساسا على الإقراض وتعتبر الفائدة والتي يسميها الإسلام الربا أحد أسس العلاقة بين المصرف وجمهور المتعاملين مع المصرف، اما الربح فهو مكافأة راس المال وادارته الناجحة.
تاريخيا تعلمنا في المدرسة عن إمرأة فقيرة رهنت ذهبها لدى ألمُرابي اليهودي لتشتري طعاما لأولادها الايتام وبعد فترة من الزمن ولأنها لم تتمكن من تسديد ديونها خسرت كل شيء، وهذه القصة التراجيدية او ربما الهندية الاصل يمكن من حيث المبدأ ان تكون سببا في تحريم الربا إلا ان هذا السلوك هو ابتزاز وليس فائدة وهو مرفوض بلا نقاش، ولكن هل هذا هو كل النشاط الاقتصادي، وهل كان النشاط الاقتصادي والتجاري الذي كانت تمارسه قريش مبني على هذا المفهوم ،نظرة مشكوك في صحتها، فإذا كان هذا السلوك هو الربا فيجب إعادة النظر في مفهومي الربا والفائدة لنكون اكثر وضوح وشفافية، ولكن من غير المتوقع البحث في هكذا موضوع لانه سيحدد مستقبل المصرف الاسلامي.
إن ألاقتراض وألاقراض موجود مع بداية التاريخ الاقتصادي للبشرية وتطور مع نمو التعاملات التجارية على مدى التاريخ الحضاري والإنساني وحاربت الأديان كلها بما فيها الأديان الوثنية على مر التاريخ أي ابتزاز او استغلال للضعفاء.
وإذا ما اعتبرنا الإسلام كدين اجتماعي وهو دين ودولة فأن هذا النوع من المستضعفين يفترض عدم وجودهم في ظل دولة الشريعة الإسلامية، وإن كانت مثل هذه الأمور موجودة اليوم فهي مشكلة الشريعة وانظمتها.
.
المصارف بشكل عام
1– ان المصارف هي مؤسسات مالية تعتمد الربح في نشاطها لديمومتها، وألربح هو مكافئة راس المال، أما المودعين فهم عملاء مستفيدين من خدمات المصرف أي أنهم غير شركاء مع الإدارة في طريقة إدارة الأموال، فإذا إرتأت الإدارة بالاتفاق مع عملائها على المشاركة في الربح فلا جدال بذلك لأن العقد شريعة المتعاقدين.
والمصارف بشكل عام محكومة بتعليمات البنك المركزي التي تتدخل في تحديد الفائدة المعتمدة على ألإقتراض والاقراض استنادا الى ضوابط وسياسات الدولة الاقتصادية في الإيداع والاستثمار والتضخم ومعالجة العجز وغيرها.
2– يحدد سعر الفائدة لحسابات التوفير على أساس سنوي أي ان على العميل ان يودع المبلغ طيلة السنة ليحصل على كامل مبلغ الفائدة للرصيد الصافي المودع لسنة كاملة اما الحركة فتستحق نسبة من الفائدة عن صافي الفترة الشهرية المودعة في المصرف، وتختلف الفائدة (للوديعة الثابتة بمدة محددة).
وفي الوقت الحاضر فأن اغلب دول العالم خاصة التي تدعم النشاط الاستثماري وتعمل على الحد من التضخم تخفض الفائدة ووصلت الى درجة متدنية جدا وقريبة من الصفر.
3 – وفي كل الأحوال وحتى في أعلى نسبها هي لأغراض تجارية واستثمارية وهي لفائدة الطرفين والمجتمع كله من خلالها، بل أن اللذين أشتغلوا بالصيرفة وعرفوا حقيقتها استفادوا منها وأصبحوا من أصحاب الملايين والعقارات دون ان يؤثر ذلك على إفتقار طبقة معين من البشر نتيجة هذا العمل.
4 – ان اغلب المستفيدين من الفائدة السنوية هم عملاء لا تسمح لهم ظروفهم باستثمار أموالهم من قبلهم مباشرة لأسباب كثيرة خاصة المعوقين وكبار السن والمتقاعدين والارامل والأطفال بكفالة أولياء امورهم.
5 – اما رجال الاعمال فألامر يختلف تماما فألتاجر مثلا لا يرضى بربح يعادل فائدة سنة كاملة في صفقة واحدة قد لا تستغرق عدة أيام او عدة أشهر، وإذا قلنا ان رجال الاعمال يمارسون نشاطهم بجهدهم ويتحملون المخاطر والخسار غير المتوقعة ، فالسؤال هل كل عملاء المصارف الإسلامية يشاركون في إدارة المصرف وانشطته.
6 – وعمليا وخاصة في الوقت الحاضر فأن الفائدة ذاتها تعتبر خسارة اذا قورنت بنسب التضخم، فهل عالج الفكر الإسلامي ذلك ام ان القرآن الكريم لم يتوقع ذلك بمعنى لو فرضنا ان سعر الفائدة السنوية ( 3% ) والتضخم السنوي بلغ( 4% ) معناه أن لدينا (خسارة حقيقية غير نقدية) قدرها
( 1% ) وأود أن اُكد ان هذا هو واقع الحال الفعلي فما موقف الفقهاء من ذلك وهل يوجد ربا والذي بموجبه تأسست المصارف الإسلامية، ام ان مجرد استلام المبلغ زائدا الفائدة يتحقق الربا.
7 - في العديد من دول العالم ومنها العراق منذ الثلاثينيات من القرن الماضي أي بعد تأسيس الدولة بفترة قصيرة أنشأت العديد من المصارف المتخصصة كالمصارف الصناعية والزراعية والعقارية ولازالت قائمة لحد ألان، تمنح القروض بفوائد متدنية جدا بحيث أحياننا لا تغطي المصاريف الإدارية للبنك نفسه وأحياننا بدون فوائد لدعم النشاط الاقتصادي، دون ان يطلق عليها (إسلامية) للتباهي بها إعلاميا وسياسيا.
.
المصارف الإسلامية:
المصارف الإسلامية هي بنوك عادية تمارس نفس النشاط المالي وتقديم الخدمات المالية وحفظ الأموال وتشغيلها في مشاريع الاستثمار المتنوعة والتجارة بأستثناء الخدمات التي تحتوي على الفائدة والتي تكون تحت رقابة شرعية سواء من مفتي أو مجمع فقهي وتشمل:
أعمال إئتمانية :
- المرابحة
- الاجارة بأنواعها
- بيع السلم او التضمين
- ألأستصناع
- المضاربة
- المشاركة
- القرضة الحسنة او القرض الحسن
أعمال غير إئتمانية:
- الحسابات الجارية والودائع
- وكالات المودعين
- ألاعتمادات ألمستندية
- خطابات الضمان
- الأوراق المالية
- الحوالات
.
المرابحة والربا
ان المرابحة وكما تعرفها المصارف الإسلامية:
(نوع من أنواع البيوع وهي بيع بضاعة بنفس السعر التي أشتراها بها البائع مع أضافة ربح معلوم بنسبة من سعر الشراء أو مبلغ أضافي (محدد مسبقاً) بناء على وعد بالشراء من العميل وهي تسمى المرابحة ألمصرفية)
وهنا نطرح السؤال التالي:
إذا اودع عميل مبلغ من المال وبعد فترة من الزمن كسنة مثلا استلم مبلغا من المال اكثر من المبلغ المودع ،ألا يعني انه استلم المبلغ المودع أصلا مع إضافة او زيادة، سمها ما شئت انها الزيادة لاغير
ألا تعتقد عزيزي القارئ ان هذا التفاف صريح على مفهوم الربا، لان مجرد تحديد مبلغ ثابت للربح أو (ربح محدد مسبق) هو فائدة أي ربا ولا يمكن ان يفسر غير ذلك، وكل من يقول غير ذلك هو ضحك على العقول، أي إن المرابحة هو مصطلح الغرض منه استبدال لتعبير الفائدة.
.
المضاربة والربا
والمضاربة كما تعرفها المصارف الإسلامية:
ولو قارنا مبدأ الفائدة او الربا مع مبدأ المضاربة (أي أن يقدم المال من طرف، ويكون العمل والاستثمار والإدارة له من طرف آخر، ويكون الربح بينهما - حسب النسبة التي يتفقان عليها
وتقع نسبة المخاطرة في الخسارة على الطرفين بحيث يخاطر مقدم المال بخسارة رأس المال فقط وأى مخاطر إضافية (من ديون وخلافه) تقع على المستثمر).
وطبعا هذا النشاط هو نشاط علمي متعارف عليه وتمارسه المؤسسات المالية بقوة في العالم كله لا إعتراض عليه، ولكن هل تقارن عمليات الربح فيه مع نسبة الفائدة التافهة، وكم من مؤسسات أعلنت إفلاسها من هذه العملية وأناس انتحروا من شدة الصدمة نتيجة الخسائر المدمرة، بل أن المبالغة في المغامرة كان له دورا في الانهيارات الاقتصادية العالمية على مر العصور والى اليوم لكنها نوع من أنواع القمار، اليست احدى سلوكيات الانسان في التنبؤ بالغيب والتي تحرمها الأديان.
.
وخلاصة القول:
1 - ان المصارف سواء أكانت إسلامية أو غير إسلامية هي مؤسسات اقتصادية هدفها الربح، والربح هو الزيادة في راس المال الأصلي، والمرابحة هي كذلك، والربا هي الإضافة على أصل رأس ألمال المال، إذن لماذا هذا محرم وذك غير محرم مسألة لاتعدوا تلاعب بألالفاظ لاأكثر.
2 – في المصارف العادية هناك ضوابط في تحديد الفائدة وتستند الى التعليمات القانونية المتمثلة في الضوابط التي تصدرها البنوك المركزية، فالعميل يعرف مقدما حقوقه والتزاماته، ومن خلالها تستطيع الأجهزة المختصة من الحصول على البيانات والاحصائيات التي تمكن البنوك المركزية والأجهزة الاقتصادية من رسم السياسات العامة للدولة بأقرب ما يمكن للواقعية, على عكس المصارف الإسلامية فأن العميل لا يستطيع معرفة حقوقه قبل الانتهاء من العملية المختصة او قبل المصادقة الحسابات الختامية للمصرف. ولهذا يمكنني القول ان لعبة الربا التي افتعلتها السياسة للأسف هي تهرب او انفلات قانوني لان الزام العميل بالربح يعطي للإدارة التلاعب في حقيقة الأرباح وحصة العميل، فليس كل عميل يتقبل المرابحة، وقد يقول البعض ان المصارف مراقبة من الدولة والفقهاء والمحاسبين القانونيين لكن هذا غير كاف فالتلاعب له الاعيبه الكثيرة وهو أسلوب يضعف سيطرة البنوك المركزية على الاقتصاد الوطني.

.
القرض الحسن
ما يميز المصارف الإسلامية عن غيرها هو مشروع القرض الحسن الانساني الذي لا يهدف الى تحقيق الربح .
لعبت ألقرضة الحسنة دورا كبيرا في المجتمع بسبب الخوف من الربا الذي أرق المسلمين كثيرا واستفاد منه العديد من المحتاجين لحل مشاكلهم المالية، واستغله أيضا الكثير في إقامة مشاريع اقتصادية او الدخول في المقاولات والتي حقق أصحابها من خلالها الأرباح مقابل ما يسمى بالهدايا والتبرعات العينية او النقدية كرد الجميل لهم، غير ان هناك من استغلها في عمليات نصب واحتيال وسرقت أموال طائلة من خلالها، ولذا يمكن القول ان المصارف الإسلامية أكثر اماننا غير ان طبيعة المؤسسات المالية هدفها الربح، وعليه يفترض ان تؤسس مؤسسات ذات طبيعة خدمية مختصة في هذا العمل وكما هو الحال في (بيت التمويل الكويتي)
.
- وأخيرا
ان قوة وفاعلية المصارف الإسلامية الحقيقية تكمن في الأموال الهائلة التي تمتلكها سواء من حيث حجم رؤوس أموالها او من حيث مبالغ المحافظ الهائلة التي تتعامل بها والتي تمثل تراكمات الإيرادات النفطية والتجارية والمقاولات بالنسبة لدول الخليج بشكل رئيسي الدول الأخرى بشكل عام وألتي تقدر بمئات المليارات من الدولار.
ومما يثير الريبة وجود فقهاء في هذه المؤسسات المالية ولا أعرف ما يعني وجود أناس علماء في أمور الدين تم حشرهم في مؤسسات مالية واقتصادية ولا دور لهم سوى التدخل في شؤون المصرف، ولما لا يكون التدخل في شؤون الدول نفسها من خلال المصرف في توجيه المواطنين (عملاء ألمصرف )
وخاصة أذا علمنا وجود قرابة 300 مصرف إسلامي منتشر في انحاء العالم بما في ذلك دول غير إسلامية كأوروبا.
وفي دول ينتشر الفساد فيها كالعراق فهي تمثل محلات غسيل أموال لصوص البلد والمسيطرين على تلك المصارف.
والسؤال ألذي يفرض نفسه أذا كان نجاح المصارف الإسلامية يعتبر نجاحا للإسلام فهل اذا خسر مصرف إسلامي يعتبر فشل إسلامي، المنطق يرفض ذلك لان الدين لا علاقة له بذلك كون ان الربح او الخسارة هي نتيجة سياسات ادارية، ولكن الهالة الإعلامية لهذه المصارف وكأنها ترفع هذا الشعار!
.
– والسؤال الجوهري هو إذا كنا نعلم ان تحريم الربا تزامن مع الفكر الإسلامي في الغزو الذي مارسه الإسلام على الاقوام الاخرى والذي يحلل للمنتصر نهب أموال المهزوم ونسائه وكل ما يعود له فماذا تمثل الفائدة من ذلك، أم ان التحريم جاء للسخرية من هذه النسبة التافهة وكما يقول المثل (ما رضى بالجزة اخذ الجزة والخروف) وأيضا كما يقول السيد المسيح (يُصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل)
ان أخطر ما تسبب في إثارة مفهوم المصارف الإسلامية هو العودة الى الأصولية الدينية في الوقت الذي يتطلب إعادة النظر في الخطاب الديني، خاصة وان الامر يخص الاقتصاد وألإيرادات العامة للدولة وهو أخطر ما يهدد مستقبل البلدان الإسلامية.
ولنا لقاء آخر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب


.. مأزق العقل العربي الراهن




.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah