الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسامة سليم : 2+2=5 / البروباغندا الإعلامية و ثقافة التدجين

أسامة سليم

2016 / 11 / 1
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لطالما تميزت البروبغندا الإعلامية في الدول الكليانية و الفاشية بميزة أساسية هي تزيف الحقائق و تميع المواضيع الأساسية و القضايا الجوهرية التي تهم شريحة هامة من المجتمع ... قضايا كانت دائما في صدارة تفكيرهم و همومهم و مشاغلهم ... و قد وجدت حضنا دافئا لها في مناشير الأحزاب _ أحزاب محظورة في الغالب _ أو في اليافطات و الشعارات التي تتصدر المظاهرات ... لكن مع تطور وسائل الإتصال الرقمي و ردم تلك الفجوة بين القرات و تجاوز فكرة الحدود بفضل الماكينة الإعلامية اصبح الخبر يصدر قبل حدوثه حتي أصبح البعض يسمي هذا العصر بعصر نهاية الجغرافيا و بداية التاريخ ... أي عصر تقلصت فيه الحدود الجغرافية لصالح ثقافات و أحداث بعينها ....حتي أصبح كابوس الحكام و الزعماء الماكينة الإعلامية ... تلك الماكينة التي بإمكانه ترميم أنظمة حكم قابلة للسقوط بإسمنتها المسلح أو إسقاطها بما يتماشي مع أهوائها ... يقول وزير الدعاية الألماني جورج غلوبز " أعطيني إعلام بلا ضمير أعطيك شعب بلا وعي ".... و بعد النصف قرن من الإعلام المدجّن و الرأي الواحد الغير قابل للدحض أو النقد ... مثلت الثورات العربية منطلقا لإعلام خارج عن القطيع و لا يغرّد مع السرب ... و بهذا إنطلقت معه قنوات خاصة تتميز بتعدد الأراء و إختلاف زوايا النظر و وجهات الرأي ... و أصبحت القنوات أرضية خصبة لصراع الإيدولوجيا و الترويج الحزبي ... لكن فرغم تعدد القنوات و خاصة التونسية ... إلا أن هذا الإعلام كان مسيّسا و يخدم أهداف سياسية و يروج لتوجهات سياسية و المراهنة علي خيول سياسية في سباق الإنتخابات مثل الحملة الكبيرة التي قام بها رئيس حزب الإتحاد الوطني الحر سليم الرياحي بتونس سنة 2014 .... و بذلك و بعد 5 سنوات من الثورة أصبحنا نعاني من تخمة إعلامية لا تسمن و لا تغني من جوع .... بل أصبحت القنوات الإعلامية أشبه بحلبة ملاكمة يتم فيها تبادل اللكمات و الإتهامات وكيل الشتائم .. كل طرف للأخر ... حيث أصبح كل همها زيادة نسب المشاهدة و ذلك بالتطرق لمواضيع حساسة ليست لمعالجتها و إظهار الحقيقة ... و لكن لتتصدر نسب المشاهدة ... و برامج الواقع اليومي خير كفيل بذلك .. فالمادة التي يقدمها برنامج لمن يجرؤ فقط .. هي مادة تندرج في سياق عام يمارسه المجتمع و هو التسويق للردائة و محاربة أي محاولة لإجتثاث الفساد و تقديم بديل و حلول و الإلتفاف علي القضايا الاساسية و تبيض أباطرة الفساد في تونس ... و هنا يكمن خطرها ... فهي تعادل السرطان من ناحية الفتك بكل محاولة إعمال للعقل ... و داعش من ناحية الترهيب و التخويف علي مخالفة السائد ... و هي بذلك تصنع جيلا بأكمله مبرمجا علي الرأي الواحد السائد بطريقة موجهة أحادية المنظور وتوجيه مجموعة مركزة من الرسائل بهدف التأثير على آراء أو سلوك أكبر عدد من الأشخاص و هي تخاطب بطريقة عاطفية ميكانيكية مهملة الجانب الموضوعي و شرف المهنة في نشر الخبر فهي تبشير من ناحية دينية و تروج من ناحية إقتصادية ... و هنا يكمن خطر وسائل التواصل و الإتصال فهي قادرة علي تكبيل الفكر و تقيده و إغتصاب أي فكر مخالف ... و كذلك تحجب الحقيقة ... ففي الوقت الذي إنهارت فيه قارات بأكملها مثل الاتحاد السوفياتي كانت إعلانات كوكا كولا تبث في جميع المحطات الدولية و تحجب أخبار تفكك دول .... كذلك ففي الحرب علي العراق كانت الصورة توازي البندقية من ناحية خطرها ... فقد تحولت ساحة الحرب الفعلية إلي حقول إعلامية في حرب بدون اخلاقيات و لا ضمير ... فقد كانت الصورة تبث بموافقة وزارة الدفاع و البنتاغون و ليس وزارة الإعلام ... و قد يؤتي يوم و تتجيّش كبري وسائل الإعلام كي تعلن أنّ 2+2= 5 ... و مصير الأجيال القادمة تصديق هذه الكذبة ... فهي حقيقة مسلّمة في نظر المتقبلين ....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسامة سليم طالب فلسفة تونسي ... 20 سنة ... يكتب في مجال الأدب و الفلسفة و علم الإجتماع و علم النفس و ذو إهتممات بالشعر و المسرح و السينيما ........ يكتب بشكل متواصل للحوار المتمدن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وإسرائيل .. توتر ثم تصعيد-محسوب- • فرانس 24 / FRANCE 2


.. بعد هجوم أصفهان: هل انتهت جولة -المواجهة المباشرة- الحالية ب




.. لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا


.. نار بين #إيران و #إسرائيل..فهل تزود #واشنطن إسرائيل بالقنبلة




.. اربع خطط اسرائيلية لدخول رفح….!! | #التاسعة